.
أخي زايد ..
أسعد الله الأماسي ..
في البداية إسمح لي بتوضيح نقطة مهمة ، وهو أن هناك فرق كبير بين العقيدة والإعتقاد..
فالعقيدة أمرٌ رباني تشريعي سماوي مسلّمٌ على كماله وشموليته وصحّته وثباته لا يزيد ولا ينقص .. (لذلك هو خارج النقاش)
أما الإعتقاد فهو أمرٌ بشري نفسي معرفي مسلّمٌ على قصوره وأنه لا يقتضي الكمال ابدا لأن الله جبل الإنسان ( ظلوما جهولا ) ومهما بلغ من العلم والإدراك فإنه يبقى عاجزاً عن الكثير من الأمور التي غيّبها الله عنه بيد أنه ينقص بالشبهات ويزيد بالعلم الصحيح والحجج العلمية المفنّدة ...
والإعتقاد في اللغة يعني الصلابة والإشتداد (إعتقد العسل أي إشتد وأصبح صلبا) وتأتي بمعنى الإتخاذ ايضاً ..
وهذا يعني أن الشخص هو من يشد من عقيدته ويزيدها صلابةً وترسخا في قلبه وذلك بالتزوّد العلمي وتغيير المعتقدات الركيكة وتصحيح القناعات الخاطئة ، ومما لا شك فيه أن الإعتقاد متصل اتصال مباشر بالعقل الباطن للشخص -من أول لحظة في حياته وحتى آخر لحظة- شاملاً بذلك جميع القراءات والمفاهيم والقناعات والأحداث التي مرّ بها الشخص ، أضف الى ذلك الأسس الخمسة التي بني منها عقله الباطن مثل الوالدين والمدرسة والشارع .... وهلم جرّا
وفي الحديث يقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( ما من مولود إلا يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه.. الحديث ) وهذا يبيّن لنا معنى السببيّة وكيفية ترسيخ الإعتقاد لدى الإنسان ، فعلى سبيل المثال نحن نقرّ بأن العبادة لغير الله شرك أكبر ونعلم الآيات والأحاديث في ذلك - عقل باطن - بيد أن بعض المذاهب يسجدون لغير الله بالرغم من أنهم يؤمنون بالله ويقرأون نفس القرآن ولكن الإعتقاد والتلقين الخاطيء رسّخ في عقولهم الباطنة ما يغلو على فهم العقيدة فهماً صحيحا ..
ما أود أن أصل إليه ..
أننا عرضة لكثيرٍ من تساؤلات عقولنا وفضولها وهذا أمر جميل ولكن الأجمل أن نشير بأصابع الإستفهام الى إعتقادنا وليس الى عقيدتنا .. وأنا أتذكر قصة جميلة تبيّن كيف يمكن للإعتقاد الخاطيء أن يفتح أبواباً للإستفهامات والإستطراق...
(( رأى سعيد بن المسيب رجلاً يهمّ للصلاة فأشار اليه أن لا تصلي -إما وقت نهي أو بدعة - فقال الرجل وهل يعذبني الله على صلاتي!؟ قال: لا بل يعذبك لأنك خالفت السنّة )) وهذا يبين أن كل أمر يخص العقيدة هو واضحٌ وبيّن بيد أن الإنسان ربما يذهب للإتجاه الخاطئ في رؤيته للأمر .. وفقهه
شكراً لك على هذا الموضوع العميق جداً ..
تحياتي