عواطليّه ..!

[تهاني سلطان]

.

كان الصَباح بصدف الثرثرة على اليابسة و هي تَضعُ يدها من فوقِ سُحبهِ .. تُحاول أن تُسكت نحيبه .. تُحاول أن تَجعل ذلك التكور ظلاً للجميع ..
حتى الفلك ..!
كانت بِـ بؤرتهَا تسبحُ معه .. تُراقبهُ من بعيد .. تكبر .. تكبر .. و هو طفل في عينهَا .. طائشٌ .. غارقٌ .. مقتنصٌ .. طمّاع ..


الصَباح سرابٌ بجسدٍ كامل .. إنسان يُطمئن الاحتمالات على أن يعيش بِـ جانبهَا .. يُداعبهَا بِـ أرنبة أنفهِ و يحتضنُ مُستقبلهَا بيدٍ ثالثة تعبرُ المبدأ و تَكسرُ الماضي و تُحقق المُستحيل .. لكن هل السَراب هُو ذاتهُ ما تعلمنَا في عُش مَدارسنَا أنهُ شيءٌ من نور كُلما تقتربُ منهُ ينعم بِـ الظلام حتى يتلاشى ..


اضطرابٌ بين تلك الأقفاص التي أغلقناها على ما تعلمنا و تَقمصنَا دور المَعرفة في مُحاولة رد و جزم الحَدس و البَلبلة التي أخشى أن تَكون سياسة إشعاع يلتهب حتى يُحرق .. وما أطرافنَا إلاّ ممدودة لِـ تُساعد و لِـ يتغذى عليها عقل الآخر ..


بِـ وضعٍ مقلوب .. و وهم يمتدُ إلى باب السماء ..
ليست سماء اليَابسة .. بل سماء الأحلام و وضع الأقدام فيها .. سماء تكون ذات نزولاً حتى الوصول إلى قاعها .. سماء واقع .. ولادة طاهرة .. صارخة بكل ما أوتيت من قوة .. تُكدس ألاف العابرين في ممرها الضيق .. تخنُقهم بِـ الأرق و تَلجمُ ألسنتهم .. أوراقهم و أحبَارها قد ابتلت بِـ عرقِهم و تشربتها أجسادهم .. واقفون .. صامدون .. و علّ حُراس ذلك البَاب يهبطون من علوهم و يُوسعوا قليلاً من فتحة الباب فَـ بدل أن يدخل أحدهم حاملاً ابتسامة فرح .. يدخل اثنان أحدهم فرح و الآخر يمدُ يدهُ إلى سماء اليَابسة حمداً لله ..


الصباح لم يُكمل .. جمع حناجره بعد أن غلبهُ النُعاس و فقد صوته .. أنهى حديثهُ بِـ حرفٍ أختنق داخلهِ بصدد هؤلاء الغُرباء الممتنعين عن اليأس و أقفل أقدار الخلائق بعد أن أقفل باب الرزق غيبهُ المُتناسل و سمح لِـ التصديق أن يترأس عُقول الغرباء أن لآ مكان لهم لِـ لملمة أتربتهم المُجتمعة على صفحاتٍ تسكن ملفاتٍ تحمل لون الطبيعة و الحياة ..

* كُتب بعد المؤتمر الذيّ حظيتُ فيهِ بِـ لقاء وزير الخدمة المدنيّةالأستاذ محمد بن علي الفايز الأسبوع الماضي..
لكن كان الأمل مُتربعٌ على الحُزن حينما أكتشف أن " العواطليّة " تزحف نحويّ رويداً رويداً .. و أنا
لا أستطيع إيجاد أيّ حلول تجعل من سبقونيّ ذويّ أولوية في إيجاد وظيفة شاغرة ..

.