الثالثة محطة الشاعرات الأخيرة !

[شيخه الجابري]

.
.
::

هل تكون المرحلة الثالثة من برنامج شاعر المليون محطة الشاعرات الأخيرة،عن نفسي أعتقد ذلك ،وأرجو صادقة أن لاتتحقق رؤيتي ،وأن تستمر الأسماء المتبقية في اعتلاء مسرح شاطئ الراحة حتى لحظة الإعلان الأخيرة عن انتهاء هذا الموسم للبرنامج.

غير أن معطيات كثيرة تثير مخاوفي ليس أولها أنني إلى الآن لم أستمع إلى نص يستفزني كمتابعة،أو إلقاء يخلب لبّي ومسامعي بما يحمله من ثقافة واسعة ،أو حضور لافت أطمح أن أرى الشاعرات المشاركات عليه،وفيهن أخوات رائعات،ووزميلات محترمات،يحملن همّ الكلمة المختلفة ربما بعضهن قبلي وأنا صاحبة التجربة المتواضعة في هذا المضمار،إن صح أن أسميّها تجربة.
قد يستغرب الكثيرون هذا الرأي،وفي هذا الوقت بالذات،هو ليس استباق للأحداث بقدر ما هي قراءة متأنية لمجرياتها حتى اللحظة، وهو في ذات الوقت توقع قد يتحقق وقد لايتحقق، إنها مجرد قراءة جاءت بناء على تطورات الحلقات ومن خلال متابعتي لمشاركات الأخوات والزميلات الشاعرات في البرنامج.

نعم أعتقد أن عند المرحلة الثالثة ستتوقف النساء ،وستبقى المسابقة محصورة بين أسماء معينة من الشعراء،مالم يقل الجمهور والتصويت،والشركات الخاصة،وأصحاب النفوذ المالي الداعمين لأبناء قبائلهم كلمة أخرى،وهنا مربط الفرس إذ أنه وإلى الآن ورغم المشاركات النسائية السابقة التي صفّق لهاالكثيرون علنا،ورفضوها في تعليقاتهم الجانبية خفية لا أجد حقيقة مايُلفت المشاهد والمتابع،أويحفّز،ويستفز العقل والروح فيما قدّم من شعر إلاّ القليل، كنت أتوقع أن نسمع الأفضل،بخاصة وأن بعض المشاركات يملكن من الإبداع الذي يمكن أن يسحب البساط من تحت أقدام كثيرة واثقة في قصيدتها،وفكرها ،وخبرتها الطويلة على مدى سنوات خلت،لكن ذلك لم يحدث إلى الآن وإن كانت جل النساء قطعن المرحلة الأولى فإن الحلقات القادمة ستشهد خروج المزيد منهن وهذا ما لا أتمناه لكن للجمهور كلمة هي المحك والفيصل في نهاية الأمر.

من هنا فإن المسئولية الملقاة على عاتق الشاعرات المشاركات في البرنامج كبيرة ،هنّ بحاجة إلى الاستفادة من التجارب السابقة،وتقديم النص الذي يلامس الوجدان،ويعبّر عن نبض الإنسان وهمّه اليومي،والذاتي العام،والخاص،إننا في حاجة إلى ثورة تصحيحية في قصيدة المرأة تلك الثورة التي تجعل صوت الشعر أعلى بكثير من صوت الشاعر،ولن تفلح كل المحاولات التي تبذلها بعض الأخوات لملامسة موضوعات هامشية مالم تدخل وبقوة إلى نبض القارئ،والمستمع ،والمشاهد كي تضمن القصيدة الفارقة لغة،وثقافة،وفكرا،ووعيا،بعيدا عن صدى التصفيق فأغلب الذين يصفّقون يقولون في الخفاء آراء لو صرّحوا بها لقدّموا خدمة جليلة للمشاركات كي يستفدن من الآراء الحقيقية لا الزائفة التي لا تحمل سوى رائحة المجاملة التي ظلّلت الكثيرين والكثيرات بكل أسف..

