(( في اغــتياب مدينة )) دعوة للمشاركة .. - الصفحة 3 - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
مُتنفس .. شِعري ! (الكاتـب : سعيد الموسى - آخر مشاركة : صالح العرجان - مشاركات : 782 - )           »          تبـــاريــح : (الكاتـب : عبدالعزيز التويجري - مشاركات : 41 - )           »          العيد والغياب!!! (الكاتـب : محمد علي الثوعي - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 3 - )           »          جواب (الكاتـب : إبراهيم بن نزّال - مشاركات : 1 - )           »          [الحُسنُ أضحكها والشوقُ أبكاني] (الكاتـب : محمد بن منصور - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 3 - )           »          Bonsoir (الكاتـب : مي التازي - مشاركات : 47 - )           »          [ سُلافة ] في لزوم ما لا يلزم .. (الكاتـب : خالد صالح الحربي - آخر مشاركة : خالد الداودي - مشاركات : 50 - )           »          بدر المطر (الكاتـب : وليد بن مانع - آخر مشاركة : خالد الداودي - مشاركات : 3 - )           »          لاَ مِسَاس ... ! (الكاتـب : جليله ماجد - مشاركات : 508 - )           »          اوراق مبعثرة!!! (الكاتـب : محمد علي الثوعي - مشاركات : 429 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النثر الأدبي

أبعاد النثر الأدبي بِالْلُغَةِ ، لا يُتَرْجِمُ أرْوَاحُنَا سِوَانَا .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-28-2010, 08:51 AM   #17
نهله محمد
( كاتبة )

الصورة الرمزية نهله محمد

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 1186

نهله محمد لديها سمعة وراء السمعةنهله محمد لديها سمعة وراء السمعةنهله محمد لديها سمعة وراء السمعةنهله محمد لديها سمعة وراء السمعةنهله محمد لديها سمعة وراء السمعةنهله محمد لديها سمعة وراء السمعةنهله محمد لديها سمعة وراء السمعةنهله محمد لديها سمعة وراء السمعةنهله محمد لديها سمعة وراء السمعةنهله محمد لديها سمعة وراء السمعةنهله محمد لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


على عكس أغلب المدن ,
لها في الصمت نفسٌ طويل جداً مما يضمن لها هيبة تامة ..
تحتفظ بك في محفظتها المتواضعة كورقة , وعليك أن تصمت كي لاتنتبه لك الشوارع والبقالات الصغيرة جداً والباعة المتجولون والهاربون من الشمس.. ... ..
صغيرةٌ كنتُ يوم دخلتها بحبةِ موز , يوم كانت الثقة شعرة هدب بين البشر والقردة .
سعى أبي جاهداً لذاك الطريق المُقلق لنكتشف معاً سرّ مدينة تأهلك لمدينةٍ أخرى وتقبل أن تكون مدخلاً متهالكاً لجمالها.
المبهر في نظري كطفلة حينذاك , ذلك العدد المهول للأنفاق , حيث تمزق صراخي في مراوحها , ودُهست أصداؤه بالعجلات وأنا معلقة في النافذة , أفرح على اللاشيء ..
سيارة حمراء من نوع متوسط العمر ,
حقائب , وزحام , فوضاي ,
وعينا أبي التي تراقبني في المرآة الأمامية وأنا أجلس في المقعد الخلفيّ كي أحظى بفرصة ضَمّهِ من خلف المقعد -بيدين قصيرتين جداً - وأقبله .
قبلةٌ على الشعر ومرةٌ على " الغترة " ومرة على الكتف وأخرى على الأذن , حتى ضاع الطريق في القُبل و استقبلنا الضباب ..
معطفي هناك كان صديقي الأول , ووصية أبي الدافئة , تنبيهات أمي الملازمة لظلي ..

