!! المقهورة ]] رواية [[ !! - الصفحة 3 - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
نفثات مقدسة من أنحاء اخرى .. (الكاتـب : محمد الجهني - مشاركات : 0 - )           »          فَــوَاق ! (الكاتـب : ماجد العيد - مشاركات : 14 - )           »          وصب ! (الكاتـب : تركي المعيني - مشاركات : 155 - )           »          هــايــكــو (الكاتـب : حسن زكريا اليوسف - آخر مشاركة : تركي المعيني - مشاركات : 299 - )           »          لاَ مِسَاس ... ! (الكاتـب : جليله ماجد - مشاركات : 509 - )           »          ارتداد (الكاتـب : ماجد العيد - مشاركات : 325 - )           »          جُمُوحُ العَاطِفة (الكاتـب : محمّد الوايلي - مشاركات : 1682 - )           »          [ #مَعْرِضٌ وَ تَعْلِيْقٌ ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : ماجد العيد - مشاركات : 8214 - )           »          تبّت يدين البُعد (الكاتـب : عبدالله العتيبي - مشاركات : 14 - )           »          [ رَسَائِل أُخَوِيّة ] : (الكاتـب : خالد صالح الحربي - مشاركات : 41 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النثر الأدبي > أبعاد القصة والرواية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 08-11-2007, 08:41 PM   #17
صُبـــح
( كاتبة )

الصورة الرمزية صُبـــح

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 676

صُبـــح لديها سمعة وراء السمعةصُبـــح لديها سمعة وراء السمعةصُبـــح لديها سمعة وراء السمعةصُبـــح لديها سمعة وراء السمعةصُبـــح لديها سمعة وراء السمعةصُبـــح لديها سمعة وراء السمعةصُبـــح لديها سمعة وراء السمعةصُبـــح لديها سمعة وراء السمعةصُبـــح لديها سمعة وراء السمعةصُبـــح لديها سمعة وراء السمعةصُبـــح لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي




سيدتي الجميلة ...



القراءة هنا لم تذر سيلاً للجمال على كيزان الإبداع الا وتلقفته مأفونة بالمسك !

قلمك كالاشياء التي لا تأتي دائماً !


تقبلي اعجابي ووعد متابعتي ...



صُبــح


 

التوقيع

العزلة أبرح فسحة للنسيان ... !

صُبـــح غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 08-11-2007, 10:14 PM   #18
العـنود ناصر بن حميد

شاعرة و كاتبة

مؤسس

الصورة الرمزية العـنود ناصر بن حميد

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 510

العـنود ناصر بن حميد لديها سمعة وراء السمعةالعـنود ناصر بن حميد لديها سمعة وراء السمعةالعـنود ناصر بن حميد لديها سمعة وراء السمعةالعـنود ناصر بن حميد لديها سمعة وراء السمعةالعـنود ناصر بن حميد لديها سمعة وراء السمعةالعـنود ناصر بن حميد لديها سمعة وراء السمعةالعـنود ناصر بن حميد لديها سمعة وراء السمعةالعـنود ناصر بن حميد لديها سمعة وراء السمعةالعـنود ناصر بن حميد لديها سمعة وراء السمعةالعـنود ناصر بن حميد لديها سمعة وراء السمعةالعـنود ناصر بن حميد لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي



الوجه الأليم

إستمتعت كثيراً بهذه الأجزاء

بإنتظار الـ يتبع

لقلبكِ السلام


 

التوقيع


ونتمرجح .. بكفوف الريح !!

العـنود ناصر بن حميد غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 11-01-2007, 12:24 PM   #19
الوجه الأليم
( كاتبة )

افتراضي


.
.




صبح ,, والعنود ..


اسرّتني كلماتكما كثيراً ..



ولعينكما هذا الجزء ..






.
.




نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

 

التوقيع

.0.
.0.


وحيدةٌ أنا دُونما ذاكرة ,,
أو ربما بذاكرة ..
ذُبل فيها كُل شيء .. ,

الاهل ..
الاصدقاء ..
والوطن !


.0.
.0.

الوجه الأليم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 11-01-2007, 12:39 PM   #20
الوجه الأليم
( كاتبة )

افتراضي


بسمه الهادي






الحلقة الخامسة

اشعر بتعب ٍ كبير ,, نهضت بتثاقل ,, فلقد نمت متأخرا ً .. !
لا ابتغي الحضور للمدرسة اليوم ..
لكن .. تذكرت أمر الاختبار .. ! وتذكرت ذلك المقرر البغيض ,, والاستاذة التي تجعل المقرر أكثر بغضا ً ,, !



.
.


دخلت الفصل وتبدو ملامحي مختلفة ,, وهذا مالم تعتده زميلاتي .. قلق يبدو واضحا ً .. هي المرة الأولى ,, الجميع يناظرني باستغراب ,, وعيناي تفضحاني !


اقتربت فاطمة وبين يديها كتاب ( الريض ) ,, وتردد تلك النظرية مرارا ً .. ثم تناظرني وهي تقول : _ يبدو بأنك لم تنمي ليلة البارحة ؟

" أجل !
" هل كنت تذاكرين للاختبار !؟


في الحقيقة أنا لا أذاكر كثيرا ً ولا اجهد نفسي بذلك ,, ويعرف هذا الجميع ,, ويلومني البعض في كثير من الاحيان .. لكني و ببساطة لا اكترث !


فاطمة تناظرني وهي ترتقب تلك الاجابة على سؤالها ,, وأنا أتثاءب :
_ لا لم أكن اذاكر ,, كنت في حالة من الأرق !


عاودت مسك الكتاب من جديد تستمر في مذاكرتها ,, ولم تحاول التعليق على جملتي الاخيرة ,, يثير استغرابي اهتمامها بدراستها الذي تغير عن الفصل الذي مضى ,, هي مجتهدة لكن ليس كمثل هذا الذي عليه الان ,,

" تذاكرين كثيرا ً ! أنت ترهقين نفسك .

" أنت تعلمين أنه لم يتبق َ الكثير على نهاية العام الدراسي ,, فبعد ثلاثة أسابيع ستبدأ الامتحانات ,, وليس هنالك من مجال لاعادة الاختبارات لذا احاول بقدر المستطاع ان اذاكر جيدا ً ..

" يبدو بأنك تبذلين كامل طاقتك لرفع المعدل وهذا شيء جيد ..


صمتت قليلا ً ثم رفعت ببصرها للأعلى وتقول بشيء من الثقة بالذات ..
_ ليس هذا فحسب !


أخذت مجالا ً قٌدر بثوان ٍ لأفكر في هدف آخر ,, وببساطة فيما بعد سألتها : _ ماذا تعنين ؟

هنا قالتها بغرور وكبرياء :
_ أريد أن يُشار لي بالبنان !



أمرها غريب فاطمة ,, لم تكن كذلك منذ أن عرفتها ,, هي مثلي تماما ً لا تفكر الا في الحفاظ على معدلها ورفعه شيء لا تطمح له إلا نادرا ً .. وأمر الاشارة لها بالبنان يبدو جديدا ً !


لم أكترث حاولت أن اشغل نفسي بأي شيء آخر وتركتها تذاكر علها تحقق مطلبها الذي تطمح له ,, ولكنها للحظة ما جمعت كل ذلك الشتات الذي كنت عليه بقولها :

_ أريد أن أكون عنوانا ً لحديث المدرسات هنا ! أريد أن يتحدث عني الجميع .. ! ويقال إن فاطمة هي الافضل .. كن َ مثلها !



هذا الحديث يذكرني بمريم !! فهو ذاته الحديث الذي يتناقله الكثير عنها ,, وهي محورا ً مهما ً لحديث الكثير من المدرسات .. !!


يبدو بأن فاطمة تطمح لئن تكون مثلها !
شيء جيد !


فقلت لها ببراءة :
_ كمثل مريم إذا ً !


لكن صوتها جاء حادا ً وهي تنفي قولي :
_ لا ليس مثل مريم ! فأنا الافضل !



الكلمة الاخيرة جعلتني اكثر الاهتمام لما قالته ولما ستقوله .. يبدو في الامر تحد ٍ .. !!


" وكيف أنت الافضل ؟؟

" لاني الافضل !!



هي تصر بأنها الافضل ,, وذلك لغريب .. الامر ليس تحد ٍ على مايبدو لي ,, شيء قريب لما يسمى "" الغيرة "" هكذا كنت أرى من حديثها !


كنت ألمح ذلك جيدا ً في عينيها فسألتها :

_ لماذا هذه المقارنة فيما بينكما ؟

_ هي ليست مقارنة يا ليلى .. فأنا وهي مختلفتان !

_ لكنك تتحدثين عن طموحك كما لو تتحدثين عما يحصل معها الان !!


