على حافة نهار طويل,,, جوعان, يتابع خطاه الحثيثة على طريق العودة,, ينصت الى معدته الفارغة,, يقرصه الجوع فلا يملك الا ان يحث السير ورجلاه الملتويتان في بحث مضن عن طعام,
تبددت أمام ناظره البئيس أضواء الحلم ومشاعل الرغبة,, وهو يندفع في عجلة من أمره, وخطاه تمشي على غير هدى ,, تأخذه لأماكن غادرها الزمن,
أمام هذا المشهد الحالك الذي يثير الغبن قي قلبه, تجول عيناه هنا و هناك,, كأنما تبجث عن ظل ,, مأوى,,,
وفي غمرة لهفته اللاهثة ورغبته الغائمة يلوح ضوء خافث ينبعث من زوايا مطعم رابض على جنبات الطريق فاندفع اليه مأخوذا,,
في قاعة شاسعة, أضواؤها الخافثة وستائرها الليلكية,, طاولات فخمة وأناس متأنقون في ضروب ترف يمدون أيديهم الناعمة,,
التهمت عيناه الطعام وهو يسرع الى ركن منزو,, تدمي جسده احجار ناتئة في دائرة التعب,, تختنق الخطوات ,, ترمي نفسه الولهى بالجزع,,
دنا منه النادل فتحسس جيوبه,,
اللعنة !!
تبحث يده اللاهثة عن قطعة شاحبة ضاعت في ثنايا الثقوب,,
أريد,, أريد طعاما بهذه,,
رفع النادل حاجبيه دهشة, ثم اتاه بطبق من الفول وانصرف عنه,,
التهم الطبق في سخط جامح وهو يلقي القشور خلفه,, مسرفا في شرب الماء,,
انهى الصحن و استجمع قواه,,
ضرب بيديه الخشنتين على ركبتيه وهو يتنفس الصعداء,,
في لمحة بصر رمق شخصا يلتقط القشور فابتسم مرغما,,
تأهب للرحيل,,
في منعرجات الممر يخنقه الغبار,, وتزدحم جنبات الطريق باصوات الباعة و عربات شواء هنا و هناك,,
في هرولة منه لمح طفلا لفح الشارع براءته ,, يغمس شدق خيز في رائحة شواء ,,
و..
و ابتسامة على محياه,,