.
منذ أن غابت لم تغب عنّي ...
كانت تطير في فضاء خيالاتي كعصفورةٍ رقيقة ..
أصحو على شقشقاتها ...
تجول يومها كله على عيني حتى تسكن إلى عش أوحد على متن شجرة تتمدد
على ضفاف الوتين ، وتضرب جذورها في أعماقه..
منذ عصفت بي ريح الشتات استحالت عصفورتي يمامةً فتيةً لا تعرف سوى التحليق بعيداً ،
وغياب يمتطي النهار...تغدو بنصف فؤادي ، وتروح وقد ذاب نصفه على جمر الانتظار.. !
كبرت يمامتي وصارت تمعن في الغياب ...
لطالما مزَّقَتْ فؤادي وراءها حتى غدا أشتاتاً ...
في غمرة زمن الشتات ، لمْلَمْتَنِي ، وحزمتُ أمري وأمتعتي ...، فلا بقاء دونها ...
تراءت لي يمامتي سرب يمامات...
تبعته فتشظّى في كل الجهات...، إخترتُ بِضْعاً منهنّْ قصدنَ عين الشمس التي ارتَدَتْ
للتو زيّها البرتقالي البارد...
أخذ السرب يبتعد شيئاً فشيئاً ، حتى ذاب في قرص الشمس ، وتلاشى ...
داهمني المغيب ...
فحبست نفسي حيث أنا...
منذ شتات لازلت معلّقاً هناك ...
لم تنجلي العتمة ...
ولا صبح قريب...
ولا عيون للظلام ...
ولن تعود يمامتي ... ، وإن عادت ستعود أسراباً ، لا قِـبَلَ لي بها !
.