ماهو الهدف من الشعر
بما أن الساحة الشعبية تعيش مرحلة لم تسبق من تسليط أضواء إعلامية سواء
مطبوعة أو مرئية وطفرة في عدد الشعراء تجاوزت أو اقتربت من مرحلة المليون شاعر،
وأصبح كل من يكتب أو يجيد الوزن والقافية قادر على النشر.
وجب علينا أن نسأل أنفسنا ماهو هدف كل شاعر يطرح أسمه من الشعر ؟
والهدف الذي يعيه كل مثقف أنه الخلود ، والشعر الذي لايخلد في الذاكرة ويصلح لكل
زمان ومكان ليس شعرا .
وما يؤيد هذا الرأي القصة التي حصلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما رأى رجل
أعجب به وسأل من هذا وأجابوه : هذا أبن هرم بن سنان وقال ونعم الرجل أباك ، يا أبن
أخي إن ابن أبي سلمى كان يحسن القول فيكم وقال ونحن أيضا كنا نحسن العطاء له
وقال عمر رضي الله عنه ولكن ماأعطيتموه نفد وما أعطاكم باق .
وهذا الرأي يدل دلالة واضحة أن الشعر الخالد هو الشعر .
وما دعاني لطرح مثل هذا الموضوع هو اختلاف لهجة الشعر وأنها بدأت تنحى منحنى
خطير جدا ، فخرج لدينا جيل من الشعراء يكتبون بلهجة خاصة جدا إما قبلية بحته أو
مناطقية بحته في الوقت الذي نكون محتاجين فيه إلى التقارب في اللهجة الشعرية كي
نحصل على حركة أدبية موحدة نستطيع النهوض بها ، ونبذ كل المظاهر التخلفية التي
طرأت على الساحة مؤخراً من الخروج عن الأهداف السامية للشعر .
فالحالة التي يعيشها الشعر في أيامنا هذه من تكثيف إعلامي تعتبر فترة ذهبية لم
يحصل عليها المتنبي ولا النابغة الذبياني محكم الشعر في سوق عكاظ ، وشعرائنا
المعنيين يطرحون شعراًً متهالك لايملك ما يدعوك لاحترام شعرهم أو احترام القنوات
التي تستضيفهم، فأذكر في إحدى القنوات ظهر مجموعة من الشعراء واحداً تلو الآخر ،
فنظرت إلى صديقي الذي بجانبي وقلت : أنا لا أفهم ماذا يريدون هؤلاء فتبسم وقال أنا
لا أفهم أيضاً !!
ونحن في هذا الوقت نحتاج إلى شعراء يحترمون الشعر ويحترمون أسمائهم ويعون أن
الشعر أحد أهم ركائز الأدب ، وأننا محتاجون في هذه المرحلة إلى حركة أدبية شاملة
متوحدة اللهجة ومتوحدة التوجه وتضع نصب عينيها أن الأدب لايتجزأ وأن التفرقة الحالية
في المسميات هي معضلة تضاف إلى معضلات الساحة ، بمعنى أن من يكتب
العمودي لايقبل من يكتب التفعيلة ويعتبرها خروج عن الشعر في الوقت الذي لانجد من
يتابع ساحتنا خارج نطاقنا الشعبي !!!
ختاماً :
في طرحي لهذه الفكرة القابلة للرفض أو القبول لا ألغي الشعر ولا أطالب بالكتابة بزمن
غير الزمن الذي يعيشه الشاعر لأن هذه المطالبة خلاف الحداثة وخلاف توثيق المرحلة
الأدبية، بل أطالب بالرقي بالشعر وحصوله على إحترام كافة الأوساط المثقفة وخروجه
من مرحلة الإقليمية إلى المرحلة الأشمل والأوسع ونشوء المدارس الشعرية التي
نعرف منهم روادها ونعرف منهم تلامذتها ومثقفيها .