اللِّقـــــــــاء : - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
[ فَضْفَضَة ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 75183 - )           »          [ بكائية ] في فقد البدر .. (الكاتـب : خالد صالح الحربي - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 21 - )           »          شطحات وأمل (الكاتـب : نواف العطا - مشاركات : 3418 - )           »          مِن ميّ إلى جُبران ... (الكاتـب : نازك - مشاركات : 879 - )           »          مجنون قريتنا .. (الكاتـب : عبدالعزيز المخلّفي - مشاركات : 3 - )           »          لاَ مِسَاس ... ! (الكاتـب : جليله ماجد - مشاركات : 514 - )           »          اوراق مبعثرة!!! (الكاتـب : محمد علي الثوعي - مشاركات : 436 - )           »          في المقهى .. ؟ (الكاتـب : سيرين - مشاركات : 4461 - )           »          تجاربك . . . خبراتك . . . فائدتك (الكاتـب : نواف العطا - مشاركات : 1493 - )           »          كل يوم حكمة (الكاتـب : سلطانة الكلام - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 46 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النثر الأدبي > أبعاد القصة والرواية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 07-26-2013, 08:14 PM   #1
سارة النمس
( كاتبة جزائرية )

الصورة الرمزية سارة النمس

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 12

سارة النمس سوف تصبح مشهورا في وقت قريب بما فيه الكفاية

افتراضي اللِّقـــــــــاء :




كانت جريدة والدي اليومية ، ملقاةً على الطاولة حينما لمحت صورته ، لم يكن يبدو متغطرسًا كما السياسيين و لا بشوشًا كما الفنانين ، بل كان تعيسًا كما الكُتاب ! هؤلاء الذين لهم قضايا ، الذين انتشلهم القلم من معاناتهم كالسنارة بطعم اسمه الإلهام ، نُشرت له قصة قصيرة و خاطرة و نبذة عن رواية ، و رغم هذا لم يسمع باسمه أحدٌ كلّ ذنبه أنه كان جزائريًّا ، و يا لغبن المبدع في بلد لا أدري أيستحق الهجاء أم الرثاء ؟!

فتحتُ صفحتي الفيسبوكية ، و كتبت اسمه باحثةً عن مبدع فتنني قلمه كلّ غايتي كانت أن أقدم له العزاء و بعضًا من التشجيع في بلد شعبه لا يقرأ ، أن أقولَ له لقد تمت القراءة لك . . . أمّا عن صوره الأخرى كانت حزينة ! لابد أن الصحفي تصبب عرقًا و هو يبحث له عن صورة فيها مسحة من الفرح ، و حتى التي نشرت لم تحمل سوى نصف ابتسامة كان فيها الكثير من التهكم ، و كأنّه يسخر منا جميعًا بطريقة ما !

و تحدثنا . . عن أمور كثيرة ضمن دردشة عابرة و عندما أخبرته أنني أكتب أيضًا قال : قبل أن أؤمن بكِ كروائية عليّ أن أشَرِح ما كتبتِه بمخبري ، قلت له بشيء من الغرور ، و هل تظن أنني لأنني أحب ما تكتب ، قد يهمني رأيك و نقدك ، أنا لا أكتب لأحدِ سوى لنفسي ، أمّا الآخرون من القراء ، فليس أمامي سوى شكرهم على كرم أوقاتهم بالتصفح ، تصور لو لم يعجبك ما أكتب ، و أتيت إليّ تصرخ بوجهي ، بأنّ أصابعي رديئة ، و هناك خطب بمخيلتي ، تصور و قد اقتنعت برأيك أنني لا أصلح للكتابة ، ما الذي سيحل بي ؟ و كيف سأعيش حياتي ؟ كيف سأصرخ بعد أن تسلب مني صوتي ، كيف سأكتب و قد بترت أصابعي ؟ نعم لقد توقفت عن الإصغاء لمثل هؤلاء منذ زمن و أتهمهم بالجهل و الغباء و الحسد حتى ، الرواية ذوق ، و النص تصور و الكلمة إحساس . . ، لذلك من يربت على كتفي بلطف و يهمس بأذني مثلا بأنّ بوسعك أن تكتبي هذا دون أن تتعرضي لذلك كي لا تفسد جمالية نصك ، أحب من يعطيني درسًا بلطف ، دون أن يحمل العصا على رأسي و أنا أكتب ! كان يصغي باهتمام شديد ، فله من سعة الصدر ما تكفي لسماع كلّ أبناء الجزائر و الإصغاء لهمومهم جميعًا و لهذا يبدع فيما يكتب .

و لكن رغم هذا كان سوداويًا جدّا ، تعسًا ، يائسًا من كل شيء ، و كأنّ فيه شيئًا من " الماغوط " . . غير أنّ الأول يتحرر من أصفاد حزنه كلّما يتحدث إلي يبدأ الحديث هادئًا ثم تتخلله ضحكات عالية ، و ابتسامات عريضة تجعل منه إنسانًا بشوشًا أخيرًا ، لم أكن أعلم أنه بوسعي أن افعل به كلّ هذا فقط و نحن نتحدث من خلف شاشات الكمبيوتر ، يقول أنّ لصوتي تأثيرًا سحريًا عليه ،و أنني أجلب الفرح معي كلّما حدّثته ، و هذا شيء أعتز بنفسي كلّما قمت به ، أليس نبيلاً أن تكون سببًا في سعادة أحدهم ؟ أجاب ذات يوم :
و من المؤسف أن يكون نفس الشخص الذي يجلب لك السعادة بحضوره ، يهديك تعاسة بغيابه ؟ فما أقصر لحظات الحضور و ما أطول لحظات الغياب ، شعرت أنّه يعاتبني لأنني لا ألتزم بموعدٍ يومي و لأنني كثيرا ما اختفي دون أن أكلف نفسي عناء التبرير أو الإعتذار أو حتى الاتصال أو كتابة رسالة نصية له ، بعد كل " العشرة " التي جمعتنا ، و بعد أن تبادلنا شغفًا أدبيًا و أحاديثًا طويلة ، حول الحب و الحياة .

