قردة وخنازير (رواية) - الصفحة 4 - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
(( أبْــيَات لَيْسَ لَهَــا بَيــْت ...!! )) (الكاتـب : زايد الشليمي - مشاركات : 13 - )           »          فلسفة قلم .. بأقلامكم (الكاتـب : سيرين - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 3845 - )           »          غياب القناديل (الكاتـب : أحمد عبدالله المعمري - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 3 - )           »          تخيل ( (الكاتـب : يوسف الذيابي - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 428 - )           »          [ فَضْفَضَة ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 75147 - )           »          ورّاق الشعر [ تفعيلة ] (الكاتـب : نوف الناصر - مشاركات : 5 - )           »          بُعدٌ جديد ! (الكاتـب : زكيّة سلمان - مشاركات : 1 - )           »          عَـيني دَواةُ الحـرفِ (الكاتـب : حسن زكريا اليوسف - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 4 - )           »          " قلطة " : اقلطوا .. (الكاتـب : خالد صالح الحربي - مشاركات : 94 - )           »          اوراق مبعثرة!!! (الكاتـب : محمد علي الثوعي - مشاركات : 423 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النثر الأدبي

أبعاد النثر الأدبي بِالْلُغَةِ ، لا يُتَرْجِمُ أرْوَاحُنَا سِوَانَا .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-04-2019, 01:50 PM   #25
عمرو مصطفى
( كاتب )

الصورة الرمزية عمرو مصطفى

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 2618

عمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


(6)

أطلال حزينة سوداء تتصاعد منها الأدخنة كالزفرات الحارة..
هذا هو ما تبقى من كوخك يا حسن ..
ليلى لم تدر ما تقول أو تفعل.. تراجعت للخلف خشية تهور العجوز الذي وقف يحدق في الكوخ ذاهلاً.. يرفع بندقيته ثم يخفضها.. يدور حول نفسه.. تدور الأرض من حوله.. راح كوخه.. راحت كتبه..
ألقى البندقية وارتمي في أحضان الأطلال الباقية.. مرغ وجهه في الرماد الحار.. ثم قام وقد تحول وجهه إلى كتلة غضب سوداء مبهمة الملامح وفي وسطها جذوتين من لهب مستعر ..
هل كان كل ذلك يستحق؟..
سمع النشيج من خلفه فاستدار إليها ببطء.. هالها منظره المخيف فوضعت كفها على فمها لتكتم بكائها..
لم يقل لها سوى عبارة واحدة مقتضبة:
ـ لم يبق لي غيرك يا ليلى..
انسابت الدموع الحارة على خديها وهي تردد :
ـ أنا التي جلبت الوبال على رأسك..
التقط البندقية ووضعها على كتفه ثم اتجه للسيارة قائلاً :
ـ بل هم الذين جلبوا الوبال على رؤوسهم..
ركبت بجواره وجلسا صامتين لبرهة.. ثم مدت كفها بحذر وحاولت أن تمسح الرماد الأسود عن وجهه .. سألها بصوت مشروخ:
ـ تعرفين كيف نجدهم؟
مسحت دموعها هي فلطخت وجهها بالهباب.. قالت :
ـ إنه وكر يعج باللصوص.. هذا يعني أن مصيرنا لن يختلف كثيراً عن مصير الكوخ..
ـ دليني فقط على الطريق..
قالت باستسلام :
ـ اتجه شمالاً..

***

مشهد الغروب الحزين يغلف الصحراء المترامية خلف وكر دان..
على مقربة من أكوام الخردة والمسروقات التي تحيط بالكوخ، قام الرجال بإشعال النار والجلوس حولها استعداداً لبرد الليل القارص، فجو الصحراء المتقلب يريك فصول السنة الأربعة على مدار اليوم والليلة..
دان في غرفته الخاصة في قلب الوكر يستمتع بفحص شرائحه الذكية.. إنهم لا يحتاجون لمثل هذه الأشياء هنا في الصحراء، لكنه أقنع رجاله بأن الأمر بالنسبة إليه أشبه بهواية جمع الطوابع النادرة والغالية، ولقد دفع ثمن هذه الكذبة حينما أغرت لوسي بسرقة بعض هذه الشرائح والفرار من قبضته طمعاً في بيعها لأحدهم..
لكن الحقيقة هنا إنه يجمع من خلال تلك الشرائح تاريخ مئات البشر، لديه سجل كامل لحياتهم، يمكنه عن طريق جهاز معقد صغير سرقه من إحدى الوحدات الشرطية أن يسرد كل تفاصيل أصحاب تلك الشرائح. بعض التفاصيل تكون خاصة جداً، لذا كانت تلك هي متعته الخاصة حينما يدخل الليل..
يقرر أن يمارس دور النخبة الأممية حينما تحصي أنفاس البشر وتتجسس على أدق تفاصيل حياتهم..
تلك الشريحة كانت مع أم ربيبته لوسي.. مازال يذكر ذلك اليوم جيداً.. كانت تدعى ليلى.. لقد حصل على تذكاره الخاص منها وهي تجود بأنفاسها تحت وطأة الحمى.. عرف قصتها كاملة من شرائحها الذكية، وقرر أن يسدي لها معروفاً في ابنتها الرضيعة.. سيجعل منها لصة محترفة.. وسيسميها لوسي كذلك على اسم فتاته التي ماتت بالسلالي العام الفائت.. لكنه لم يستوعب أن الدماء التي تجري في عروقها دماء إسماعيلية وأنها ستخونه مع أول إسماعيلي تقابله..
صب لنفسه كوب من الديسكافيه.. ذلك المشروب السحري الذي يسرقه بانتظام من مقاطعات الشريحة جـ.. وجلس يتسلى بمشاهدة ما تبثه الشرائح المتنوعة من معلومات وصور ومشاهد ثلاثية الأبعاد.. هذا حريق ضخم في مكان ما.. يبدو أن صاحب تلك الشريحة كان يعمل في فرق الإطفاء.. هناك مشاهد نيران وأدخنة وجثث متفحمة.. خيل إليه كأن الأدخنة غادرت إطار الصورة المبثوثة وبدأت تنتشر في أرجاء الغرفة.. وحينما سمع صوت الانفجارات خيل إليه أنها تدوي من حوله بالفعل لكنه عزى ذلك للجودة العالية لذلك الفيديو الذي يشاهده..
لكن هل تصل جودة الفيديو إلى حد يجعله يشم بالفعل رائحة شياط ..
هنا انتفض قائماً وجرى ناحية الباب.. لكن لم يكد يضع يده على المقبض حتى أطلق صرخة مدوية، وتراجع وهو يرفع كفه أمام عينيه المتسعتين.. كان هناك حرق بشع في راحته بحجم مقبض الباب..
صرخ :
ـ إلي يا رجال !
لكن انفجار مروع أطاح بالباب، واندلع عبره لسان من نار لفح وجهه فارتد للوراء وهو يصرخ مدارياً وجهه بساعديه..

