امرأة بلا نهدين - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
ياروح الروح ^_^ (الكاتـب : رحيل - مشاركات : 262 - )           »          في المقهى .. ؟ (الكاتـب : سيرين - آخر مشاركة : رحيل - مشاركات : 4460 - )           »          >الحــالــة الآن ! (الكاتـب : رحيل - مشاركات : 437 - )           »          ؛؛ رسائِل للغائِبين ؛؛ (الكاتـب : رشا عرابي - آخر مشاركة : رحيل - مشاركات : 390 - )           »          فلسفة قلم .. بأقلامكم (الكاتـب : سيرين - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 3849 - )           »          مُتنفس .. شِعري ! (الكاتـب : سعيد الموسى - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 788 - )           »          [ بكائية ] في فقد البدر .. (الكاتـب : خالد صالح الحربي - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 19 - )           »          جُمُوحُ العَاطِفة (الكاتـب : محمّد الوايلي - مشاركات : 1684 - )           »          تعريفات في كلمة ونص (الكاتـب : سيرين - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 509 - )           »          [ فَضْفَضَة ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 75180 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النثر الأدبي > أبعاد القصة والرواية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 11-09-2013, 10:42 PM   #1
سارة النمس
( كاتبة جزائرية )

افتراضي امرأة بلا نهدين


امرأة بلا نهدين :

لا أحد منكم يعلم أنني مغرمة بجسدي أكثر من أي رجل آخر، لذلك لا أحد بإمكانه أن يفهم حقاً ما الذي أمُر به . . أنا إمرأة جميلة جدّا ، أحبني ! و هذا السبب وحده كفيل بجعلي أتمسك بأسمال الحياة كقطة برية تجيد تسلق ظهر الموت، فأترك عليه آثار مخالبي لأثبت أنني لازلت هنا موجودة رغماً عن أنفك يا عزرائيل !

لم أكن بحاجة يوماً لرجل ليثبت لي أنني جميلة بكلامه المنمق و معاكساته المبتذلة، يكفي أن أراني كي أدرك أنني إمرأة لا تشبهني النساء . . لكن رغم إكتفائي بذاتي غير أنّ الحب دخل قلبي ذات يوم من أحد الأبواب التي نسيتها مفتوحة و أغرمت أخيراً بعد سنوات من المناعة العاطفية، وجدتني أعشق رجلاً يشبهني لدرجة ترعبني، أراني كلّما رأيته، يفهمني دون أن أتحدث كثيراً، يبكي قبل أن تنزل الدمعة من عينيّ و يضحك قبل أن تنفرج الإبتسامة من شفتيّ، توأم روحي هو أو قطعة منها، هذا الرجل كأنني أنجبته من قلبي، فخرج إلى الحياة من بين شفتيّ، هذا هو وحده من يستحق أن أقدم له حياتي في زجاجة نبيذ معتقة و ليفعل بها ما يشاء . . لذلك أفضل أن أخسر عمري على أن أخسره و ماذا أفعل بنفسي إن لم أكن له ؟ حياة غائب عنها الموت أكثر رأفة عليّ منها، قلتها له في أكثر من مناسبة :

- لحظة تفكر بتركي . . إعلم أنك ستقتلني برحيلك

لست أجد مبرراً لذلك الخوف الذي كان يجتاحني كل مرة بخسارته، كنت أشعر أنّ هذه السعادة أكبر من أن تدوم لفرط ما تذوقت من خيبات، أصبح الحب نادراً على وشك الإنقراض و أنتَ تعلم أنك إن فقدته يستحيل عليك أن تجده مرة أخرى، لكن الآن و أنا أستعيد سعادة الماضي بمرارة الحاضر أدرك لم كنت أعاني رهاب خسارته شيء داخلي كان يعلم بما ينتظرني و يخبرني أنّ الأيام الجميلة على وشك النفاد.