ربما يتساءل بعض القراء عن مسوغات هذه الرؤية التي أتمنى أن لاتصدق وأن تستمر الشاعرات حتى آخر لقطة في البرنامج لكن الواقع يقول عكس ذلك ،واليكم الأسباب :

- أولا : الحلقة القادمة ستشهد مشاركة الشاعرة الرائعة ريميه ضمن أسماء لشعراء يراهن الكثيرون على أن أحدهم سينال بطاقة التأهل من لجنة التحكيم "جزا البقمي - عبدالله بن حديجان - مبارك نايف بو ظهير- ونصار السويط باعتبار هؤلاء أقوى المتنافسين في الحلقة القادمة إضافة إلى تيسير الزلابيه".
وهنا سيكون المحك إن لم تستمر ريميه بقرار لجنة التحكيم والذي سيشفع لها في ذلك النص الذي ستقدمه ،فإنها ستذهب إلى التصويت وهنا مكمن الخطر حيث التصويت للأسف لايعترف بالشعر بل بالقبيلة والقبلية وهذه معضلة حقيقية لا حل لها،وهنا أيضا مكمن خوفي على استمرارها ومن بعدها زميلتها وشقيقتها الشاعرة مستوره الأحمدي،هذا إذا توقّعنا أن الشاعرة ربا الدويكات قد لاتتأهل في الحلقة القادمة بسبب تدني نسبة التصويت.

- ثانيا : أعلم أنه من الظلم جعل الشاعرة عيده الجهني مثالا دائما أو مقياسا لكل من سيأتي بعدها من نساء يتنافسن في برنامج شاعر المليون،لكن ماذا نفعل وقد وضعت هذه السيدة الجليلة كل الشاعرات في مأزق بما قدمته من حضور مختلف،وشعر عالٍ لا أظن أن أحدا حتى اللحظة قد جاء بما يوازيه من مشاركين ومشاركات.
وأعني هنا قصيدة الجهني الخاصة التي لايعرف كنه أسرارها سواها،تلك الأسرار المتكئة على ثقافة عميقة ،وبعد نظر،وفلسفة إنسانية جديرة بالدراسة والاهتمام،جعلت هذه الشاعرة تستثير الجماهير حتى أن الشريط الإخباري للبرنامج يكاد لا يخلو من ذكر اسمها على مدار الأربع والعشرين ساعة للبث،الأمر الذي لا نلحظه مع المتسابقات الآن.

- ثالثا : لم تجد المشارِكات في النسخة الرابعة من البرنامج الاحتفاء الجماهيري الذي وجدته عيده الجهني ،وكأن الجمهور اكتفى من شاعرية المرأة بعيده ،أو كأنه ألجم سمعه عن الاستمتاع بغير قصيدها،لكن السؤال الأهم الذي يطرح نفسه هنا لم خبا الاهتمام بحضور المرأة الشاعرة رغم وجود أسماء كبيرة منافسة بخاصة من المملكة العربية السعودية،هذه المسألة في حاجة إلى قراءة متأنية من قبل الذين ينصّبون أنفسهم نقادا ومتخصصين في الشعر العامي.

- رابعا : أيضا من المسوغات التي تتجلى كثيرا حول هذا الأمر ،أن الشاعرات المشاركات في النسخة الرابعة من البرنامج لم يلقين َ أو يحظين باهتمام إعلامي واضح أسوة بما حظيت به عيده الجهني على سبيل المثال،وكلنا يذكر لقاءها مع قناة العربية الذي تابعه الكثيرون وتناقلته وسائل إعلام كثيرة،وغير ذلك من متابعات كان أبرزها ما نشرته ،وبثته وكالات الأنباء العالمية كالبي بي سي وغيرها.

- خامسا : حتى المنتديات الأدبية التي تزعم أنها وراء المنتسبين إليها يقف بعضها متفرجا وصامتا حيال الأخذ بيد أعضائها من الشاعرات المشاركات في البرنامج الأمر الذي جعل الآخرين ممن يتابعون البرنامج يتعاملون مع هذا الأمر ببرود،ولامبالاة،وعدم رغبة في التشجيع،وهذا أمر ايضا بحاجة إلى إعادة نظر.

وأخيرا أتمنى صادقة أن لا تتحقق رؤيتي وأن أشاهد إنجازا نسائيا جديدا بعد الذي حققته الشاعرة عيده الجهني،وللأيام كلمة لن تخفى على أحد بكل تأكيد،ودمتم في خير دائم بإذن الله..