هذه الجملة لم تعجبها فقالت بغضب :

_ لقد سأمنا ذلك الحديث الذي يدور حول مريم ! الا يوجد غيرها ؟؟

_ ولماذا كل هذا الغضب ؟؟

_ لا أبدو غاضبة !!


_ بلى !!




شعرت بأن شيء من الحقد تحمله فاطمة في قلبها لمريم ,, أزعجني ذلك إلى حد كبير ,, أنا أعتز بمعرفتي لفاطمة ,, لم تكن تعرف مثل هذه الامور ,, قد تغيرت فجأة ,, أصبح المتميزون يمثلون لها شيئا سيئا تمقته وليس منطلقا ً للتغيير في أمر ٍ ما !



لقد تغيرت كثيرا ً وكثيرا ً جدا ً .. !! والكثير مما أعرفه قد تغير .. !
لكن لا أجد في نفسي تغيير يذكر ,,
لا أعلم إذا ما كنت سأبقى على ما أنا عليه الان ,, أم خلاف ذلك !




دق الجرس ,, وصوت استاذة ( الرياضة ) يصلني ,, تأمرنا بالنزول للطابور الصباحي ,, أنا لا اشء النزول ,, أبدو مرهقة ,, أختلقت حجة ما للبقاء في الفصل ,, هكذا كنت أبتغي .


لكن المشرفة لم تدع لي مجالا ً للبقاء ,, وعذري لا تراه كفيلا ً في ابقائي في الفصل ,, ! فغادرته رغما عني وعلامات الاستياء قد برزت على ملامحي ..



وقد غيرت كل تلك الملامح مريم !
أجل رأيتها وأنا خارجة ,, شعرت بسعادة لذلك ,, لكنما السعادة سرعان ما تحولت لخيبة أمل ,, !
لم تكترث لرؤياي ,, بل اسرعت نحو الطابور كهروب ٍ واضح ٍ مني !


شعرت بالاسى ! بالحزن ..

مابالها ؟؟ لا اعهدها كذلك من قولها بالامس !


لماذا الفرحة لا تظهر على ملامحها ؟
ولماذا هربت حين لاقتني !



مريم .. صدقوني ستدعوني للجنون هذه الانسانة !






****





لم أكن أتوقع أن يكون الاختبار سهلا ً الى هذا الحد ,, يبدو بأن فاطمة تجيد الشرح ,, أتوقع لها مستقبلا ناجحا ً في مهنة التعليم ,, اتذكر بأنها أخبرتني ذات يوم أنها تحلم بأن تكون " استاذة " .. هو شيء ممتاز ..


أهديتها نظرات شكر وأمتنان على مساعدتها بالامس ,, هي الاخرى انتهت من الاختبار مبكرا ً ,, وهي الاخرى كانت تناظرني بابتسامة شبيهة بالنصر .. !


يبدو لي بأنها في اعتقاد تام بأن لها الفضل في انجازي للاختبار في وقت مبكر ..
مغرورة هذه الفتاة .. !!



اقتربت الاستاذة عند ناحيتي ووقفت قليلا ً بالذات عند طاولتي ,, أخذت الورقة وناظرتها و أخذت تتأمل الاجابة جيدا ً ,, وبين حين وآخر تناظرني بطرف عينها ,, كما لو إنها في استغراب .


كنت في ضيق تام لتلك النظرة ,, التي اعقبتها نظرة لما يحتويه " درجي " .. !
اعتقد ذلك محاولة لتأكيد منع " الغش " أو للتأكد من عدم حدوثه ..


تبا ً لها .. بحق أمقتها .




زميلاتي يناظرني وهن يضحكن .. ولا شعوريا ً وجدت نفسي أضحك .. وهذا ما أثار الاستاذة ,, أود أن أخبركم بأن جميع زميلاتي يمقتن هذه الاستاذة ,, فهي تحبط اجمع محاولاتهن ..


اقتربت ناحيتي وهي تسألني بغضب :
" لماذا تضحكين ؟؟ أضحكينا معك !

في واقع الامر لا أجد داع ٍ حقيقي للضحك ,, فأجبتها " لا شيء !


قلتها بنرة سخرية غير مقصودة ,, فثار جنونها وأمرتني بالخروج من الصف ..!
هذه المرة الاولى ! ومافعلته أنا لا يستدعي كل ذلك .. !


كررت أمرها بعد أن وجدتني في حالة صمت ,, وهي على قرارها باقية بخروجي,, كنت مستاءة الى حد ٍ ما ,, الا أنني وجدتها فرصة للهروب من الحصة ..



كان يتوجب علي المضي إلى المشرفة الاجتماعية الا إني فضلت التجول في أنحاء المدرسة ,,

وصلت الى دورة المياه ,, لابد من غسل وجهي فالنوم لا يزال متربعا على عرش ملامحي ,, وللمرة الثانية رأيتها ,, مريم هذه المرة لن أدعك ترحلين دون حديث منك اسمعه !



" من ؟ مريم ؟


نظرت لي بوجه ٍ مبتسم وحزين ..

" أهلا ً ليلى .


ثم استدارت نحو المرآة تلقي آخر نظرة ,, أخالها ستنصرف ,, لتؤكده بقولها :

" هيا سانصرف الان لا أود أن أتأخر !


تركتها تمضي وفي اللحظة الاخيرة استوقفتها بندائي :


" مريم ؟ هل استطيع الحديث معك ِ .. ؟


حاولت أن تنهي الحديث وتقول بسرعة :
" ليس الان !



وسرعان ما انصرفت ,, بعيدا ً نحو صفها !


لماذا تتجاهلني هذه الانسانة .. ؟؟ في لقائنا بالامس لم تكن مترددة في قولها ,, ولم يكن شعورها مختلط بين السعادة والضيق ,, حتى حين لاقيتها في الحي لم تكن كذلك ,,


أفكار أخذتني للبعيد ,, هل أبدو شيئا ً سيئا ً لتنفر مني ؟؟ أم أن هناك حقيقة تخشى فضحها فتهرب كلما لاقتني ؟

وعادت لتقتحم فكري من جديد .. وتتناظر أمامي كل المشاهد .. وكل الحديث ..

حديث المدرسات عنها ..
مطالبتنا بالاقتداء بها ..
لقاؤنا الاول ..
معرفة منطقة سكنها ..
هروبها مني هذا الصباح ..
وهروبها مني قبل قليل ..
ابتسامتها وحزنها الاخير ..


كل هذا استرجعته بعد ان استندت على الحائط ,, في محاولة مني يائسة الى تخطي الحواجز ,, وإلى معرفة ما تخبأه نافذتها .
أمور كثيرة يستصعب علي حصرها ,, ولكن في مقدمتها .. ما هو السبيل للتقرب لها ..
هي صعبة .. ويبدو بأنها ترفض الغرباء ..



أووه .. هل جننت أنا ؟ أم على وشك الجنون ؟؟
مالي ومريم هذه ؟؟
هي لا تريدني
هي لا تبتغي مصاحبتي
هي لا تود حتى رؤياي ..

ألم استوعب بعد كل هذا ؟؟ ألم أقو َ على تفسير موقفها ؟؟
لماذا امضي وراء حلم ٍ هو لا يبتغيني ؟؟
ولماذا افضل البقاء بين احضانه وهو يرفضني ؟؟




لكن .. لكن .. مريم مختلفة !!


وأعود من جديد لافكاري المجنونة ,, واغرق في بحرها واغوص في أعماق أعماقها ,, لأدرك تماما ً بأن مريم هي مختلفة !


واقنع ذاتي بأن الاحلام تغدو نحو اللا تحقيق ..


أحلام ؟؟ وتحقيق ؟؟ أوه افكار لأول مرة تحلق فوق رأسي ,, وأمور لأول مرة تدور في داخله .. !
ألم أقل لكم بأن مريم هذه جعلتني استعيد وافكر بأمور أخالها غائبة ؟؟ ولم يسبق لي وإن فكرت بها .. هي كذلك حتما ً لكن مابها هذا اليوم ؟؟


وعدت في حيرة قاتلة ,, بين الهروب من طيف مريم ,, وبين اللحاق به ومعرفة خباياه ,, وأحسب الاخير هو ما سأفعله ,, فابتسامتها اللطيفة تدفع أياً يكن للتفكير بها ..




ودق الجرس معلن الفسحة ,,
هو وقت مناسب لاقتحام عالمها من جديد ,, ومعرفة مكنونه أكثر .. فمضيت بخطواتي الخجولة ,, وبتردد يخشى الفشل ,, ويخشى الهروب .



وكمثل المرة الاولى ,, وسط جمع كبير من الزميلات كانت جالسة ,, وهن في سعادة عارمة ,, للحظات لم اشء الاقتراب بل فضلت الرحيل و تركهن في فرحتهن هذه ..


