********
سراب الأمل
نحاول أن نعرض فيها بعض المشاكل الاجتماعية بكل صدق وأمانة وأحببت
أن تكون بلهجتنا العامية لعل الرسالة أن تصل فيجزم بصدقها كل مسؤول
*******
أتمنى من الجميع تخفيض مستوى صوت السماعات
إلى أقل من درجة النصف أثناء القراءة
**************
**((((نوف ونواف وسراب الأمل)))**
اكتسح شبح الغلاء في هذا العصر الكرة الأرضية بأسرها
فأحاط بويلاته الكثير من شعوب العالم
***
أصابت سهامه الضعفاء فسقطوا منه يأنون مما أحدثه
وممن أصابتهم تلك السهام عائلة الأخوين أبانوف وأبا نواف
أحدهما قد كبر سنه ولا دخل له سوى ما يأتيه من الضمان الإجتماعي
والآخر أُحيل بعد مرضه إلى التقاعد بملبغ زهيد
***
زادت أعباء الحياة على كاهل الأخوين
وعجزا عن الصمود في وجه ارتفاع إيجارات السكن في المدينة
فلقد جاوز مايطلبه أصحاب المساكن إمكانيتهما المحدودة
ونظرا لذلك قرر الأخوان الرحيل عن المدينة
وعزما على التوجه إلى إحدى قرى البلااد النائة للعيش في مبانيها شبه المتهالكة
فأسعار المساكن متوسطة السعر
ستستطيع الأسرتان معها التكيف والتخفيف من ضغوطات الحياة وأعبائها
***
لقد فرضت أعباء الحياة مع قلة الدخل المادي على الأخوين
أن يكونا في حالة يرثى لها
يشوبها الصمت والبؤس فكل واحد منهما منشغل بما أهمه
ورغم تلك الحال السائدة فإن للسعادة في منزليهما تواجد
فما بين تشاجر نوف ونواف وشكواهما تارة
وبين لعبهما تارة أخرى
تُصنع الابتسامة على ملامح وجوه شابت بها السنين
أحاط الهدوء بحياة تلك العائلتين فقوية بينهما أواصر المحبة والترابط
فدفعت تلك المحبة الأخوية أبا نواف إلى أن يردد على مسامع أخيه
حديثا يتأكد مع تكراره في كل مرة
***
أبو نواف :اسمع يابو نوف ترى نوف أبيها لولدي نواف انتبه
أبونوف :الله يهديك وأنا أخوك ترى أزعجتني كل ما أصبح أو أمسي
تعيد لي هالكلاام قلنا لك أبشر
أبونواف :بشرك الله بالجنة وأنا يوم أكد عليك لأني أعرفك مالك خاتمة
كل يوم على حالة ولك رأي ثاني
*****
وتمر الأيااام يوما تلو يوم
وتكبر مع مرورها تلك البراعم الجميلة (نوف - نواف )
وتكبر معهما أحلاهما فالمستقبل وآماله
قد غدا حلما واحدا لهما
هاهو نواف ذو العشرون ربيعا قد أنهى دراسة المرحلة الثانوية
كما أنهت نوف تلك المرحلة في ذلك العمر****
وما أن أُعلنت نتائج الناجحين حتى
ذهب كل وااحد منهما لمنزل عائلته
لمتزلين تظللهما الفاقة وتغطي أسقفهما
خيوط الحزن المتعاقبة
دخل نواف على والديه يكاد أن يطير من شدة
الفرح فقد لاح بريق السعادة له ولأسرته
***
نواف: يبه أبشرك نجحت يمه والله نجحت
خلااااص باتوظف وبنودع الفقر
خلااص بنترك هالبيت وبنحقق رغباتنا كلنا
خلاااص يايبه والله لأعوضك عن دورة العيشة على هالونيت
****
فرح وبهجة على محيا والداه ودعوات متواصلة