على ربوة, وبعد خطوة واحدة, اكتشفت أن للحديث فيها شكل دخان, إنها المرة الأولى التي يبهرني فيها شكل الكلام ..
كسرتُ عود شجرة صمغية قريبة , و افتعلت تدخيناً وشروداً ..
كنتُ في الغالب أتلمس في داخلي أنثى لم تسمح لها الفرصة أن تستطيل ..
لكني هناك تحديداً كَبُرتُ بسرعةٍ هائلة ..
شعرتُ بي أختار شخصي , و أميز كينونتي دون عوائق ..
إلا أن الخوف الذي لازمني مطولاً كَبُر هناك أيضاً وأعادني لضفائري ..
لم تكن لتسعفني ذراع أبي وتذبه عني بشكلٍ كامل , لأنه كان يختار النوم فيها بعيداً عن نفث التكييف .
أنا التي اعتدت صوته لترقيع الأصوات غير المبررة ..الأصوات التي تقول عنها أمي " مسرى الليل يابنتي " ..
على ذارعه وفي أحضان أمي_ أحياناً _ كنتُ أعدُّ كم عجلةٍ مرت بقلقي بدلاً من الخراف .
فالشارع لم يترك لي خياراً آخر , ولم يتح لي فرصة الإستمتاع بصوتٍ غير أصوات الذهاب والإياب والأنفاس .. وكأنني حُصرت بين اتجاهين يعاكسهما الصمت ويطحنني ..

الساعة الثامنة كانت شرارة العقدة الأولى ,
حيث أني ببداهة الصغار أدركت أنها الساعة التي تذبل فيها أضواء السيارات , وتنام المحلات , ويخلد الضجيج البسيط إلى سريره ..
عرفتُ تلقائياً أنها الساعة التي يبدأ منها السّبات , وأنّ في ذلك زمنٌ طويلٌ مطليٌّ بالسواد , ينفث دخاناً يمنعك من استقراء ظلك ..
في الشرفة كنتُ أعلق ظلي كل ليلةٍ على الكلام وأخرج لذراعِ أبي كي أقاوم هيبة " الباحة " , المدينة التي لا أذكرها إلا وأقشعرّ ..

 

التوقيع




لم يكتب فيّ أحدٌ قصيدة واحدة ..
ولا ربع كلمة !
كنت دوماً خلف كواليسهم أرقبهم يُقرون
بأن الضوء يتسرب من يدي ..
بأن واحة اعتدل حالها عندما كتبت عنها ..
بأن سنجاباً تأقلم مع صحراء عندما غازلته بأُقصودة ..
بأن المسارح غطاها الغناء ونفضت الغبار بالستائر ثم غسلتها بحبري ..
بأن الجحيم سيصبح بارداً أكثر كلما راسلته .. لديهم أمل أن ينطفئ ..


التعديل الأخير تم بواسطة نهله محمد ; 08-28-2010 الساعة 09:01 AM.

نهله محمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-29-2010, 05:09 AM   #18
بثينة محمد
( كاتبة و مترجمة )

الصورة الرمزية بثينة محمد

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 20

بثينة محمد غير متواجد حاليا

افتراضي


أتمنى أن أكتب لـ جدة كل يوم ..
لكن قلبي صامت.. يتنفس حبها كطفل نائم بسلام..


أحبك يا جدة ..

 

التوقيع




بثينة محمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-29-2010, 06:45 AM   #19
بثينة محمد
( كاتبة و مترجمة )

الصورة الرمزية بثينة محمد

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 20

بثينة محمد غير متواجد حاليا

افتراضي


يا قلب حيّ على الرحيل..
غابت المدن و خفتت السكنات ..
يا قلب حيّ على الأنين ..
قد ذابت الفرحات في ماءٍ جحيم..

أيا مدينتي.. سأضم شوارعك و أنوارك
و ألملم فيك و لكِ ما لم يجمعه أحد مني و نثره : كل حين

أيا مدينتي.. أيا جدتي ..
سأعشقك إلى الأبد..
رغما عن الراحلين !

 

التوقيع




بثينة محمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-29-2010, 08:57 AM   #20
نهله محمد
( كاتبة )

افتراضي




عدتُ أنبش ذاكرتي بحثاً عن مدينة تكون لي قميصاً صيفياً مُزهراً وبارداً, فكانت ..
أرضٌ حكى عنها جدي بشوق ,
تدلت من قصائده كبرتقالة ريّانة , تفرعتْ على أبياته كسوق عرائش العنب ..
كنتُ حينها صغيرة على فهم المدن متعددة النوايا والقصائد التي تكبر بحب مدينة ..
جاء اليوم الذي سمعتُ فيه ندائها .جيداً أذكر حتى لون الحقيبة الرمادية الكبيرة الممتلئة بملابس تراوغ مزاجات طقسها ..
وتماماً , فوق غيمةٍ بكيت خوفاً كأول مرةٍ أتعامل فيها مع الارتفاعات الشاهقة ,
لكني اليوم عرفت بأني إنْ سقطت , ماكنتُ لأسقط إلا في غابةٍ رحيمة .. أصبح لديّ ثقةً مُتجاوزة في أشجار الصنوبر , ومايعنيه طول أغصانها وفسحة ظلالها ..

