[justify]من باب التسلية أحياناً أو الفضول في حين آخر , تجد البعض يناقش قضية (المطلقات) , ومن أبرز الأسئلة التي قد يفتتح به النقاش عن هذا الموضوع أو يؤتى به بين السطور مكتوب بالبنط العريض " هل تقبل الزواج بمطلقة ؟ " , وذلك على افتراض أنها من كوكب آخر مثلاً ! .
وبعد طرح ذلك السؤال الجوهري والخطير جداً ! تأتيك سيل من الإجابات المتراوحة بين الرفض بشدة , والقبول بقوة , أو الانتقاص أحياناً ! , جاعلين من " المطلقة " مادة حوارية دسمة ! , وقضية يخوض فيها كل من أراد ذلك , وكأن المطلقة ناقصة عن باقي النساء , أو أنها دون ذلك المستوى الذي يطمح إليه أهل الذوق الرفيع , والاختيار الراقي .
كم من مطلقة لو كانت زوجة لك لكنت ممن يعيشون في نعيم لا مثيل له , وكم من مطلقة واعية و رزينة , تحمل فكراً راقياً ونفساً طيبة , فما حاجتنا إلى ذلك السؤال الجدلي المفرغ من أبسط صور المنطق والعقل ! , فالمطلقة جزء لا يتجزأ من هذا المجتمع المتنوع , ولها من التقدير والاحترام ما تستحقه .
لماذا نجعل الطلاق سبباً نعيب المرأة من خلاله ! , أليس الرجال يخطئون ؟! , أما نظرة الاستنقاص من المطلقات ليست نابعة إلا من نظرتنا للمرأة بمنظار الجاهلية الأولى ! , متناسين بذلك أن الحياة الزوجية حياة يتساوى فيه الرجل والمرأة من حيث التكليف بالحقوق والواجبات , فعلى كل من الزوجين واجباته التي يجب أن يقوم بها , كما أن له حقوقه .
من الخطأ أن نختصر سبب الطلاق في أن هناك أمر يعيب المرأة ! , فمن النساء من تضحي بكل ما تملك في سبيل إبعاد العلاقة الزوجية عن منعطف الطلاق , كما أنه مما لا شك فيه أن المرأة الحكيمة هي الأقدر دائماً على قيادة الحياة الزوجية للهدوء والاستقرار , ودليل ذلك أن معظم الاستشارات الأسرية في الغالب تقدم للنساء , وهذا شيء يحسب لهم لا عليهم ! .
فرفقاً بأنفسكم وأنتم تتحدثون عن تلكم النساء اللواتي يمثلن قيمة راقية في مجتمعنا , وإن طلاقهن ليس دليلاً إلا على انتهائهن من حياتهن الزوجية , وليس على عيبٍ فيهن أو نقص , وإن لمنهن من لو تزوجت مرة أخرى , لكانت قادرة على احتواء ذلك الزوج أكثر من نساء متزوجات حالياً , فلا تجعلوهن حديث للهو في مجالسكم وبين سطور أحرفكم , وتذكروا دائماً أنكم مسؤولون فيما تقولون وتكتبون ! .
ما أحوجنا إلى زيادة وعي المجتمع حول أولوية قضاياه , وكيفية مناقشتها بعيداً عن لغة العموميات التي أرهقتنا على مر العصور ! , وما زادت الوضع إلا تعقيداً , فنحن فعلاً في أشد الحاجة إلى خطاب منهجي واضح , يكون أساسه العلم والمنطق , ولا يكون مجرد أراء شخصية وانطباعات فردية ! , فالفكر المنظم المدروس خيراً من العشوائي الارتجالي , وخصوصاً في القضايا التي تتعلق بحياة الإنسان بشكل مباشر ! .
لمحة : لا ينتقص من المطلقة إلا شخص لم يفهم حقيقة المرأة مطلقاً ! .[/justify]