ميتون - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
الهبوب الصلف (الكاتـب : عادل الدوسري - آخر مشاركة : سعيد الموسى - مشاركات : 1 - )           »          بدر المطر (الكاتـب : وليد بن مانع - آخر مشاركة : سعيد الموسى - مشاركات : 4 - )           »          لا ترقى لمستوى الحدث! (الكاتـب : محمد علي الثوعي - آخر مشاركة : سعيد الموسى - مشاركات : 3 - )           »          حبيت أقول....... (الكاتـب : سليمان عباس - آخر مشاركة : سعيد الموسى - مشاركات : 6106 - )           »          اوراق مبعثرة!!! (الكاتـب : محمد علي الثوعي - مشاركات : 434 - )           »          مُعْتَكَفْ .. (الكاتـب : نوف الناصر - مشاركات : 63 - )           »          سقيا الحنايا من كؤوس المحابر (الكاتـب : سيرين - مشاركات : 7437 - )           »          [ فَضْفَضَة ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 75171 - )           »          [ بكائية ] في فقد البدر .. (الكاتـب : خالد صالح الحربي - آخر مشاركة : صالح العرجان - مشاركات : 13 - )           »          نَافِذه ! (الكاتـب : سعيد الموسى - مشاركات : 231 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النثر الأدبي > أبعاد القصة والرواية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-03-2011, 01:17 PM   #1
محمد الكحلاني
( كاتب ومصمم )

الصورة الرمزية محمد الكحلاني

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 15

محمد الكحلاني غير متواجد حاليا

افتراضي ميتون



ميتون
( إن كنت على قيد الحياة، توقف هنا .. رجاءا)

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

قطّع ليله الأرق، فرسم أمنياته لوحات فاخرة تزين جدران حجرته الملكية، شعر بجبروت فكره وسطوة إبداعه على سائر أحاسيسه وجسده، تلّفت إلى المكان من حوله، عيناه مليئتان بأطياف الرضا، سعيد ببنائه عالماً خاصاً به، عاد إلى سريره وجلس وفي يده فنجان قهوة مرّة سوداء، هكذا يحب تناولها، يستنشق مرارتها بهدوء، ثم يخرجها أضعافاً كثيرة، قهوته جزء أساسي من طقوس يحييها كل ليلة برفقة حلم خالد يتبعه بصمت.


ذات ليلة بدرية، لفتت انتباهه زاوية الحجرة، فقد احتوت على أشياء لم تكن ضمن أمنياته، ليست على طريقته، لم تجارِ مشيئته الأبدية في حجرته، انزعج، تحرك إليها وفي يده فنجان قهوته المرّة السوداء، إنها طاولة يزين صدرها قلم بسيط، وشمعة ذائبة، ودفتر غاب بريقه وسكنت أوراقه الذكرى، وفي باطن الطاولة العتيقة عبق سنوات من الصبر والانتظار، ملامح الكآبة بارزة على وجه الطاولة، درجها مفتوح إلى أقصاه وباتجاه الأرض، محبط بفعل محيطه، لطالما غير العالم المحيط خوالج البشر، آمال الشمعة خافته، والدفتر أصابه السكون.


وضع فنجانه على الطاولة، وبدأ يحرك الأشياء ويبتسم بثقة عميقة، ثقة تخون مشاعره أحيانا .. وأحيان أخرى تقتلها، حدّق في رأس القلم، "حدثني عن حياتك أيها القلم" قالها بنبرة الباحث عن الحقيقة التي يريدها كيف يشاء، تحرّك القلم بخوف وخجل وبدأ برسم الحروف، ألف ونون ثم ألف، فاندهش وامسك بالقلم، "(أنـا)!؟ .. أنت، ماذا !؟"، أعاد القلم إلى مكانه الأزلي، محاط بأكوام الأتربة ذاتها، " أكمل حديثك .. " فلم يتحرك! جمد في مكانه كجثة هامدة، عاد إلى دوره المحدد في الحياة، لم يتغير، ولن يتغير، وكم تجمُد الأقلام إن عنّفت، فهي مرهفة برغم صراحتها وجرأتها.


ظل يفكر بما حدث، "إنه وهم"، يدحرج القلم إلى حافة الطاولة، أحس باستجدائه، لكنه أسقطه، اهتزت الطاولة، سمع لها أزيزاً يصدر من أعماقها، "هل يعقل هذا ؟"، وضع رأسه على صدر الطاولة في محاولة منه لسماعها، وأمام عينيه تلك الشمعة الوحيدة، بنورها الخافت، تصنع حياة متواضعة لا تتجاوز حدود الطبق الذي يحملها، الطبق ذاته الذي يجمع تضحيات تبذلها لمن تحب، ومن لا تحب! شعر وكأنها تنبض وفي نبضها تتوالى صور من الماضي، صور تتغير مع كل إيماءة تصدرها الشمعة، وتوالت الصور حتى غرق في النوم.


تحركت الأشياء من حوله، بدأ القلم يكتب على أرض الحجرة أسراراً أخفاها عن الجميع، "إلى أحبتي ... "، هي وصية أو رسالة، وإناء الشمعة تزحزح ليضيء صفحات الدفتر، إنها تعويذة يخبؤها الدفتر لهذا اليوم، يوم صبروا من أجله طيلة سنوات عجاف، ولكن .. كلما بدؤوا في قراءة التعويذة، انبعثت نسمات مجهولة، تحرك الشمعة وتحاول إطفاءها، يحاولون محاربتها .. إلا أن الوهن اعتراهم كما اعترى الهرم قصص أمجادهم، إنها حرب إذاً .. هكذا رأتها تضحياتهم، ولكنها حرب مريبة وغريبة الأطراف، طرف خامل، وآخر غامض، وثالث هائج !

وبعد أيام من الاستماتة، خرجت دودة صغيرة من جسد الرجل، أرغمت الجميع على السكون، بدأت تتلوى وتتمشى بهدوء حتى وصلت إلى دفتر لطخ بدماء لا يعرف مصدرها، يعيش في ظلمة حالكة، وبرد قارص، هدوء تام، لا نسمات، لا طقوس، لا رائحة للقهوة، لا شيء .. بدأت تأكل الدودة تلك الأوراق الثمينة، تأخذ قسطاً من الراحة لتهضمها، ثم تعاود دورها القديم، تقدمت .. حتى وصلت إلى آخر التعويذة ( ... إنهم ميتون )!

 

التوقيع

محمد الكحلاني غير متصل   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:06 AM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.