قردة وخنازير (رواية) - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
فَــوَاق ! (الكاتـب : ماجد العيد - مشاركات : 14 - )           »          وصب ! (الكاتـب : تركي المعيني - مشاركات : 155 - )           »          هــايــكــو (الكاتـب : حسن زكريا اليوسف - آخر مشاركة : تركي المعيني - مشاركات : 299 - )           »          لاَ مِسَاس ... ! (الكاتـب : جليله ماجد - مشاركات : 509 - )           »          ارتداد (الكاتـب : ماجد العيد - مشاركات : 325 - )           »          جُمُوحُ العَاطِفة (الكاتـب : محمّد الوايلي - مشاركات : 1682 - )           »          [ #مَعْرِضٌ وَ تَعْلِيْقٌ ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : ماجد العيد - مشاركات : 8214 - )           »          تبّت يدين البُعد (الكاتـب : عبدالله العتيبي - مشاركات : 14 - )           »          [ رَسَائِل أُخَوِيّة ] : (الكاتـب : خالد صالح الحربي - مشاركات : 41 - )           »          العيد والغياب!!! (الكاتـب : محمد علي الثوعي - مشاركات : 6 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النثر الأدبي

أبعاد النثر الأدبي بِالْلُغَةِ ، لا يُتَرْجِمُ أرْوَاحُنَا سِوَانَا .

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 06-24-2019, 03:58 PM   #17
عمرو مصطفى
( كاتب )

الصورة الرمزية عمرو مصطفى

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 2618

عمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


(5)

