الفــاتـــــــورة ... !!

[سيرين]

يقول جبران في العمل الممزوج بالحب :

هو أن تنسج الثوب بخيوط مسلولة من قلبك,

كما لوكان هذا الثوب سيرتديه من تحب
هو أن تبني دارا والوجد رائدتك,
كما لو كانت هذه الدار ستضم من تحب
هو أن تنثر البذور في حنان,وتجمع حصادك في فرح ,
كما لو كانت الثمار سيأكلها من تحب
هو أن تنفح كل ما تصنعه يداك بنسمة من روحك,
وأن تدرك ان كل أعزائك الراحلين قد التفوا حولك يراقبون
قرأت كلام جبران الجميل ليداهمني سؤال مشاكس ..
ترى هل نمزج عملنا حقيقة بالحب ؟
ترى كم واحدا منا يحب عمله حقيقة ؟
عشرة .. مائة .. الف .. مليون ؟
طيب والباقي كيف يتعاملون مع العمل ؟
كيف يتعاملون مع شرف الوجود الانساني ؟
صوته قطع حواري مع نفسي وخواطري ..
" ياعم مشي حالك هوه حد شايف "
كأن العبارة جاءت ردا علي اسئلتي
عبارة نتداولها جادين ومنهمكين تعبيرا عن الاهمال
واللامبالاة والشغل " أي كلام " عبارة صغيرة
لكنها ناسفة استرجعتها امتعضت سرحت
تصورت لو اعتنقنا جميعا كبارا وصغارا شبابا وشيبا
مبدأ " يا عم مشي حالك "
كيف ستكون الصورة وكيف سيكون الخال ؟
تصورت الطبيب اي طبيب بيمشي حالة فأستأصل لفلان
الكليتين بدل اللوزتين او استأصل اليمين بدل الشمال المريضة
" أهو كله كلاوي " او بدل ان يجري العملية لزيد اجراها لعمرو
ورغم ان الامر مضحك تصورت حال المدرس مع نفس المبدأ
لتحدث شقلبة خطيرة في امخاخ اولادنا المعلومة مقلوبة
فبورسعيد ميناء كوالا لامبور والامريكان فركة كعب بين السيدة والحسين
تصورت الطيار وهو علي نفس الحال قلم يلتزم بتعليمات السلامة
والاقلاع لتحدث كارثة مروعة
تصورت الارغفة العجين لخباز يسير علي نفس النهج
لنصاب بعسر الهضم ونحن نلتهم الارغفة المسلوقة دون نضج
تصورت كل الاجهزة والمصالح والهيئات ومواقع العمل المختلفة
وقد اخذت بتوصية " ياعم مشي حالك "
لاجد مهزلة مضحكة مبكية وضياعا لكل ثروة وطنية وقومية
وتراجعا يشدنا للخلف ..
تصورت البلادة والفوضى والتحنط والجمود
تصورت اللامبالاة في كل صغيرة وكبيرة
وهز الاكتاف امام المسؤليات الضخمة وحتى البسيطة
تصورت ليصيبني دوار وانا ارى ضيعة الشباب العاجز
عن عمل شيء فلا اتقان ولا احساس فاقدين الحماس
لا توقد ولا حياة خيبة تجر خيبات
وعالم يركض ونحن جلوس كأننا في متحف الشمع
تصورت حجم الضيعة ليهتز بدني لتلك الصورة المتشائمة
طاردا كل ما يظللها من قتام وليعود السؤال المشاكس
هل نمزج عملنا بالحب كما قال الشاعر الجميل جبران خليل جبران
اما اننا نهوى حقيقة مبدا " ياعم مشي حالك " وقول ياباسط
ضاعت المباديء الاخلاقية وصار ما يربط بين البشر
مجرد صكوك تجارية
توثق العلاقات المختلفة بينهم في شكل فاتورة مؤجلة
او مستحقة الدفع
صار البشر مجموعة عملاء لصفقات مادية عرضة للربح
والخسارة الاقتصادية او السياسية او الاجتماعية
فالكل ينظر الي ما يحققه من مكاسب ذاتية وشخصية فقط
دون الالتزام بأي قواعد تجاه الوطن أو الاخرين
قد تكون الفاتورة دعما ومناصرة لقضية معينة دون الايمان بها
دون النظر الي الضرر علي الوطن او الاخر
السداد هو البند المهم
وعلي المتضرر اللجوء الي ما ينصف هذا الاستحقاق
من منصب او ما بشرت به مفردات الفاتورة
التي يجب مراجعتها بدقة وما خفي خلف بنودها
عطايا هي ام هدايا
الا من حلول جذرية منخفضة التكلفة لتنعم حياتنا بتحقيق الاستقرار
والعدالة الحيادية الغير قائمة علي المصلحة الذاتية فقط
الا تخشوا خفوقا اخرى وتصاعد الانا في محفل مخاطر الفاتورة !!

7 _ 9 _ 2015

\..