لكن صوت مريم جاءني بلطافته ..


" لــــــــــيلى !



يااااه .. واخيرا ً !





اقتربت اكثر الجميع كان يرقبني خجلت في بادئ الامر فأنا لا أعرفهن ..


" السلام عليكم .


رددن التحية وقالت احداهن ..

" هل تريدين مريم ؟؟


" نعم !


ناظرت مريم وعادت ببصرها نحوي لتقول :

" أو تظنين بأننا سنسمح لك بأخذ مريم كل يوم ؟؟



لم يخجلني حديثها ,, ولم يجعلني أشعر بالاحراج ,, فكانت تتكلم بلطافة ,, أجبتها :


" إذا أمكن .. !



لتؤكد قولها :

" مريم عزيزة على قلوبنا جميعا ً ونأسى على مفارقتها .. !



ابتسمت قليلا ً وكأني ابحث عن ما أود أقوله ,,


" حسنا ً هي معكن بهذا الصف أما أنا فلا !



هذه المرة أجابتني طالبة أخرى :

" أنا لست معها بالصف ,, والفسحة موعد لقائنا الوحيد ..




الجملة الاخيرة اثارت انتباهي .. وبالذات كلمة " الوحيد " هل يعني ذلك بأنها لم تستقبلها في المنزل أو في أي مكان آخر ؟؟




صمت طويلا ً وأنا أفكر ,, ولم أقو َ على الاصغاء إلى حديثهن ,, ففكري مضى نحو شيء ٍ آخر ,, ولأتأكد لما وصلت له ,, سألتها :

" ألم تزوريها بالمنزل ؟؟



الجميع ناظر مريم ,, وملامحها التي تغيرت فجأة ,, يبدو بأني لست الوحيدة !
انتظرت الاجابة ,, لكن لم يجبني أحد ..


ولاخترق صمتهن قلتها :

" لي علم بمنزلها فسأزورها عما قريب !





لم أكن أتوقع أن جملتي تثير اهتمامهن ليقلن بصوت واحد :

" حــــــــــــــــــــــــقا ً ؟؟



تعجبت في بادئ الامر ,, وكنت أراه شيء من التكذيب واخفاء الحقيقة ,, وحاولت معرفتها لاحقاً



~~~~~~~~


فيما بعد هذا اللقاء الجماعي علمت بأن مريم لم تخبر صحبها بعنوان منزلها ,, وعرفت بأنها تمقت الزيارات المنزلية ,, ولم تكشف عن ذلك المقت أبدا ً ,, الكثير كان يحاول أن يعبث في أوراقها الخاصة ويحاول رؤية بطاقتها السكانية للوصول للعنوان ,,


لكنها لم تكن تحبذ ,, قليلات من عرفن العنوان عن طريق ذلك الا إن موقفها السلبي هذا يستدعي رفض الزيارة ,, ليس للاحراج .. بل لحبهن لها ولاحترام رغباتها ..




الجدير بالذكر بأني ومريم وقليلات من الحي ندرس في المدرسة ذاتها ,, فالقرية التي نقطنها لا توجد بها مدرسة ثانوية ,, لذا فنحن ندرس في العاصمة ..




وكان ذلك جيد بالنسبة لمريم ,, لان هذا يدعوها للهروب من واقع هي لا تبتغي أن يعرفه أحد .




هكذا هو الاستنتاج الذي وصلت إليه !





يتبع !





.0
.0

 

التوقيع

.0.
.0.


وحيدةٌ أنا دُونما ذاكرة ,,
أو ربما بذاكرة ..
ذُبل فيها كُل شيء .. ,

الاهل ..
الاصدقاء ..
والوطن !


.0.
.0.

الوجه الأليم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 11-12-2007, 08:39 AM   #21
الوجه الأليم
( كاتبة )

الصورة الرمزية الوجه الأليم

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 17

الوجه الأليم غير متواجد حاليا

افتراضي


.0.
.0.




الحلقة السادسة " إعدام يتليه حقائق !



أخبرتني فاطمة بأنها تلتقي بمريم في الحافلة والتي خصتها الوزارة لتوصيل الطالبات ,, وقد جن جنوني حينها ,, حاولت اقناع والدي في التخلي عن المواصلات الخاصة التي وفرها لي وقد اعترض قائلا :
" لم يبق َ سوى اسبوعان فقط !!

اقتربت منه أكثر حيث كان يجلس على الكرسي وبين يديه صحيفة اليوم قائلة :
" أبي أريد أن أذهب في حافلة الوزارة !!

كان مندمجا ً في القراءة وفجأة يقول وأطرافه ترتعش :
" لقد أُحكم على المتهمين بالاعدام الاسبوع القادم !!

قلت بقهر :
" أبي دعك من هؤلاء وحادثني !

ينظر لي سائلا :
" أين والدتك ؟
" في المطبخ تعد الغذاء .
" ناديها بسرعة !
" ماذا عن موضوعنا ؟
" سنتحدث فيه لاحقا ً أذهبي وأخبري والدتك بأني اريد الحديث معها ! وبسرعة !


أزعجني عدم اكتراث والدي بالامر أعرفه جيداً لن يقبل به لكني سأحاول من أجل مريم . وماقصة هؤلاء المتهمين التي أراه مهتما ً بها ؟

كانت رائحة الغذاء تخترق أنفي وتجعل معدتي تشعر بالجوع فجأة , وجدت أمي تغسل الاطباق :
" أنت طباخة ماهرة !

فقالت لي مداعبة :
" سأعلمك الطبخ إذا تزوجت ِ !

" لا أريد الزواج الان لا أزال صغيرة .

لم تعلق والدتي فكانت مشغولة بأمر الاعداد فهي دائما ً هكذا !
وتذكرت طلب والدي
" أمي والدي يريد الحديث معك .

تلفت ناحيتي وتقول :
" ماذا يريد ؟

" أظنه يريد الحديث معك حول أمر متهمين مجرمين سيعدمون .

قلتها دون مبالاة ووجدت طبق الغذاء يسقط من يدي أمي وينكسر !
وضعت يديها على قلبها وتقول :
" حقا ً ؟

ودفعتني جانبا ً وجرت إلى حيث يجلس والدي ,, إنه لأمر غريب ؛ لأول مرة أجد والدتي هكذا !

خرجت من خلفها لاستفقد الأمر فأجد أمي بحسرة تقولها :
" هل أنت متأكد ؟

يتناول والدي الصحيفة ويشير للخبر فأجد دموع والدتي تتفجر .. مالأمر يا ترى ؟؟ وأي متهمين ؟ وماعلاقتنا بالأمر ؟؟

كنت في مكاني أرقب الحدث من بعيد وأرجو أن يحصل ماهو كفيل في إخباري عن حقيقة الذي يجري من خوف وألم متمثلان في والدتي وأجدها بعد لحظات تقول :
" فليعينك الله يا أخي !!


لوالدتي أخ واحد وقد غاب منذ ثلاث سنوات بشكل مفاجئ .. أوهمتنا والدتي بأنه سافر للدراسة ,, ونحن لم نستسغ الفكرة ! لكننا عشنا على وهمها طيلة الوقت الذي مضى ,, وها انا أجد والدي يقرأ خبر إعدامه ,, أحتاج لوقت طويل لكي أستوعب الأمر .. !!

ويضيف والدي :
" سيعدمون معه ناصر ابن جارنا محمد ! وآخران !


أقتربت منهما أود فهم الموضوع كان والدي يجلس على الكرسي ذاته أما والدتي فكانت تجلس على الارض قريبة منه وقلت لها بألم :
" أماه هل خالي سيــ ع دم ؟

لم أقوَ على نطق الحروف جيدا ً ونظرت لوالدتي ارتقب ماستقوله من حقيقة أخفتها وقت طويل ! لكنها لم تجب ,, والدي هو الاخر بقى صامتا ً !
جلست بقرب والدتي وأبكاني منظرها:
" أمي اخبريني بالحقيقة .
وأغمضَت عيناها تاركة الدموع تنهمر بحرية دون قيود !


يدخل أخي عادل وينظر لنا بشيء مصحوب بالاستغراب ,, ويجد أمي غارقة في دموعها ,, أنظارنا نحن الثلاثة متجهة إليه وهو يجول ببصره وكأنه يود معرفة شيء ما , ظنناه جميعا بأنه سيسألنا عما يبكينا وحين نطق فإننا صدمنا :
" أعتقد بأن شيئ يحترق ألا يشم أحدكم ؟

وتذكرت الغذاء الذي لا يزال على الموقد انتفضت والدتي ومسحت بيديها دمعها وتوجهت للمطبخ بذات السرعة التي خرجت بها منه وقد صرخت فور وصولها :
" الغذاء قد أحترق !

ويلحق بها والدي مهدئاً من روعها ,, أما أنا فبقيت في مكاني متصلبة مع أخي الذي أظنه للتو تذكر المشهد المؤلم ويقول :
" مابكم ؟ أراكم في حالة عزاء !
" ما أدراك ؟

نظر لي باستغراب قائلا :
" هل توفي أحد حقا ً ؟

أدرت ببصري ناحية الارض ويقترب مني مكررا ً سؤاله لكنه لم يلق َ جواب فقال غاضبا ً
" إني لا أحبذ أن يُفعل بي هكذا أخبروني ماذا هناك ؟

أشرت بسبابتي نحو الصحيفة وباشارة ما فهم إن الامر متعلق بما تحتويه ,, فتناولها وأخذ يتجول عند الصفحة التي توقف عندها والدي ويجول ببصره بين العنواين ! ويستدير ناحيتي :
" لا أرى شيئا ً.

وبتثاقل وبوجع نهضت من جلستي وقد اشرت له عند الخبر المقصود ,, قرأ جزءا ً منه وعاد ليقول :
لا أرى شيئا إلى الان ,, مجرد متهمين بحرق سيارة شرطة سيعدمون !

فقلت له منصرفة إلى غرفتي :
" أسأل والدتي عن هوية المتهمين وستعرف لماذا كنا نبكي .




*********


هي المرة الأولى التي افتقد فيها عزيزا ً ! وأرجو أن تكون الاخيرة ,, لقد أخبرنا والدي قبل قليل بأن خالي أحرق سيارة شرطة عمدا ً انتقاما ً لرفيقه التي قٌتل في السجون والذي لم يحتمل التعذيب وقد شاركه في هذه العملية ثلاثة شبان أحدهم ابن جيراننا ,, في الحقيقة لا أعرفه من يكون ! ولكن خالي كان يكثر من الحديث عنه !


اُخفيت الحقيقة عنا أنا وعادل ,, كي لا يكون لقب مجرم يليق بخال ٍ طالما حملنا بين ذراعه وأطعمنا بيديه وسرح شعرنا وأخذنا نلعب في الملاهي وأشترى لنا الملابس!

لا أتصور بأنه سيعدم حقا ً وتراءت امامي كل الصور القديمة وقتها ,, وتذكرت كيف حزنت لأمر غيابه المفاجئ إلا أن الخبر الوهمي الذي عشنا على أمله دعانا لتجاهل الامر قليلا ً
تمنيت أن أحضتنه ,, أن أراه ,, أن اسمع صوته فقط ! لكن كل ذلك لا يحق لي فعله ,, فلقد مُنعت الزيارة !


تناسيت كل شيء ,, ولم أفعل شيء سوى الغرق في بحر الدموع !