المدينة الهشة , مدينة الجلود البيضاء ,
والمشي الطويل و السواحل التي يمتزج فيها عطرك مع البحر ..
مدينة الزوارق و الغابات , والإنتماء , والصرامة المفرطة . حتى كان ليخيل إليّ أني ملزمةٌ باحترام كرسي حديقة أمر بجانبه ..
هذا ما تعلمته من الحديث المُشطب لــ" صوفيا ".. جارتنا العجوز الأنيقة ..
في بالي الآن طريقة جلستها " الملوكية " ومشيتها المحسوبة , دون أن تطرق بكعبها - العالي جداً - الأرض احتراماً لجارها بالدور الأسفل ..
أذكر حزمها المبالغ مع أحفادها ولطفها المُسترسل معي .
اكتشفتُ ذلك بعد أن ناولتها كوب الشاي بميسرتي , فأخبرت أمي أنها كانت تجبر أبنائها -عند حركة مشابهه - على صَبّ كوبٍ آخر وتقديمه بيمناهم حتى لايألفوا معاودة الخطأ ..
كانت من النساء اللاتي يتحدثن بجرأة , وينفعلن ككومةٍ من القشّ قفزتْ فيها شرارة ..
صريحةٌ جداً وواضحة للدرجة التي شوشت عليّ نفسي ..
كريمة ومضيافة , حيث اختارت لنا شقة علوية - نظفتها بنفسها- مطلّة على بحرٍ يشبه طباعهم إلى حدٍ كبير .. آسر وهادئ ومثير..
في " البلكونة "ملياً استجمعتُ فرحتي وفرقتها كتذكارعندما حزمنا الأمتعة وهربنا من الإحتمالات ومن غضب الطقس ..

طاولة بيضاء , كرسيان , راديو بني فاحم , طبق فاكهة , سكين ,
وأبي يجلس على كرسي ويمد رجليه على الآخر والبحر رفيقه الذي لا يعكر مزاجه بالحديث عن الموج ..
هكذا كان يمضي الوقت بين الفينة والأخرى ..أما أنا فكنتُ أتعربش على السور أمامه كقطةٍ فضولية وأتأمل الزقاق الضيق ,
وفي نفسي عَدّاد لعدّ خطى الذاهبين لأحوالهم ..
حياتهم المختلفة عنا كانت شرار فضولي ..
فيمكن أن تفاجأ بسيارة للخضار تمر وتفرق الخضروات ,
أخرى أكبر حجماً مليئة بالأحذية والقلائد المخرزة ,
ثالثة لبضائع زهيدة أو ألعاب لجلب الصغار..
أجمل مايمكن أن تكون المراقبة من ربوة عالية , تبدو الحياة بالأسفل أصغر مما نعيش فيها وصاخبة بتعجرف حد سؤالٍ تطرحه على نفسك :"كيف لم أنتبه لكل هذه التفاصيل ؟"...

في خضم ذلك , كنّا نجاهد الوقت كي لايفوتنا شيء ,
الشلالات , والجبال المزهوة بالربيع , مطاعمها الكثيرة , متاحفها العريقة , أسواقها الشعبية المغرية بإنفاق نفسك فيها ..
تقرّبت فيها للسنارات في محاولة لفهمها , وكم تمنيت لو أكون سمكة ..
تقرّبت للبنادق أيضاً , الأمر الذي لم يتجرأ عليه أخي .
أطلقتُ رصاصةً في الفضاء وقفزت فزعاً لكني عدتُ للمقبض سريعاً تدفعني الرغبة لكشف جنون أبي وهوسه .
و عرفتُ المعنى في أن تكون دقيقاً عندما تراقب " شارتك " ..
اقتربت كثيراً من بياض مدافنهم و بصلابة قلب أردت إلقاء نظرةٍ فاحصةٍ منها على مدافننا الشاحبة جداً والتي تثير قلقك على الأموات ..
و بكيت فرحاً... نعم , بكيت عندما صار لي أصدقاء كبار:

- السائق الأمين" مصطفى " وخطيبته ..
كانا أكثر من يستلذان بصحبتي وبالحديث معي كصغيرةٍ لاتشبه الصغار وتثير دهشتهم بسرعة الحفظ والأسئلة ..
فعلموني طريقةً للعد وتفنيد فئات النقود , وطريق البقالة المجاورة ,
وكلماتٍ قليلة تكون جسرا بيني وبين البائع " حليب , خبز , بطيخ , شاي , تونة ".
الآن نسيت من أين تؤتى الجسور!