كل شيء حدث سريعاً، بين ليلة و ضحاها خانني جسدي الذي لم أخنه يوماً ليحمل في نهديّ ورمين بمنتهى الخبث من كل جسدي قررا الإستقرار في أجمل ما أملك صفعني الطبيب بهذا الخبر المفجع ليفسر لي كل الإضطرابات التي كنت أعانيها في الأيام السابقة و جزم أنه عليّ أن أختار بين نهديّ و الحياة ! و أي خيار قاس كهذا بوسع الأنثى أن تتخذه و في نهدي كل أنثى تكمن الحياة ، عدت إلى منزلي مشتتة الذهن أفكر بكل شيء معاً بحبيبي الذي لا ينام إلاّ على صدري . . بحياتي كيف ستكون هذا إن كانت، بالأحلام التي سيسرقها الموت منّي، بكيت كثيراً بيني و بين نفسي قبل أن أخبر الجميع كي لا أبكي أمامهم، تطلب الأمر مني ليالٍ طويلة أدفن فيها رأسي في وسادتي الزرقاء دون أن يسمعني أحد، ثم اتخذتُ قراراً أن أجابه الموت بكل ما أوتيته من قوة أن أناضل في سبيلِ حياتي، فأنا أستحق عمراً آخر، لا وقت للبكاء.

سأحلق شعري، و سينمو من جديد و ماذا إن عشت بلا نهدين سألتفت إلى الأحلام الجميلة التي نسجتها منذ نعومة أظافري. خرجتُ أخبرهم أخيراً بما يحدث و أنني على وشك أن أخوض معركة مع الموت و لكن لا تقلقوا سأهزمه ليست أنا من يهزمها الموت . على الأقل ليس الآن، إن حدث و هزمني لا تحزنوا من أجلي، لا أريد أن يبكي عليّ أحد فقد تذكروني نسيانكم هو الخيانة التي لن أتقبلها، فأنا أعلم أنني قد أستحق أي شيء منكم إلاّ النسيان. أيها الرفاق ادعوا لي كي أنجح، فأنا أؤمن بمحبتكم، كما أؤمن بمحبة الله لي، ثمّ قدموا لي أي شيء ترونه مناسباً إلاّ عيوناً مشفقة، لا أريدها، و عندما يتساقط شعري سأسعد لو جاملتموني بأن رأسي المستدير يبدو أجمل، و عندما يبتر الأطباء نهديّ قولوا أي شيء لكن رجاءاً لا تطيلوا النظر إلى صدري فالنظرات قد تجلدني أكثر من أي شيء آخر، هذا ما قدّره الله لي و لست أعتب عليه . . . ثمّ كان عليّ أن أخبره ليلتها كان سمع مُسبقاً من صديقة لي جلس أمامي كأنه غاضب مني أو من القدر لا أدري، لم يقل شيئاً، اكتفى بصب الخمر في الكأس كلما فرغت منها :

- أنا آسفة !
- لأنكِ لم تخبرينني ؟
- لأنني كنت أتوسلك كي لا تتركني و لم أكن أعلم أنني التي ستتركك أولاً
- أصمتي . . ستعيشين
- حتى إن عشت سأ . .
- ستعيشين و سأراكِ دائماً جميلة

التفت إليّ فأوقع الزجاجة التي كانت بيده، نظر إلى عينيّ أخيراً و بعد دقيقتين عانقني باكياً، خلعتُ عني ثوب الكبرياء و ارتميت بين أحضانه أبكي إلى أن باغتني النوم، لأستيقظ اليوم الموالي فأجد نفسي في سريري و هو غائب عنه. وعدني بأن يكون إلى جانبي دائماً لكنني لم أكن أصدق هذا الوعد منه على صعيد المنطق لم يبدُ حقيقياً بالنسبة لي لذلك اتخذت قراراً أكثر إيلاماً و هو تركه، و كان إستئصاله من حياتي موجعاً أكثر من استئصال الثديين، و ألم فراقه أقسى من ألم العلاج الكيماوي، فضلتُ أن أتخلى عنه قبل أن يتخلى عني، و أن أكون أكثر واقعية من أن أعيش أحلاماً مزيفة، استغرب كثيراً قراري لكنني لم أكن مستعدة لمناقشته معه، توسلني كثيراً كي أبقى على اتصال دائم معه لكنني رفضت كل ما قد يربطني به، لا أريد أن ألتقيه بجسد لن يشتهيه، لا أريده أن يكون حاضراً كي يقدم شفقة لست بحاجتها لا أريد نصف حب بعد أن حظيت بكلّه .

