[ سياحة في بيت ] للشاعر: جمال الشقصي . - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
البحيرة والنورس (الكاتـب : حمد الدوسري - مشاركات : 3513 - )           »          مَا لَمْ أقله لكـ (الكاتـب : محمد سلمان البلوي - آخر مشاركة : نويّر الحربي - مشاركات : 1978 - )           »          نبضٌ لايموت .. (الكاتـب : عفراء السويدي - مشاركات : 172 - )           »          نفثات مقدسة من أنحاء اخرى .. (الكاتـب : محمد الجهني - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 1 - )           »          [ فَضْفَضَة ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : ماجد العيد - مشاركات : 75161 - )           »          غُربة .. (الكاتـب : نوف مطير - آخر مشاركة : نوف الناصر - مشاركات : 14 - )           »          مُعْتَكَفْ .. (الكاتـب : نوف الناصر - مشاركات : 62 - )           »          اوراق مبعثرة!!! (الكاتـب : محمد علي الثوعي - مشاركات : 430 - )           »          لاَ مِسَاس ... ! (الكاتـب : جليله ماجد - مشاركات : 510 - )           »          مُتنفس .. شِعري ! (الكاتـب : سعيد الموسى - آخر مشاركة : نويّر الحربي - مشاركات : 786 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النقد

أبعاد النقد لاقْتِفَاءِ لُغَتِهِمْ حَذْوَ الْحَرْفِ بِالْحَرْفْ .

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 03-22-2010, 11:53 AM   #1
إبراهيم الشتوي
( أديب )

افتراضي [ سياحة في بيت ] للشاعر: جمال الشقصي .


الجميل جمال الشقصي شاعر رحب الفكر واسع الخيال شاسع البنيات الأسلوبية ،واعي في عملية البناء الشعري ، يربط النص بأربطة عضوية لا انفصام لها ، شكلاً ومضموناً أسلوباً وموضعاً ، ومن خلال نص (التأبين! ) اخترت بيت عميق أنيق الرؤية والرؤيا ، فيعتبر العنوان جزء فاعل ومسهم في بنية النص دلالياً ولغوياً ، فالشاعر هنا وعبر أسلوبية التعبير والبناء يستلهم الخيال ليعطي لشعرية الغموض بعدا جمالياً أخاذ ، من خلال طاقة المعنى الدلالية والتي لها ارتباطاً عضويا انتقائيا مركزاً ، فالتَّأْبِينُ هو رثاء الميت والثناء عليه ، وهنا يرثي الشاعر نفسه ، ليعطي صورة كلية عن فضاءات النص وما يحتوية من رؤى ودلالات ، تضج بالحركة والصيرورة والألق يقول الماهر الباهر جمال الشقصي :
أباخرج من ثياب الناسك المتواضع المسكيـن
أباعتق يا رماد الأرض/ أرضي من رماد الكل!
أتى المشهد الشعري هنا على لسان الشاعر السارد في لوحتين متداخلتين في لوحة واحدة ابتدأ بصيغة الفعل ( أبخرج / أباعتق ) كالدلالة على ردة الفعل القوية والصدمة النفسية لذلك العالم المظلم الظالم ، فخضعت هذه المفارقات باتجاه تأسيس بنية مكانية لتسكب الحالة النفسية تياراتها في قلب ذلك المكان ، فالخروج هنا هروب مكاني زماني يمثل البعد الخارجي الجسدي من الداخلي النفسي لتستقر الدلالة عند الصفات الناسك المتواضع المسكين ، ليغادر من خلالها فضاءات الوعي الواقعي ،وليحقق معادل وجودي متوازن مع الذات المسلوبة والحالة النفسية باختزال شديد لمضمون لجرح مكتمل لم يندمل .
ثم يأتي الشطر الثاني :
أباعتق يا رماد الأرض/ أرضي من رماد الكل!
ليمثل هذا الشطر نصاً كاملاً بحد ذاته ؛ لتوفر شروط النص وهي الوحدة الدلالية والمعنوية واكتفائه بذاته فكرة ومعنى ، فأتى هذا الشطر ليؤطر صيغة مكانية مستحدثة عبر الانزياح والانحراف اللغوي ، والذي أتى بتقنية المونتاج الشعري / فلمنه المكان ، مثبتا الصورة المكانية ( الأرض ) من كمرة ذاته الساردة لينقلنا لتضاريس وعرة عبر طرقاته السير ذاتيه التي لم تكن هي أقل وعورة من تضاريس عالمه الخارجي ، فــ على الرغم من اتساع البعد ألزماني لهذه اللقطة ، إلا أن المبدع جمال استطاع أن يكثفها ويختزلها من خلال شطر ، جاعلاً لها حقلاً بلاغياً متشابك اللفظ والدلالة ، فالإعتاق هنا صراع بين الداخل / الذات ، الخارج / المجتمع لينجز منجزه بفك قيد الاستلاب نحو فضاءات الحرية الشخصية المنبثق من دائرة الفعل الشخصي المحض ( أعتق ) ، فاستطاع الشاعر الجميل جمال بأنسنه ( الرماد ) من خلال إضافته لياء النداء ، مازجا المكاني بالزماني والحسي بالمعنوي والمفرد با لجمع ، لنحظى بمغامرة جمالية متفردة ومغردة بالحزن الدفين الشجي ، جاعلا من تقنية التكرار ( الأرض و الرماد ) بؤرة دلالية تتصل بالعنوان ( التأبين ) معنويا وحسيا ، فالرماد هنا نتيجة لاحتراق / تراكم الضغط النفسي ، الناتج عن كل ما هو سوداوي حقود والأرض الأولى تمثل الحياة والثانية تمثل الذات ، فنحن هنا أمام أرضين الأولى تحت الثانية مكانيا والثانية فوق الأولى حسيا وزمانيا، لتهب له وهج الحياة ومنهج الحبور كذلك رما دين ، الأولى رماد الحياة وإرهاصاتها كتأثير خارجي والثانية تراكمات المجتمع المؤثر فيه كتأثير ذاتي ، جاعلا جدلية النص بين أقصى مكاني وأقصى زماني ينطوي على حتمية الاستمرار والاستقرار ، ثم نأتي لقفلة الشطر ( الكل ) والتي انشطرت من خلالها تلك الحمم البركانية المنصهرة داخل الذات كعمر نفسي طويل ، فـ (الكل )هنا أحدثت مفاجأة شعرية أخرى لتشغل منطقة الشاعر وتحدد المصير ، وتقيد التقصير الناتج من الآخر ، فأتى هذا البيت مدهشا من خلال التناسق التشكيلي والتنامي الدرامي المتميز بالتكثيف والمشحون بالصورة الشعرية الدقيقة الالتقاط والإسقاط .

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الآن كتاب " مسارب ضوء البدر" في مكتبة : جرير-العبيكان-الشقري - الوطنية .
twitter:@ibrahim_alshtwi

http://www.facebook.com/MsarbAlbdr


التعديل الأخير تم بواسطة سعود المتعب ; 03-22-2010 الساعة 04:36 PM.

إبراهيم الشتوي غير متصل   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:16 AM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.