- بائع البوظة الشهيرة في " تَرَابيا ",
ذاك المُتلاعب , صاحب الحيل الواسعة واليد الخفيفة .
لطالما أحببت فيه ظرافته وحسن احتواءه للعرب الآخرين وكرمه في توزيع المقالب ..
للآن مازالتْ بوظته مقلوبة على يدي ,
ووجها والديّ قِبالتي أحدهما يضحك على انفعالي
والآخر يسعفني بمحارم ورقية ويخفي ضحكته كي لا أثور ويصمت الــ"كورنيش " إلى الأبد ..

وصديق ثالث لايخطر على بال أحد ,
ليس إلا الليل .. ذلك الذي يعتني بالضجيج الهاديء
و يعني أن تنصتَ كطفلٍ شرير لصوتِ الكؤوس
و تترك العنان لمخيلتك في اختيار شكل حانة , ونسوة لاتعرف ماذا يفعلن, ورجال أغلبهم من تربتك ..
وتعاود ترتيب الخيال , فتُسقط مكانه مقطعاً من فيلم أجنبيّ ليبدو دقيقاً مناسبا للقرع الذي تسمعه ..

في " تركيا " من المحتمل أن تلجأ " لميداليا " زرقاء بشكل عين فقد تختلط عليك نفسك ,
وتشعر بما لايمكن أن تشعره في مدينةٍ سواها. لها الحق إن خصصتْ لها ذاكرةً فارقة
..

 

التوقيع




لم يكتب فيّ أحدٌ قصيدة واحدة ..
ولا ربع كلمة !
كنت دوماً خلف كواليسهم أرقبهم يُقرون
بأن الضوء يتسرب من يدي ..
بأن واحة اعتدل حالها عندما كتبت عنها ..
بأن سنجاباً تأقلم مع صحراء عندما غازلته بأُقصودة ..
بأن المسارح غطاها الغناء ونفضت الغبار بالستائر ثم غسلتها بحبري ..
بأن الجحيم سيصبح بارداً أكثر كلما راسلته .. لديهم أمل أن ينطفئ ..


التعديل الأخير تم بواسطة نهله محمد ; 08-29-2010 الساعة 09:52 AM.

نهله محمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-30-2010, 09:46 AM   #21
نهله محمد
( كاتبة )

افتراضي




في يونيو تكتشف قوة سلاح سهلٍ ينتمي لمدينة توقف بعضها عند عصر , والآخر مضى قُدماً غير آبهٍ لغيرة المدن الفقيرة من ماضٍ بات لغيرها , لا ملكاً لها ..
ذاك السهل الخفيض يمنحك متسعاً للتأمل , ونسيان نفسك ..
يآخي بين جسوره ليعبرك . يتودد إليك بنهره , وفراشاته التي اعتادت المكوث في ركنٍ قصيّ من الذهول ..
على مقربة من أساطير " رودس " كَبُر الوادي بالفراشات
وكان واجباً عليّ أن أكون في باقته كي لا أشذ عن السرب ..
تلك المساحة كانت كافية بالنسبة لي كي أمحو مصطلح "الصحراء" من قواميسي مؤقتاً على الأقل ..
هناك حيث تؤذي عينيك الخضرة الفاقعة, ويفرقعك الصمت كبقيةٍ للكرنفال تضفي مزيداً من السحر على المكان ..
هناك حيث تنسى الألوان الترابية والرمادية
ويصبح المكان مسرحاً " لبليتة "الألوان و للخيال" ولفنانٍ قادم بتواطوء الطبيعة ..
لم يسحرني تاريخ "رودس " برغم هامتها الفارعة في التميز كما فعلت بساطة ذلك السّهَل , السهل الممتنع ..
ولم يلفت نظري "إيليوس " كما فعلها " بيثيوس " عندما تولى أمر سياجٍٍ يحفظ حقوق جمال تلك البقعة ..
لكني وقفتُ فاغرة على أبواب " ليندوس " القرية التي تتنفس البحر بعلوّ طيرّ من جيبي فراشاتي ..
كنتُ أفكر جادة بأن المار من هناك لن يستطع إلا محاصرة ذاكرته كما فعلتْ ؛ مخافة أن تُهدر فيها فيعود خالياً لأرضٍ لاتشبهها في شيء ..
لا في باحاتها المرصوفة بكِسَر الفسيفساء المجنونة والمرصوفة بحذاقة ولا بمحافظتها على إرثها العريق ولا
في منازلها البيضاء المتدرجة و التي تجبرك على تحسس جدرانها !!..
بالنسبة إليّ كنت أوجه لها أسئلة من تحت ضرسي :
- ( إلى متى سيمتد بكِ هذا البياض ! ) ,
-( أمتأكدة هناك أحدٌ بالداخل ؟)
-( أما مللتي من مقابلة الشاطئ ومجاورة القلعة ؟ ..
أوووه , القلعة التدك في صدرك باباً من أول نظرة , وتجعل من الهيبة مفهوماً مختلفاًعن الذي عهدته مرعباً في "الباحة" ..

