الشعر الحر ... هل هو حر فعلا ً ؟؟
اذا كانت قصيدة التفعيله الفصيحه قد أخذت نضجها الشكلي في عقد الخمسينات من القرن العشرين فإن استخدامها عاميـّا ً
بدأ في في أواخر هذا العقد والعقد الذي يليه كما يتضح من التراث العامي لفؤاد حداد وصلاح جاهين مصريا ً ، ويمكن
التأكيد على أن عقد الستينات والسبعينات شهدا التجارب العاميه للشعر الحر في مصر بالاسماء السابقه واسماء اخرى
أبرزها عبدالرحمن الابنودي واحمد فؤاد نجم وغيرهما ، وفي الشام مع عمر الفرا وجوزيف حرب ، وفي العراق مع مظفر
النواب وآخرين .
أما في الخليج والجزيره العربيه فالرياده تنسب للشاعر عبدالرحمن النجار الذي أكد أنه كتب أولى قصائد التفعيله العاميه
في الخليج سنة 1377 هـ ، وهو ما يزال على مقاعد الدراسه الثانويه ثم استمر في كتابتها ونشرها في جريدة الهدف الكويتيه
في أوائل الستينات الميلاديه ، وذكر النجار بأن الفكره جاءته أساسا من التأثر بالشعر الفصيح لنزار قباني وغيره .
ومن بعد النجار جاء الشعراء فايق عبدالجليل ونايف المخيمر وبدر بن عبدالمحسن ومحمد العبدالله الفيصل وعبدالرحمن رفيع
وعلي الشرقاوي وعلي عبدالله الخليفه واحمد السعد ، وغيرهم من شعراء القصيده الحره في عقدي الستينيات والسبعينيات الميلادي .
وشهدت حقبة الثمانينيات ماسمي بتيار " الحداثه " الذي اتخذ من قصيدة التفعيله قالبا له ولم ينبذ الشكل التقليدي تماما
إذ ظهرت نصوص تنسب إلى الحداثه بل وتطرقت في الإنحياز للصور والمفرده والفكره الغرائبيه والحديثه ، ولكن بشكل
تقليدي من حيث الوزن والقافيه كما ظهر المزج بين القصيده العموديه وقصيدة التفعيله في ردية بدأها الشاعر ناصر السبيعي
ورد عليه الشاعر فهد عافت في منتصف الثمانينيات ، وهو شكل وجد في الفصحى منذ سنوات سابقه .
وبما أننا لا نبحث عن في تاريخ التجربه بقدر ما نهتم بالبحث في سماتها العروضيه فإننا نترك دراسة خريطة الشعراء
وتراتب ظهورهم الى جهود بحثيه أخرى ، ونشرع في تحليل الشعر العامي الحر عروضيا .
وهنا نشير إلى التهمه المعتاده من قبل أعداء الشعر الحر منذ زمن طويل إلى هذا الشعر بأنه يخول من الوزن والقافيه
وأنه عباره عن تصفيف للكلام يقدر عليه كل مدع ، وهي تهمه ستظل تلاحق الشعر الحر دائما في حلبتي الفصحى والعاميه ،
وخير رد عليها هو إهمالها ومحاولة إبداع ماهو جديد وصادق وحقيقي .
( / يتبع لاحقا / )
الشعر الحر ... هل هو حـُر فعلا !! / 2
المرجع : طواريق النبط / ابراهيم الخالدي
تقديري لمن إطلع وقرأ