لم يخطر ببالي يوماً أنني قد أدفع لأحدهم ثروة كي يستأصل نهديّ ! لكن وجدتني مرغمة في سبيل الإحتفاظ بما تبقى لديّ من جسد و حياة، لم أكن قوية دائماً خلال فترة العلاج، كان يحدث أن أنكسر و أبكي إلى أن تطل عليّ الشمس لتذكرني أنه يوم جديد، كنت أضحك أمام الجميع و خلف ابتسامتي جرح غائر في القلب، كنت أسخر من نفسي و من كل ما أمامي لأنسى مأساتي و هكذا مضت الأيام، و تغيّر كل شيء، بعد سنة كاملة من العلاج أخبرني طبيبي أنني سأكون بخير و سأعيش ما كتبه الله لي من عمر، و انطلقت مجددا إلى الحياة أعيشها دقيقة بدقيقة، بعدما أسرفت بالتبذير سابقاً، أمضيت ليال عارية الجسد كي أتعوّد على التشوه الجديد لم أشأ أن أختبئ في الثياب بل أن أستمر في لعبة المواجهة التي بدأتها. تخرج من حلبة النزال أقوى مما دخلتها، لتدرك أنه لا شيء في العالم قادر أن يهزمك بعدما هزمتَ الموت بنفسك . .

ليلة أمس كنت أطالع كتاب اعترافات روسو، وقفت طويلاً أمام جملة قالها :

" ما قدّر لقلبي أو لحسي أن يريا أية أنوثة في امرأة بلا نهدين "

بكيت طويلاً ثم سألتني، هل فكّر روسو بأن جملة كهذه قد تكون قاتلة لامرأة بلا نهدين ثم لعنته في قبره ألف مرة، و لعنت غباء الناس الذين جعلوا من هذا الأحمق عظيماً ! دعني أخبرك أنه ما قدّر لعقلي أن يرى أية رجولة في ذكر عاش شبابه على صدقة امرأة كريمة بدل أن يجدّ بالعمل، إتخذ منها أماً و ناداها ب " ماما " ثمّ مارس معها شذوذه على صعيد تعلّم الجنس، رجل كتب كتاباً في تنشئة الطفل و لم يؤمن بأبوته يوماً بل تصدق بأبنائه الخمس لدار الأيتام بحجة أنّها ستقدم لهؤلاء المساكين أكثر مما قد يقدمه هو من سعادة لذلك قبل أن تتحدث عن الأنوثة كان عليك أن تقوّم رجولتك أولاً .

كيف أثبت للناس أنني لازلتُ أنثى كما كنت تماماً، و لا شيء في العالم بإمكانه أن يلغي أنوثتي، الأنوثة أكبر من جسد، الأنوثة دمعة تتأرجح في عين دافئة، الأنوثة أكبر من أسنان و شفتين، الأنوثة ابتسامة صادقة ينجبها القلب فتخترق حجاب الجسد لتلامس نعومة الروح، الأنوثة أكبر من شَعر، الأنوثة ما يحمله الرأس من أفكار عذراء لا تحملها إلاّ أنثى، الأنوثة أكبر من ثديين، الأنوثة صدرٌ دافئ، الأنوثة هي سحرٌ يسكن عمق المرأة لا ما يسكن أظافرها الملونة و رموشها المستعارة و كعب حذائها، الأنوثة هويّة و أنا لازلت أنثى لم أكن يوماً رجلاً و لن أكون.

سارة النمس

 

التوقيع


لقد فهمتُ أخيراً معنى أن تتركَ وطنك لتكون في وطن الغير
الأمر أشبه بأن تترك بيتك و تمكث ضيفاً في بيت آخر
ستدرك أنك مهما مكثت ستظل ضيفاً و لست صاحب البيت !

من رواية " الحب بنكهة جزائرية "

سارة النمس غير متصل   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
امرأة تختبيء خلف القمر محمد الخضري أبعاد النثر الأدبي 6 11-10-2013 07:37 AM
امرأة قابلة للذوبان محمد الخضري أبعاد النثر الأدبي 4 10-29-2013 09:11 AM
امرأة بحد النصل محمد الخضري أبعاد النثر الأدبي 8 10-05-2013 08:21 AM
امرأة قابلة للذوبان محمد الخضري أبعاد الهدوء 0 08-03-2013 10:33 AM
امرأة سميراميس أبعاد الهدوء 7 06-01-2012 04:11 AM


الساعة الآن 05:39 AM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.