و التقينا . . حينما زرت مدينة تلمسان رفقة والدي الذي قرر حضور أحد الندوات ، تركته يذهب إلى المؤتمر على الساعة الثامنة ، و بعد ساعتين من ممارسة الكسل على صدر السرير ، غيرت ملابسي ، تأنقت و خرجت إلى السوق ، و من هناك اتصلتُ به :

- لنرى إن كنت ستتعرف عليّ من الرقم الجديد ؟
أطلق ضحكة طويلة ثم أجاب :
- صوتكِ ستحتفظ به الذاكرة إلى أن أموت ، لقد أطلتِ الغياب
- ربما لكنني الآن بتلمسان
- أنتِ تمزحين
- أنا جادّة ، أنا أتسوق الآن
- و أينَ نلتقي ؟
- تعالَ إلى السوق

و أنا أخرج من السوق ، كان هو يحاول أن يدخله ، عرفني مثلما عرفته ، اقترب مني و دون مقدمات ، وجدتني أنا الصبية القصيرة النحيلة ، بين أحضان هذا الرجل الضخم ، لقد كان سعيدًا جدّا ! يوشك على الاحتفال بي
و بعد حوار قصير ، عرض عليّ أن نذهب إلى إحدى المقاهي ، شغل نفسه بالنظر إليّ و هو يسحب أنفاسًا طويلة من سيجارته ، أما أنا طابت لي القهوة التي بين يديّ قال :

- لما لا تبقين هنا ؟
- أفعل ماذا ، حياتي كلّها في باتنة كما تعلم !
- سأجد لكِ عملاً يناسبكِ هنا ، و بيتًا تمكثين فيه ، و تصبحين لي
- أنظروا من يتحدث عن الامتلاك ! أكثر رجل يطالب بالحريات
- الحب امتلاك
- و لكنني لا أحبكَ و أنتَ تدري
- لما تصرين على النفي و أنا اقرأ الحب في عينيك و ابتسامتكِ و كل ما تكتبين
- قراءاتكَ خاطئة إذًا
- أنا لا أخطأ أبدًا ، عندما يتعلق الأمر بالحب ، لديّ حاستي السادسة
نظرت إليه بكل ما تحمله النظرة من جديّة و صوبت إليه خبرًا :
- سأتزوج !
- تتزوجين ؟؟!! هل هي مغامرة جديدة تنوين خوضها ؟
- ههههههه نعم شيء من هذا القبيل
- من هو َ ؟
- شخص لم أتحدث عنه كثيرًا
- خطيبكِ السابق
- بل الحبيب الذي سبقه
- لما اتصلتِ بي إذا و جعلتني أركض إلى هنا ككلب وجد صاحبته أخيرًا !
- لا تتحدث بهذه النبرة ، ألا تعتقد أنه كان يجب أن نلتق ؟
- في ظل هذه الظروف لا .. لما أردتِ رؤيتي ، كي تردي بعاشق آخر في مقبرة عشاقك
- أنتَ تدري أنّ العشق لم يكن يومًا مشروعًا بيني و بينك ، خصوصًا و أنكَ رجل متزوج !
- نعم مذ عرفتكِ و أنت تذكرينني بهذه الحقيقة المرة التي أحاول أن أنساها كلّما كنتُ معكِ ، أنا متزوج و ماذا بعد ؟
- أنا أيضًا سأتزوج ! هل ترى أنه من العدل أن تكون لك حياة بأسرها و أعيش أنا في ظل كي أمنحك الشغف الذي حرمه الزواج منك لتنهي به رواياتك ، كي أمنحك وقود الحب لتظلّ على قيد الحياة ، أنا أيضًا أريد زوجًا و أولادًا مثلكَ تمامًا
- و ما الذي سيحل بعلاقتنا ؟
- سنبقى كما كنّا ، أصدقاء
- أنتِ بالذات لا تؤمنين بالصداقة بين الرجل و المرأة ، ألستِ القائلة كل صديق هو مشروع عشيق ؟!
- تريد كل شيء أو لا شيء ؟ هذا ما تريده أليسَ كذلك ؟
- لا أريدُ شيئًا منكِ
- حسنًا و لكني أريد
- تكلّمي ، ليسَ الآن ، سنتحدث بعد أسبوع في الفيسبوك و سأخبرك
- أنتِ خبيثة ، بكل ملائكيتك من صوت و ملامح و ابتسامة
- أنا صادقة دائمًا ، كما تعلم ، عمومًا سعدت جدّا بمقابلتك و دون أن أوصيك ، لا تدع شيئًا في العالم يهدم علاقتنا الإنسانية الجميلة ، إلى اللقاء .

وجد نفسه يفشل للمرة الألف من الخروج من علاقة مشبوهة كهذه ، لم يجد لها اسمًا يليق بها ، و حتى أنّه عجز أن يصنفها في خانة العلاقات الإجتماعية ، مثل هذه العلاقات لا تنته ب " بلوك " و " ديليت " ، هناك شيء ما دائما يجرفكَ نحوها . .

 

التوقيع


لقد فهمتُ أخيراً معنى أن تتركَ وطنك لتكون في وطن الغير
الأمر أشبه بأن تترك بيتك و تمكث ضيفاً في بيت آخر
ستدرك أنك مهما مكثت ستظل ضيفاً و لست صاحب البيت !

من رواية " الحب بنكهة جزائرية "

سارة النمس غير متصل   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 11:58 PM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.