هل تعلم ..
ربما من الأفضل الحديث عن
دعني أحدثك عن قصة ألانسان و الحيوان كما وجدتها مكتوبة بماء الذهب في هذة الأرجاء التي أفقت بها.
يقال أن في تلك المجرة, يوجد كوكب تعيس ذا لون أزرق. تسكنه الحشرات و مخلوقات اخرى. يتحكم مخلوق يدعى الانسان في كل شيء يجري على ذلك الكوكب, حتى المخلوقات الاخرى.
يقال أن يوما ما قد اقترن زحل بالجوزاء في برج القوس, فحملت أشعة الشمس في ذلك الصباح لحن موسيقى في الضوء تجاه سهل, رقصت حوله الموسيقى و كان في أعلاه رجل و خروف.
حملت تلك الموسيقى بعضاً من صفاء اخترق قلب ذلك الانسان حتى نظر نحو الحيوان و قال في نفسه: "أنظر الى هذا المخلوق, لا يفعل شيئا غير الاكل و اللعب و النوم, لا يهتم الا بشكل طفيف بما يرضيه أو يزعجه, مغروس في اللحظة الانية و لهذا هو غير مكتئب أو ضجر.”
لم يكن السهل من على الأنسان أن يرى هذة الحقيقة, فهو يفتخر بكونه انساناً و ليس بحيوان و مع ذلك عندما يتعلق الامر بالسعادة فهو يحسد الحيوان لانه لا يرغب بشيئ أكثر من أن يعيش كالحيوان, بلا ضجر أو ألم. نظر الأنسان نحو الحيوان بنظرة تحمل الكثير من الكبرياء الذي اختلط بالحقد و قال: لم لا تخبرني عن سعادتك و تكتفي بالنظر نحوي بهذا الشكل؟
أراد الحيوان أن يجيب على سؤاله و يقول: "لأنني انسى بشكل سريع”, لكنه قبل أن يجيب نسي السؤال, ثم نسي الاجابة, واستمر الحيوان يحدق بالانسان دون أن ينطق بكلمة, وبقي الانسان بلا إجابة.
لكن الانسان تعجب لحاله, فهو لا يستطيع أن يتعلم كيف ينسى و يبقى دائما متشبثا بالماضي. لا يهم الى أين يبتعد, فهو يبقى بسلاسل ذكرياته التي تخنقه.
لم تكن الشمس رحيمة بهذا الانسان, فقد علمته لحظة بدء تعاسته, فلقد كان طفلاً يلعب بلا ماضي ينكره, ينتقل ما بين الماضي و المستقبل بسلاسة, عندما كان يمتلك نعمة العمى السعيد. للاسف, هي نعمة يفقدها كل طفل عندما يفهم معنى:"أنا كنت", فهذا الفهم هو كل مصدر تعاسة, وألم, وضجر هذا الأنسان.
شعر الأنسان بحسد كبير نحو الحيوان, لكنه لم يعلم أن سعادة الحيوان اللامنتهية تأتي من كونه مخلوقاً يعيش بلا تاريخ و بشكل غير تاريخي. فذلك الحيوان يعرف كيف تموت اللحظة, أما الانسان, فهو يبعث روح لحظات ميتة في مخيلته كل لحظة.
لا يكشف عنه السر إلا عندما تحين ساعته, وتغمره نعمة النسيان على فراش موته, تسرق منه الحاضر و وجوده وتطوي معها سرها في جسده, ذلك السر الذي يقول أن الوجود ليس الا شيء غير منقطع من "بعد أن كان", شيئ يعيش لكي ينفي نفسه, يستهلك نفسه, يناقض نفسه لكي يستمر.
ما أتعسهم, أوحيت لقلوبنا القصص عن كثير, فبعش المخلوفات لا يعرفون الحب, وبعضهم لا يعرف القيم, و أقلهم ظرافة اولائك الذين لا يعرفون ما هو الغناء.
ومع ذلك لا أرى اتعسهم الا ذلك الأنسان, يا ترى, هل جُبل الأنسان على أن يكون تعيساً؟
------
--------------------------
القصة مقتبسه بتصرف من كتاب غير مشهور لفريدريك نيتشه يحمل عنوان: حول مزايا و سلبيات التاريخ لحياة
On the advantage and disadvantage of history for lif