....
...
..
.
سنواتنا تمر كاللحظات العجولة، لا تترك في العمر غير اقتراب من لحظة النهاية.. تمر الوجوه على وجوهنا تباعًا، فتلك نحبها وأخرُ ننساها وتذروها الذاكرة كما تذروا السنين البشر..
هنا تقف على عتبة العمر لتسأل عن حبيب غاب، عن بعيد اقترب، عن قريب ابتعد.. عن عزيز ذل، عن حكاية الدوران التي تمارسها الدنيا علينا.. ندور في إطارها الشفاف لنقع في ذات الحفر المكشوفة التي وقع فيها غيرنا وكنا قد حذرناه !....
نصنع لأنفسنا قنديلا في قعرها.. كي نتعايش مع البيئة الجديدة التي لقيناها، ونقنع الذات أننا مازلنا مع من كنا معهم، في بيئة جديدة !
هم هكذا يرحلون دون أن يمسّوا جمرة الشوق إليهم، يتركون الحنايا متقدة لا تهدأ أنفاسها لتوقد الجمرة أكثر، تشتعل حتى إذا بلغت الحلقوم هملتها أمطار الوجع لتخمد لهيبها ولا يبقى إلا أثر الحروق التي تندمل مع الآيام.. ربما يشوهون مكانهم حين يهجرونه... فلا عاطفة تمر.. ولا عينهم تتفقد مكانهم في أرواحنا.. فتصبح كالبيت المهجور.. مليء بالعناكب والحشرات الضارة والقطط المتطفلة على أروقته.. حتى الفئران تبحث لها في شقوق جدرانه عن ملاذ.. تقرض فيه نواياها..
كل ذلك لا يهم.. بقدر أهمية تلك الأضواء التي تفقد نورها.. ولا تجد من يشعل بصيصها حين يرحلون.. ليخيّم الظلام.. وينحسر الجمال حتى يغص في غيبته...
هذه هي آثار السنين التي يتركونها في صناديق الذاكرة، تملؤها أصواتهم / تفاصيلهم/ ملامحهم/ نظراتهم/ حاجياتهم/ حروفهم/ مشاويرهم/ مغامراتهم/ رسائلهم.. لا تخلو من شيء أبدا..
إلا منهم..
تتراكم حتى يضيق عليها المكان.. فتبدأ أنت لا شعوريًّا .. برمي مخلفات السنين خارج مساحة الاستخدام.. وتحترق في مهملات الإحساس دون الشعور بلهيبها.. فكل مالا يقع منه.. يحب أن ينتهي، وبذلك لا تستمر عملية البحث عنهم.. فقد ملأ الفراغ حضور غيرهم.. وتراكم الوجوه والأصوات والأنفاس..
تتراكم الأيام فلا يبق مكان للزمان الذي أدار ظهره حاملاً معه أولئك الذين اختبئوا في ثنايا الغياب.. ليلعبوا مع الحزن لعبة ( الغميضة) التي توهمك بغياب مؤقت يجر خلفه شمس الأمل.. لتغرق في غياهب الجفاء ...
ولا تعود...!
ديسمبر 2007
.
..
...
....
زينب