***

بالخارج اكتشف الرجال الجالسين الكارثة مبكراً..
وحينما هرولوا بدلاء الماء ناحية ألسنة اللهب التي اندلعت بين أكوام الخردة أطاح بهم أول انفجار..
بعدها توالت الانفجارات وتحول الوكر في ثوان إلى قطعة من اللهب..
ومن بعيد جلست ليلى داخل سيارة حسن ترقب المشهد وقلبها يخفق بقوة.. ثم فجأة شعرت بأحدهم يقفز بجوارها على مقعد القيادة فكاد قلبها يطير..
ـ لقد انتهيت..
قالها حسن بهدوء شديد، ثم جلس معها يراقب المشهد المهيب.. الانفجارات ما زالت تدوي حيناً بعد حين.. ومع كل انفجار تتألق عينا حسن بنشوة ظافرة..
قالت ليلى بأنفاس مبهورة ووهج النيران ينعكس على قسمات وجهها:
ـ أنت فعلت كل هذا وحدك!
قال حسن بعين لا تطرف:
ـ العين بالعين..
ثم أردف:
ـ هناك مثل يقول: من كان بيته من زجاج فلا يقذف الناس بالطوب.. لقد أحرق دان كوخي ونسي أن مخزنه قنبلة موقوتة.. إنه مليء بالوقود وأسطوانات الغاز وغيرها.. وأنا مازالت خبراتي السابقة تلح علي.. كنا قادرين على إحداث دمار شامل بأشياء لا يمكن تصورها.. أشعر أنني عدت للوراء أكثر من ربع قرن..
هنا لمحا سوياً تلك السيارة التي انبثقت فجأة من قلب الجحيم.. واندفعت بكل سرعتها في قلب الصحراء.. كان بداخلها رجل واحد..
صاحت ليلى :
ـ هذا هو دان..
أصر حسن على أسنانه وهو ينطلق خلف سيارة الأول كالسهم ..
ـ تشرفنا!
سألته في لوعة :
ـ ماذا ستفعل معه؟
قال بتلقائية وهو يدير المقود:
ـ سأقتله..
في نفس الوقت كان دان ينظر لهما عبر مرآة سيارته ..
ـ لوسي و الإسماعيلي العجوز!..
و ضرب على المقود بيديه مردفاً في غل:
ـ ليكن.. هيا.. تعالوا.. تعالوا خلفي..
بالرغم من دمار وكره، ومصرع رجاله، والحروق التي طالت وجهه وذراعيه، إلا أنه كان سعيداً لأنه استطاع إنقاذ شرائحه الأثيرة.. كل شيء يمكن تعويضه إلا الشرائح..
زاد من سرعته موغلاً في قلب الصحراء، ومن خلفه سيارة حسن المكشوفة.. يشقان الصحراء الناعمة في خطين متتابعين.. ثم التحم الخطان ليصرا واحدا.. وصارت المسافة بينهما تتضاءل.. وتتضاءل..
ـ تعالي إلي يا لوسي الساقطة أنت وحبيبك المومياء..
قالها دان و ضغط على الفرامل فجأة لكي تصطدم به سيارة حسن..
لكن الأخير أدار المقود بسرعة لتنحرف سيارته في اللحظة الأخيرة وتتفادى الارتطام القاتل.. صرخت لوسي بينما تناثرت الرمال على شكل دوامة وعربة حسن تدور حول نفسها.. وحينما نجح في السيطرة عليها كان دان قد انطلق بسيارته ثانية وهو يقهقه..
ترك حسن المقود لليلى وشهر بندقيته باتجاه سيارة دان..
ضغط الزناد وهو يتمنى أن يفعلها بهذا الوضع الحرج، لكن طلقاته طاشت كلها بعيداً عن جسم السيارة.. لابد أن يعترف لنفسه : أنه لم يعد كما كان.. التصويب من سيارة مسرعة فوق الرمال الغير ممهدة.. تلك كانت لعبته الأثيرة أيام خدمته في الجيش.. أما اليوم فهو بحاجة لأرض ثابتة ليقاتل عليها.. أما اليوم، فهو في معركة حقيقية وليس في تدريب..
تهتز السيارة.. ترتفع وتنخفض.. الأيام الخوالي تتراءى لناظريه.. فيختل توازنه.. وفي أخر لحظة يتماسك قبل أن يسقط من العربة المسرعة..
ليلى تتضرع إليه كي يجلس، فيلتفت إليها هاتفاً بحرقة :
ـ لقد أحرق منزلي يا ليلى.. ذلك اليهودي أحرق منزلي.. لماذا لا تفهمين؟
انكمشت في مقعدها وهي تنظر له في رهبة.. لقد بدا لها للحظة وكأنه يناضل من أجل شيء أخر أكبر من كوخه.. ربما أكبر من تلك الصحراء المترامية أمامها..
كأن هناك ثأر موغل في القدم بينه وبين دان الذي واصل الانطلاق بسيارته وهو يترنم بانتشاء :
ـ هافا ناجيلا.. هافا ناجيلا.. هافا ناجيلا فينسماخا..
( لنفرح.. لنفرح.. لنفرح ونسعد )
ومن بعيد تبدت أمامه تلك الأسوار المحاطة بالأسلاك والأبراج، فتألقت عيناه متمتماً في جذل:
ـ وصلنا إلى بر الأمان..
وواصل الترنم بصوت أعلى وهو يهتز بنشوة :
ـ هافا نرنينا.. هافا نرنينا..
( لنغني.. لنغني )
انعقد حاجبي حسن حينما لمح المشهد..
ـ هذه قاعدة عسكرية ..
عقبت ليلى :
ـ إنها كذلك.. دان له علاقات وطيدة معهم.. ولاشك أنه سيلجأ إليهم لحمايته..
ثم نظرت له في قلق وأردفت:
ـ إنها نهاية الرحلة بالنسبة إلينا..
نظر لسيارة دان وهي تواصل الانطلاق باتجاه القاعدة وشعر أن عقله قد توقف عن العمل..
هافا نرنينا فينسماخا..
تمتم من بين أسنانه :
ـ النخبة.. لطالما حالت بيننا وبينهم..
سألته ليلى بغباء:
ـ بينكم وبين من؟..
التفت إليها صائحاً :
ـ اتركي لي القيادة..
عورو.. عورو..
( استفيقوا .. استفيقوا..)
صاحت:
ـ لقد اقتربنا أكثر من اللازم..
تجاهل حسن صياحها وهو يركز على سيارة دان، التي أخرج منها الأخير كفه براية تبدو وكأنها شارة متفق عليها بينه وبين حراس الأبراج؛ كي يسمحوا له بالعبور..
لكنهم طبعاً سينسفون أي ذبابة تفكر في العبور خلفه..
عورو.. عورو
عورو أخيم بِلِف سَمِيّاخ..
( استفيقوا يا إخوان بقلب سعيد )
عورو أخيم بِلِف سَمِيّاخ..
عورو أخيم بلف سمياخ ..
عورو أخيم..
عورو أخيم..
عورو أخيم..
بلف سمياااااااااااخ..................