من أول ما استقبلتنا " أثينا " ,
كان لديّ حدسٌ غريب بأن هذه البلد لاتخون زائرها . يكفي أن تقدم لكَ أرضاً تفاجئك بصورتك على رصيفها ,
أو على رمل شواطئها أو طاولاتها تماما كما على زجاج " الفاترينات " . و ماكنتُ لأشعر بالقرف لو سقطت من يدي حلوى واستعدتها من الأرض بثقة , بل واستلذذت مذاقها ..
" أثينا " التي اختلطت فيها الحضارة بالمتاحف والمعابد وعجّت حول آثارها الأجنحة و الأساطير ,
تجعل من شعورك أسطورة وأنت ترتقي " تل الكافتيوس " مراقباً إياها عن كثب , مُضيفاً إلى قائمة التأمل ألفي جزيرة كاحتياطٍ جمالي تعتد به
وفيه من الدهشة ما لاينتهي من إقلاعٍ واحدٍ وقصير ..
" اليونان " المدينة التي سأعود لها حتماً وبحوزتي ذاكرةً إضافية ..

 

التوقيع




لم يكتب فيّ أحدٌ قصيدة واحدة ..
ولا ربع كلمة !
كنت دوماً خلف كواليسهم أرقبهم يُقرون
بأن الضوء يتسرب من يدي ..
بأن واحة اعتدل حالها عندما كتبت عنها ..
بأن سنجاباً تأقلم مع صحراء عندما غازلته بأُقصودة ..
بأن المسارح غطاها الغناء ونفضت الغبار بالستائر ثم غسلتها بحبري ..
بأن الجحيم سيصبح بارداً أكثر كلما راسلته .. لديهم أمل أن ينطفئ ..

نهله محمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-30-2010, 10:17 AM   #22
ضياء شمس الأصيل
( شاعرة )

الصورة الرمزية ضياء شمس الأصيل

 






 

 مواضيع العضو
 
0 إليكم الميكروفون
0 حادث وحديث
0 روتين
0 دقيقة صمت

معدل تقييم المستوى: 31811

ضياء شمس الأصيل لديها سمعة وراء السمعةضياء شمس الأصيل لديها سمعة وراء السمعةضياء شمس الأصيل لديها سمعة وراء السمعةضياء شمس الأصيل لديها سمعة وراء السمعةضياء شمس الأصيل لديها سمعة وراء السمعةضياء شمس الأصيل لديها سمعة وراء السمعةضياء شمس الأصيل لديها سمعة وراء السمعةضياء شمس الأصيل لديها سمعة وراء السمعةضياء شمس الأصيل لديها سمعة وراء السمعةضياء شمس الأصيل لديها سمعة وراء السمعةضياء شمس الأصيل لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


...


تابعي يا غاليتي نهلة
وبالتوفيق لصفحة البوح


مودتينقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

...

 

التوقيع

أنت نغمة الحياة التي تعيش بداخلي


التعديل الأخير تم بواسطة ضياء شمس الأصيل ; 08-30-2010 الساعة 11:16 AM.

