وجوه .. وأبواب

[العـنود ناصر بن حميد]

حدثت أمور كثيرة في الأيام الماضية
أردت أن أتحدث عنها
أن أحللها
أن أعيد كتابتها بشكل مختلف
لكني لم أجدك
لا يهم
خرجت اليوم
كان الهواء خانق
كنت ألمح الشوارع تضيق
تضطرب أنفاسها
تتأوه ملامحها من خطوات المارة السريعة
الهادئة ببطء قاتل
وتلك المضطربة في أحيان آخرى
من وجوههم العابسة
والصامتة
فقط تقطيب الجبين هو من يصافحك
قبل أن أخرج حملت معي كاميرتي
كنت أريد أن ألتقط كل مايصادفني هذا اليوم
ربما أردت حبس ملامح العبوس في لقطة خالدة
لم أخبرك أيضاً
حين أردت شراء كاميرا التصوير
سألني البائع
أنتِ مصورة
قلت .. لا
قال .. لديكِ إذاً هواية التصوير
قلت .. لوقت معين
أستغرب
رفع حاجبيه بعلامة لم أدرك معناها حتى الآن
ربما كان يهزأ بي
لايهم
حاول أن يبين لي مدى قلة ثقافتي في أنواع كاميرات التصوير
كان يسألني أسئلة عجيبة
وفي كل مرة كنت أجيبه
بذات الإجابة
لا
في نهاية الأمر
سألني
مانوع الكاميرا التي تريدينها
قلت له بهدوء
كاميرا تستطيع حبس تفاصيلك كلها في لقطة واحدة
كنت أريد أن أقول
كاميرا لاتستطيع تصوير من هم على شاكلتك
لكني تراجعت
خر جت وأنا احمل
كاميرا إحترافية
من ذلك النوع الذي يحمله مصورين "الباباراتسي "

 

[العـنود ناصر بن حميد]

تمنيت أن بمقدوري تصوير الحماقات التي نقولها
فكرت
كيف يمكن الاحتفاظ بكل حماقة تنفلت من ألسنتنا
لنعود لها
نتأملها
نقترب من تفاصيلها
نلامس أطرافها
ونعقد العزم على عدم تكرارها
كان الأمر أشبه بالجنون
كتبت حماقتي الأخيرة
على ورق مقوي
وضعت بالخلف إضاءة مناسبة
أقتربت من الورقة
أخذت زاوية مناسبة
وبسرعة خاطفة
إلتقطت صورة حماقتي الأخيرة
كان الأمر مسلي
ومحزن جداً !!

 

[العـنود ناصر بن حميد]

هل حقاً أغلقنا الأبواب
أحتفظنا بمفاتيح قلوبنا معنا
أوصدنا منافذ النور
وإنتهينا؟!

 

[العـنود ناصر بن حميد]

لا أدري
لِمَ أشعر بحاجتي لمخاطبتك
وأنت أصبحت غريب لم أعد أعرفه!!

 

[العـنود ناصر بن حميد]

الغرباء
قد تلتقيهم مصادفه فوق مقعد انتظار
دونما سبب تفتح حوار
تتبادل معهم الكلام
بلا خوف
بلا توجس من نميمة ما
أنت على يقين
أن ملامحك ستختفي من ذاكرتهم عند أول خطوة
لكن المؤلم
أن تكون أنت غريبٌ تشبههم !!
ولكننا لا نملك حق الكلام
ولا حتى السلام
فقط هي ملامحي من تختفي من ذاكرتك !!

 

[العـنود ناصر بن حميد]

ولأني
لا أؤمن حقاً بالوداع
أهرب من مواقف النهاية
بداخلي هاجس يقول
كل وداع قد يكون (نحس)على صاحبه
وقد لايحمل وعد باللقاء
تسائلت
حين تختفي كل الوجوه التي أعرفها
وتصافحني غربة المكان
تفترس ذاكرتي ملامحهم
وتصيح بي أحاديثنا / ضحكاتنا / ثرثرتنا
وكل هذيان كان يقتص من مواجعنا الكثير
لا أحب مواقف الوداع
لكن
كيف يكون الأمر
حين أكون أنا من تقف على مفترق طريق
ربما ليس من الجيد السؤال
لكن
هل تهربون أيضاً من مواقف الوداع
هل ستفترس ملامحي ذاكرتكم
صوتي
ثرثرتي
هذياني
وتغلق الأبواب !!

 

[العـنود ناصر بن حميد]

الوقت كفيل بكل شيء!!
هي نافذة نشرعها حين نريد تبرير أمراً ما
وحين نريد النسيان
نلقي بالأمر على كتف الوقت
نعم
إنه الوقت
سيتكفل بكل شيء!!