حسناً ..ياقايد ..
يوم بعد يوم أدرك عشقي ..لبيت شعرِ يقول :
كل ُّ الذين أحبهم "نهبوا " رقادي واستراحوا
....كنت وعدت بأمثلة مدروسة وسنقدمها لكم أيتها السيدات والسادة تضميناً في هذه المداخلة
واسمحوا لي أيها القراء الأكارم أن أنوه مرة أخرى على أننا نتناول نتاج المرأة الأدبي فقط وبالتجرد ولاندخل في تصرفاتها الحياتية اليومية
وبعد :
((إذا آمنّا بأنّ ظهور صوت المرأة وَ صورتها - الظهور المعنويّ - يُخالف " القيم وَ الأعراف وَ الإشارات " عنْد العَرب .))
لن أوافق على هذا القول وأنا أول منددٍ به ..فظهور المرأة الظهور المعنوي وليس المادي ..من ذا الذي يمكن أن يقصيه
فإن كان لدينا مجتمعاً واحداً ..فنعم وهو يتحمل وزره ..ولكن الشعر والأدب مقولة أممية وهناك أمم كاملة ..لا تستغني عن ظهور الأنثى المعنوي
وبالتالي قد قمت يا سيدي بالاتكاء على نتيجة لا أقرها ومعي من أمتنا كثر كذلك ..فأين نحن من التسرع؟
فصور التاريخ تغني عن القول ..والتعليل ..ومن الأمثلة أذكر وليس على سبيل الحصر :
عندما وقفت هند بنت عتبة وارتجزت :
نحن بنات طارق ...نمشي على النمارق ..
إن تقبلوا نعانق ..أو تدبروا نفارق ..
فراق غير وامق ..
ويذكر أن أحد الشعراء أمام أبي جعفر المنصور ذكر أنه تعب وهو يبحث عن أصل النسب لبنات طارق ..ولم يجد قوماً يكتنون بهذا ..
فأجابه المنصور ..ويحك إنها تعني النجوم ..نحن بنات النجوم ..والطارق هو النجم ..
والمفيد من المثال هو :
لم يذكر التاريخ أن احد من الرجال قال لهند بنت عتبة ..(( اصمتي يا امرأة فضحتنا ..عيب ..))
ثمة أخرى :
لابن قتيبة حادثة مشهورة أوردها عن الخنساء ..
وكما تعلمون قبة الشعر في سوق عكاظ :
اجتمع تحتها النابغة حكماً ..وكلٌ من الأعشى ..وحسان بن ثابت و الخنساء ..
فإن كان ظهور المرأة مخالف للأعراف العربية ..لطردت على فورها من اجتماع هؤلاء العمالقة ..!
والأدهى من ذلك ماذا كان يدور في وقتها ..
يقول الرواة ..
تقدمت الخنساء فأجادت ..وكان الأعشى سبقها وابن ثابت ..
فقال النابغة : والله لولا أن أبا بصير أنشدني آنفاً لقلت بأنك أشعر الجن والأنس ..
فوثب حسان ابن ثابت فقال ..لأنا اشعر منك ومنها ومن أبيك ..
قالت الخنساء : أسمعنا إذاً
فقال حسان بن ثابت :
لنا الجفنات الغر يلمعن في الدجى
وأسيافنا يقطرن من نجدة دما
وللننظر ماقالته (( الأنثى المسكينة التي لاتعرف عن اللغة إلا مايتصدق عليها به الرجل...! ))
قالت : الجفنات ..وأسياف جموع تقليل وبذلك بخست قومك حقهم ..
وكلمة يقطرن تفيد القلة ..وكان يجب أن تقول يجرين ..
ويلمعن هو ما ينطفئ ويخبو ..وكان يجب أن تقول يسطعن ..
ولفظة الغر ..هو البياض القليل في جبهة الفرس ..ووجب أن تقول البيض ..
ودَما جمع تقليل ..وكان يجب أن تكثر فتقول ..دِما
ولايستوي هذا الشعر عندي إلا إذا قلت ..
لنا الجفان البيض يسطعن في الدجى
وسيوفنا يجرين من نجدة دِما
فقال ابن ثابت ..والله مارأيت ذات مثانة أشعر منك ...فردت قائله ..ولا ذا لحيين
(( هذه الرواية فيها تكثيف وتصرف مني لضيق المجال ))
وهنا سنأتي على العبارة المحيرة : أمّا " عُمق التاريخ " / " قمع التاريخ " ،فهوَ عائلٌ لا يُستند عليه .
