أفتحي لي أبواب الجنة يا أمي

[سعود الروابة]

مدخل :
يستدرجني القلم لرسم أمي في الكلمات ، ينتابني شعور بالقلق ، ترتجف يداي خشيةً من ظلمها ، فهل كلمات العالم كلها تستطيع أن ترسم أمي؟؟لا وألف لا فلو جَمعت نصوص الأرض كلها فلن تستطيع أن ترسم أمي ، فأمي غيمةُ محملة بالحنان تمطر علينا كلما جفت أكبادنا وعطشنا لهذا الحنان ، فلو جف حبر قلمي هذا الذي أكتبها فيه لأاخرجت من دم قلبي وكتبت لها أحبك .

مثل وتعليق :
مثل روسي : الخبز هو الأب والمياه هي الأم
من يستطيع أن يعيش بدون ماء فلو قاوم يوم أثنان ثلاثة وبعدها ! حتماً مصيره الموت
ماري هوبكنز : الأُمُومَه أعظمُ هِبَةٍ خَصَّ الله بها النساء
هنيئاً للأم بهذه الهبة وهنيئاً لنا بهذه الأم
شكسبير: ليس في العالم وِسَادَةٌ أنعم من حضن الأم
بالفعل الأم هي الوسادة التي نحتاجها في جميع الأوقات وهو هذا الحضن الذي نحتاجه كل ما أثقلت علينا الدنيا
لينكولن:إني مدينٌ بكل ما وصلت اليه وما أرجو أن أصل اليه من الرفعة إلى أمي الملاك
بلاتعليق

حوار:

استوقفني أحد الأخوة منذ عدة أيام بجملة حزينة (( كم اشتقت لأمي ))
أين أمك ؟؟
في بيت أهلها
لماذا ؟؟
لإن أبي متوفي
ولماذا هي في بيت أهلها ؟؟
لإن أعمامي يريدون تزويجها بإحدهم وهي ترفض فكرة الزواج بعد أبي

عشوائية :
لست من مؤيدي فكرة (( ألف أم تبكي وأمي ماتبكي )) ، فعند سماعها أشعر بإنحلال عاطفي ، وقد يصل إلى الإنحلال الخلقي ، وربما تشعرني بإننا أقتربنا من نهاية الدنيا ، فقلب الأم واحد ومشاعر الأم واحدة ، وكلما ابتعدنا عن هذه الجملة ، كلما اقتربنا من الأم .

بين أجندة الشعراء :
يتسابق الشعراء ويأسرهم الحنين إلى رغيف الجمال ، و يطلقون أعذب المفردات وأجملها تعبيراً عن لمسة الحنان التي تنثرها الأم على أجسادهم ، يعزفون على أوتار الحنين والغربة ، يهزجون شوقاً لفتات خبزةٌ تصنعها بإناملها اللطيفة ..
محمود درويش يطلق عنان الشوق إلى خبز أمه وقهوتها ولمستها / بتعبير مذهل يخجل من دمع أمه.
أحنُّ إلى خبز أُمي
وقهوة أُمي
ولمسة أُمي..
وتكبرُ فيَّ الطفولةُ
يومًا على صدر يومِ
وأعشَقُ عمرِي لأني
إذا مُتُّ،
أخجل من دمع أُمي!

من قصيدة إلى أمي

أبو القاسم الشابي يصور الأم بإنها طهر الحياة ونقائها وحنانها ويصورها بإنها أسمى وأرقى المقدسات

الأمُّ تلثُمُ طفلَها، وتضـمُّه حرَمٌ، سماويُّ الجمالِ، مقدَّسُ
تتألّه الأفكارُ، وهْي جوارَه وتعودُ طاهرة ً هناكَ الأنفُسُ
حَرَمُ الحياة ِ بِطُهْرِها وَحَنَانِها هل فوقَهُ حرَمٌ أجلُّ وأقدسُ؟
بوركتَ يا حرَمَ الأمومة ِ والصِّبا كم فيك تكتمل الحياة ُ وتقدُسُ

قصيدة الأم تلثم طفلها وتضمه

يصور الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حجم قلب الأم وعطفها على فلذة كبدها ، رغم المأسي التي ولّدها لها ورغم المعاناة التي سببها لأمه :

أمه أنا ياسيدي لا تدينه ......والأم ماتقسى ع فلذة كبدها
ياكبر قلب الأم مابه ضغينه .... عفّت بقدره واسمحت من جحدها

من قصيدة شكوى الأم

تقتله الغربة ولحظات الفراق ، يحاول رسم ابتسامة الوداع على وجه أمه هذا ما تغنى به الشاعر الشعبي ناصر القحطاني :

يمّه الغربة وفرقاك ملتمّه.......دمعة العين هذي مالها داعي
يابعد راسي انتي ليه مهتمّه.....الوجع لي سواة الناي بالراعي

من قصيدة يمه الغربة

يرسم لنا شاعر الشام الشعبي أسعد الروابه لوحةً فنيةً يجسد فيها حنان الأم وحضنها الدافئ وصوتها الذي يطرب المسامع في أوقات النوم :

عيدك مهو بس يوم واحد وسط عام ...... عيدك بقلبي _ ياحضين _الدفا _ غير
لليوم ما اجر الوسايد ولا نام ..... ألا وصوتك ( يسقي ) الحلم ويطير

من قصيدة يا أم العيد

رسالة :
إليك يا أم الأطفال إليك يا أم الأحرار إليك يا أم الشهداء إليك يا من تعطين بلا ثمن يا من تسهرين بلا أجر ، يحتار القلم بكتابتك ويقف عاجزاً عن وصف جمائلك ، أقبلي مني هذه الحروف الخجولة التي تقف بصمتٍ واحترام أمام فضائلك ، كم تعبت وكم وقفت وكم تأملت هذه الحروف لعلي أخرجها بإجمل صورة ، ولكن مهما كانت جمالية هذه الصور لن تفوق ذرةً ببحر حنانك وجمالك ، فكل عام وأنتِ بخير وكل يوم وأنتي بخير .

نهاية :
ينتهي الكلام ولا تنتهي المشاعر ، ينتهي الحرف ولا تتردد تلك الغيمة الماطرة بالحنان والدفء ، يختل وزن الكلمات أمام كلمة أمي ، ماذا سأهديك أمي ، فمنذ يومين وأنا عاجزُ عن التفكير وغير قادر على أكمال هذه الكلمات التي أكملتها ولم تنتهي ، فماذا لو تكلمت في نظرة الأديان لأمي ، وماذا لو تذكرت أحاديث الرسول عن أمي، خذيني معك إلى الجنة يا أمي وأكملي معروفك لي فإن (( الجنةُ تحت أقدام الأمهات ))