***

فجأة ظهر أمامه ذلك الجمل الشارد ..
وبتلقائية أدار دان المقود وهو يطلق السباب..
ومن بعيد كان المشهد بالنسبة لحسن ولوسي خرافياً..
سيارة دان انحرفت فجأة وهي بأقصى سرعتها، لتتفادي الارتطام بسفينة الصحراء.. فانقلبت عدة مرات متتالية قبل أن تزحف مسافة لا بأس بها وسط عاصفة من الرمال..
وتوقفت أخيراً بعد أن تحولت إلى كتلة معدنية مبهمة الملامح..
بينما واصل الجمل طريقه بلا مبالاة وكأنه لم يصنع شيئا..
وحينما وصل حسن إلى موضع الحادث، أوقف السيارة وقفز منها متجهاً ناحية سيارة دان المعجونة ليشفي منه غليله.. اتجه إلى موضع كابينة القيادة وانتزع بابها وألقاه جانباً، ثم مد يده ليمسك بتلابيب دان ويجذبه خارجاً ..
كان دان حياً وإن كانت جراحه تقول أنه لن يستمر كذلك طويلاً..
هناك جرح قطعي في البطن تتدلى عبرها أمعائه بالإضافة للدماء التي كانت تغرق وجهه المحطم.. تقلصت قبضة حسن وهو يتردد في سحق ما بقي من عظامه.. ثم ترك جسده على الرمال وتراجع بظهره للخلف..
سمع شهقة ليلى من خلفه ففهم أنها رأت المشهد البشع ..
ـ لوسي.
كانت هذه من دان وهو يرنوا إلى ما وراء كتف حسن.. حيث وقفت لوسي واضعه كفها على فمها ودموعها تنساب في صمت..
ـ ساعدني يا لوسي.. أنا الذي ربيتك..
قال له حسن :
ـ جرحك قاتل.. لا يستطيع أحد مساعدتك.
حاول دان أن يرفع طرفه ليري ما حل ببدنه ثم تأوه وسقط رأسه للخلف..
ـ أدن مني أيها الإسماعيلي..
تقدم منه حسن ومال على صدره ليسمع ما يريد قوله.. كانت شفته ترتجف وصوته يزداد ضعفاً فبدا أقرب للهمهمة ..
ـ أطلق علي رصاصة الرحمة.
هز حسن رأسه ببطء وقال :
ـ وما يدريك أنها سترحمك؟
ظهر الرعب على وجه دان الدامي وهو يهمس :
ـ لا تتركني أتعذب طويلاً.. أرجوك.
رمقه حسن بنظرة طويلة ساهمة.. ثم مال على أذنه وقال شيئاً..
أصغى إليه دان وصدره يقعقع.. بعدها لانت ملامحه تدريجياً وبدا وكأنه يحاول جاهداً تحريك شفتيه ليقول شيئاً بدوره..
ليلى لم تفهم ما يدور هناك لكنها لم تجرؤ على الاقتراب..
وأخيراً نهض حسن وهو ينفض كفيه.. التفت لليلى فرأت على وجهه التأثر..
ـ مات؟
أومأ لها برأسه إيجاباً، واتجه ناحية سيارته..
لكن فجأة ثارت عاصفة من الرمال حجبت عنهما الرؤية.. وسمعا صوت هدير فوق رأسيهما مباشرة.. لقد حركت القاعدة العسكرية إحدى حواماتها من أجلهم..
كان هناك جندي يصوب بندقية آلية إليهم، وصوت يتردد عبر مكبر صوت يطلب منهم عدم الحركة..
رفع حسن كفيه مستسلماً وهو يغمض عينيه كي لا تؤذيهما الرمال.. قال لنفسه وهو يسمع وقع أقدام الجنود :
ـ بعد كل هذه السنوات يا حسن.. تعود إليهم برجليك..

***

 

التوقيع

" تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
أنَّ سيفانِ سيفَكَ..
صوتانِ صوتَكَ
أنك إن متَّ:
للبيت ربٌّ
وللطفل أبْ
هل يصير دمي بين عينيك ماءً؟
أتنسى ردائي الملطَّخَة ..
تلبس فوق دمائي ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟
إنها الحربُ!
قد تثقل القلبَ..
لكن خلفك عار العرب
لا تصالحْ..
ولا تتوخَّ الهرب!"

( أمل دنقل)

عمرو مصطفى غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 07-11-2019, 03:29 PM   #26
عمرو مصطفى
( كاتب )

الصورة الرمزية عمرو مصطفى

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 2618

عمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


(7)