.
صحيح أن فيها نفس (( طه حسين )) عندما أوكل كل ماقيل من الشعر العربي الجاهلي إلى حماد الراوي وابن الأعرابي ..
ولكني أقول ..هل نعتمد التاريخ في إثبات ذكورية تاريخ الأدب وننكره ونعتبره عائلٌ لايستند عليه في حال استشهدنا به على النتاج الأنثوي ..؟
وهنا سأتوقف قليلاً معك ياصديقي ..مع العبارة التالية :
(إنْ عُدنا إلى [ اللغة / اللفظ ] الذي اسْتخدمته الأنثى في كُلذلك لوَجدناه لفظاً ذكوريّاً لأنْ ثمّة حقيقة أخرى - نحويّة - تقولُ " بأنّ الأصلفي اللغة التذكير) .
كونه لفظاً ذكورياً إذاًفهذا يحيل إلى أنه أول من لفظه وقننه هو الرجل ..وهذا لايمكن إثباته قطعاً ..
وأما عن الأصل في اللغة التذكير ..
فهذا من باب الجنوسة ..وليس من الباب السابق ..
بمعنى / في القواعد النحوية ..دائمأ يأتي اللفظ مذكراً ثم نبحث عن تأنيثه وهذا ليس بشيء كشاهد على مانريد ..
فأن نقول أول من لفظه رجل .. ومن ثم تعلمته الأنثى وتبنته شيء .وأن نقول بالجنوسة فهو شيء آخر ..
سأدخل من نفس الباب واسأل ..
قايد : لفظة اللغة ..مؤنثة أم مذكرة ...؟!
أما عن الشاهد ..(( خير الدين بن أبي الثناء ))
فسأعتذر عن مناقشته لأنني منذ البداية أحاول أن لايحيد أحد بنا نحو الآراء الشرعية ..والفقهية ..(( فهي ذات خصوصية وحساسية بالغة ))
فماهو حجة عندي ..قد لايكون بشيء عندك
وسأورد ..مثال: يقول الكبريت الأحمر ..والشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي
(( كل شيءٍ ليس بأنثى لايعول عليه )) بمعنى كل شيء غير منفعل ..والأنثى منفعل ومولد وكل منفعل ومولد هو أنثى وبالتالي كل مخلوق مستجيب للفظة كن بالأمر الإلهي ..فهو حتماً منفعل ..وهو أنثى صفةً وليس جنساً وإلا لاوجود له .. .. وبين الهو والهي يطول ويحلو الكلام .....ولكن.....
وعلى هذا سنفتح للمنابر باباً لا نستطيع سده وقد يتسبب بإغلاق هذا المتصفح ..وهذا مالانرجوه جميعاً ..
وسأختم مداخلتي هذه بمثال جميل .وأعلم أنه سيعجبك جداً ..ويستثيرك ..وكذلك القراء الأكارم ..
أورد فاروق شوشة في جملة جمال اللغة العربية ..مثالاً فريداً على قدرة الأنثى بأن تضاهي الرجل تعبيراً ومكانة ..ورصانة في الشعر فقال ..
ربما ليلى العامرية تختزل شعر المجنون حين قالت :
باحَ مجنون عامرٍ بهواه .... وكتمت الهوى فمتُّ بوجدي
فإذا كان في القيامة نودي .....من قتيل الهوى تقدمت وحدي ..
بربكم ..ما سنقوله حيال هذا الإبداع ..؟
أهو مسروق من خزانة الفكر الذكوري الفريد الوحيد المبدع ..؟
أم هو اقتباسٌ من ثقافة إسلامية قامت به أنثى ,,أم سنقول بأن التضمين والإقتباس هوآلية في الشعر أوجدها فقط الذكور..!
لاوربي ..إنه فعل العقل المبدع والحس الأنثوي المرهف ..المحلق في سماه ..والقادر والمقتدر على عجن اللغة بأنامل نسوية
فمن هاهنا سيتهم التاريخ ..ولايعول عليه ..؟
إن كان تاريخنا الشعري الأنثوي مزيفاً ومن هذا الصنف فأنا أول مؤمنٍ به على زيفه ..
(( قايد ألم يُروى ظمؤك بعد؟ .........../ الرحمة ))