طــه الأعــمــى - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
مجنون قريتنا .. (الكاتـب : عبدالعزيز المخلّفي - آخر مشاركة : قايـد الحربي - مشاركات : 4 - )           »          خذتي من وصوف القمر (الكاتـب : أحمد عبدالله المعمري - آخر مشاركة : عبدالعزيز التويجري - مشاركات : 1 - )           »          تعجبني ! (الكاتـب : حمد الدوسري - آخر مشاركة : عبدالعزيز التويجري - مشاركات : 5 - )           »          العين (الكاتـب : عبدالإله المالك - آخر مشاركة : عبدالعزيز التويجري - مشاركات : 16 - )           »          في المقهى .. ؟ (الكاتـب : سيرين - مشاركات : 4462 - )           »          سقيا الحنايا من كؤوس المحابر (الكاتـب : سيرين - مشاركات : 7438 - )           »          ما يكتُبُهُ العضو بالعُضْو : (الكاتـب : نواف العطا - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 2418 - )           »          مجلة ألوان .. (الكاتـب : سيرين - مشاركات : 118 - )           »          مرضى متلاعبون (الكاتـب : إبراهيم عبده آل معدّي - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 2 - )           »          إلتقاطة أبعاد اللون (الكاتـب : نادرة عبدالحي - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 407 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النثر الأدبي

أبعاد النثر الأدبي بِالْلُغَةِ ، لا يُتَرْجِمُ أرْوَاحُنَا سِوَانَا .

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-08-2011, 07:45 PM   #1
رُوح
( كاتبة )

الصورة الرمزية رُوح

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 37268

رُوح لديها سمعة وراء السمعةرُوح لديها سمعة وراء السمعةرُوح لديها سمعة وراء السمعةرُوح لديها سمعة وراء السمعةرُوح لديها سمعة وراء السمعةرُوح لديها سمعة وراء السمعةرُوح لديها سمعة وراء السمعةرُوح لديها سمعة وراء السمعةرُوح لديها سمعة وراء السمعةرُوح لديها سمعة وراء السمعةرُوح لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي طــه الأعــمــى


كنت صغيرة .. و كان شابا ..
كنت حمقاء .. و كان ذكيا ..
كنت كثيرة الكلام و الضحك .. و كان ملازما للصمت و الحزن
كنت عينيه التي ترى كلّ شيء بألوانها الخاصة .. و كان هو صوت العقل الدافئ لي ..
كنتُ أنا كلّ شيء ينقصه .. و كان هو كلّ شيء يكمّلني ...

طه الأعمى .. لا يمكن لأيّ ممن كان قد عرفه أن ينساه ..
المولود الذي أسمته أمّه " طه " تيمنا بـ " طه حسين " .. بعد أن عرفَتْ بأنّه وُلد في الظلام .. و سيقبع في الظلام حياته كاملة ..
كانت تُفرحُ نفسها و تُصبّر قلبها حين تقول : طه حسين أبصر الدنيا في صغره .. و أنا على يقين بأنّك ستراها في كِبرك ..
كان طه الأعمى يبتسم بشفتيه .. و يبكي بقلبه حين يسمع أمّه تقول ذلك ..

سألته يوما : هل أنت مثل طه حسين ؟
قال لي : لم أره قطّ لأعرف !
ضحك و ضحكتُ .. ثمّ مضينا نكمل الطريق ..
في اليوم التالي .. أعطاني سلسلة " حديث الأربعاء " لأقرأها له !

ابتدأت قصتنا حين كنتُ عائدة من المدرسة .. رأيته يحاول قطع الشارع .. لم أكن قد حادثته من قبل .. ركضت مسرعة لأمسك يده ـ متأثّرة بمساعدة الضعفاء من درس التربية الإسلامية ـ أوقفني صوته من بعيد ، صوتٌ حازم ، مملوء بالعنفوان : توقّفي يا فتاة .. لديّ صديقة أفضل منكم جميعا ..
و مدّ عصاته البيضاء أمامي .. و تحسَّستْ له الطريق وسط ذهولي و صمتي .. و تسمّري في مكاني !
بقيت أفكّر به عدة أيام لاحقة .. و حين رأيته ثانية ... دفعتني جرأتي و حداثة سنّي إلى الوقوف بجانبه ..
طه : من أنتِ ؟
أنا : كيف عرفت أني فتاة ؟
طه : لديّ عيونٌ سحرية
أنا : إذن ماذا أرتدي ؟!
طه : مريولا أزرق اللون .. و حقيبة المدرسة
اتسعت عيناي جدا .. و بدأت بالدوران حوله بحثا عن عينيه السحريتين ..
أمسكني و أشار إلى صدره : إنها هنا ..