في اليوم التالي جلس الرفيقين في نفس المائدة البعيدة عن الزحام، ليراقبوا الحياة في حانة النجوم الساهرة..
فتيات يرحن ويجئن.. قوادين منتفخي الجيوب بالأوراق الخضراء.. رجال الشرطة يتبادلون السباب والشجار.. أمل تحاول أن تشق طريقها من بين الأنياب والمخالب.. تحاول ألا تتمزق وهي تتقدم من مائدة باسم وعارف..
يناديها شاهين.. هناك زبون يريدك يا عزيزتي.. إنه الشرطي مهاب هذه المرة..
يهز لها عارف رأسه بمعنى : اذهبي إليه.. تتحرك حنجرتها دلالة على وجود غصة صعبة البلع.. وتتراجع للوراء بوجه شاحب..
هايدي تنظر بحقد لأمل.. لقد فزت أيتها القردة بالسيد مهاب هذه الليلة.. لتكن تلك ليلتك الأخيرة.. سراج غير راضي بالمرة من أداء هايدي.. تباً هناك من يسحب البساط من تحت أقدامنا أيتها السافلة..
وباسم يقبض على كأس الليمون فيوشك على أن يسحقه..
ـ هل هذا معقول؟
قال له عارف مهدئاً :
ـ تشجع.. الحياة صعبة وتحتاج لأعصاب من حديد..
ـ بل تحتاج لأعصاب خنزير من حديد..
ـ لسنا خنازير..
نظر باسم لعارف في غل وهمس :
ـ لماذا لا ننصرف إذن؟
نظر له عارف وابتسم في رقة كأنه يشكره على معروف :
ـ انصرف أنت لو كنت لا تحتمل.. لكن بلا ضوضاء..
هب باسم واقفاً وقال:
ـ سأتمشى.. أريد بعض الهواء النقي بالخارج..
لم يرد عارف على عبارته الساخرة رغم مرارتها، بل لم يلتفت حتى إليه، فازداد حنق باسم واندفع مغادراً الحانة..
حاول أن يتجاهل صوت الضحكات المائعة وضرب الكؤوس.. لكن صوتاً واحداً أوقفه..
صوت صرخة أمل..
التفت ليجد ذلك الشرطي يستمتع بإيلامها.. إنه منهم إذن..
سيظل يضرب الفتاة طوال الليل، ثم سيعلن في الصباح أنها باردة كلوح ثلج، وأنه بحاجة لدمية أخرى غيرها، لأنها لم تعد تصلح ولا حتى لتسليك أسنانه..
النهاية البشعة التي تحدث عنها عارف.. يتصاعد الدخان الأسود أمام عيني باسم.. يلتفت لعارف مستجدياً فيشير له الأخير بكأسه كأنه يحيه.. لكن عينه قالت له بوضوح صارم : انصرف بهدوء..
لكن عينا أمل قالت له أبقى..
توجه كالسهم إلى المائدة التي تجلس عليها بجوار ذلك الشرطي وقال له بنبرة لم يألفها :
ـ دعها..
كالعادة يتوقف العبث والضحك وضرب الكؤوس.. ذرات الهواء نفسها تجمدت..
فقط قلب باسم هو الذي يدق بعنف.. لقد ارتكب خطئاً جسيماً.. لقد خالف الأوامر.. أفلتت أعصابه في تارتاروس كما أفلتت منه في إلوسيوم.. في لحظة يتخيل كل ذكرياته وحياته تمر أمامه.. وتتوقف عند مشهد واحد.. سحنة ضابط الشرطة الذي ظل يرمقه بعين لا تطرف..
فجأة وثب عارف وسط المشهد ليأخذ بذراع باسم صائحاً :
ـ يا للبائس المخمور..
هب الشرطي مهاب واقفاً ووضع يديه في خاصرته قائلاً:
ـ هذه ليست سحنة المخمورين..
ثم التفت للشلة مردفاً :
ـ بل هذا هو التجديد الحق..
تعالت الضحكات المرحبة من حفنة الشباب المحيطين .. وفهم عارف أنهم يعتبرون باسم فقرة جديدة تقدم مجاناً ..
وأشار مهاب إلى أمل التي شحب وجهها كالأموات وقال باستمتاع:
ـ هل ترغب في هذه الفتاة؟
تقدم منه باسم خطوة رغم قبضة عارف التي تطبق على ساعده لتمنعه من التهور أكثر.. وقال بحزم :
ـ دعها وفقط..
التفت مهاب لرفاقه وقال متهللاً :
ـ إنها قصة حب إذن.. فتاة الحانة والصعلوك.. تعرفون أحب تمثيل دور مفرق الأحبة هذا..
