المقام العراقي يموت ببطء

[عبدالناصر الأسلمي]

يعاني المقام الذي يجمع بين الموسيقى والشعر من الاحتضار ببطء بفعل عوامل التحديث والعنف،
بعدما كان رمزا للعراق المولود جراء تفكيك الامبراطورية العثمانية.

وتقول احد نصوص المقام
«نار الغضى لوعت مني الضمير بجاي
ولغيري منهم شرب جاس الوداد بجاي
تميت اعالج جروحي جني غريج بجاي
وانوح من بلوتي نوح الحمام بغرب
ارعى وحوش الفلا هايم صباح وغرب
ما هي مروة دخلونا بدار الغرب
ابجي على شوفكم ما تسمعون بجاي».
وكان هذا الفن الموسيقي المعقد الذي يعود الى الحقبة العباسية (750-1258)
شكل طوال عقود الهوية الثقافية لهذا البلد الذي تأسس العام 1921. لكن في مطلع القرن
الحادي والعشرين، بات هذا النوع من الفن الديني والدنيوي على السواء ضحية منوعات
عربية تغزو موجات الاثير، كما ان العنف ادى الى هجرة الفنانين الذين احيوا افضل ليالي بغداد.
ويقول طه غريب (46 عاما) قائد احدى خمس فرق ما تزال في العراق «من المرجح أن يختفي المقام مع هذا الجيل».
وفي احد مطاعم نادي العلوية، وهو واحة نادرة للحرية في بغداد، يغني لاعب الجوزة هذه القصائد
برفقة ثلاثة موسيقيين يعزفون آلة القانون والعود والطبلة مرتدين «السدارة»، القبعة البغدادية التقليدية،
وفي القاعات المجاورة، تصدح الايقاعات العربية الحديثة احتفالا بحفلة زفاف.