~~~~~~~~


استيقظت باكرا ً بعد نوم عميق ,, كانت الساعة تشير الى الرابعة فجرا ً ,, يبدو بأن خيوط الشمس بدأت تتسلل إلى كبد السماء ,, فنهضت لتأدية صلاة الفجر !

ولعلها من المرات القليلة التي اؤدي فيها الصلاة عند هذا الوقت المبكر !

وحينما فرغت رفعت يدي إلى السماء باكية ,, متضرعة ,, أدعو الله أن يفرج هذه المحنة ,, وأن يخرج خالي سالما ً!

أرجو لا يكون مثل رفيقه الذي عٌذب !
بقيت وقتا ً طويلا ً أفكر في أمر خالي ومصيره .. أبكي واتذكر الماضي .. وفي الوقت ذاته غير مصدقة للنبأ الاخير ,, غير مصدقة بأن خالي قاتل ومجرم ! وانتقامي عند هذا الحد .. أحتاج لوقت طويل لأستوعب هذه الحقيقة , فعقلي إلى الان يأبى التصديق !


" ليلى لقد تأخرت عن المدرسة .

نادتني والدتي وايقظتني من الغفلة .. وانتبهت لها واقفة عند الباب وتضيف :
" كالعادة لاتصلين إلا متأخرا ً !

دققت النظر لساعة الحائط فوجدتها تشير الى السادسة وخمس دقائق ,, هل مرت ساعتان وأنا على الحال ذاته بحجاب الصلاة أفكر ؟ لم أشعر بذلك أبدا ً !

هي لا تزال واقفة تراني أتمتم مع ذاتي
" لقد أديت الصلاة باكرا ً هذا الصباح لكني كنت أفكر في خالي يا أمي !

أتممت جملتي فأجد الباب يُـغلق بسرعة ! ولم اسمع خطواتها ,, يبدو أنها لاتزال واقفة خلف الباب ,, غير راغبة في سماع أي شيء !


***********



لم أكن على مايرام بالمدرسة هذا اليوم ,, كنت قلقة وخائفة ,, وتناسيت كل الأمور ,, كنت متعبة وما زادني تعبا ً هو هذا الطابور الصباحي الممل الذي أمقته !

اذاعة صباحية طويلة مملة ,, أكاد أجزم بعدم وجود طالبة منتبهة لما تقوله هذه الاستاذة من نصائح نجدها قديمة متكررة قد حفظناها !


فاطمة هي الاخرى منزعجة من أمر هذه الاذاعة الطويلة وللهروب من أجوائها تسألني :
" ألم تقولي بأنك ستتواجدين معنا في الحافلة هذا اليوم ؟

استرجعت شيء من ذاكرتي وقلت لها :
" اتصدقين نسيت ؟
" حقا ؟
" أجل نسيت الأمر ولم أتذكره إلا الآن بقولك !
" مريم لم تحضر اليوم بالحافلة لقد أوصلها والدها .
" هل هذا غريب ؟
" هي المرة الأولى التي تفعلها .
" هل تتوقعين .....

ولم أتم جملتي فقد زجرتني الاستاذة غاضبة :
" دعكما من الثرثرة واصغيا للإذاعة !

وتقدمت بخطواتها نحو الامام وتقول فاطمة :
" سنستأنف الحديث بالفصل !


لقد وجدت مريم هذا الصباح حين الانتهاء من الطابور الصباحي وابتسامة غريبة تبدو على ملامحها ,, أما أنا فلم يكن يثير اهتمامي ذلك ,, فلقد كنت متألمة لأمر إعدام خالي !

شعرت بصداع حاد يجعلني أفقد كامل قواي في التركيز وقد استئذنت الاستاذة بالنزول للمشرفة الاجتماعية معللة ذلك بشعوري بالارهاق

وهي لم تمانع وطلبت من إحداهن إيصالي .


استلقيت على السرير المخصص للمرضى بعد أن أخذت حصة من " البندول " وقد نمت دون شعور للوقت الذي قضيته أثناء هذا !


وصحوت على أصوات تصدر من الغرفة الخاصة بالمشرفات القريبة من هنا ,, حاولت أن أركز ولو بالقليل على مايجري هناك ,, أعتقد بأن إحداهن أغشي عليها !

أدرت ببصري ناحية ساعة اليد أجدها تشير الى العاشرة ,, لقد بدأت الحصة الرابعة الآن !

نهضت وقد أعدت ترتيب اللحاف وأجد الباب يفتح فجأة

يحملن طالبة يردن وضعها على السرير !
كما توقعت فتاة أغشي عليها .. !

في الغرفة سريران فقط وهما متقاربان من بعضهما وحين ابتغت المشرفات وضع الطالبة قالت لي إحداهن :
ابتعدي بسرعة !

فانصرفت فجأة ملقية نظرة عابرة على الطالبة .

وفجأة توقف الكون من حولي وشعرت بأن قدماي لا تساعداني على النهوض وأمعن النظر لأتأكد من هذه التي أراها محمولة بين الأذرع مغشى عليها ولعاباً يسيل من فمها وعيناها الفارغتان من نورهما !

مريم لا لا !

صرخت مفزوعة :
" يا إلهي ماذا بها ؟

أمسكت بيد إحدى الطالبات أسألها لتجيبني :
" لقد تلقت خبرا ً عن أخيها لم تحتمل فهوت أرضا ً !

وسألتها بسرعة :
" ماذا عن أخيها ؟

وتجيبني وهي تنظر لمريم بخوف :
" سيعدم !


لحظة !
سيعدم ؟

تذكرت حديث والدي بالأمس جيدا ً ,, لقد قال من ضمن حديثه بأن ابن جيراننا سيعدم .. ناصر ! الان فهمت .. ابن جيراننا هو ذاته أخ مريم !