والتفت إلى باسم قائلاً في شراسة مفاجئة:
ـ تريد الفتاة.. تعال وخذها إن كنت رجلاً..
ودون مقدمات انفلت باسم من قبضة عارف، ووثب محيطاً وسط مهاب بذراعيه وحمله حملاً وهو يصرخ في غل.. الغريب أن مهاب كان يضحك باستمتاع حقيقي وباسم يندفع به للوراء ويطرحه على مائدة الشراب..
هنا تراجع عارف للوراء.. عدل من هندامه كأنه يستعد للخروج من المنزل ثم استدار عائداً لمائدته ..
كان عملياً فقد انتهى أمر باسم.. لن يتبقى منه شيء حينما يفرغ منه رجال الشرطة المتحمسين.. إذن لا داعي للمزيد من الخسائر..
وهكذا جلس يراقب الحفل الذي أقيم على شرف باسم..
زمرة رجال الشرطة بزعامة مهاب وجدوا أخيراً وسيلة لتلميع أحذيتهم .. صوته المكتوم وهو يتلقى ركلاتهم كان يفتت الأكباد .. لكن عارف يعرف أنه لا مجال هنا للشفقة أو للمغامرة .. ليدفع المغامر ثمن مغامرته.. ويكفيه ما خسره من وقت أضاعه في تدريبه وتهذيب روحه المتمردة.. رسم على وجهه تعبيراً مستمتعاً ليداري به الغل الذي يأكله من الداخل، وصفق بكفيه ليأتيه أحد سقاة السم ..
حاولت أمل أن تحول بين باسم وبين سيل الركلات التي تنهال على جسده.. إنها حماقة الأبطال الأبدية التي تزكي المأساة .. النتيجة أن ركلات الشباب المتحمس والمتلذذ لم تعد تفرق بينهما .. سيخسر عارف أمل أيضاً .. ضربتين متتاليتين في وقت قصير.. يبدو أن هناك من دعا عليه هذا الصباح..
وجاء شاهين يحاول إنقاذ فتاته ومصدر رزقه.. لكنه تلقى دفعه في صدره طار على إثرها ليسقط بجوار مقعد عارف ..
كؤوس تقرع وهتافات ترحب.. هايدي تضحك بانتشاء ملوحة بكأسها.. وعارف يصفق ويضرب بقبضته المائدة.. أعطوهما أكثر .. أكثر.. إنهما يستحقان.. أمحو أخر أمل لأمل.. واشطبوا باسم من سجل أخر الرجال المحترمين..
وحينما فرغوا من الضرب حملوا باسم خارجاً وألقوه على الرصيف بلا قناع يحميه من الهواء الملوث.. كان ما يزال حياً لكنه لن يستمر كذلك لفترة طويلة بلا قناع .. نفضوا أيديهم منه وعادوا إلى الداخل ليجدوا الضابط مهاب يحتفل مع جثة أمل على طريقته الخاصة.. ظل يرقص بجثتها فوق الموائد حتى صرعته الخمر، واستطاع العاملين بالحانة تخليص جثة الفتاة منه بأعجوبة، وسلموها لشاهين الذي ظل يندب حظه العاثر وهو يصيح :
ـ ماذا سأفعل بجثة عاهرة؟..
هنا برز له شاب طويل نحيل محني الظهر تحت عينيه هالات سوداء.. ناوله مبلغ من المال وحمل جثة الفتاة واتجه لباب الحانة مسرعاً كمن وجد ضالته بعد طول انتظار..
نظر شاهين للنقود التي أعطاها الشاب إياه ثم دسها في جيبه وهو يهز رأسه في رضا.. من حسن حظه أن مجانين النيكروفيليا متوفرون في حانة النجوم الساهرة .. يحطون على جثث العاهرات كما تحط النسور على جيف الحيوانات النافقة..
كل شيء هنا له ثمنه .. المشاعر الأسطورية النبيلة دفنت في المقابر.. دفنت مع باسم وأمل .. وهكذا عادت الحانة إلى ما كانت عليه قبل .. العاهرات يمارسن عهرهن .. والقوادين يقبضون الثمن.. وعارف يبحث عن صيد صالح للتجنيد .. كل شيء عاد طبيعياً كما كان .. أو هكذا بدت الأمور للوهلة الأولى .. لكن الليلة ستكون غير كل الليالي السابقة في حانة النجوم الساهرة.. الليلة لم تنتهي بعد يا سادة..
تذكروا هذا جيداً يا رواد النجوم الساهرة..
واضحكوا كثيراً فلن تبكوا بعد اليوم..

