لنبدأ أولاً بنظرة الأسلام عن الشعر ......
الشعراء يتبعهم الغاوون ...
ويقول الرسول عليه الصلاة والسلام
إن من البيان لسحرا
وفي حادثه أخرى نعت قتيلة بنت الحارث أخاها النضر وعاتبت رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتله شعراً فلما سمعها الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «لو بلغني هذا قبل قتله لمننت عليه».
وقال لحسان بن ثابت: «أهجهم ،أو هاجهم، وجبريل معك ..». فو الله لهجاؤك أشد عليهم من وقع السهام في غلس الظلام».
فكان أول بيتٍ نطقه
عدمنا خيلنا إن لم تروها
............................... تثير النقع موعدها كداء
وقد قال الرسول : ( إنما الشعر كلام مؤلف ، فما وافق الحق فهو حسن ، وما لم يوافق الحق منه فلا خير فيه )
كل ما قد سبق هي نظره عامه عن الشعر وكيفية تعامل الرسول معه .
ثم لنأتي إلى مسألة فصل الدين عن الشعر
ودعيني أشبهها هنا بالأغاني وطريقة تسويقها وعرضها , فمثلاً المغني صاحب الصوت الجميل والأداء الرائع يستطيع تسويق أغنيته بوساطة أداءه الجميل وصوته الشجي , بينما المغني السئ لا يملك هذه المقومات فيقوم بتسويقها بإضافة الكثير من العري عبر الفيديو كليب لجذب فئه معينه من الجمهور .
كذلك حال الشعر فـ الشاعر يحتاج لتسويق قصيدته
إما ببلاغته وقوّته الشعريه أو بالخروج عن المألوف....
فقبل هذه المرحله لجأ الشاعر الضعيف للإحتماء بـ الفخر وتمجيد فئه معينه كـ قبيلته مما أعطاه جمهور مؤقت وشهره مؤقته لا تحتفظ ذاكرة الشعر منها بشئ .
بعد هذه المرحله أصبح الجمهور أكثر وعياً , وأصبح يتعامل مع النص بمقاييس أعلى وبرؤى أخرى , فأنحسرت فئة (المهايطيه) وغاب عنها الوهج المصطنع ولم تحفظ لنا ذاكرة الشعر من تلك المرحله سوى النصوص والشعراء الذين أستحقوا البقاء.
إذاً لابد من صنع الضوء مره أخرى لتغطية ضعف المعنى , هنا إتجه قلّه لأدراج الجنس والأيحاء الجنسي في نصوصهم , فالمعروف أن الممنوع مرغوب حتى لو كان خروج عن عباءة الدين أو العادات والتقاليد فالمهم هو الضوء .
حتى هذه الفئه لم تستطع الصمود كثيراً بل لم تمنح فتره كافيه من الجمهور فكان ظهورها سريعاً وغيابها أسرع .
نأتي للفئه التي لم تستطع التعامل مع نصوصها عبر موروثها الثقافي ولم تستطع بلورة هذا الموروث وتحديث مفرداته لما يخدمها فكرياً , فأصبحت ضائعه فكرياً وغير متزنه وتحمل رؤى ضبابيه عن ما يريده الجمهور من فكر , أنغمست هذه الفئه في الأدب اليوناني وفلسفته وطريقة منظريه من مدينتهم الفاضله مروراً بحقبه تاريخيه مليئه بالفوضى والتناحر بين الدين والثقافه بشكل عام حتى نصل لمرحلة فصل الدين عن الدوله والتي بشكل أخر فصلت الفكر عن قيود الدين , ولأن المسيحيه محرفه وبها الكثير من التزوير فمن الطبيعي أن يرفضها العقل ....
أصحابنا عادلوا المسيحيه بالأسلام , متناسين أن هذا الدين لم يمسسه التحريف والتزوير لذلك هو يوافق العقل والمنطق .
لم يستطيعوا التوقف عند هذه النقطه للعبره , بل إنطلقوا لأمهات الكتب الفلسفيه يستخرجون منها ما لذ لهم وطاب من إنحرافات ليضعوها في قالب النص الشعبي ويصدحوا بها في أزقة هذه الساحه كـ تيار تجديدي , بل أن البعض منهم لم يقم سوى بترجمة نصوص شعريه من لغات أخرى ليضعها في قالب الشعر النبطي متبنياً أفكار هو أصلاً لم يفهمها بشكلها الكامل .
الشعر .... قيود
من أراد التحرر منها فليتحرر ولكن لن يكون شاعر بقدر ما سيكون مهرج
فعندما أعطي أي شخص موضوع محدد ليتحدث عنه سنجد أن البعض لايمتلك أدوات أدبيه للحديث وسيبقى البعض الأخر يستطيع فأذا أخذنا هذا البعض المتبقي وقيّدناه بجرس موسيقي لحديثه وهو (الوزن) سنجد الكثير من هذا البعض يتراجع ليبقى البعض من البعض , فإذا زدنا على ذلك قيد أخر وهو (القافيه) ستنحصر الخيارات ويبقى القليل فقط من يستطيع أن يستوفي جميع هذه الشروط ويستطيع أن يحبس نفسه داخل هذه القيود .... ثم نأتي لما سيميز بين هؤلاء وهو ( المعنى) وهنا تبدأ نهاية من لايملك الفكر القادر على سكب المعنى داخل هذا القالب من القيود المفروضه.