غبار الساحرات

[أحمد بهجت سالم]

كيف أصبحنا تراب؟
منذُ دهرٍ
كان وجهي
بين عينيها سؤالٌ
ليس يقترف الجواب
حيث لا عينين ينظر
إن بعض السحر يكفي
عن مضامين الجمال
ليس إلا
أن يمر الخمرُ منها
نحو عنواني
صديحاً .. كالمِثال
كيف لم أحمل
غبار السحر عنها؟
كيف لم أُحصي صفوف
الياسَمين
كُلُّهنَّ الوجدُ
والذكرى
وقلبي مُنهكاً في وجهها
سائلاً عنها
المسافات الغريبة
تُرهق اللذاتُ روحي
ثمُ تُرهقها
برائحة اللهيب
ثم يبكي الكونُ عمراً
من أناملها القشيبة
******
ريثما تُبدين سراً
من جدوث الساحرات
يحتسي الحادون
وجهك
بعضه حراً
يُمددُ زهرةً في مهدها
بعضه يسقي
فصوص المُخمَلِ الزرقاءِ
موقوفاً بغائلة النهار
ثم قلبي
مُنْذَرَاً من غايتين
بأن يُغادره الحصار
هادئٌ كالمفردات
يخدُش الترياق ذاتي
مستحيلاً عبر نافذتي
صراخاً
كي تعود الساحرات
أرقبُ الأجداثَ تترى
كلما ردِّدتُ عاماً منكِ
ردَّدتِ المئات
أنتي ساحرةٌ !
وإني لحن مِذْراةٍ
بجوفك
عائدٌ من ألف تاريخٍ
أُحبُكْ..
شاخصٌ.. أشتقُ من حرفينِ
شرياني
بخاصرةِ الهوى
***********
تعلمين؟
من تغمدتيه بالقُربانِ
لم يكنِ المطر
من تلوتِ فيه سرَّ الحُبِّ
ليس بقارئٍ
لستِ تكترثين – أعلمُ –
لستِ حتى تُدركينْ
أن في عينيك جنةُ شاعرٍ
-أنتِ كلُ الحورِ فيها-
كيف تبتسمين – ساحرتي –
لكل مُسامرٍ؟
هل سيخطوا في شريعة
بسمتك؟
أو يجالد قُبَّراتِ الحيدِ
عند مسائها
لن تُقَبِّلُه مفاصل
بابَ كوخكِ
أو ترائب راحتك
إن ساحرتي لها
حائطٌ في كل حوفٍ
شاعرٌ في كل زفرةٍ عنبرٍ
شاطيءٌ في واحة الأقمار
مُنتظراً هطول الساحرات
****
ذاك مبتدئي سيُخبرُ
كيف قَسَّمتِ الزمام
ثم علَّمتي الكلام
كيف يبرا الناي لمَّا
قد تَنَهَّدْتِ الغرام
كنتِ عند الموعدِ المضروبِ
حاسرة القيود
لم تفوهي
غير آنيةٍ من الحلوى
وغير معابدٍ
يكشفُ الضوءُ الكثير
عنكِ يعلمُ كلَ شئٍ
-أو يظن-
قد دعوتِ
الصفح
والطغيان
والأصفاد
مجلسنا.. ولم يتأخروا
قد نسينا الليلَ خارجنا
على رئة القمر
حدّنا قدرُ الإله
شقَّنا
عمرين ..
أسئلة ..
وسؤرا
أنتِ رائعة
بحقكِ ، لاتلومين المساء
أنتِ رائعة وانتِ مَخِيطَة
في قُمْرتي
في تلافيف الوسائدِ
عند ناصية القلائدِ
بين أمزجة السماء

قصيدة : غبار الساحرات
شعر: أحمد بهجت سالم