و هكذا توالت لقاءاتنا .. و كثرت أحاديثنا ..
إنّه مثلنا .. يجوع و يأكل ! إنّه مثلنا يشعر بالحزن ! إنّه أفضلُ منا !
إنّ له قلبا .. إنّ له قلبا !!

بتُّ أخبّىء له الحلوى .. و بات ينتظري بشغف ..
صار طه الأعمى محور اهتمامي .. و عليه أصبّ كلّ تركيزي ..
و صار هو يميّزني من بين عشرات الفتيات .. و يقلّد صوتي ببراعة ..
حفظت تقاسيم وجهه .. و انحناءات فمه حين يبتسم ..
و هو عدّ لي كلّ ضحكاتي .. و قال إنّها تسع !

صرت أغضب إن شاكسه أحدٌ ما .. و صار هو يضحك على لساني اللاذع حين يفعل أحدهم ذلك ..
قال لي : عليكِ امتهان المحاماة ..
قلت له : عليك أن تُبصر يوما !

و كعادة الدهر المُفرّق .. دُقّ ناقوس الرحيل .. حزمتُ حقائبي و مضيت غير مودّعة ولا باكية .. لم ألتفت لحافة الطريق التي سمعت كلّ أحاديثنا .. و حفظت كلّ ذكرياتنا .. لم أبحث عن طه ... لأنّني أعلم يقينا كم أنّه يكره الرحيل ..

أخبرني ذات سرّ : أكره الرحيل
أنا : ماذا ؟
طه : لأنّني لا أعرف شكل الدموع في المآقي
ترقرقت الدموع في عينيه كالزجاج .. و كان ساحرا لحدّ الحزن .. و كنت حزينة لأجله حدّ الكذب !
قلت له : الدموع قبيحة .. و مالحة .. لم يَفُتكَ الكثير حين غدوت " عصيّ الدمع "
و لم أخبره يوما كم أنّ الدموع تغسل القلب .. و تعيد شباب الروح !

و شاء الله أن أعود من جديد .. بعد سنوات عدّة ..
كنت حريصة في كلّ عودة لي بأن أمشي على ذات الطريق .. و كنت أتفقّد المداخل و المخارج بحرص شديد ..

و رأيته ..
إنّه طه الأعمى بلا شك ..
لا يمكن أن أخطئ ذلك الوجه .. أو أن أضل تلك الابتسامة !
اقتربت .. و تزاحمت في رأسي مئات الأفكار و الهواجس .. مئات الذكريات .. و ألوف لحظات التأمل الصامتة .. قشور الحلوى الكثيرة .. و بالتأكيد :صوت الضحكات التسع !
سألته : طه الأعمى ؟
قال : أكون أعمى لأجل صبية مثلك !
صمتُّ هنيهة .. ثمّ سألته : حقا أنت طه الأعمى !
قال لي : و حقا أنتِ بغيضة حين تذكرين الناس بما لا يحبون !

هذا الأعمى كان ينظر في عينيّ تماما .. و يراقب كلّ حركة لي .. كانت هناك حياةٌ في عينيه ..
قلت له : ألم تعرفني ؟
قال : ساعديني ..
قلت له : عيونك السحرية .. و قارعة الطريق المهترئة ..
فلم يُجبني سوى بالصمت ..

همّ بالرحيل و سألني : أتريدين شيئا ؟
قلت له : حياة هانئة لك ..

أدار ظهره و مضى ..
أدار ظهره لأحاديث الأربعاء .. و للدموع الزجاجية ..
أدار ظهره للضحكات التسع ..
أدار ظهره لي و مضى ..
مضى و كأنّه لم يكن ذلك الحلُم الذي عشته ..
مضى و أنا أتمتم : ليتك بقيت أعمى يا طه !
ليت الحياة بقيت في قلبك و لم تغادرها إلى عينيك قطّ !





على الهامش : لم أكن لأبدأ النشر بهذه السرعة ، لولا الترحيب الذي لقيته ، و التشجيع الذي دعمني

 

التوقيع

لأنني أنا ..
أرفض تماما أن أتلاشى في ظِلّ غيري ..

رُوح غير متصل   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:19 AM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.