نُورُ ُ على نُور ..

[هدوء]

العيد هو المتهم الأول في هذه الدموع
إياكم أن يخبرني أحد أنه قرأ هنا



العيد الأول بدون محمد ابن العشر سنوات
محمد الذي دهسته سياره أمام عيني أمه الجميلة
محمد الذي احتضنه عمي وامتلأ بدمه
محمد الذي قتل الفرح في عيون رفاقه
محمد الذي استنجدت بي أمه بعد موته ولم أعرف كيف أغيث قلبها المكلوم
محمد الذي كان رجل يباهي برجولته عمي الموجوع
محمد الذي بكينا اليوم لأنه كان هنا في نفس المكان ونفس الزوايا لأنه أنشد لنا وأستلم هدايا العيد وضحك ليبكينا
محمد الذي نقص فريق الكوره بسببه
محمد الذي يسأل صديقه عنه
محمد الذي أحبه أنا ويحبه أبي ويحبه أخي
محمد الذي طلب مني في مثل هذا اليوم أن أناوله قهوه فضحكت كثيراً منه
محمد الذي كان جدي يحبه
محمد الذي كان الطفل الوحيد الذي يصطف مع الرجال للصلاة
محمد الذي لم نصدق بعد أنه لن يأتي
محمد الذي أبيضت عينا أمه من الفقد فأعادت لنا ذكريات قديمة جداً لفقد يشبه هذا
محمد الذي علمنا أن الموت لا يعرف العمر ولايحن الصغار
محمد الذي أحبه

 

[هدوء]

وخزات في قلبي الممتلئ تثيرني للكتابة ..

كل الذين بادروا بالعزاء كان لابد أن أفر عنهمـ , وكل الذين طبطبوا على كتفي يومها كان لابد أن أقف أمامهم بجبروت امرأة داخلها مكسور جداً
كان لابد أن أنزع أغطية أتقنت دور البطولة أمامي
كان لابد من كل هذا و حتى الذين أحببتهمـ جداً و تنفستهم لابد أن أُباعد بيني وبينهم كما باعد الله مابين المشرق و المغرب
كان لابد أن أخبر صديقتي التي لازمتني سنوات طويلة أني أعرف جيداً عبثهم
خلف ظهري وأني برغبتي و بحبي أُعينهم على رغباتهم التي شاركتهم بها الشياطين
لا تسأليني لماذا لم يتبق من أحلامي إلا أن يرفعني الله إليه و يقربني عنده ثم أشتكيهم إليه
سأسأله كل ليلة أن يرفعني إليه فأنا لست من هذه الدنيا و لا أرغبها

 

[هدوء]

و أحلمـ أني أنامـ قريرا ولكنَ عيني تأبى تنام






و أحلمـ أني استرحتُ كثيراً ونمت طويلاً وغنيت لحناً شجياً جميلاً وراقصت طفلاً برئياً صغيراً ونمت قريراً

ولكنَ عيني تأبى تنام
وطفلي حبيبي راح بعيداً
ولحني حزيناً وما عُدت أعرف صوتي الجميل
ومانِمتُ ياأُمي نوماً عميقاً
وما مر يوماً مُريح سعيد


فكيف أنام ؟
فكيف أنام وفي القلب ألفَ شظيه ؟

 

[هدوء]

حين نُسابق ساعاتنا ونتكئ على آمالنا و نبتسم لأصدقائنا
حين نلمح اللون الأبيض يكسو قلوبهم و شعرات رؤوسهم
حين نتلاشى حُزناً تحت الأغطية
حين نعتقد أنهم بجانبنا يسمعونا ويشعرون بكل ما حولنا
حين نتلون كما يشاء الفرح وكما ترغب الأُمنيات
حين نتنازل عن أُمنياتنا لأنها تُحبِطهم






/
\


إلى روحه

سنوات الطفولة المُشاكسة جداً
شعري الطويل و ضفيرتي التي لم أكن أرغبها
بُكائي عند أمي و ترديدي قُصيها يا أمي قصيها
ابتسامة أمي وشعر المرأة أجمل ما يُجملها يا ابنتي
سنوات الحُب الأولى
وجدي
و شغب الصغار
بيت الطين الذي أزوره برفقته
خوفي من المكان و حنينه للماضي
غرفة أبي , و نخيله
آبار جدي ومياهها العذبه
رعشة الإنتماء
و تجاعيد الزمن
عين .... عين ذباح الحباري
و قصائده البدوية
وهذا بيتي هنا كبر والدك وأخوته
هنا ماتت جدتك
هنا ربيتهم
هنا كانت "أمك الشيخه"
هنا رجالي
هنا كان يأتي الضيوف
هذا قصري
ضحكاتي الصغيرة وكيف قصرك من طين ؟


تعال يا عين ابنتك التي ما عادت كما وصفتها
تعال لأقول لك أني آمنت أن قصرك لم يكن يُشبهه قصر
وروحك لم تكن تشبهها روح
تعال لأقول لك أني لم أعد أزور بيتك الذي تحبه و لم يروي لي أحد بعدك قصة سنواتك الجميلة
تعال