***

على الرصيف المقابل لحانة النجوم الساهرة تكوم باسم مهشم الأوصال مبعثر الأطراف.. للحظات ظن أن أطرافه الأربع ليست في أماكنها الصحيحة.. هناك هواء مسمم يتسرب إلى رئتيه فيسعل بصوت مذبوح.. هناك أشباح تروح وتجيئ من حوله غير عابئة به.. الجو الأصفر المقيت يتجه للسواد.. هي الغيبوبة إذن..
أخيراً رأى أحدهم يضع على وجهه قناعاً قبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة.. بدأ يميز وجه فتاة صغيرة باسمة لا ترتدي أي أقنعة كأنها من عالم أخر.. سحب نفس عميق ثم أطلق شهقة طويلة آلمته في صدره.. وحينما بدأ يشعر بتحسن كانت الفتاة قد اختفت..
كأنها جزء من حلم أو هلوسة سببها له الهواء الملوث.. لكن الهلوسة لا تترك لك قناع واقي على وجهك..
عليه أن يسترخي قليلاً.. ليلته لم تنتهي بعد.. لقد تلقى علقة العمر، لكنه ما يزال حياً.. تذكر أمل فعض على شفتيه قهراً.. لم يلقوا بجثتها خارج الحانة بعد.. ترى هل ما تزال حية؟.. لم يكن يعرف أنها ستواصل اللية مهمة البغي حتى وهي ميتة.. بغي رغم أنفها.. روحها تحررت وصارت في البرزخ، وجسدها سيظل ينتهك في الدنيا حتى تبدأ في التعفن..
عارف تركه.. الرفاق خذلوه.. لكن ليلته لن تنتهي قبل الأون.. فقط عليه أن يسترخي.. بعدها..
الخطة رسمت في عقله وهو ينهض من رقدته ببطء.. شعور بخدر لذيذ يسري في عروقه وكأنه لم يتلق علقة قاتلة منذ قليل..
وبخطوات مترنحة اتجه عائداً إلى باب الحانة..
عشرات الأقنعة كانت متراصة هناك على الجدار وعلى البنك كانت هناك زجاجات خمر تركها أحدهم وذهب ..
عليه هو أن ينجز مهمته سريعاً قبل أن يعود..
هذه مهمته التي لم يكلفه بها أحد .. الآن يشعر إنه لم يأت إلى تارتاروس إلا من أجل هذه اللحظة.. بل لم يولد إلا ليعيشها..
تصاعدت ألسنة اللهب لتأكل أقنعة رواد الحانة وهي تفح كالثعابين.. لم يشعر أحد بالكارثة إلا حينما بدأ الهواء الفاسد يتسلل إلى الأنوف..
هناك من أتلف الفلاتر التي تنقي الهواء داخل الحانة!..
صار هناك هرج ومرج وتدافع باتجاه الأقنعة الواقية.. حينئذ أدركوا الفخ القاتل الذي وقعوا فيه جميعاً.. رجل واحد يرتدي قناع كان يمشي مشية عرجاء قليلاً بينهم، وهم يتشنجون.. يتساقطون..
تمتد الأيدي إليه أن أفعل شيئا يا ذا القناع الوحيد.. يهز رأسه في بطء بمعنى.. لقد فعلت كل شيء ممكن ولو كان بيدي لطلبت من السماء أن تمطر عليكم حجارة من سجيل..
إنه يريد أن يرى الموت الزاحف في عين أعدائه.. كل أعدائه..
عين مهاب الضابط السادي.. عين شاهين القواد العجوز.. عين هايدي حبيبة صديقه السابقة.. و..
وعين عارف رفيق الأمس..
كانت لحظات قاسية وممتعة لأقصى حد..

***

 

التوقيع

" تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
أنَّ سيفانِ سيفَكَ..
صوتانِ صوتَكَ
أنك إن متَّ:
للبيت ربٌّ
وللطفل أبْ
هل يصير دمي بين عينيك ماءً؟
أتنسى ردائي الملطَّخَة ..
تلبس فوق دمائي ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟
إنها الحربُ!
قد تثقل القلبَ..
لكن خلفك عار العرب
لا تصالحْ..
ولا تتوخَّ الهرب!"

( أمل دنقل)

عمرو مصطفى غير متصل   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رواية كاملة بقلمي بعنوان ......رجل بدون ملامح..... حسن التازي أبعاد القصة والرواية 6 09-29-2018 03:29 PM
قراءة في رواية اليهودي الحالي عبدالله باسودان أبعاد العام 1 03-27-2015 01:17 AM
ملخص رواية \ مسلسل ( الجذور ) لـِ أليكس هالي عماد تريسي أبعاد العام 10 07-08-2014 02:20 AM
ملخص رواية دون كيشوت عماد تريسي أبعاد العام 4 06-19-2014 09:22 AM
الموتُ في وهران رواية للحبيب السايح سارة النمس أبعاد النقد 7 04-17-2014 04:25 PM


الساعة الآن 04:26 PM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.