وقد أخبرني والدي بأن خالي أحرق السيارة وقتل من فيها مع رفاقه الثلاثة . هل يعني ذلك بأن أخو مريم صديق خالي !؟

أمور كثيرة جرت بسرعة لم أعد قادرة على استيعابها ,, اشعلت في رأسي الالم ذاته الذي راودني قبل ساعات ولا شعوريا ً وجدت يدي تمتد نحو كتف أحدى المشرفات وقد افتقدت قوتي على الوقوف !


~~~~~~~~~


صحوت قبيل نهاية الدوام الدراسي بوقت قصير , وقد وجدت مريم مستلقية في حالة مؤلمة ,, الدموع على خدها تنهمر بقوة !

نهضت من السرير مقتربة منها أريد مؤازرتها مواساتها وفهم شيء مما يحصل فقلت لها :
" هل أنت بخير !؟

لم تعلق على قولي ولاذت بالصمت بدموع تحرق خديها ,, ووجدت يدي تمتد ناحيتها امسح دموعها وتلفت ناحيتي اخيرا ً بحزن عميق وبدمع غزير ,, وبألم كبير وتقول بصوت مختنق :
" سيعدم أخي يا ليلى .

وترمي برأسها في حجري باكية !

مسحت بيدي على رأسها غير قادرة على الحديث ,, أو حتى قول بأن خالي هو الآخر سيعدم !

وتصمت قليلا ً وتعاود الحديث :
" لماذا قتلتهم لماذا ؟ لماذا لم تدعهم وشأنهم ؟
الأ حسبي الله ونعم الوكيل !


كيف أداوي مريم ؟ وأنا أحتاج لمن يداويني ؟؟ كيف أواسيها وأنا أحتاج لمن يواسيني ؟؟ بماذا أحدثها ؟ وأنا أجهل ماعلي قوله !

لم أقو َ على نطق أي حرف ,, بل تركتها تتحدث بحرية ,, وتطلق مابداخلها من زفرات أسى وشجن ,, تركتها في حرية تطلق سيول دمعها فيما أكتفيت أنا بمسح رأسها ! وتربيت كتفها !

" لماذا يا أخي ؟ ليتك لم تقتلهم وليت لم تحرقهم ليتك !

ويتعالى صراخ مريم فتدخل إحدى المشرفات المتواجدات وتسألني :
" مابها ؟
" إنها تبكي أخاها !
" فليعينها الله !

وتقترب منا وتحاول أن تهدأ من روعها قليلا ً وأن تخفف من حزنها بمواساتها وبحديثها لكن مريم تأبى التوقف عن البكاء وتحدثني المشرفة :
" لم يتبق سوى عشر دقائق عن دق الجرس اذهبي للصف لتعدي نفسك للانصراف .

وهل أقوى أنا على الانصراف وترك مريم بحالها المبكي !؟

" سأبقى مع مريم .

" اذهبي فالحافلات لا تنتظر كثيرا ً .
" لا يهم سأبقى !


وتعيد ببصرها إلى مريم وهي تبكي بصمت وتأمرني :
" احضري لها كوب ماء من الغرفة المجاورة .

أحضرت الكوب مسرعة وقد كان على وشك السقوط من يدي !

" مريم اشربي الماء .

تنظر ناحية اللاشيء وفمها مغلق ,, هي لا تدري بشيء ,, هي لا تسمع أي شيء !
مريم ارجوك كوني بخير ارجوك !!!!!!



لقد تعافت مريم بعض الشيء ,, واتصلتُ للمنزل ليحضر السائق المدرسة ,, فالدوام المدرسي انتهى منذ فترة طويلة ,, والحافلات قد سارت !

المشرفة اتصلت في عائلة مريم لتخبرهم عن الحالة السيئة لها ,, كما أخبرتهم بأمر ايصالي لها ! وهم بدورهم لم يبدُ اعتراضا ً على الامر .

لم يكن في المدرسة سوانا أنا وهي والحارس !

وقفنا بالخارج ننتظر السائق وقد جلسَت على الكرسي القريب من البوابة ,, لتحتمي بظلال الشجرة المزروعة هناك ,, فالشمس كانت حارقة عند هذا الوقت .


" مريم هيا لقد وصل .

وبتثاقل تام وبخطى موجعة تتقدم ناحيتي ممسكة بيدي لأوصلها !!

حاولت الحديث معها طوال وقت العودة وقلت :
" هل تعرفين اصدقاء اخيك الذين سيعدمون !؟


شعرت بالندم على سؤالي الغير جيد في وقته ,, لكنها بعد دقائق أجابتني :
" أعرفهم جميعا ً إحداهم ابن جيراننا ,, أما البقية فهم من مدينة أخرى .

هو بالتأكيد خالي فقلت :
" وماذا تعرفين عن ابن جيرانكم ؟

" كان صديق حميم لأخي لقد كان يحدثني كثيرا ً عنه وكما كان يحدثني عن ابناء أخته !!


يحدثك عنا ؟؟ عني أنا وعادل ؟

فأسرعت في السؤال :
" وماذا كان يقول ؟

" كان يكثر الحديث عن ليلى إنها طيبة وفتاة نبيلة وتستحق كل الاحترام والتقدير !
أما عادل فهو شاب مشاغب !

ابتسمت لقول مريم وعدت لأسألها مجددا ً :
" ألا تعرفين ليلى ؟

" للأسف لا أعرف من تكون .
" وهل تودين معرفتها ؟

شعرت مريم بمدى اهتمامي بالأمر فقالت :
" لماذا كل هذه الأسألة ؟

" آسفة لاشيء !


السيارة توقفت ويسألني السائق مصري الجنسية :
" إلى أين أذهب الآن ؟
" إلى الجهة اليمنى !

هناك حيث منزل مريم يقع .



~~~~~~~~~~~~~~



خالي الذي تربيت بين أحضانه قاتل !
وسيعدم عما قريب !!!
الفتاة التي شغلت فكري كثيرا ً أنام معها اليوم في غرفة واحدة !
وخالي صديق لأخيها !
وكان أخيها يحدثها عني !
وهي تود معرفتي !!

أليست كل هذه الأمور كفيلة بأن تجعلني مرهقة إلى حد ٍ لا أفارق فيه فراشي ؟

كنت متعبة للغاية ,, وهي المرة الأولى التي أصاب بمثل هذه النوبة ,, وأنا عاجزة عن التفكير في أي شيء ,, فلقد اختلطت كل الأوراق ,, ولم أعد أميز بينها بشيء !


خبر إعدام خالي اصحبه خبر معرفة مريم لشخصي الذي سمعت عنه ورأته بشكل مختلف !!

أوه يا إلهي أريد أن أنام أريد أن أطرد هذه الافكار من رأسي ,, أريد أن أرى خالي أريد واريد ! وما أكثر ما أردته عند هذه اللحظة !


طرقت باب غرفة أخي عادل ,, كان الهدوء مسيطر على أجواء الغرفة على غير العادة ,, فلطالما كانت اصوات الأغاني تصدر منها وتدوي المنزل بما فيه .

فتحت الباب فأجد أخي مستلقيا ً على السرير يبكي وقد حاول أن يمسح دموعه منذ رآني .

" عادل هل أنت مصدق لخبر إعدام خالي ؟
أغمض عيناها بصمت ,, ولم يجب !

" أعلم بأنك لست مصدق مثلي تماما ً و ..

