ارتجال وطن محمد الماغوط
حلمي القديم:
وطن محتل أحرره
أو ضائع أعثر عليه
حدوده تقصر وتطول حسب مساحته وعدد سكانه وأنهاره ونشاط عصافيره
والمغتربين من أبنائه
والعابرين في طرقاته
والمزوّدين بالوقود في أجوائه
وطني حيث يشرب المارة
ويشفى المرضى
وتزهر الأشجار العارية
حتى قبل وصول الربيع إليها
* * *
يا أمهات الكتب
أخبروني:
ماذا حلّ بمؤلفاتي المتواضعة؟
لقد عانيت طويلاً في كتابتها
وأريد أن أعرف ما آلت إليه
على أي رفّ ترقد؟
الربيع
كلما كتبت كلمة جديدة...
تنفتح أمامي نافذة جديدة
حتى أنتهي في العراء
والمشكلة أن يدي دائماً على قلبي
متى توقفت ماتت
ومات كل شيء
ولذلك قبل أن أشرب أكتب
وقبل أن آكل أكتب
وقبل أن أسافر أكتب
وقبل أن أصل أكتب
وقبل أن أبكي أكتب
وقبل أن أصلّي أكتب
وليس عندي كلمة غير صالحة للاستعمال
الكل مطلوب الى الخدمة
كما في حالات النفير العام
فأنا مهدد دائماً
بانتمائي وعروبتي وطفولتي وشبابي
وقلمي ولساني ولغتي
ودائماً عندي كلمات جديدة
في الحب والوطن والحرية وكل شيء
ولكنني لا أستطيع استعمالها
لأن شبح بلادي الصحراوي
لا يسمح لي بكتابة أي شيء
سوى الرقى والتعاويذ والتمائم
على بيضة مسلوقة
لعلاج نكاف الأطفال أو سعالهم
مثل أي شيخ أميّ في أقاصي الريف البعيد.
\..