 

[هدوء]

رجل ذكر .. مثل القطط تفكيره يتبع رغبته و لا يُنيخ رحله إلا في الوحل ,

رجل قذر .. تجد جسده مُلطخ بأعراض أصدقائه يُجيد الحديث في عورات النساء/ الناس و تتبعها و كلما أدار ظهره حرك لسانه

رجل ناقص .. يعتقد أنه في كامل رجولته حين يهز يد امرأة أو يضرب وجهها

رجل صامت .. يسكن داخله و لا يأذن للضيوف بالمجيء يعيش لنفسه ومن أجل نفسه

رجل أب .. يتحمل مسؤولية الجميع و يُعاقب نفسه حين يغفو عن أبنائه

رجل طفل .. يُطعمه الآخرون ويكسونه و يؤدبونه !

رجل صابر .. اختبره أقرب الناس , وابتلاه الزمن في نفسه وقلبه و جسده قوم اِنحنائه ثُم صبر ..

رجل رجل .. يدركـ أن الله يراه و يسمعه و يعلم سره و نجواه , أحسن لأمه وأبيه آمن أن كل امرأة أُخته و كُل الرجال يتكئون عليه و يقذفون همومهم بصدره و يعودون منه فارغين من الوجع , الهموم , الشجن
يسير على الطريق المُستقيم و كلما مالت به الدُنيا عاد بقوه رجل


/
\

 

[هدوء]

كبرنا يا أمي كُلنا كبرنا و امتلأت أوقاتنا و انشغلنا عنك
كبرنا يا أمي كلنا كبرنا و كبرت أحلامنا و أبعدتنا عنك
كبرنا يا أمي كلنا كبرنا و ظننا أننا نستطيع أن نواجه الحياة بشهاداتنا و علومنا و تجاربنا و نسينا أننا لا نستطيع السير بدونك و كل الطرق مُغلقة إلا طريقك
كبرنا يا أمي كُلنا كبرنا و أصغرنا رجل راشد و امرأة حكيمة
كبرنا يا أمي كلنا كبرنا بين دعواتك و صلواتك
كبرنا يا أمي كلنا كبرنا بفضل حليبك الذي سلبك القوة و أعطانا إياها
كبرنا يا أمي ونسينا لياليك فوق رؤوسنا و أسقامنا التي داويتِها و أوجاعنا التي عالجتِها , و نسينا تصديك لأخطار حفتنا و مقاعد الدراسة و دموع الصف الأول و تعلقنا بثيابك
نسينا يا أمي ..


/
\


عندما كبرنا يا أمي و كبرت أحلامنا و تضخمت آمالنا تفرعت طُرقنا خارج البلاد وداخلها و لم يكن من بين الطُرق طريقُ ُ إليك
فكيف يا أمي تحثينا على أن نلحق آمالنا و نترك طريقك الأجمل والأطهر و الأقرب لقلوبنا ؟
و لِم تحفينا بدعوات وصلت إلى رب العباد بأن يُحقق أمنياتنا التي أقصتنا عنك ؟
و لِم تسعين لنا و تتعبين لأجلنا و أحلامنا تُسيرنا إلى نقطة الـ لا اِلتقاء ؟

 

[هدوء]

كلما مالت عليكـ الدُنيا قومـ إعوجاجها ثُمـ استقمـ

 

[هدوء]

[1]
حينما تشعر أنك تحتاج إلى لوحة مفاتيح صادقة ثق تماماً أنك ستكتب ما لا ترغب
لأحد أن يقرأه
كُلنا نحتاج أن نكتب وأن نرسم وأن نُغني و أن نقرأ و أن نجري و أن نرقص
كلنا نحتاج إلى طريقة ما للتنفيس عن دواخلنا ..




[2]
و حينما ترغب في احتضان شخص لا تعرفه و التجرد أمامه من كل شيء إلا قلبك ثق تماماً أنك تُدرك جيداً حجم الخسائر التي ستخسرها حين تفعل هذا مع الذين تُحبهم
كلنا نحتاج إلى أصدقاء و آباء و أمهات و إخوة يعرفون جيداً ماذا تُخفي قلوبنا و يطوقونا بحبهم كل حين ..
كُلنا نحتاج إلى غُرباء لا يعرفون عنا إلا ما نُقدمه لهم ..



[3]
و حينما تعتقد أن بعضك الذي يُحبك يخونك في وجودك فتأكد أنك أنت لم تعد أنت
و لا بعضك بقي بعضكـ
كُلنا نحتاج إلى التخلص من أجزائنا التالفة مره واحده على الأقل سنوياً ..



[4]
و حينما تكتشف فجأة أن الذي كان عظيماً في قلبك و عينك و حواسك بات صغيراً
لدرجة انعدام رؤيته فتأكد أن سقوطه بسرعة البرق خير لقلبك و قلبه من انتزاعه برفق
كُلنا نحتاج إلى قوة و عزم لطرد الذين لا يستحقون قلوبنا مِنها






[5]
و فقط