يفتح عينه بكل هدوء ويقول :
" أتركيني وحدي !




~~~~~~~~~~~~


وأُعدم خالي ,, وأعدم من معه ,, وخيم السواد على أجواء المنزل ,, أخي كان على وشك الانهيار أما أمي فكانت على وشك الموت الحقيقي !!

عم الحزن في قلوبنا ,, ومقتنا الدنيا بما فيها !

تم تسليم الجثة و قد رفض والداي اصطحابي لهناك ,, كنت مستاءة ومتألمة , اريد أن ألقي النظرة الأخيرة أرجوكم لماذا تحرموني ؟

ورجاءي لم يجدِ نفعا ً


التوقيت كان سيئاً للغاية ,, لم أقو فيه على المذاكرة للامتحانات التي ستبدأ الاسبوع القادم ,, فكنا جميعا مشغولين بأمر العزاء ,, والمصاب الذي تجلى في قلوبنا أكبر من أن يدعونا للانشغال بأي شيء آخر .


لقد مرت الايام بطيئة بأوجاعها وبآلامها ,, وكانت هي المرة الأولى التي اعيش فيها تجربة مأساوية بفقد انسان امتلك من قلبي الجزء الأكبر !



النتائج بالامتحانات لم تكن جيدة ,, ولم يثر ذلك اهتمام لدي ,, فالقلب لا يزال مفجوعا ً بفقد خالي .وقد حاولت مع مر الأيام خلال العطلة الصيفية أن أتقبل الواقع الذي يخلو من وجوده !!!!



حينما استعادت والدتي بعض من عافيتها وشعرت بتحسن في صحتها ,, أخبرتني بأنها تود زيارة بيت رفيق أخيها لتعزيهم بفقد ابنهم .. ! وكان ذلك البيت هو بيت مريم !

فكرت ملياً بالأمر ,, لقد أخبرتني طالبة بأن مريم لا تحبذ الزيارات ,, وإنها ترفضها وبشدة ,, اخشى أن يكون حضوري مخجلا ً .

" أمي لا أود الزيارة !
" لا يصح ذلك لابد منها .
" لا يتطلب ذلك حضوري .
" قلت لابد منها ألاتفهمين ؟

والدتي اصرت على وجودي معها ,, وكانت مريم وحدها من تجعلني أخشى ذلك التواجد .
فزرتها بشيء محصوب بالخجل والتوتر ,, وشيء آخر قريب لمعرفة حقيقة الاستنتاج الذي توصلت له في وقت ٍ مضى .


لأن المنزل لم يبعد سوى مسافة قليلة فإننا وصلنا بسرعة , والدتي لم تكن تعرف العنوان ,, يبدو بأنها لم تزرهم من قبل ,, !

" ليلى كيف عرفت العنوان ؟
هو السؤال الذي وجهته أمي لي راغبة في معرفة الوسيلة التي بها عرفته ..

وأكتفيت بتذكريها بشخص مريم المختلف والذي شغل فكري لمدة من الزمن ..
ووجدت نظرات عميقة في عيني والدتي بعد هذا التذكير !


طرق خفيف أعقبه خروج إحداهن يستفقد الزائر ,, وكانت مريم هي من فتحت الباب ,, وهذه المرة كان وجهها شاحبا كمن هاجرت الابتسامة عنه منذ زمن ؛ لا تزال حزينة على رحيل ناصر !
ما أن وقعت عيناها علي ّ شعرت بحدة نظراتها تكاد تخترق عيناي ,, كم نظراتها حارقة هذه الفتاة !!

" مرحبا !

قالت تلك الكلمة وكأنها تستقصد ماهو خلافها ,, شعرت بالخجل من جديد .. !

ثوان ٍ وقفنا أمام الباب في حيرة قاتلة ,, ومريم في وضع ٍ لا تسمح لنا بالدخول ,, كأنها خائفة من شيء ٍ سيقع ! كأنها لاتود أن نرى ما بالداخل .. !
أفكار مجنونة حلقت فوق رأسي عند هذه اللحظة .. ومريم لا تزال في وضع يثير الاستغراب .. وهي تحدق في وجه والدتي .

وينتهي صراع النظرات بقولها :
" تفضلا .. من هنا .. !

وجهت ببصري لأمي ألومها على اصرارها الذي يدعوني لما أنا عليه الآن ..

مريم أوصلتنا للمجلس وجالستنا في صمت دون أن تنطق ..
وقالت أمي بعد وقت طويل ٍ مضى :
" نعزيك بأخيك ناصر .. تجملي بالصبر ..


" حسبنا الله و ..

هي جملة مريم التي بترها فتح الباب بهدوء ,, لتخرج من خلفه إمرأة قد لبست السواد ,, والخصلات البيضاء منسدلة على كتفها ,, كانت تبدو إمرأة في الخمسين من عمرها ..

اقتربت منا نحن الثلاثة وقد وجهت ببصرها نحو والدتي وفتحت ثغرها بقوة وهي تصك بأسنانها :
" أنت ؟ مالذي جاء بك ِ إلى هنا ؟ أما كفاه أخوك بما فعله بابني ؟؟ ماذا تريدون ؟؟
هل تودون قتلي أنا أيضا ً ؟؟


لم تظهر على والدتي شيئا من ملامح الحرج والاستغراب .. حتما ً إنها كانت تتوقع حدوث ذلك .. كانت تلك المرأة هي والدة مريم ,, وهي لا تزال تفرغ ما بداخلها من ألم وتصرخ في وجه والدتي ..


أما مريم فلا تزال جالسة بقربي تحدق بي كأنها غير مصدقة لما قالته أمها قبل قليل .. بأن رفيق ناصر هو خالي أنا ,, أخذت الأفكار تتطاير نحوها .. !

كل ٍ كان يحدق بالآخر حرب النظرات قد عادت مجددا ً وقد تدخل فيها طرف جديد ..


صراخ عنيف ,, توبيخ ,, خجل ,, صدمة ,, هذا ما احتوته زيارة مريم الأولى ,, وبعدما لقيناه هناك أحسبها الأخيرة .. لا أخال والدتها سترحب بنا !! ..





]] يتبعــ ]]




.

 

التوقيع

.0.
.0.


وحيدةٌ أنا دُونما ذاكرة ,,
أو ربما بذاكرة ..
ذُبل فيها كُل شيء .. ,

الاهل ..
الاصدقاء ..
والوطن !


.0.
.0.

الوجه الأليم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 11-12-2007, 08:50 AM   #22
ياسر خطاب
( كاتب )

الصورة الرمزية ياسر خطاب

 






 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 2789

ياسر خطاب لديها سمعة وراء السمعةياسر خطاب لديها سمعة وراء السمعةياسر خطاب لديها سمعة وراء السمعةياسر خطاب لديها سمعة وراء السمعةياسر خطاب لديها سمعة وراء السمعةياسر خطاب لديها سمعة وراء السمعةياسر خطاب لديها سمعة وراء السمعةياسر خطاب لديها سمعة وراء السمعةياسر خطاب لديها سمعة وراء السمعةياسر خطاب لديها سمعة وراء السمعةياسر خطاب لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي


الوجه الأليم ...
شكراً للإمتاع

أسرى لـ يتبعـ

 

التوقيع

حين قضمت جرافتهم شجرة الليمون

شلح حدبته، نفض رماد رأسه

وصنع منه متراسا

حشا عيونهم بتراب الأرض

صوب إليهم أحلاما تلقفتها بنادقهم

داليا جهاد

ياسر خطاب غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 11-22-2007, 04:53 PM   #23
الوجه الأليم
( كاتبة )

افتراضي


بسمه الهادي



ياسر خطاب ..




ويبقى حضورك رائعاً !




.0




جل التحايا

 

التوقيع

.0.
.0.


وحيدةٌ أنا دُونما ذاكرة ,,
أو ربما بذاكرة ..
ذُبل فيها كُل شيء .. ,

الاهل ..
الاصدقاء ..
والوطن !


.0.
.0.

الوجه الأليم غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 11-22-2007, 04:55 PM   #24
الوجه الأليم
( كاتبة )

افتراضي




الحلقة السابعة : لعبة الاقدار


لم أعد قادرة على استيعاب كل هذه الامور إلى الان , فأنا ومنذ أن زلزلني خبر إعدام الراحل خالي وأنا لست كمثل ما أنا ,, لقد لزمت الفراش لأيام طوال ,, !

لعل الغياب الطويل الذي سبق الخبر جعلني أكثر احتمالا ً !!
وجعلني أقوى صبرا ً رغم الانهيار في بادئ الأمر !! والا لتورات الاحزان وبتُ طريحة الفراش الابدي ! فخالي الراحل كان ولا يزال يعيش في داخلي ويقيم على عرش قلبي المنكسر .. !! وهو الذي جعلني أعيش أسعد أيامي القصيرة وأتعسها الأبدية !!


عادل لا يزال غير راغب في العودة لحياته من جديد ,, وقد أنذره مديره بالشركة بالفصل إن لم يعود للعمل ! لكنه لم يكترث بالامر كما لو أنه لا يعني شيئا ً !
حاولنا معه كثيرا ً في تقبل الواقع الا أنه أبى التطبيق والاصغاء من قبله .. و في كل مرة تطلبه أمي للحديث يصرخ : دعوني وشأني !!


لقد أخبرني بعد شهر ٍ من الاعدام إنه لا يقوى على نسيان جثة خالي التي تظهر فيها ملامح التعذيب ! قال لي وعيناه تتفجر دموعاً وأسى :
" لا يمكن لي نسيان ما رأيت ! لا يمكن .. ياليتني لم أره !!
صدره شبه محطم .. وقد بُتر ثلاثة أصبع من يده اليمنى !! و شُج رأسه ,, وآثار الحبل على عنقه !
و ..

صرخت أنا : كفى كفى أرجوك !! لا يمكنني تحمل ذلك !!

وخرجت مسرعة نحو غرفتي ! وقفت خلف الباب غير قادرة على تخيل ذلك الخال - الذي حملني بين ذراعه – بوصف أخي لا يمكن لا يمكن !!


جلست خلف الباب وقد بللتُ خدي بدمعي وأصابني ذلك الصداع الذي لايود مفارقتي .. زحفت إلى الاريكة القريبة من الباب وتناولت الوسادة الموضوعة في أعلاه لأتوسد بها .


شعرت بألم كبير في ظهري بعد أن نهضت من نومي .. رغبت النزول للطابق السفلي لأحدث أمي قليلا ً وأبتعد عن هذه الأجواء المؤلمة فما مضى قد مضى .. والاستمرار في هذا الكابوس سيجعلني مقيدة لهذا الصداع البغيض ..


كانت والدتي بغرفة المعيشة تقرأ القرآن .. وهي في خشوع مبين ,, لم أرغب في الحديث عندها ,, وآثرت تركها والانشغال بأي أمر آخر ..

عدت من جديد لغرفتي راغبة في يد ٍ تقتل الألم الذي يغتالني يوما ً بعد يوم ! أريد من يعينني على هذا المصاب ,, أريد من ينسيني ما جرى ..

وللحظة أو ربما لحظتين تتراءى أمامي أطياف مريم وابتسامتها ,, وأجد طيفا يخاطبني :
" لا تحزني ليلى !!

وآخر يقول :
" دعي قطار العمر يسير ..

وآخر تظهر فيه بحزنها الأخير !!

أمد يدي لأحدهم وأهذي :
" مريم أحتاجك أنا .. !
مريم تعالي !!


وأجد الصور من حولي تدور وتدور وتدور .. ! فأدور أنا الاخرى وأصرخ :
" مريم تعالي أحتاجك ورب السماء !

وفجأة الصور رويدا رويدا ً أراها تمضي للبعيد إلى أن .. أن تختفي !!!!


*****



بدا هذا المساء طبيعيا ,, بعد مرور شهر وأكثر بقليل على الاعدام ..
أمي كانت تتحدث في أمور اخرى غير الاعدام وماتناولته الصحف وماقاله الناس عن جريمة حرق السيارة والاعدام أو ماقاله الجيران .