ضياء شمس الأصيل غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-31-2010, 07:30 AM   #23
نهله محمد
( كاتبة )

افتراضي


كان الجو خانقاً , وكأن نهراً تفجر في جبيني فجأة , يختلف الطقس هنا عما كان عليه في مطار جدة ومطار مصر تماماً ..
أعيد لف العمّة وأتمسك في مقبض الباب بأقصى محاولةٍ للبقاء ,
فالكثبان التي كانت تتناوب على رمي " جيبنا الشراعي العتيق " تجبرني على التمسك بأي شيء مخافة أن أجابهة أرضهم صارمة الحرارة ..
جف ريقي , وأبي مسترسلٌ في الجنون كعادته .
يعامل البراري وكأنها ملكٌ له , ويرسل للفراغ خلفنا غباراً كثيفاً يُعطي أملاً مموهاً للأرض المتقشفة بمرور الضباب في غير موسمه ..
كنا نسابق الزمن بأربع عجلات , وخارطة , و بوصلة أعارها أحد " الرشايدة " لأبي ,
لأنه يعرف أنه مقدمٌ على الضياع بصدرٍ رحب ..
الأخيرة لم تكن تقنعني في تغير مزاج إبرتها كلما اضطررنا للحاق بغزالةٍ شاردة من فوهة " الشوزن " ..
الذخائر , والماء أهم مايمكن الحفاظ عليه ,
فهناك في تلك الأرض التي تفتح أجوائها للرصاص الطائش لا يمكن أن تفرط في طلقة على الفراغ
و لا أن تشخص غدك , ولا التنبوء بإحداثياته .. ببساطة لأنها منطقة للتنازع على الحياة ممن لايعيشون إلا فيما دون الصفر ..
تماماً تشبه البراري التي كنتُ مولعةً باكتشافها في الأفلام الوثائقية , حتى في أدقّ التفاصيل ..
الحشائش المصفرة الطويلة , الزواحف الغريبة , أشجارها الشائكة جداً ,والتي غالباً ماتكون مهبطاً لبعض النسور والعقبان ,أو ظلاً للظباء المتعبة و للنعام الذي ما لمحته مرةً يدسُ رأسه في التراب كما يُشاع !..

طلقة واثنتان ,
سرعة مجنونة
وطلال مداح يغني " مدام معايا القمر مالي ومال النجوم "
و أنا في خضم ذلك أشعر برعبٍ لم أعتاده قبل تلك اللحظة,
أنوي قفل جهاز التسجيل ليضمحل الخوف مع العتمة ولكني مشغولة بتوثيق نفسي حتى لا أطير من المقعد ..
وباحترافية تامة يفتح أبي أضواء الجيب للحظة ويقفلها كي لاينتبه لنا قاطع طريق , ويواصل ..
يقف على مسافة بعيدة من غزالة منهكة .. منذ المغيب تقريباً ونحن نطاردها بلا توقف ..
إصرار أبي في معاندة الأرض لم أكتشفه إلا هناك وورثته لحظتها باختياري ودون مقدمات..
لكني فشلتُ في محاولة أن أكون مذهلة مثله , هو الذي أذهلني بحذاقته وأصابها صريعة من رميةٍ واحدة وموفقه جداً ..
كان الصيد وافراً يومها لكنّا اكتفينا بالكفاف واكتفيت بإعجابي المتزايد به دون توضيح ..
عندما رتبنا خيمتنا الصغيرة , كنتُ متعبة,مغموسةً في رائحة الدم ..وأبي منشغلٌ في تجميع الحطب لشواء الغزال .. قال وأنا أتأمل صمت المكان :
" هذه المدينة تعرف من أين تأتي زوارها ,
أرضٌ ذكيّة , لا تقفل في وجههم ديوان ضيافةٍ أبداً ..
حتقدم لهم قدراً من الحرية مقابل المال الزهيد أحياناً وتقدم الجنون أيضاً متى ما أرادوا الشعور بأنهم أفلتوا من قبضة المنطق وسياسة التعقل "

كنتُ أقلب حديثه , وأسمع أصوات حشرات الليل , وألحظ من بعيد عيون القطط البرية كاختصارٍ للبرق , تبرق وتختفي ..
و تنفرد أمامي الأرض عاجةً بالجراد بمقاساتٍه المختلفة بعضه يحوم حول أنوار السيارة المطفأة والآخر عبدٌ للفضاء,
لم أتصور الإقتراب يوماً من أرضٍ لاتناسب فطرتي إلى هذا الحد المقلق..!
لم يخطر لي ببال أن أتحول لمساعد قنّاص وأحمل خنجراً وذخائر احتياطية تأميناً على الحياة ..!
صوت الريح كان يحملالأسئلة /الخوف وينثره علينا من بعيد ..
وفيما انشغل القناص بالجوع , انشغلت بأن أكون صديقةً للنار بدلاً أن أكون لقمةً سائغة للبرد وللسباع , فالطقس أصبح قاسياً جداً على عكس ماكان يعنيه النهار تماماً..
كنت أفكر وقتها فيما كنا عليه اليومين الماضية,
وكم عبأني الفرح بجِيرَة المالك الحزين , والبجع والأوزات ,
مزهوةٌ أقدامي بالجري حول" بحيرة العسل ".. كنتُ قد أكتشف فيها لأول مرة معالم لم يحدث أن واجهتها إلا هناك.
مليا قلتُ للماء : يالحلم البراكين التي تنفث السواد صامته .
مراراً تفحصت الملح الذي حسبته جليداً وهو يشكل حزاماً كثيفاً حول البحيرة .. وفاجأني الجبس وهو يزيد من ألق الأرض بشكلٍ يثير حفيظة أرضك في مكانٍ ما ..
وفي " زجاللو " كانت متعة النظر إلى النخيل وقطعان الايائل مثاراً لشهية مفتوحة على الطبيعة الأم
والتي لم يلوثها سعال المصانع ولا عجرفة البشر . فيها مايجعلك تعود طفلاً تتراكض خلف الأشياء التي لم تألفها وتضحك بملئ شغبك..


