/
كل مره تصحو باكراً .. وكأنها تسابق الشمس شروقاً ..
تتهيـّا كعاشقة تتوق لملاقاة حبيبها ..
تظلّ تذرع المنزل برشاقة فراشة ..تحرّك يديها في الهواء بذوق مـُتـْقـِنة
تدخل المطبخ وتصنع ذات الإفطار اليومي بلمسات ٍ جديدة..
فقد لاحظت أنـّهم لم يتذوّقوه أبداً بالأمس ..!!
تخرج مسرعه وتمسك بالفرشاة النظيفة الموضوعه بعناية على طاولة الاستقبال..
وتتشبـّث بشيئٍ مــّا في الهواء ..!
تهمس بأناة : هيا ياصغيرتي عليّ أن أوضـّب شعرك جيـّدا لتصبحي الأجمل بين صديقاتك..
وأنت ياعصام ضع وجبتك في الحقيبة فيديّ مشغولتين ..
اجلسي هنا ياحبيبتي لتأكلي إفطارك ..هيا ياعصام شارك أختك الإفطار..
ترفع صوتها بحرارة شوق : خالد .. خالد بسرعه حتى لايفوتك موعد الدوام ..
وبرغم كلّ هذه الضوضاء .. كان البيت هادئا إلاّ من همسها وحفيف أوامرها ..
وبابتسامة لهفة وسخاء عطف تودّعهم وتقبل ذرّات الهواء بحنوّ..!!
وتهتف بدلال أنـثى غارقة هياماً : خالد انتبه لنفسك ياعزيزي ..!
تقرأ أورادها عليهم وتعود لترتـّب بقايا فوضاهم كما تصوّرها عينيها لها ..
تعود لمطبخها وبيديها طبق الإفطار الشهيّ .. تتساءل لماذا كلّ مرّه لايـُمسّ ماتصنعه ..!؟
قررت هذا الصباح أن تفاجأهم بكيكة كبيرة من صنع يديها ..
أعرفهم جيداً يحبـّون كيكة الفراوله كثيراً ..هكذا قالت في نفسها ..
وتهادت أخرى لمطبخها شاردة العينين ..منهمكةً بسكب المقادير وخلطها ..
انتهت بتفوّق بارع من صنع الكيكة .. وضعتها في الثلاجة ..
وعادت لعمل واجباتها كما تفعل كلّ صباح ..
سمعت صوت الساعه تدقّ معلنةً الثانية عشر ظهراً ..هرعت لتجهيز غدائهم..!
وأعدّت سفرتها .. وأسرعت للباب لتفتح باباً لم يـُطرق ..!
أهلاً بأحبـّتي .. هذا ماهتفت به .. عانقتهم جميعاً بـِهـَوَس وأسرعت لتوجـّههم لطاولة الغداء..
ولتفاجئهم بكيكتها الشهيـّة .. سكبت لهم من كل لون .. وقطـّعت كيكتها برفق ووضعت أمام كل كرسيّ طبقاً مليئاً..
بدأت تأكل وتطعمهم وفتات الطعام تتساقط في الهواء عبثاً ورهبة ..
زاغت عيناها بعيداً .. استأذنتهم وغادرت للمطبـخ ..مدّت يدها لقنينة دواء طالما صاحبتها منذ غادروها ذات مساء ..!
لم يبق كثيراً ..بضع حبـّاتٍ أخرى وننتهي .. هكذا همست في نفسها..إذن سألتهمها دفعةً واحدة فقد طال الأمد ..
يجب أن لايعرف أطفالي أنـّي آخذ حبوباً تزيد من جمالي كي لايستعملوها..كما قالت أختي ..!!
أتى هذا الصباح ككل صباح بارداً كئيباً حتى البيت كان هادئاً جداً على غير العادة ..
كان كلّ شئ مـُعدّاً منذ اليوم السابق .. الكيكه على هيئتها بلمسات الزينه الـّتي لم تـُمسّ ..
الطعام على المائدة كما تـُرك إلاّ من هـمسات عزاء تسري بينه وبين بوادر العفن ..!
أنــثى حـُلـُم تستلقي بـِ سَكِينَه على أرضيـّة المطبخ ..وبجانبها قنـّينة دواء فارغه إلاّ من سؤال : أين ذهبوا جميعاً ..؟
/