عمرو بن معدي كرب الزبيدي اليمني :
صاحب السبف المشهور صمصامة العرب. شاعر وفارس ومجاهد من أمراء زبيد وزبيد مدينة في اليمن. يكنى أبو ثوروهو ابن خالة الزبرقان بن بدر أدرك الإسلام وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أناس من بني زبيد فأسلم، قال لقيس بن مكشوح المرادي حين انتهى إليهم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يا قيس إنك سيد قومك وقد ذكر لنا أن رجلاً من قريش يقال له محمد قد خرج بالحجاز يقول أنه نبي فانطلق بنا إليه حتى نعلم علمه، فإن كان نبياً فإنه لن يخفى عليك فتبعناه وإن كان غير ذلك علمنا علمه، فأبى عليه قيس وسفه رأيه.
فركب عمرو بن معدي كرب حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم. ومما يروى عنه صلى الله عليه وسلم أنه لما وفد عمرو بن معدي كرب الزبيدي على راحلته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم استقبله الرسول صلى الله عليه وسلم عند راحلته، علماً كما قيل أن الرسول عليه الصلاة والسلام لايستقبل أي رجل حتى ولو كان من عظماء الفرس والروم. كيف لا وهو فارس الجاهلية والإسلام كما إنه من خيار القوم كذلك كما قيل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم " خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام، شيبة عمرو خير من شبابكم" و مما يقال أنه حين ركب الناقة عمرو وكان طاعناً في السن ضحك الشباب من قريش، فرد عليهم : أتسخرون بي وأنا عمرو والله ما تبقى من شيبتي خير من شبابكم .
إلا أنه ارتد بعد وفاة الرسول فيمن ارتد باليمن ثم رحل إلى العراق وهناك عاد إلى الإسلام مرة أخرى.
كان قوي البنية، جسيماً فقد قيل أنه كان يبلغ من الطول أكثر من عشرة أشبار حتى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال الحمد لله الذي خلقنا وخلق عمرو تعجباً من عظم خلقته. كان له في السلاح رأي وحكمة فقد سأله عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن الحرب فقال: مرة المذاق إذا قلَصت عن ساق، من صبر فيها عُرف، ومن ضعف عنها تلِف وأنشد :
الــحـرب أول مـا تـكون فُتـيَة
تسعى بزينتها لكلِ جهولِِ
حتى إذا استعرَت وشب ضرامها
عادت عجوزاً غير ذات خليل
شمطاء جزَت رأسها وتنكَرت
مـكروهة للشـمِ والتقــبيل
ومن جيِّد شعره:
لبس الجَمالُ بمأزر ٍ
فاعْلَمْ، وإِنْ رُدِّيتَ بُرْدَا
إِنَّ الجَمالَ مَعادِنٌ .
ومَناقِبٌ أَوْرَثْنَ مَجْدَا
أَعْدَدْتُ لِلحَدَثَانِ سا
بِغَةً وعَدَّاءً عَلَنْدْى
نَهْداً، وذا شُطَبٍ يَقُدّ
البَيْضَ والأَبْدَان قَدَّا
وَعِلْمِتُ أَنِّي يومَ ذاكَ
مُنازِلٌ كَعْباً ونَهْدَا
قَوْمٌ إِذا لَبِسُوا الحَدِيد
تَنَمَّرُوا حَلَقاً وقِدَّا
كُلُّ امْرِىءٍ يَجْرِي إلى
يَوْمِ الهِياجِ بِما اسْتَعَدَّا
لَمَّا رَأَيْتُ نِساءَنا
يَفْحَصْنَ بالمَعْزاءِ شَدَّا
وبَدَتْ لَمِيسُ كأَنَّها
قَمَرُ السَّماءِ إِذا تَبَدّى
وبَدَتْ مَحاسِنُها التي
تَخْفَى، وكانَ الأَمْرُ جِدّا
نازَلْتُ كَبْشَهُمُ ولَمْ .
أَرَ مِن نِزالِ الكَبْشِ بُدّا
هُمْ يَنْذِرُونَ دَمِي، وأَنْ .
ذِرُ إِنْ لَقِيتُ بأَن أَشُدّا
كَمْ مِن أَخٍ لِيَ صالِحٍ .
بَوَّأْتُهُ بِيَدَيَّ لَحْدا
ما إِنْ جَزِعْتُ ولا هَلِعْت
ولايَرُدُّ بُكايَ زَنْدا
أَلْبَسْتُهُ أَثْوابَهُ وخلقتُ
يومَ خُلِقْتُ،جَلْدا
أُغْنِي غَناء الذَّاهِبين
أُعَدُّ لِلأَعْداءِ عَدّا
ذَهَبَ الذينَ أُحِبُّهُمْ .
وبَقِيتُ مَثْلَ السَّيْفِ فَرْدا
وسأله عمر رضي الله عنه عن السلاح فقال: الرمح أخوك وربما خانك والنبل منايا تخطئ وتصيب والترس هو المجن وعليه تدور الدوائر والدرع مشغلة للفارس متعبة للراجل وإنها لحصن حصين، والسيف نعم السلاح،
كان عمرو بن معد يكرب الزبيدي من أشجع فرسان العرب شهد الكثير من المعارك وكان إذا قاتل بسيفه الصمصامة فرى الأعداء فرياً، بلغت شهرة سيفه مسامع الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأرسل من يحضره ليصنع مثله للجيش كله، فلما رأه وحمله بيده وجده سيفاً عادياً لا يميزه شيء عن باقي السيوف فسأل عمرو بن معد يكرب الزبيدي اليمني عن سر جودة سيفه فقال له عمرو: أرسلت إليك السيف لا اليد التي تضرب به.
ومن جــــيِّــد شعره:
ألا غدرت بنو أعلى قديما
وأنعم إنها ودق المزادِ
ومن يشرب بماء العبل يغدر
على ما كان من حمى وراد
لقدأسمعت لو ناديت حياً
ولكن لا حياة لمن تنادي
ولو نار نفخت بها أضاءت
ولكن أنت تنفخ في رماد
شهد اليرموك فقد خرج مع قومه عندما جاءهم أنس بن مالك رضي الله عنه بكتاب أبي بكر الصديق رضي الله عنه يحثهم على الجهاد والخروج إلى الشام فكان عمرو مع المدد الذين أرسلهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه لخالد بن الوليد رضي الله عنه، وفي هذه المعركة فقد عمرو إحدى عينيه، كما شارك في القادسية، وعندما طلب سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه المدد من عمر بن الخطاب أرسل إليه عمر بن الخطاب رجلين فقط: عمرو بن معد يكرب الزبيدي اليمني و طلحة ين خويلد وقال له : أمددتك بألفي فارس.
قاتل عمرو في هذه المعركة وبلى بلاءاً حسناً حتى كان النصر للمسلمين، كما شارك في معركة نهاوند فعندما استعصى على المسلمين فتح نهاوند أرسل عمر بن الخطاب إلى النعمان بن مقرن قائد الجيش قائلاً: استشر واستعن في حربك بطلحة وعمرو بن معد يكرب وشاورهما في الحرب ولا تولهما من الأمر شيئاً فقاتل عمرو في هذه المعركة حتى ظفر بالشهادة وفتح الله على المسلمين.
توفي رضي الله عنه على مقربة من الري سنة 21 هـ – 642 م .
بتصرف من كتابنا "موسوعة فرسان الشعر العربي "