رأيت ُ الشّيخ الجَليل ، وقبّلت ُ جبينَه ُ المضيء كالقِنديل
فقال شيخي : أسرّك المَولَى بالقبول ِ وأمدّك بعمر ٍ يطول
فقلت : تقبّل الله ُ منك الدُعاء ، ودفع عنّي وعنك البَلاء ، فأنْت مَن علّمني الحرف َ والأدبَ ، وكان
قبلك العقل يشكي الجدب
فمِنك نـِلنا العُلا ، وعـِشنا الحاضِر في رضى
فقال الشيخُ : هي الأيام ُ جيل ُ ُ يعلّم جيل
وعلى من تعلّم رد ُ الجميل!
فضحكت ُ ضحكة المغلوب ، وآهتي من كل حدب ٍ وصوب
فقال : مابِـك يابني ّ حزين ، أراك وقد بدا الهُم عليك يبين!
قلت : ياشيخي الجليل ماعاد العلم ُ للأدب ِ سبيل
اضحى المعلم ُ في هذا الوقت ِ مَقهُورا ،،وأمام الطالبِ مذموما ً مدحورا
فماعادَ جَبلا ً شامِخا ً ، ولاعَادَ باحترام ِ المجتمع راسِخَا ً !
فهو الآن كالآله ، ويحزنُ العاقلين مآله
يجترُّ ماحضّره كل صباح ، وأمام الصبية ذلّه مباح!
فمَا الإدارة إداره ، ولا الوِزارة وزارَه!
وإن تظلّم للمديرِ من طالب ، فهو المَغلوب لاغالب!
وإن تدخّلت وزارة ُ الملامه ، فمصيره لامحالة للندامه!
فقال الشيخ: وأين العَصا؟أليست لِمن عصى؟!
فقلت: ياشيخي الكبير ، قد رفعها بوجهِ المعلم : الصغير
ومايزيدُ الأمور مصيبه ، أن الوزير معيبَه
فلا الوزير العُبيد بأحسن من الوزير ِ الرشيد، بل إن حفر العبيد لقبور المعلمين يزيد!
تعاميمه القاسيه لم تبقي لكرامةِ المعلمينَ باقيه!
فقاطعني شيخي وقال : لاتكثر الحديثَ الهُزال!
فقلت ياشيخي الحّبِيب ، لتـَزورني في صُبح السبت القريب ، لأُريك حال المعلمين الصغار ، وهم
يطيعون الطلبة الكبار!
فسقطت دمعة ً من شيخي غاليه ، وقال : أجسادُكم بالتعليم باليه!
ولو أنني معكم لجننت ، وأحمدُ الله أنني بينكم ماكنت
ورنّ هاتفي النقّال ، ليقطع عنّي الخيال!