( لا أعرف كيف سقط سحر " جيبوتي " من الخرائط السياحية, وكيف لم ينتبه أحد لشعبها الودود جداً ) ,
قالها أبي وأنا أحاول تجنب مكنستي , و البقاء لصيقةً بالأرض على التحليق الخياليّ فوق الكثبان و القفز خلف الأرانب والهروب من القلق واللجوء إلى وسط المدينة ...
جيبوتي , المدينة التي لا تعترف بالمكاييج ولا بنفاق خافي العيوب ,
و التي تمنيت لو عاشرتها فعلاً من غير أقاصيص أبي
..

 

التوقيع




لم يكتب فيّ أحدٌ قصيدة واحدة ..
ولا ربع كلمة !
كنت دوماً خلف كواليسهم أرقبهم يُقرون
بأن الضوء يتسرب من يدي ..
بأن واحة اعتدل حالها عندما كتبت عنها ..
بأن سنجاباً تأقلم مع صحراء عندما غازلته بأُقصودة ..
بأن المسارح غطاها الغناء ونفضت الغبار بالستائر ثم غسلتها بحبري ..
بأن الجحيم سيصبح بارداً أكثر كلما راسلته .. لديهم أمل أن ينطفئ ..


التعديل الأخير تم بواسطة نهله محمد ; 08-31-2010 الساعة 07:34 AM.

نهله محمد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-31-2010, 01:33 PM   #24
صالح الحريري
( وريث الحرف )

الصورة الرمزية صالح الحريري

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 3565

صالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعةصالح الحريري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي لذاكرتك الأمان يــ نهلة :)


اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نهله محمد مشاهدة المشاركة
على عكس أغلب المدن ,














لها في الصمت نفسٌ طويل جداً مما يضمن لها هيبة تامة ..
تحتفظ بك في محفظتها المتواضعة كورقة , وعليك أن تصمت كي لاتنتبه لك الشوارع والبقالات الصغيرة جداً والباعة المتجولون والهاربون من الشمس.. ... ..
صغيرةٌ كنتُ يوم دخلتها بحبةِ موز , يوم كانت الثقة شعرة هدب بين البشر والقردة .
سعى أبي جاهداً لذاك الطريق المُقلق لنكتشف معاً سرّ مدينة تأهلك لمدينةٍ أخرى وتقبل أن تكون مدخلاً متهالكاً لجمالها.
المبهر في نظري كطفلة حينذاك , ذلك العدد المهول للأنفاق , حيث تمزق صراخي في مراوحها , ودُهست أصداؤه بالعجلات وأنا معلقة في النافذة , أفرح على اللاشيء ..
سيارة حمراء من نوع متوسط العمر ,
حقائب , وزحام , فوضاي ,
وعينا أبي التي تراقبني في المرآة الأمامية وأنا أجلس في المقعد الخلفيّ كي أحظى بفرصة ضَمّهِ من خلف المقعد -بيدين قصيرتين جداً - وأقبله .
قبلةٌ على الشعر ومرةٌ على " الغترة " ومرة على الكتف وأخرى على الأذن , حتى ضاع الطريق في القُبل و استقبلنا الضباب ..
معطفي هناك كان صديقي الأول , ووصية أبي الدافئة , تنبيهات أمي الملازمة لظلي ..