الله يوفقك ياوليدي فالك الخير
الله يحفظك من كل سوء
أم نواف : بشر وأنا أمك عسى نوف نجحت بعد
نواف :إيه أبشرك نجحت وبتقدير متفوق بعد
أم نواف : طلعت أحسن منك
أبونواف :إيه الله يوفقها هي أمل أمها وأبوها بعد الله
نواف: إي والله يايبه عمي من يوم طاح مشلول وهو شايل هم
عياله الصغار وزايد خوفه عليهم بس إن شاء الله
إنها فُرجت كلها كم سنة وتوظف نوف وتعوضهم
****
دخول نوف على أسرتها
****
نوف :يبه يا يبه وينك
والد نوف :هلااا والله هلا ببنيتي
نوف :يبه لك مفاجأة عندي
****
يتجه أبو نوف بالكرسي المتحرك نحو ها وهو يردد
الخير في وجهك دائم وأنا أبوك بشري
نوف : بصوت عالي يبه ,, يبه أبشرك نجحت وخلصت الثانوية العامة
بتقدير ممتاز وبادخل الجامعة واصير معلمة
****
امتزجت ابتسامة والد نوف بدموع فرحه
فأخذ يشكر الله على ذلك ويدعو لابنته
الحمدلله الحمدلله ياربي لك الحمد والشكر يالله اجعلها خير معين
ووفقها في الدنيا والآخرة
*****
شهور تمر كلمح البصر ويتم بعدها الإعلاان عن بداية التسجيل والقبول
في الجامعات السعودية
تقدم نواف حاملا شهادته واثقا من نفسه
فانضم إلى آلاف الطلاب في صفوف طويلة لكي يعرض أوراقه
على موظفي القبول ,,, هاهو قد حان دوره
*****
نواف :السلام عليكم
الموظف: وعليكم السلام وين أوراقك
نواف :سم طال عمرك
الموظف : أوراقك كاملة
نواف: نعم طال عمرك ومجهزها من أول يوم استلمت فيه النتيجة
الموظف : ماشاء الله كأنك واثق من قبولك
نواف: أفهم من كلامك إن فيه متقدمين لن تتاح لهم الفرصة لتكملة تعليمهم
*******
الموظف :والله بالعادة نأخذ النسب العالية ممتاز وجيدجدا مرتفع
نواف :طيب ياخوي لو سمحت كم المقاعد المتاحة في الجامعة
الموظف: 400 مقعد
(أخذ نواف يكمل حديثه بنفس منهارة يحيط بها اليأس من كل مكان)
******
نواف : طيب وأنا أخوك 400 مقعد ماتشوف إنها قليلة هالعدد
يطلع من مدرسة وحدة والباقين وين يرحون فيه
الموظف :رجاء لاتزعجني إذا عندك اعتراض راجع المسؤولين
نواف: طيب لاتزعل طال عمرك والله يوفقك خلني في بالك
ترى ما عندي واسطة ولا أعرف أحد
الموظف : الله يسهل أمرك ترى نتيجة القبول بعد العصر ...اللي بعده
*****
انتظر نواف بفائق الصبر إعلان أسماء المقبولين
وتم إعلاان النتيجة
ومع الأسف لم يكن نواف من ضمن المقبولين
*******
تلاشى بريق الأمل الذي كان يراعيه نواف طوال هذه السنين أمام ناظريه
فخيم الأسى والحزن على محياه فقرر العودة إلى قريته
عاد نواف مع صاحب الأجرة وقد غطى وجهه بشماغه البالي
لتعيش ذاكرته طيلة تلك المسافة مع مشاهد أسرته البائسة
فلم يغب عن عينيه ذلك المشهد الذي يرى فيه والده العاجز
وهويخرج مع ساعات الصباح الباكر وقد أخذ يلوح بيده
ويرفع صوته المبحوح ليسأل كل من يمر به (تبي مشوار تبيني أوصلك )
ويظل على تلك الحال حتى يرجع بعد غروب الشمس