احتجزوهم في حجرة صغيرة بلا نوافذ أو مقاعد..
طرحوهم أرضاً على وجوههم وقاموا بتقييد أيديهم وأرجلهم..
حينما رفع حسن طرفه بحذر رأى معهم بالغرفة ثلاثة جنود مدججين بالسلاح، كانوا ينظرون إليهما بلا مبالاة..
ترى هل سيحاكمونهما بتهمة الاقتراب من نطاق قاعدة عسكرية؟ أم سيتهمونهما بقتل صديقهم دان ؟..
بالنسبة لحسن كان هناك احتمال ثالث وهو أن يكتشف أحدهم ماضيه وتتم محاكمته محاكمة عسكرية..
بعد قليل سمعوا صوت خطوات ثقيلة تنم عن ثقل ظل صاحبها.. ثم ظهر ضابطاً برتبه، له ملامح أجنبية لوحتها الشمس ويضع على عينيه منظار داكن ويبتسم في لزوجه.. أحضر له أحد الجنود مقعد معدني صغير، فقربه من حسن وليلى وجلس عليه بالعكس..
ـ لوسي.. لقد تغيرت كثيراً.. لم أعرفك في البداية .. النظافة أفقدتك الكثير من جاذبيتك..
توتر حسن وهو ينظر لليلى.. إنهم يعرفونها كذلك بحكم علاقتها بدان.. مال الضابط على ليلى فتحفز حسن وانقبضت عضلاته بشده، سيأكل حنجرته لو تجاوز حدوده معها وليكن ما يكون..
ـ لماذا انقلبت على دان يا لوسي.. من أجل العجوز؟
وازدادت ابتسامته لزوجة ومكراً وهو يضع قدمه على عاتق حسن مردفاً :
ـ لا أفهم سر تفضيلك لكبار السن دائماً..
قال له حسن باشمئزاز :
ـ إنها ابنتي..
ارتفع حاجبي الضابط في دهشة مصطنعة ثم التفت لأحد رجاله ضاحكاً:
ـ أنظر يا بيرت لقد وجدت لوسي الشقي الذي فعلها مع أمها يوماً ما..
هنا كان حسن قد انشب أسنانه في ساق الضابط، فأطلق الأخير صرخة عاتية وركل حسن في وجهه..
ـ كلب عقور!
وانهالت النعال العسكرية على حسن من كل جانب، فصرخت ليلى وهي تحاول حمايته بجسدها رغم القيود..
ـ أبي.. أبي..
نسى حسن الركلات التي تنهال عليه.. تلاشى كل شيء من حوله.. لم يعد يرى سوى ليلى الملتاعة.. والتي كفت عن اللوعة حينما رأته ينظر إليها بثبات وكأن الجنود يضربون شخصاً أخر..
لقد كاد ينسي طعم هذه الكلمة منذ عقود..
(أبي )
لو قتلوه الآن فلسوف يفعلونها وهو في أسعد حالاته.. فقد بيته وكتبه، وسيفقد حياته ضرباً بالأحذية.. لكنه نجح من جديد في أن يكون أباً حقيقياً..
سمع صوت الضابط وهو يأمر جنوده بوقف الضرب.. فعاد إليه وعيه وألمه.. رأى وجه الضابط يطل عليه من أعلى، فخيل إليه أن النخبة الأممية ذاتها قد تجسدت في ذلك الوجه الذي يطل عليه الآن من عل..
ـ لماذا كنتما تطاردان دان؟
لاهثاً أجاب وصدره يعلو ويهبط:
ـ كان مدين لي.. وتم تسديد الدين كاملاً..
التقط الضابط طرف الكلام وبدأ يسأله عن طبيعة هذا الدين..
هنا بدأ حسن يحكى له كل شيء.. حتى حكاية حرقه للشرائح الإلكترونية.. كأنه يتعمد استفزاز الضابط النخبوي.. لكن الأخير ظل يستمع له بوجه بارد خالي من المشاعر..
انتهى حسن من الكلام فتنهد كأنما تخلص من حمل ثقيل فوق كاهله..
سأله الضابط :
ـ لماذا أحرقت الشرائح ؟
جاهد حسن كي يبتسم في تشفي..
ـ إنها مسألة مبدأ..
خلع الضابط منظاره الداكن ودعك عينيه الزرقاوين وهو يقول:
ـ أي مبدأ؟
أجاب حسن وهو ينظر للسقف بثبات :
ـ لا شرائح.. لا تكنولوجيا.. لا نخبة..
ـ أنت متمرد؟
ـ أنا لا منتمي..
هز الضابط رأسه متفهماً، وقال ببرود:
ـ أنت كسائر بني جنسك تدفعكم النعرات والشعارات لارتكاب الحماقات.. تتخيل نفسك في هرمجيدون.. لكنك بحسابات المكسب والخسارة.. لم تحقق أي شيء ذي نفع.. خسرت بيتك.. وحياتك.. وحتى من تحب..
قال حسن وهو يبتسم بارتياح عجيب :
ـ لقد انتقمت لبيتي الذي احترق.. استمتعت جداً وأنا أرى اليهودي ينسحق أمام عيونكم على الرمال.. فإذا مت الآن فلسوف أموت راضياً..
قال الضابط :
ـ من أجل هذا كان عليكم أن تندثروا منذ زمان بعيد.. لكنكم بالرغم من ذلك كنتم مفيدين لنا عبر العصور.. أصحاب تلك النعرات يسهل سحبهم من عواطفهم إلى المحارق.. صحيح أنكم سيطرتم يوماً ما على شطر العالم، وخيل إليكم أنكم على شيء.. لكن ميزان العالم سرعان ما انضبط.. ورجحت كفتنا.. كفة النخبة الحقيقية.
لاحظ حسن بريق الظفر الذي أطل من عيني الضابط النخبوي وهو يتكلم.. كان يشعر بالحسرة لأنه لا يستطيع رد كلامه..
قال:
ـ لم يعد هناك ميزان أصلاً..
ـ الميزان هو قانون النخبة الأممية..
ـ ميزان مطفف.. ومعيار شيطاني..
قال الضابط في خبث :
ـ أنتم يا معشر الزواحف تنسبون كل شيء إلى الشيطان.. والحقيقة أن الشيطان لا وجود له في هذا العالم.. إنه المعادل الخرافي لبواطنكم المكبوتة..
ـ لقد بذلتم الكثير حتى تقنعوا العالم بأن الشيطان لا وجود له.. وأنتم غارقون معه حتى النخاع في حلفكم الأسود البغيض..
قال الضابط وهو يهتز من شدة الضحك :
ـ نظرية المؤامرة؟..
قال حسن في بغض :
ـ لم تعد هناك مؤامرة..
عضت ليلى شفتيها في قهر ..
ـ لماذا تقول له كل هذا؟
قال لها :
ـ نهايتنا مسألة وقت يا ليلى.. مسألة وقت..
ثم نظر للضابط وأردف :
ـ وهي نهاية توقعتها منذ زمان.. الحقيقة أنها تأخرت كثيراً..
قال له الأخير :
ـ المهم هو كيف ومتى أيها العجوز..
ثم أومأ لرجاله مردفاً :
ـ وسنحاول أن تكون نهايتكم طويلة وبطيئة وغاية في الإيلام..
تهللت وجوه الجنود كأنهم مقبلين على إجازة.. وفهم حسن ما يرمون إليه فقال لهم بلهجة حازمة:
ـ تصرفوا كجنود رجال وتخلصوا منا بطريقة رحيمة..
التفت إليه الضابط فرأى في عينيه الزرقاوين بريق شهواني مخيف..
ـ نحن جنود .. لكننا لسنا رجال..
اهتز الجنود بالضحك، بينما أغمض حسن عينيه مغمغماً :
ـ نسيت أنكم جنود النخبة ..
ـ إلى القبو..
قالها الضابط لجنوده فقاموا بجرهم خارج الغرفة.. ساروا بهم عبر ممر طويل ينتهي بباب حديدي ضخم ، قام أحد الرجال بفتحه ليظهر وراءه سلم حلزوني يهبط لأسفل..
قال لهم الضابط كأنه مقبل على فقرة ترفيهية :
ـ لدينا بالأسفل كنز حقيقي.. نحن نحتفظ بوسائل التعذيب القديمة من آثار القرون الوسطى.. إنها تراثنا الذى لم نتخل عنه.. هؤلاء قومنا كانوا بارعين في فنون التعذيب لدرجة تثير الرجفة حتى في قلبي أنا..
شعر حسن بدرجات السلم المعدنية القاسية تضعضع عظامه وهم يجرونه عليها كالجوال.. لم يشغل باله سوى ليلى.. كيف ستتحمل كل هذه القسوة الكاسحة للضمائر والعقول؟..
هؤلاء الجنود مجموعة من الساديين المولعين بالتعذيب.. لابد أن الحياة في قاعدة صحراوية قد أودت بعقولهم.. ويبدو أنهم لا يجدون كل يوم فرصة كهذه لإشباع ساديتهم..
للمرة الثانية يا حسن تضيع من تعول..
انتهوا بهم إلى قبو مظلم عطن الرائحة، سرعان ما بدد الجنود ظلمته بإيقاد بعض المشاعل المعلقة على الجدران ، وعلى أضواء المشاعل رأوا هناك براميل خشبية وفئران أزعجتها الأضواء، وهناك غرفة موصده بباب خشبي عتيق وقف أحد الجنود يعالجه على ضوء المشاعل..
انفتح الباب بصرير قوي فقط لتتسرب إلى الأنوف رائحة عفنة غامضة. نظرت ليلى لحسن وقالت عيناها المتسعتان أنها لا تريد أن تدخل لترى ما بالداخل.. حاول أن يبتسم لها مشجعاً رغم الألم الذي يشعر به في كل عظمة من عظامه.. ماذا يقول لها ؟.. سنموت ميتة ملحمية يا ليلى.. سنصير بعد قليل في عداد الشهداء.. أرجوك تجلدي ولا تفزعين.. والأهم لا تتألمي ! فالألم يزيدهم جنوناً.

