انطفأتْ شرايينُ اللَّيْلِ ..
وضَوْءٌ رجراجٌ يكْسِرُهُ ماء المَطَر ، كانَ أصابَ غصون الصباحِ بالمسِّ .
طيوب البَنَفْسَج أسلمتْ دفأها لجدائلِ الشَّمْسِ المُنْسَرِحَة على عَطفَيْنِ .
عِطْرُ الشوقِ النفَّاذ في لحظيهِ يومضُ في نَزَقٍ هادِب ؛
تَمَلْمَلَ في صحوِ الأخضر .. تغَصَّنَ الصَّمْتُ في نشْوَةِ الأثَر .
هناك ..
على أطرافِ أصابعِ السَّاحل حيث لا يزالُ كلُّه مشدودٌ مأخوذٌ لهناك تتمدد فلوات لتساؤلاته .. فيما تستفيقُ النسَمَات ، وترسو النجوم ، ويدندنُ الموج تأثيثاً لكرنفالات الدهشة القادمة .
هاهوَ يُتَمْتِمُ في ساقِيَةِ الانتظار :
ياااه ..!
ما أطولَ أدراجَ النرجسِ في حفْلَةِ خُطْوَتِها ..!
ما أبعَدَ شارِدَة اللَّهْفة في لَوْنِ وداعتِها ..!
ما أدهى العَدْوَ المترامي بظلالِ جدائِلِها ..!
يهمهمُ في التاريخ : " تأخَّرَتْ دونَ أن تغيْب .."
في غمْرَةٍ من فِتْنَةِ اليمِّ ..
تسابَقَتْ إليهِ نخْلَتان ، تُساقِطُ الكَلِم مِنْ مَبْسَمٍ يُضَاحِكُ الجُمَان ..
:
" مشغولَةٌ بتنسيقِ الورُوْدِ يا روحها ،
أبيْ ..حقَّاً تأخرتْ ..! "
لحظَتَها خضَّتْ عِطْرها في الوَرْد ، وأسْبَغَتْ على الحُسْنِ مِنْ أبعاضِها ؛
فأيْنَعَتْ القوافي على راحتيهِ .
تفيَّأ النخلتين .. فأشْرَقَ الرِّضا في عيونِهِ النَّبِيَّة .