فكانت تخاطب والدي بابتسامة وتلتهم الطعام بشراهة ,, ! وأنا فرحة لأن والدتي استعادت كامل صحتها بعد الصدمة القاتلة !
أما أنا فلايزال بقايا حزن في داخلي سينتهي مع الأيام القادمة وماسيبقى منه سوى ذكرى !


الكرسي القريب مني خال ٍ ! وهو كرسي أخي عادل .
أتمنى له هو الاخر أن يتخطى حواجز هذه المصيبة .. وأن يعاود بذل إمكاناته من جديد ..


أما والدي فكان متأثرا ً هو الاخر وإن لم يكن بقدرنا نحن الثلاثة ! وعلى هذا العشاء عاد ليتفح الملف من جديد قائلا :

" ما أخبار أهل ناصر ؟

تترك والدتي الملعقة جانبا ً وتتنهد بأسى :
" لا أدري !

أما أنا فكان الأمر يبلغ ذروة الأهمية لدي ! فثمة تساؤلات لم أجد لها اجابة :
" أبي ؟

" نعم ؟

" منذ متى وعائلة ناصر هنا ؟

يحاول مضع اللقمة في فمه جيدا ً ويجيبني بما يزيد حيرتي حيرة !
" ثلاث سنوات ونصف !

أظنه وقت قريب للجريمة التي أرتكبوها !

" أبي ؟

" نعم بنيتي ؟

" لماذا جاءت عائلة ناصر إلى هنا ؟


وجدت والدتي تضرب الطاولة بالمعلقة صارخة :
" كفى ياليلى , لا داع ٍ لهذه الأسألة !
تناولي وجبتك ِ بصمت ..


" لكن ..

" قلت كفى !

أعود لتناول عشائي من جديد وفوق رأسي تحلق كثير من الأسألة .. ! أين عرف خالي ناصر ؟ ولماذا جاء ناصر إلى هنا في حي ٍ قريب لمنزلنا ؟ بل لماذا ترفض والدتي اعلامي بالأمر !

وتعود تيارات الفكر والتساؤلات مجددا ً اتوه بين زواياها ,, ولا أجد لي منها مفر ..


وتبعتني إلى غرفتي التي باتت ذكرى ألم !
أحاول فهم مايجري من حولي بما يختص بمريم وأخيها ,, وإلى أي مدى كان الحديث فيما بينهما عني ؟

أوه تذكرت !
مريم قد عرفت قبل اسبوعين بأني ليلى بنت أخت رفيق ناصر ! لقد كنت على وشك الاحتراق من نظراتها ! لا أدري ما يمكنني فعله حيال هذا الأمر ..

وهل ستنعتني بالكاذبة ؟

تبا ً !!
أحتاج لمن يفكني من هذا الفكر المجنون ,, !

الحديث مع والدتي بهذا الشأن هو ما أرتأيته من خلاص ٍ لقيوده .. فمضيت مسرعة لها راغبة في الحديث .

لمحت عادل في طريقه للخروج ,, فاستوقفته :
" عادل إلى أين ؟

ألتفت ناحيتي بوجه أليم :
" إلى المقبرة !

أسرعت نحوه متجاهلة الاتجاه الذي كنت على رغبة في المضي له :
" سأرتدي عباءتي وآتي معك .

قالها وهو ينصرف :
" سأنتظرك بالسيارة .



لقد كان جو المقبرة مرعبا ً ,, المكان لا يوجد به أحد سوانا ,, تخطينا القبور إلى أن وصلنا لقبر خالي ,, وباقات ورد ٍ جافة موضوعة على أعلاه , , يبدو بأنها هي ذاتها الورود التي وضعتها والدتي منذ آخر زيارة قبل شهر ! فهي لم تقو َ على إعادة الزيارة منذ ذلك الحين .


عادل بدا قويا ً في بادئ الأمر ,, لكنه سرعان ما انهار باكيا ً على القبر ! وبث أحزانه إلى صاحبه ,, وأخذ يسجل اعترافاته بالضياع .

جلست بجانبه أدعوه للنهوض ,, فماهو عليه الآن سيرسله للموت حتما ً ,, لكنه أبى فعل ذلك ,, وبدا لي كجثة هامدة حقا ً ,, بلغ الخوف في أعماقي إلى ذروته وأنا أصرخ بفزع :
" عادل انهض لا تفعل بي وبك كل هذا أرجوك .

يأبى الاصغاء يأبى كل شيء ,, وبعد أن صمت طويلا ً يصرخ " أصمتي ودعيني دعيــــني !
وعاد ليثرثر من جديد ,, ويحكي بكل الأمور السالفة في غيابه والقادمة بعد فقده ..


في المقبرة ,, وعلى قبر خالي على وجه الخصوص ,, أخبرني عادل ببعض الامور التي من شأنها أن تفكني من حيرتي القاتلة ومن فكري المجنون ,, وكان يحدثني بحرية دون أن تمنعه أدنى قيود .

كان ذلك حينما استوقفني الشاهد الموضوع على القبر الذي يقع في زاوية المقبرة ,, وقد وضعت عليه ورود لم يمضِ عليها غير سويعات ! لابد أن زاره أهله قبل حين من مجيئنا ..

" ذاك قبر ناصر أليس كذلك ؟

يلقي نظرة عليه ويجيبني : اجل هو !

" ألن تزوره ؟ وتقرأ الفاتحة ؟
" بلى سأفعل ذلك حينما أكتفي من الجلوس هنا !

يعود بنظراته للقبر ويقول :
" لم يفعلوا بوصيتك !!

وصية ؟؟ ومن اولئك الذين أخلفوها ؟؟ فأسأله :

" عم َ تتحدث ؟

" لقد أوصى ناصر أن يدفن قريباً من قبر خالي ,, لكنه لم يعمل بوصيته !


الزيارات قد منعت منذ عام أو ربما أكثر ,, فكيف لوصية كمثل هذه أن تصل عادل ؟ هل كان يعلم بخبر إعدامه منذ مدة ؟؟ أم توقعه ؟؟

" ومنذ متى وصى بذلك ؟

ويطلق زفرة شجن عميقة : منذ سنيــــــن !
ويكمل :
لقد عرف خالي ناصر منذ مدة ,, لربما عشر سنوات ,, وكان ذلك في المرحلة الاعدادية ,, وكان ناصر يسكن في القرية المجاورة وجاء ليدرس في المدرسة الموجودة هنا بقريتنا !

وكأي زميلين كانت علاقتهما ,, إلى أن اصبحت صداقة قوية مع مر الشهور والسنين ,, !
لقد كان لهما صديق واسمه إبراهيم ,, وكان هؤلاء الثلاثة مثالاً للصداقة الحقيقية ..

وبعد الازمة الاخيرة التي حصلت بالبلاد من حرب داخلية تم حبس إبراهيم وتعذبيه بتهمة سياسية باطلة ,, واختفت أخباره مدة طويلة .

ناصر أرغم أهله بالقدوم إلى القرية هنا للظروف الغير جيدة الحاصلة بقريتهم هناك من تظاهرات ليلية وهجوم من أفراد الشرطة !

ولان قريتنا أكثر هدوء ولأنها منطقة سكن خالي جاء أهله إلى هنا !

لكن بقى إبراهيم يشعل في داخل كل من خالي وناصر الألم والأسى ,, فهما لا يعرفان عما إذا قتل ام لا يزال على قيد الحياة ,, وحاولا كثيرا ً زيارة السجن هناك لتفقد الاخبار الخاصة بالمسجونين لكن دون فائدة تذكر !


وبعد عام من ذلك وصلهما خبر موته بعد التعذيب الذي لم يحتمله وكان ذلك صدمة أوجعتهما ودفعتهما للتهور وحرق أحد السيارات الخاصة بالشرطة وقتل ثلاثة من افرادها ,, ولم يحالفهما الحظ بالهروب لمرور سيارة أخرى كانت قريبة من وقع الحدث !


وخلال ما مضى من اختفاء إبراهيم حصلت كثير من الأمور بين ناصر وخالي ,, وكنت أحسد كلاهما على حب الآخر ,, فكانا اخين حقيقين !
وقد قتلا من قتل صاحبهما ,, ووصلا للمصير ذاته .. ! "


أما أنا فوجدت نفسي غارقة في بحر الدموع من جديد ,, ولست أدري عما يبكيني لحظتها ,, أعن صداقتهما التي مضت بالجريمة ؟؟ أم عن رحيل العزيز ؟؟

لقد عرفت الكثير ,, ولم أكن أدرك حقيقة التظاهرات التي كانت تقع سوى الآن ,, ,, ولم أدرك بأي شيء غير الآن !! لقد كان يكثر خالي الراحل من حديثه حول ناصر ولم أعر الموضوع اي أهمية .. فقط كنت ادرك حجم الحب الاخوي فيما بينهما !

كم شعرت ببعدي عما يدور حولي ,, كم شعرت باغترابي عن العالم الذي أحياه ,, وكم وكم وكم !!

لقد علمني هذا الرحيل الكثير ,, الكثير مما كنت أجهله ,, ولست أدري ما يخبأه لي القدر بالايام القادمة ,, ولست أدري ماذا يخبأ لي هذا الرحيل من مفاجآت !!

انتهى حوارنا على صوت أذان المغرب ,, فنهضنا منصرفين ,, مودعين خالنا حيث لقاء آخر .


الساعة التاسعة مساءً ,, أظنه وقت مناسب لمتابعة برنامج ٍ أو مسلسل ٍ ما ,, وكنا مجتمعين جميعا ً أمام شاشة التلفاز عدا عادل الذي دخل غرفته حال وصولنا المنزل ..

ولا يزال حديثه يشعل فكري لهيبا ً ويشعرني بمدى غيابي عن الامور التي تمضي وستمضي ,, !

أمي تحاول أن تضيف جوا ً مرحا ً وتسأل :
" أين ذهبتما عصر اليوم ؟

" إلى المقبرة !

وتحولت محاولتها لحزن وألم وشجن ! وفضلت الصمت دون الحديث .

أما والدي ففضل النهوض متوجها ً لغرفته ,, راغبا ً في الخلود للنوم !

ليجبرني نهوضه على القول ,, ومعرفة تفاصيل الحدث بأكبر قدر ممكن ,, فأنا لم أعد تلك الطفلة التي يفضل عدم إخبارها بشيء ,, تلك الطفلة التي لا يجب أن تعرف تفاصيل الامور ودقتها !
فسألت والدتي :

" هل كنت تعرفين ناصر وأهله ؟

وتطلق زفرة ألم ووجع : نعم !

هي لا ترغب بالحديث ,, لكن رغبتي في ذلك تجعلني أرغمها على قول أي شيء .

" كيف كانت علاقتهما ؟

تصمت قليلا ً بمصاحبة ابتسامة في تذكر الماضي :
" علاقتهما كانت قوية ,, لم أكن أصدق أن أجد مثيلها قط ,, تقاسما الفرح والحزن ,, وهدفهما كان واحدا ً ,, وحتى تاريخ رحيلهما كان واحدا ً !!

لقد أدركت حقيقة هذه الصداقة ,, لكن لا زلت أجهل كيف عرفت والدتي أهل ناصر !!

" أمي ؟

" نعم ليلى .

" هل ألتقيت ِ بأهل ناصر من قبل ؟
" كان ذلك في أول شهر ٍ منذ أن جاءوا إلى هنا

وبرغبة لمعرفة الأمور بتفاصيلها : كيف اللقاء كان ؟

وأضيف : أريد تفاصيلا ً !

أمي أدركت الان أنني لن أدعها تصمت دون اخباري بالحقيقة كاملة !

" لأن علاقتهما كانت قوية كان لابد من لقائي مع أم ناصر .. و تم تحديد موعد ٍ لأجل ذلك ..
أخبرني أخي بأنه يود أصطحابك معنا لتجالسي مريم .. ! لكنك أبيت الحضور !


وعدتُ بذاكرتي للوراء ,, لثلاث سنوات ! وتذكرت الحدث جيدا !! أجل ,, تذكرت , لقد جاءتني لتخبرني بأمر الموعد لكني لم أرغب بالمضي ,, لأني لا أعتاد على الغرباء بسهولة ,, وكنت منشغلة بأمر أختبار ما لا أتذكره .. !!


أمي لا زالت تنتظر عودة انتباهي بعد ان عدت للماضي ,,لما قبل الجريمة ..

وتستأنف حديثها :

كانت مريم منذ وصولنا تكثر من السؤال عنك ِ ,, إذ كانت ترغب في رؤيتك ,, وكنتُ قد بررت غيابك لأمر الاختبارات .. وقد بدت حزينة لذلك .. !


وصمتت والدتي كأن هنالك شيئا لا ترغب في قوله .

" ماذا هناك اكملي !

وبجملة واحدة تجعلني أعود لحيرتي القاتلة من جديد :
" والدته لم ترحب بنا !!!!