***

المكان بالداخل كان حافلاً..
الغرفة مبنية بالأحجار الضخمة التي تظهر عليها آثار دماء ضحايا سابقين. ربما هذا يفسر سر الرائحة الغامضة.. لم يدخل حسن مسلخاً بشرياً من قبل، لذا كانت الرائحة محيرة قليلاً.. والأهم هنا هو متحف الآثار الجامع لكل أدوات التعذيب التي ابتكرتها عقول البشر المريضة في تلك الحقبة المظلمة من تاريخ أجداد النخبة..
القوارب البابلية.. تابوت السيدة الجميلة .. قفص الدماغ الحديدي..
وهناك في الركن تقع منضدة مستطيلة، مرصوص عليها مجموعة من السكاكين والسواطير بأشكال وأحجام مختلفة، يسيل لها لعاب أي جزار..
هذا ديوان تحقيق كامل مقام أسفل تلك القاعدة العسكرية..
التفت حسن لليلى وبدا وكأنه يملأ عينيه منها قبل الرحيل.. همس لها بحنان:
ـ أنا سعيد لأنني فزت بابنة مثلك قبل أن أموت..
قالت له في شحوب:
ـ وأنا سعيدة لأنني فزت بأب مثلك.. قبل أن أموت.
أما الجنود فكانوا مشغولون بحوار أخر.. بمن نبدأ؟.. الرجل أم الفتاة؟
حسناً لنقترع يا شباب.. لكن الضابط قال بلهجة حاسمة :
ـ سنبدأ بالعجوز.. ولنترك الفتاة للنهاية فمازال اليوم طويلاً..
ـ هل نبدأ بالقوارب البابلية أم؟..
قال الضابط بشبق عجيب :
ـ بل بالسيدة الجميلة ..
وكان حسن يقول لليلى :
ـ سنتألم لبعض الوقت.. لكننا في النهاية سنغيب عن الوعي.. سننام ونصحو لنجد أنفسنا في عالم أخر.. عالم ليس فيه نخبة أممية..

***

 

التوقيع

" تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
أنَّ سيفانِ سيفَكَ..
صوتانِ صوتَكَ
أنك إن متَّ:
للبيت ربٌّ
وللطفل أبْ
هل يصير دمي بين عينيك ماءً؟
أتنسى ردائي الملطَّخَة ..
تلبس فوق دمائي ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟
إنها الحربُ!
قد تثقل القلبَ..
لكن خلفك عار العرب
لا تصالحْ..
ولا تتوخَّ الهرب!"

( أمل دنقل)

عمرو مصطفى غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 07-14-2019, 04:19 PM   #27
عمرو مصطفى
( كاتب )

افتراضي


(8)

