كُلّ عَامٍ أَحْتَسِي الذِّكْرى/ السّرابْ
فَارَقَتْنِي بَسْمَةُ الثّغْرِ المُسَجّى فِي ثِيَابٍ مِنْ غِيابْ !
يَا تُرَى أَيْنَ الصّحابْ !
أَيْنَ أَحْبابِي وَ صَحْبِي
يَا تُرَى أَيْنَ الرّفَاقْ ؟
أَيْنَ أَزْمَانُ التّلاقِي وَ العِنَاقْ ؟
أَيْنَ أَطْيَافُ الأَمانِي وَ الوِفَاقْ ؟
أَيْنَكُمْ يَا أَصْدِقَاءْ ؟ !
فِي لَيالِي الوَصْلِ كُنَّا قِصّةً أَوْ بَعْضَ فَصْلٍ لِلْهَنَاءْ
كَانَتِ الدُّنْيا مِدَاداً مِنْ وِفَاءْ
كَانَ قَلْبِي /قَلْبكُمْ رُوحاً ، وَ كُناّ بَلْسَماً
يَشْفِي جُرُوحَ الحُبِّ إِنْ عَزَّ اللِّقَاءْ !
وَ سَمَاءُ الوُدِّ حُبْلَى بِالمُزُونْ
كُلَّمَا جَفَّتْ دُرُوب ِالوَصْلِ أَوْ سِيقَتْ شُجُونْ !
سَحَّتِ الأَشْواقُ دَمْعاً فِي العُيُونْ
تُنْبِىءُ الأَعْمَاقَ أَنَّا فِي وِدَادٍ مُبْحِرُونْ !
وَ أَنَا الآنَ لَفِيفٌ مِنْ ظُنُونْ :
يَا تُرَى أَيْنَ الحَنِينْ ؟ !
لَمْ يَعُدْ قَامُوسُ شِعْرِي يَحْتَوِي غَيْرَ الهَبَاءْ، حَفْنَةٌ مِمَّا تَلاقَى مِنْ حُزُونٍ وَ هُمُومٍ
أَوْ تَبارِيحٍ لِبوحٍ أَوْ بُكَاءْ !
لَمْ يَعُدْ يَحْوِي سِوَى أَسْرَابِ حَرْفٍ آبِقٍ
يَهْوَى الفَنَاءْ !
لَمْ يَعُدْ يَحْوِي سِوَى أَنَّاتِ نَايٍ سَادِرٍ فِي لَحْنِهِ المَمْزُوجُ قَسْراً بِالنَّوى يَجْتَرُّ أَلْحَانَ المَآسِي يَنْفُثُ الحُزْنَ هَوَاءْ !
وَ أَنَا أَرْوِي بِمَاءِ الدّمْعِ أَفْنَانَ العَذَابْ
كُلَّمَا أَنْشَدْتُ شِعْراً لَمْ أَجِدْ بُؤْسَ القَوَافِي غَيْرَ بَاءْ
غَيْرَ بَاءٍ تَتَنامَى لِصِحَابٍ وَغِيَابْ
لَمْ أَجِدْهَا غَيْرَ بَاءٍ لاِنْتِحَابٍ وَ عِتَابٍ كَالعِقَابْ
لِذَهَاب ٍ لا إِيَابْ
لِضَبابٍ أَوْ سَرَابْ
لِمُصَاب ٍ وَ احْتِرَاب ٍ وَ صِعَابْ
لَمْ أَجِدْهَا لإِيَابٍ أَوْ جَوَابٍ لِطِلاَبْ
لَمْ أَجِدْ غَيْرَ اليَبَابْ !
مُمْعِنٌ فِي الحُزْنِ قَلْبِي
طَاعِنٌ فِي البِؤْسِ لاَ يَهْوَى سِوَى التَّعْسِ إِهَابْ !
وَ صَدَى البَوْحِ تَعَالَى ، مُعْلِناً بَعْضَ انْتِهَاءْ :
يَا تُرَى أَيْنَ الصّحابْ ?!