على ربوة, وبعد خطوة واحدة, اكتشفت أن للحديث فيها شكل دخان, إنها المرة الأولى التي يبهرني فيها شكل الكلام ..
كسرتُ عود شجرة صمغية قريبة , و افتعلت تدخيناً وشروداً ..
كنتُ في الغالب أتلمس في داخلي أنثى لم تسمح لها الفرصة أن تستطيل ..
لكني هناك تحديداً كَبُرتُ بسرعةٍ هائلة ..
شعرتُ بي أختار شخصي , و أميز كينونتي دون عوائق ..
إلا أن الخوف الذي لازمني مطولاً كَبُر هناك أيضاً وأعادني لضفائري ..
لم تكن لتسعفني ذراع أبي وتذبه عني بشكلٍ كامل , لأنه كان يختار النوم فيها بعيداً عن نفث التكييف .
أنا التي اعتدت صوته لترقيع الأصوات غير المبررة ..الأصوات التي تقول عنها أمي " مسرى الليل يابنتي " ..
على ذارعه وفي أحضان أمي_ أحياناً _ كنتُ أعدُّ كم عجلةٍ مرت بقلقي بدلاً من الخراف .
فالشارع لم يترك لي خياراً آخر , ولم يتح لي فرصة الإستمتاع بصوتٍ غير أصوات الذهاب والإياب والأنفاس .. وكأنني حُصرت بين اتجاهين يعاكسهما الصمت ويطحنني ..

الساعة الثامنة كانت شرارة العقدة الأولى ,
حيث أني ببداهة الصغار أدركت أنها الساعة التي تذبل فيها أضواء السيارات , وتنام المحلات , ويخلد الضجيج البسيط إلى سريره ..
عرفتُ تلقائياً أنها الساعة التي يبدأ منها السّبات , وأنّ في ذلك زمنٌ طويلٌ مطليٌّ بالسواد , ينفث دخاناً يمنعك من استقراء ظلك ..

في الشرفة كنتُ أعلق ظلي كل ليلةٍ على الكلام وأخرج لذراعِ أبي كي أقاوم هيبة " الباحة " , المدينة التي لا أذكرها إلا وأقشعرّ ..
هي مدينتي ....
سيدة الضباب
سيدة قصائد الطرق الجبلي ..
عروساً تمشي على استحياء بحضرة المطر ...
كطفلة تحمل بين ذراعيها هدايا الفتنة وضحكة الغيم ...!
في غابة " رغدان " تجد أشجار العرعر كنساء يمارسنا الغناء بصوت البرد ...!
وعلى قمم جبال السراة يأتيك صوت " شيخ الشموخ " يعلن في مسامع السكون تراتيل الكرم ..!
في أزقتها الضيّقة حكايات جدّي .. رائحة ريحان جدتي .. وأشياء قديمة ما زلت اذكرها برغم كبر سني ..!
هناك بتلك الأنفاق يــ نهلة تفاصيل لحكايات التحدي ..روايات القصص القديمة " لأهل تهامة " ومعاناة الجبال ..!!


ها هي مدينتي ..
بهذا العام تضم على صدرها ...
أطفال الغيث وتباشير الهدوء ورقصات السيف ..!
تداعب بأوديتها أطفال المطر لتراهم بمشهد عجيب ..
حين يمارسون الركض من ضفة إلى الضفة الأخرى ..!

الباحة ..
سرّ طبيعي ..
ربيعٌ لكل فصول المدن ..
أنشودة المطر " لأحمد مطر " ...
مضاءة بمشكاة عصى " الطفيل الدوسي " ...
عبقة بعلم رقيق القلب صاحب الهرّة " أبي هريرة ..
ما زالت تزورها دعوة النبوة " الهم أهدي دوسا " لتنجب من صلبها دعاة للإيمان ...!


الباحة ...
سيدة العتمة البيضاء " الضباب "
حين يأتيها الشتاء تبدو كل الأشياء في خشوع ...
الناس والأنفاس .. المناظر والانظار .. الفوضى والسكون ...


الباحة ..
أي حديث عنها يــ نهلة ...
سيجعلني أغني ثم أغني ثم أغني ..
ولن ينتهي الغناء وفي الحفل عروس المطر ..!


نهلة محمد ..
غيمة فكرتك ...
أمطرت غيثاً سحا غدقا ..
وعلى ذاكرتك الأمان ودعوات أمي ...!نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


شكرا كصوت المطر في مسامع الامتنان يــ نهلة ...!

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة


التعديل الأخير تم بواسطة صالح الحريري ; 08-31-2010 الساعة 02:16 PM.

صالح الحريري غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:44 AM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.