فكوا قيده وأوقفوه في مقابلة التابوت.. هنا رأى النصال الحادة التي تبرز من جوانبه، وفي القاع صورة لامرأة فاتنة ..
يقوم هذا التابوت بالإطباق على الضحية في عناق حميم دامي تمزق النصال فيه كل شبر من الجسد..
قال الضابط النخبوي لحسن ساخراً :
ـ بالرفاء والبنين..
تمايل الجنود على بعضهم البعض كالسكارى وهم يضحكون..
بينما ليلى تصرخ:
ـ اتركوه يا حثالة..
التفت إليها الضابط قائلاً في نشوة :
ـ سبي أكثر يا لوسي.. تعرفين أن هذا يثيرني..
ثم اقترب من حسن وهمس في أذنه:
ـ إنني أتساءل.. ما هو إحساسك وأنت مقبل على هذا المصير البشع؟
التفت إليه حسن بوجهه، فتلاقت أعينهما للحظات، شعر خلالها بمدى تلهف الضابط على الإجابة.. لعله سأل هذا السؤال لكل من مرو من قبله على السيدة الجميلة..
ـ أشعر أنني مقبل على التحرر من هذا العالم الغريب..
تنفس الضابط بعمق وهو يرمقه بعينيه الميتتين..
ـ لن يكون الأمر سريعاً.. سيمضي أبطأ مما تتوقع..
ـ لقد تعذبت لسنوات طوال.. لن يضيرني ساعة أخرى..
ـ أنت رجل شهم وشجاع وحكيم..
ووضع يده على عاتق حسن وهو يردف :
ـ وهذا ربما أفادك في العالم الأخر.. لكن هنا..
هنا دوى صوت إنذار جعل الضابط يبتلع عبارته ويلتفت للجنود الذين أرتج عليهم بفعل المفاجأة.. كأنها أول مرة في حياتهم يسمعون صوت أجهزة الإنذار .. صاح بهم الضابط:
ـ ألم تسمعوا الإنذار؟..
انتفض الجنود منتبهين واندفعوا عبر الباب مسرعين.. بينما التفت الضابط لحسن وقال في مقت :
ـ أنت أكبر وغد محظوظ قابلته في حياتي ..
ثم تركهم ومضى مغاضباً خلف رجاله.. وانغلق الباب خلفهم بدوي هائل ثم ساد الصمت.. لا شيء سوى صوت صفارات الإنذار الممض يثير الأعصاب ويشتت التركيز..
قالت ليلى وهي تتهانف :
ـ أنا لا أريد أن أموت.
ـ لم يحن أجلنا بعد يا ليلى..
قالها حسن وهو ينظر ليديه الحرتين.. لقد نسوا تقييده في غمرة فزعهم.. اقترب من ليلى وهو يحجل على ساق واحدة ، و بدأ يعالج قيدها وهو يقول:
ـ لا أريد أن أصدق هذا.. لكن يبدو أن العالم بالخارج يتغير..
هنا دوي صوت انفجار شديد ارتجت له الحجرة وصرخت لوسي في لوعة..
ـ هل قامت الحرب؟
ـ ربما..
لم يفلح في فك قيدها فأعانها على القيام وهو يردف :
ـ لنستعين بتلك الآلات المرعبة في فك قيدك..
تناول أداة حادة، ربما كانت تستعمل في سلخ الضحايا المساكين يوماً ما، وجعل يعملها في قيدها من وراء ظهرها..
ولم تكد تحرر يديها حتى دوى انفجار ثان جعلها تقفز متعلقة بحسن..
ـ المكان سينهار فوق رؤوسنا..
ـ نحن في قلب قبو أسفل قاعدة عسكرية.. اطمئني إنه قبر ممتاز..
دوي الانفجار الثالث وكان أعنف من سابقيه، فصاحت ليلى وهي تتشبث بحسن أكثر:
ـ لا أريد أن أدفن هنا!
هدأها واتجه لفحص الباب.. قال:
ـ سأعرف كيف أفتح هذا الباب وسنغادر..
قالت في ذعر :
ـ سيقتلوننا لو فررنا..
نظر لها في غيظ فأدركت مدى غباء عبارتها ..
هنا سمعوا صوت طائرات تحوم فوق المكان.. بعدها تتابعت أصوات انفجارات متتالية..
سألته :
ـ ما الذي حل بالعالم الخارجي؟..
قال وهو ينظر لآلات التعذيب بتركيز :
ـ هناك قوات منظمة تهاجم قاعدة للنخبة.. المتمردين على الأرجح..
ـ وهل هذا جيد؟
نظر لها في حيرة .. ولم يدر ما يقول..
ـ قد يكون جيداً إلى حد ما.. لقد أخر نهايتنا على الأقل.. لا ندري من الذي سينتصر بالخارج.. ربما عاد جنود النخبة ليواصلوا ما بدأوه معناً..
ارتجفت لسماع عبارته، أما هو فكان قد استقرت عينه على أداة بعينها..
ـ لحسن الحظ لدينا هنا ألف طريقة لفتح هذا الباب..
وتناول مطرقة عملاقة معلقة على الجدار ، ثم ثبت سيخاً حديدياً عند موضع المزلاج وبدأ يدقه بالمطرقة.. بعد مزيد من الجهد والعرق وتسلخ الكفين استسلم الباب ..
وعبره حسن وليلى وهما يتحسسان مواضع الأقدام..
تساءلت لوسي وهي تنظر لسقف القبو الذي يهتز بفعل الحرب الدائرة:
ـ ترى من الذي سيربح المعركة؟.. النخبة أم من خرج عليها؟..
قال وهو يثب بصعوبة فوق درجات السلم الحلزوني معتمداً على السيخ الحديدي :
ـ لا أجد فارقاً كبيراً .. سترحل نخبة وتأتي أخرى وأعوانها ..
ـ أنت متشائم؟
ـ بل أنا أحاول أن أبدو متفائلاً من أجلك..
وصلا لنهاية السلم فوجدا نفسيهما في قلب ذلك الممر الذي يفضي للغرفة التي احتجزوهم بها.. وفي نهايته باب الخروج الرئيس.. لكن الخارج لا يبدو مشجعاً للخروج أصلاً..
هنا رأوا أحد الجنود يغادر الغرفة التي احتجزا بها فالتصق حسن بالجدار ووضع كفه على فم ليلى.. لكنه وقف موليهم ظهره..
كان ينشج..
إنه خائف مثلهم مما يجري بالخارج..
وضع حسن سبابته على شفتيه في إشارة واضحة لليلى كي لا تنبس ببنت شفه.. إنه يكره ما سيفعل .. لكنه مضطر له.. سيهاجم ذلك الجندي من الخلف بالسيخ الحديدي الذي حمله معه من مقتنيات حجرة التعذيب.. سيحصل على سلاح الجندي و.. عينا لوسي المتسعتين قالت له بوضوح :هذا خطر جداً.. لكن عيناه قالتا لها : اطمئني بالاً يا صغيرتي.. سينتهي كل شيء في ثوان.
أشار لها أن انبطحي أرضاً، كي لا تكون في مرمى نيران الجندي لو فشل هو في السيطرة علية، لكنه لم يكد يخطو خطوتين حتى استدار الجندي ناحيته وهو يشهر في وجهه مدفعه صارخاً:
ـ مكانك!
قالها ثم أطلق النار مباشرة دون أن ينتظر.. كان منهاراً تماماً وقد فقد التحكم في أعصابه.. وكان حسن مستعداً لهذا منذ البداية، فانبطح أرضاً بحرفية عالية لتمرق الطلقات من فوقه، بينما أخذت ليلى تصرخ كصفارة الإنذار وقد وضعت كفيها على أذنيها بسبب شدة دوي الرصاص في الممر.. الخطوة التالية هي أن يقذف السيخ الحديدي تجاه الجندي بكل قوته.. لكنه يدرك جيداً أن مهما بلغت سرعته فلن تسبق طلقات السلاح الألي..
هنا جاء الحل من فوق..
دوى انفجار ارتج له الممر بشدة، وتبعه انهيار جارف للسقف في الموضع الذي يقف فيه الجندي..
حينما انقشع الغبار، أدركا أن الانهيار قد دفن الجندي تحته..
لكنه سد عليهما الممر بالركام..
ـ ليلى.. هل أنت بخير؟
قالت وهي تسعل :
ـ لا أدري..
قال لها :
ـ كنت أخشى مغادرتنا للخارج أصلاً.. ربما كان هذا أفضل لنا حتى تهدأ الأحوال..
صاحت وهي ترتجف ذعراً :
ـ لكنني أريد أن أخرج من هنا..
كانت على وشك الانهيار.. نظر للفجوة التي أحدثها الانهيار في السقف ثم التفت إليها ومسح على شعرها المغبر بحنو..
ـ سنخرج يا ليلى.. لكن علينا أن ننتظر قليلاً حتى تنتهي الغارة..

***

 

التوقيع

" تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
أنَّ سيفانِ سيفَكَ..
صوتانِ صوتَكَ
أنك إن متَّ:
للبيت ربٌّ
وللطفل أبْ
هل يصير دمي بين عينيك ماءً؟
أتنسى ردائي الملطَّخَة ..
تلبس فوق دمائي ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟
إنها الحربُ!
قد تثقل القلبَ..
لكن خلفك عار العرب
لا تصالحْ..
ولا تتوخَّ الهرب!"