ضعيفا هزيلا جراء ما لحق به من عناء ومشقة
***
ظل ذلك المشهد المحزن الذي يبذله والده من أجله ومن أجل إخوته
عالقا في مخيلة نواف تذرف عيناه مع ذكراه دموع الحسرة والأسى ***
وصل نواف إلى القرية فأسند جسده إلى أشجارها العظيمة
وأخذ يسأل نفسه
بماذا يجيب والداه وكيف يخبرهما بما حدث
أحتار نواف في أمره
وبات خجلا قلقا من ردة فعل والده وتحطيم فرحته
(في المنزل)أ
أبو نواف وقد وضع يديه خلف ظهره
واخذ يتجول في فناء المنزل منتظرا وصول ابنه نواف
(تخاطبه )
أم نواف:أبو نواف وش فيك ورى ما ترتاح
أبونواف :والله شاغل قلبي نواف وش فيه تأخر عسى ما أصابه شر
والله يا أم نواف إن قلبي يحترق من تأخره لهالوقت
أم نواف :يارجال تعوذ من إبليس
ما يجيه إلا كل خير بإذن الله
بس تعال اجلس وسولف مع نورة ترى زوجها اليوم مهاوشها
وضايق خلقها منه
أبو نواف :لاحول ولاقوة إلا بالله وش ذا الحظ اللي طرحنا في
هالمدمن لاحول ولاقوة إلا بالله يالله إنك تعينا وتعينها
((يُطرق الباب ))
أبو نواف: نعم ...من ..لحظة جايك
يتقدم خطوات نحو الباب
****
أبونواف : يالله أكيد نواف
يفتح الباب أبو نواف
وإذا بنواف على الباب
أبونواف :هلااا والله هلا بالغالي هلا بالنشمي
بشر عسى انقبلت وأنا أبوك
يدخل نواف مطأطأ الرأس تملأ الدموع جفون عينيه ويجيب والده
نواف : لا والله يا يبه
أبونواف: ليه وأنا أبوك وإن تقديرك زين والخير واجد
نواف :يبه يقولون اكتفينا
أبونواف : وإذا اكتفوا يعني الباقين مايتعلمون
نواف :يبه الجامعات لها عدد معين
وكل مايُعرض له أعداد وشروط معينة
أبونواف: إيه وأنا أبوك بس الخير واجد ليه مايحطون بكل ديرة جامعة
نواف :والله يا يبه ما أدري عن أهدافهم بس يبه سامحني
سامحني ماقدرت أحقق طموحك
والله يايبه إني أقدر الوضع اللي حنا فيه بس وش بيدي أسوي
أبونواف: لا وأنا أبوك الأمر سهل والطريق قدامك ولا تهتم أبد
وزال الله معي ثم هالونيت ما قاصر عليكم شئ أبد
*******
أبونواف :بس وأنا أبوك باااكر أخذ أمك ونوف وروحوا قدموا لنوف
ترى موعد التقديم بكرة والله وأنا أبوك إني شايل هم عمك حالته صعبة
بالمرة وعياله الصغار مصاريفهم واجد
وهو على هالكرسي عاجز عن كل شئ
نواف : والله يايبه لو بيدي شئ إني ما أبخل لاعليك ولاعليه
أبونواف: المهم أخذهم باكر للجامعة عسى الله يوفقها
*******
ذهب نواف بوالدته وبابنة عمه إلى الجامعة سالكين طريقا يبلغ طوله قرابة 300كيلو
وخلال تلك المسافة لم يكن لنوف شاغل سوى التفكير
الذي تغلبه الحيرة والقلق فقد خافت أن يكون مصيرها كمصير نواف
فتُحرم من الجامعة كما حُرم
******
ساعات طويلة قضاها الجميع حتى وصلوا إلى الجامعة وما أن دخلت نوف إلى الجامعة
حتى أخذت تسأل عن مكتب مديرة الجامعة فقد أضمرت في نفسها أمرا آخر
يتبع .....