سَأكتبكِ أنتِ

[أحمد البرعي]

حبيبتي ...
سيدتي .. أميرتي .. مليكتي .. مملكتي
روحي .. قلبي .. نبضي .. دمائي
أنفاسي .. عيناي ..رؤيتي
لا .. لا مهلاً أيها القلم ..!!
سَ أهمش جميع ما سبق
وسَ أرسلهُ لسلة المحذوفات
فَ عذراً حبيبتي لقد ألهاني عنكِ ذاك القلم لثوان
فَ أخرستُ ثرثرته وأخبرتهُ بأنكِ
نواة كل ذرة من جسدي

حبيبتي ...
اشتقت إليك ..
ألم تخبرك الليالي كيف أضاجعها دونك ؟!
ألم تُحدثكِ النجمات
أني أسهرُ وحدي أعُدها
نجمة .. نجمة .. نجمة ..
كي لا أسهو عنكِ
ويذكرني ضياؤها بتلألئ بؤبؤتا عينيك
ألم تُعلمكِ يديّ , وتهمس لكِ أناملي
كم أكتب في اليوم من الكلمات شوقاً لكِ ؟!
ألم تشكو لكِ قدماي ..!!
تعبها وهي تجرُ الخُطى لإيصالي إليك .؟

حبيبتي ...
أما شاهدتِ الأحرف , و لفحتِ فرحها .؟!
أما رأيتِ أدمع الحنين من بين أحداقها .؟!
وهي تحمل على كاهلها شوقي إليكِ
أما أبصرتِ كيف تجمعت وتراصت الأحرف
بجوارِ بعضها لتكون الكلمات والجُمل.؟!
وتتراقص طرباً على ألحان الشوق ملئ عينيك .؟!

حبيبتي ...
أما سمعتِ حديث الشمس بالأمسِ عني .؟!
لقد خرقت القوانين , وبدلت العناوين .؟!
والكون كُلهُ ينتظرني لإقامة الحدود عليّ
لقد قتلت الشوق شيخاً كهلاً بمحرابي
وسفكتُ دمه , و قطعت رأسه ,
وصلبتُ جسده , و سلختُ جلده ,
كي لا يمنعني مرةً أخرى عن تقبيل وجنتيك .؟!
وفررتُ من عدالة السماء .؟!
وأخذتُ معي رمالاً من شواطئ الوفاء .؟!
وهرولت هارباً من أمواج الغير والغدر .؟!
ورياحها , وهوائها .؟!

حبيبتي ...
بنيتُ لكِ قصراً من الرمال .؟!
ورصعتهُ بالكبرياء والخيال .؟!
من ثمَّ هدمته .؟!
حتى لا يسكنهُ سوايّ .؟!
وما زلتُ أهيمُ في بقاعِ المعمورة .؟!
بحثاً عن محامِ لي لـ يُثبت براءتي .؟!
ويصدر الحكم بأن أسكن جوارك .؟!
أو يقام عليّ الحد .؟!
وأُغرب عام وأعواماً بين ذراعيك .؟!

حبيبتي ...
آه لو كان الحنين عود ثقاب .؟!
لأشعلته , وضممت ُ عليهِ قبضة يدي و أطفأته .؟!
وأستنشق الدخان المتصاعد منه .؟!
لـ أزفرهُ مع أنفاسي .؟!



حبيبتي ...
لقد نثرتُ القمح على كفوفي .؟!
مع إشراقة الشمس ,
وانتظرتُ عصافير حديقتك الهائمة .؟!
لتزورني ونتبادل أطراف الحديث عنكِ .؟!
ويطمئن قلبي عليك .؟!

حبيبتي ...
صبغتُ ريش حمامتي البيضاء باللون الأحمر .؟!
لتكون عنواناً للسلام و الحب معاً .!!
وكي لا تغار حمامتي من لونكِ الأبيض .؟!
وتخفي رسائلي عنكِ ..؟؟
أهديتها غُصن الزيتون لـ تلقيه بين أناملك .؟!

حبيبتي ...
كنتُ هرماً من الذكريات المؤلمة .؟!
فََ زلزليني .. حطميني .؟!
أنثريني .. و أجمعي أشلائي .؟!
وأقيمي عليها حدود مملكتكِ الجديدة .؟!

حبيبتي ...
أقرئيني عاشقاً مُتفرداً لكِ مُشركاً بغيرك .؟!
يستقبلُ قِبلة عينيك ..؟!
حتى لو كان في أواسط القُليس ..؟!
يتلو ويرتل آيات العشق .؟!
ويقرأ أحاديث الحب على مسامعك .؟!

حبيبتي ...
اجعليني قطعة من الصلصال .؟!
كونيني كيفما تشائين من الأشكال .؟!
و ارسميني ثالوثاً , رأسه القلب .؟!
وأضلعه الصدق , والحب , والوفاء .؟!
ضعيني أحجاراً من النرد تلعبين بهِ كُل مساء .؟!

حبيبتي ...
خذيني جنيناً يسكن أرحام عشقك .؟!
ويتنفسُ أنفاسك , وغذائه ُ غذائك
وراحتهُ من راحتك , وعنائه من عنائك
وضعيني بعد التسع طفلاً .؟!
يلعب بين أحضانك ,
ويرضعُ من قلبك ,
وينام على صدرك ,
ويكبر إلى أن يصير مراهقاً
لا يعرفُ الغزل إلا في عينيك .؟!
ويشيخ ويهرم ولـ تتدهور صحته
لـ يستند على ساعديك
ويتعثر بالحجارة ليسقط بين ذراعيك.


حبيبتي ...
كوني لي الليل والعسعس .؟!
الصبح والمتنفس ..؟!
كوني لي العقل والجنون.؟!
و العلم والجهل .؟!
كوني لي الظلام والنور .؟!
و الغرور والتواضع .؟!

حبيبتي ...
سَ أهديك قلم رصاص هو أنا .؟!
أكتبي بهِ ما شئتِ عل صفحات عمرك .؟!
كل ثانية منه فرحاً كان أو حزن .؟!
شوقاً كان أو حنين .؟!
أما أنا فَ سأكتبكِ أنتِ
فأنتِ أنا ..و أنا أنتِ .
فكوني حبيبتي ... لأني أُحبك .