( أمل دنقل)

عمرو مصطفى غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 07-15-2019, 06:13 PM   #28
عمرو مصطفى
( كاتب )

الصورة الرمزية عمرو مصطفى

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 2618

عمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


(9)

بالخارج كانت الفوضى ضاربة بأطنابها كما هو متوقع..
عربات محترقة، وجثث متفحمة، وأدخنة تتصاعد لعنان السماء التي مازالت تجوبها الطائرات التي شاركت في دك القاعدة.. هناك عربات مدرعة لا يوجد عليها شعار النخبة تنتشر في المكان.. وتتخذ مواقع لها.. وأخرى تقوم بإنزال جنود مقنعين، أخذوا يتحركون بتلقائية وسرعة لإحكام السيطرة على كل شبر من أرض القاعدة..
ولم يكد حسن وليلى يطلان برأسيهما من وسط الركام، حتى فوجئوا
بالصيحات الهادرة تأمرهم بالتوقف والاستسلام..
رفع حسن كفيه مستسلماً، وصاح :
ـ نحن مدنيان..
لم يبد على الجنود المقنعين أنهم سمعوا شيئاً، وظلت المدافع الرشاشة مصوبة إلي رؤوسهم في تحفز.. رأى حسن من مكانه أحد الجنود يعتلي برجاً ليزيل من عليه شعار القرد والخنزير، ويضع مكانه شعار الرفاق الجديد !.. صورة رمزية لقط وفأر تحتهما عبارة:
) المجد الحقيقي للرفاق )
وارتجت القاعدة كلها بهتافات النصر المدوي.. أما حسن فقد حمد الله على أنه لم ينضم للمتمردين..
كان بعض الجنود قد خلعوا أقنعتهم مطمئنين، ثم استلوا مديهم وأخذوا يدورون بين جثث القتلى.. أشاح حسن بوجهه متوقعاً ما سيحدث من واقع خبراته العسكرية.. كانوا يفعلون هذا دائماً مع أعداء النخبة.. التمثيل بجثث الأعداء عادة محببة للجنود المنتصرين.. وهؤلاء لم ينسوا بعد ما تعلموه من خلال خدمتهم في جيش النخبة الأممية.. لاحظ حسن في أعينهم نظرة شهوانية لا تخطئها عين.. نفس نظرة عين الضابط النخبوي وهو مقبل على تعذيبهما في القبو..
من كان يتصور أن ذلك الضابط السادي وجنوده، صاروا الآن جثثاً يتم العبث والتمثيل بها بلا حول ولا قوة..
كان الجهد والإعياء قد بلغ من حسن وليلى مبلغه، والجنود لا يتفاهمون إلا بالمدافع.. لم يرهم يتبادلون الكلام فيما بينهم إلا فيما ندر، فمعظم تفاهماتهم إشارات بالرأس والسلاح..
ثم وصلت أخيراً سيارة عسكرية هبطت منها رتبة عسكرية كبيرة..
هرول إليه أحد الضباط وأعطاه التحية العسكرية، ثم مال على أذنه وقال شيئاً.. أنصت صاحب الرتبة لكلام الضابط وعيناه تمسحان كل شبر في القاعدة.. قبل أن تتوقف عند حسن وليلى..
هز رأسه متفهماً، ثم اتجه ناحيتهما بخطوات واثقة..
ـ أخفضاً أيديكما..
لم يصدق حسن وليلى الأمر في البداية.. لكن أيديهما المتصلبة صدقت وانصاعت للأمر قبلهما.. تقدم الضابط الكبير من حسن وظل ينظر في عينيه بثبات مقلق.. حسن لا يذكر أنه خدم مع هذا الوجه من قبل.. لكن عيني الصقر التي تحدقان فيه الآن، لا يمكنها أن تنسى الوجوه بسهولة.. لكن فجأة وبلا مقدمات، مد الضابط الكبير كفه مصافحاً حسن بحرارة.. ابتلع حسن ريقه وجسده كله يرتج من أثر خضخضة المصافحة.. وتمنى من قلبه ألا يقرر مصافحة ليلى حتى لا ينخلع ذراعها في يده..
سأله الضابط الكبير هل هناك مدنيين غيركم بالقاعدة؟ فقلب حسن شفتيه بمعنى أنه لا يدري بالضبط..
ـ لم أر هنا سوى جنود النخبة..
سأله عن ظروف اعتقالهم، فحكى له حسن قصة خروجه للصيد مع ابنته، وكيف اخترقوا النطاق المحظور للقاعدة بالخطأ فتم اعتقالهم.. استمع له العسكري الكبير باهتمام شديد حتى انتهى، ثم هز رأسه بوقار وقال:
ـ لا بأس.. أنتم أحرار الآن .. والعالم كله في سبيله للتحرر من قبضة الطغاة ..
حاول حسن أن يبدو متحمساً مثله وهو يفرك جبينه بإرهاق قائلاً:
ـ في الصحراء حيث أعيش.. يوجد الآلاف من البدو بانتظار من يشعل لهم شرارة المقاومة.. أعتقد أنني قادر على جلبهم للانضمام إلى صفوفكم..
ابتسم الضابط الكبير وشد على يد حسن مرة أخرى قائلاً :
ـ سنوفر لك سيارة تنقلك إلى المكان الذي تريد..
قال حسن في شرود :
ـ فقط أريد سيارتي ..

***

فكر حسن وهو يقود سيارته المكشوفة عبر دروب الصحراء.. ما الذي سيكون عليه شكل العالم غداً؟
هل سينجح المتمردون فعلاً في القضاء على النخبة التي تدير العالم؟ أم ستستمر بينهم المنازعات والحروب على حساب البشرية؟..
هل سيتغير العالم برحيل نخبة ومجيء أخرى؟ ..
) ثوار اليوم طغاة الغد..)
هذه العبارة كانت ترن في أذنه بقوة وهو يستمع لذلك الضابط الكبير في القاعدة..
هل هناك فارق بين جنود النخبة والمتمردين عليها.. ربما كان الفارق الوحيد بينهما في الرمز والشعار..
من حسن حظه أنهم قد أبقوا على حياته تبعاً لحكمة :عدو عدوي صديقي..
سألته ليلى :
ـ هل ستعود إليهم كما ذكرت ؟
ابتسم في شرود، ثم رد سؤالها بسؤال :
ـ ما رأيك ؟
ـ لن تفعل .. كنت تخدعهم فقط ..
رمقها بنظرة جانبيه، ثم عاد يركز على الطريق.. بينما ظلت هي ترمقه بثبات.. إنها تحب تعبيرات هذا الوجه المنهك.. خصوصاً حينما يبدو عليه التأثر.. يبدو نبيلاً مغترباً تهفو نفسه إلى وطن..
سألته :
ـ ما هي خططك المستقبلية ؟
الإجابة كانت مرسومة هناك في خياله منذ فارقا القاعدة ..
سيعيد بناء كوخه الذي احترق.. سيحاول تعويض ليلى عن حياة التشرد التي عانتها مع العصابات.. من يدري.. ربما وجد لها زوجاً شاباً من البدو كذلك..
لقد تعلم أن الحياة يمكنها أن تبتسم فجأة وفي أحلك الأوقات ..
ومهما كشر لك المستقبل عن أنيابه، فالأمل في أن يكون الغد أفضل لا ينقطع .. حتى وإن كان هذا الأفضل على مستواك الشخصي..
فللكون سننه التي لا تتبدل ولا تتغير..
كررت سؤالها.. ماهي خططك المستقبلية؟.. فانتبه من شروده والتفت إليها قائلاً :
ـ المستقبل يا ليلى.. قطعة من الغموض المقلق والمثير..
قالت بعد تردد:
ـ أنا.. أنا خائفة.
هنا شاعت على وجهه ابتسامة حزينة وهو يهمس :
ـ الآن نضجت يا ليلى!