~~~~~~~~~~~~~~~~~~~


والدة مريم سيئة للغاية ,, استقبلت والدتي استقبالا ً سيئا ً ,, وقد كان هو الأول الذي لم يليه غير زيارتنا الاخيرة للتعزية .. !
وإن عشقها للدنيا بما تحتويه من مباهج أكبر من أي شيء آخر ,, وابناؤها استثنوا من تلك المباهج .. !
لعل ذلك يبدو عائقا ً في زيارة مريم ,, لكن هل يبدو ذلك سببا ً لمقتها الذي أعلنته ؟؟ وإن يكن هو فلماذا بدت حزينة لغيابي في ذلك الوقت .. !!


إنما الحياة غريبة ,, والأقدار لأغرب .. !!

الفتاة التي احتوت كامل فكري ,, بحديث طال ذكره من مدرساتي ,, هي ذاتها الفتاة التي رغبت في معرفتي قبل ثلاث سنوات ونصف !!

إنها الأقدار التي فرقتنا ,, وجمعتنا من جديد ,, إنها الأقدار التي تلاعبت بالسنين التي مضت من عمرنا ,, وإنها الأقدار التي كانت عائقا ً وكانت سبيلا ً !!

شعور السعادة يعتريني أخيرا ً لهذا الذي سمعته منذ ساعة ,, وأنا لست مصدقة له , , !

وإعدام خالي لم يزدني إلا جنونا ً بمريم !!!
ولم يزدني إلا تعلقا ً بها !!
ولم يزدنا نحن الاثنتان إلا حبا ً !!


يتبع

.

 

التوقيع

.0.
.0.


وحيدةٌ أنا دُونما ذاكرة ,,
أو ربما بذاكرة ..
ذُبل فيها كُل شيء .. ,

الاهل ..
الاصدقاء ..
والوطن !


.0.
.0.


التعديل الأخير تم بواسطة الوجه الأليم ; 11-22-2007 الساعة 04:57 PM.

الوجه الأليم غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
رواية: (جت..) عبدالعزيز رشيد أبعاد الهدوء 118 08-22-2010 04:05 AM
رجــفــة الــخــوف - رواية عبيد خلف العنزي أبعاد النثر الأدبي 14 07-16-2008 07:16 PM
عايدة القردة فصل من رواية جلاء الطيري أبعاد النثر الأدبي 12 05-08-2008 12:26 PM
استفسار لمن قرأ رواية ( الحدود البرية ) لميسلون هادي حـــصـة أبعاد الإعلام 2 11-08-2006 11:46 AM
(( رواية عشق )) متعب آل حشيان أبعاد الشعر الشعبي 21 08-03-2006 02:00 AM


الساعة الآن 11:37 PM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.