.
لنهجر بيتنا
حفاة
نبحث وراء بستاننا
وراء الأشجار التي ترقص عارية في النهار
وراء أنفسنا
عن أرض الله التي تثقل عناقيد المرارة كرومها
،
يخبرنا السيد : شوقي يوسف بهنام
عن " الهجرة " في قول : الشاعر الآب باسيل عكولة
كيف يترك عكوله بيته ؟ يتركه حافي القدمين .
في هذه الوضعية او هذه السلوكية رمز الى كراهية تشتعل في ذاته . لا اعلق على سيكولوجية الهجرة او المهاجر..
لكن اهم نقطة ، في تقديرنا في علاقة المهاجر بوطنه هي أن أرضه رفضته وهمشته وطردته وأقصته .
إنها لا تقبله بعد كائنا انسانيا . من هنا نشوء مفهوم أرض الله .
العالم ليس حكرا على جماعة او مجتمع او دولة او حضارة ما . الارض هي لخالقها .. لواجدها .
من هنا انتماء وعلاقة المهاجر بالكون وليس ببقعة منه .. ينظر الى الكون نظرة عالمية ..
بمعنى ان له الحق في العيش في اي مكان فيه ،
هنا تخطي واختراق لكل الحواجز والموانع والحدود .
الأرض التي تقبلني ستكون أرضي كتحصيل حاصل . هذا هو السبب المهم ، في تقديرنا ، لسر الهجرة .
ما عاد يشعر بالانتماء الى أحد . الابوان هما الاقرب للذات من الغير . هما علة وجود الذات ..
فإذا شعرت هذه الذات بانها مرفوضة من الأبوين فان مثل هذا الشعور يعد أعلى درجات الاغتراب . .
فالاقارب بمختلف درجات القرابة لا يمكنهم أن يمنحوا تلك الدرجة من الامان النفسي للذات .
انها إذن ... اعني تلك الذات . لقيطة !! . وما ادراك بتعاسة اللقطاء !! .
اللقيط هو الاب الروحي للسايكوباثي او الشخص المعادي للمجتمع . انه لم يعد يأبه لأحد . فالأنا الأعلى لديه غائب بالمرة .
ولو قدر الامر لهذا اللقيط ان يكون نجما في المجتمع فما هو اتجاهه نحو ذلك المجتمع ؟ من المؤكد انه اتجاه عدواني خالص .
لا اريد ان اتهم الرجال الذين كان لهم دور في تدمير العالم او تشويه صورته نحو عوالم الشر بانهم لقطاء .
لكن من المؤكد ان هناك خللا كبير في اناهم الاعلى نحو هذا العالم . .
يذكرنا هذا الامر بقصة شاعرنا الكبير سعدي يوسف الذي اعلن مرة ، حسب علمي ، إنه رفض جنسيته العراقية !.
إنه يحمل جواز سفره وينتقل من عاصمة الى اخرى . اي عاصمة تقبله تصبح تلك العاصمة بمثابة عاصمته الجميلة بغداد .
هذه هي ارض الله الواسعة وفق هذا المنظور السايكولوجي .
عكوله يهجر بيته حافيا او عاريا على وجه الدقة . ما دلالة ذلك سايكولوجيا ؟.
انها رمز الانسلاخ المطلق والرفض المضاد .
الأرض التي ترفضني .. ينبغي لي أنا أن أرفضها ايضا .
ولا أعتقد ان صاحب القول المأثور كان يعيش خلاف هذا التصور :-
بلادي وإن جارت علي عزيزة !!
إنها مرارة النبذ والاقصاء والتهميش ، إنها حنين الى الوطن .
وتلك مشكلة اخرى تظهر امام حياة المهاجر المرغم على الهجرة .
صراع مرير يعتمل في الذات المهاجرة ، لا يمكن ، البتة ، الخلاص من طوق الإنتماء وقيوده واسواره ..
فالإنتماء هو الأساس للهوية . لا هوية بلا إنتماء . أو ما يسمى بلغة علم النفس " الإطار المرجعي للشخصية "
إن تعيش الذات بلا إنتماء هو الضياع بعينه . ويعلم العاملون في الطب النفسي مأساة الذات المصابة بفقدان الانية Depersonalization .
اي انه ليس هو هو . " حالة نفسية يشعر فيها الشخص بالضياع ، وأنه نفسه قد أصابه تغيير ،
وكما لو أنه في حلم ، ومنفصل عن جسمه وعن الحياة من حوله .
في حالة الهجرة والبحث عن البستان (الفردوس) المفقود يعني البحث عن الذات في أرض الله الواسعة .
,