***

فارس وحيد جوه الدروع الحديد..

رفرف عليه عصفور وقال له نشيد..

منين .. منين.. و لفين لفين يا جدع..

قال من بعيد.. و لسه رايح بعيد..

***

 

التوقيع

" تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
أنَّ سيفانِ سيفَكَ..
صوتانِ صوتَكَ
أنك إن متَّ:
للبيت ربٌّ
وللطفل أبْ
هل يصير دمي بين عينيك ماءً؟
أتنسى ردائي الملطَّخَة ..
تلبس فوق دمائي ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟
إنها الحربُ!
قد تثقل القلبَ..
لكن خلفك عار العرب
لا تصالحْ..
ولا تتوخَّ الهرب!"

( أمل دنقل)

عمرو مصطفى غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 07-15-2019, 06:17 PM   #29
عمرو مصطفى
( كاتب )

افتراضي


قردة وخنازير

(الختام)



شهور طويله قضاها عبر دروب الصحراء، التي يحفظها عن ظهر قلب بحكم نشأته.. ولم يصدق نفسه حينما رأى لأول مرة بداية العمران.. بمعنى أصح بقايا ما كان من عمران..
العالم يمر بفترة حالكة السواد، بل هي الأشد سواداً في تاريخ الكرة الأرضية.. الفتن في كل مكان.. الحروب مزقت الممزق.. حتى سادة الحروب وأباطرة المال تمزق شملهم ولم يعد أحد يسمع بهم. لأول مرة يكتوي الساحر بسحره.. ومن آثر السلامة صار التغرب في الشعاب هو شعارهم..
سار عابر بين أطلال الماضي الذي كان يسمع عنها الحكايات وهو صغير.. و لم يدرك منها وهو كبير إلا الخراب اليباب..
انطبع ما شاهده على وجهه المكدود.. صار وجهه لوحة للويلات التي اجتاحت العالم..
المقاطعات الشهيرة صارت مجرد مدن أشباح. لا يوجد فيها أثر لإنسان.. على الجدران مازالت بقايا شعارات قديمة ورموز لأنظمة بادت ..
أنهكه السير الطويل، والألم المرير.. فاستند إلى جدار وأخرج جراب الماء.. جرع منه جرعة، ثم نثر بعضاً منه على رأسه الأشعث، ليشعر بعدها بنسمات من الهواء البارد تداعب وجنتيه.. عليه أن يغفو قليلاً حتى تهدأ حرارة الشمس ..
لم يدر كم ظل غافياً لكنه فتح عينيه فجأة على صوت أحدهم وهو يعبث في حاجياته..
نهض مذعوراً ليجد فوق رأسه ثلاثة أطفال في حالة يرثى لها..
يبدو أن الحرب قد عصفت بالكبار وتركت هؤلاء الأطفال الصغار لمصير أبشع.. الموت البطيء.. لم يبد على وجوههم الخوف .. فقط البؤس والقنوط .. هذه وجوه رأت ما يشيب لهوله الولدان، ولم يعد هناك ما يخيفها.. لقد دفعهم الجوع للتفتيش في حاجيات رجل غريب بحثاً عن الطعام.. هؤلاء يمكنهم دس أيديهم بكل أريحية بين فكي الأسد بحثاً عن لقمة تسد جوعهم.
أخرج لهم عابر ما معه من طعام فتواثبوا من حوله .. حتى وثباتهم كانت هزيلة عليلة، جعلت عابر يخشي عليهم من صدمة الشبع .. سألهم بإشفاق :
ـ أين ذويكم؟
توقفوا عن المضغ والبلع وغشت عيونهم تعاسة .. أجاب عابر نفسه مشفقاً عليهم :
ـ نار الحرب طالتهم..
قال له أكبرهم سناً:
ـ نار الحرب طالتنا جميعاً..
تشمم عابر الهواء في قلق:
ـ إذن هو الوباء..
قال الفتى بسخرية مريرة فاقت سنوات عمره :
ـ الوباء لا يفرق بين الكبير والصغير .
سأله عابر وقد بلغت منه الحيرة مبلغها :
ـ تركوكم وخرجوا بحثاً عن الطعام؟
ـ إنهم لم يتركونا لحظة..
هنا رآهم عابر قادمين على استحياء..
لابد أن رائحة الطعام هي التي جذبتهم..
وسرعان ما انضم إليهم الأطفال الثلاثة، ليجتمع شمل الأسرة من جديد..
ثلاثة أطفال، وقرد وخنزير!..

***
تمت
عمرو مصطفى
القاهرة
28 ربيع أول 1440
7 ديسمبر 2018

 

التوقيع

" تلك الطمأنينة الأبدية بينكما:
أنَّ سيفانِ سيفَكَ..
صوتانِ صوتَكَ
أنك إن متَّ:
للبيت ربٌّ
وللطفل أبْ
هل يصير دمي بين عينيك ماءً؟
أتنسى ردائي الملطَّخَة ..
تلبس فوق دمائي ثيابًا مطرَّزَةً بالقصب؟
إنها الحربُ!
قد تثقل القلبَ..
لكن خلفك عار العرب
لا تصالحْ..
ولا تتوخَّ الهرب!"

( أمل دنقل)

عمرو مصطفى غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رواية كاملة بقلمي بعنوان ......رجل بدون ملامح..... حسن التازي أبعاد القصة والرواية 6 09-29-2018 03:29 PM
قراءة في رواية اليهودي الحالي عبدالله باسودان أبعاد العام 1 03-27-2015 01:17 AM
ملخص رواية \ مسلسل ( الجذور ) لـِ أليكس هالي عماد تريسي أبعاد العام 10 07-08-2014 02:20 AM
ملخص رواية دون كيشوت عماد تريسي أبعاد العام 4 06-19-2014 09:22 AM
الموتُ في وهران رواية للحبيب السايح سارة النمس أبعاد النقد 7 04-17-2014 04:25 PM


الساعة الآن 04:52 PM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.