هل الدول النفطية في خطر ؟؟ ..

[عَائِشَة]

ذكر البروفيسور كلاوس بيكر، من جامعة هوهنهايم الألمانية، أن نبتة «جتروفا» Jatropha curcas البرية ستتمتع في الحال بسمعة دولية لا تقل عن سمعة الكوكاكولا. وعبر بيكر، رئيس مشروع «جتروفا» في الهند، عن ثقته بأن الحقل التجريبي في ولاية كوجارات الهندية أثبت أن البشرية قادرة على سد حاجتها من زيت الوقود ومن الطعام والعلف لو أنها زرعت هذه النبتة بكميات تجارية.

وأنهى العلماء الألمان قبل أيام العمل بمشروع «جتروفا»Jatropha curcas في ولاية كوجارات بعد خمس سنوات من الزراعة والتقطير والتجريب. وعمل المشروع المشترك بين شركة دايملر ـ بنز والمعهد الألماني للتنمية على زراعة وإنتاج النبتة ومن ثم استخراج زيت الوقود منها. وعدا عن إنتاج زيت الوقود من نبتة «جتروفا»Jatropha curcas، فقد تمكن بيكر وزملاؤه من استخدام النبتة في صناعة العلف الحيواني والسماد النباتي والصابون. ويعول العلماء عليها حاليا في مكافحة المجاعة في بلدان أفريقيا بسبب قدرة النبتة على الصمود ضد الجفاف وحاجتها القليلة للرعاية والماء والسماد.

وجاء في تصريح كلاوس بيكر أن مزرعة «جتروفا» في الهند أنتجت 80 ألف لتر من زيت الوقود المسمى «الديزل البيئي». وتم بنجاح استخدام ديزل «جتروفا» في تحريك السيارات والشاحنات التي تستخدم الديزل، وكان متفوقا من ناحية المواصفات الفيزيائية والطبيعية على الزيت المستخرج من البنجر والشمندر.

و«جتروفا كوركاس» Jatropha Curcas عبارة عن نبتة برية تعيش في أمريكا اللاتينية، وفي المناطق الاستوائية وشبه الاستوائية على وجه الخصوص، وتثمر «جوزا» صغيرا. ويعود الفضل إلى الرحالة البرتغاليين الذين أوصلوا هذه النبتة قبل قرون إلى السواحل الأوروبية. ومن أوربا انتقلت «جتروفا» إلى وسط آسيا وأفريقيا حيث يزرعها الفلاحون هناك بمثابة «سياج شائك» يحمون به مزارعهم من الحيوانات والبشر.

وثبت من خلال التجارب الحقلية على «جتروفا» أنها قادرة على العيش في المناطق الجافة وشبه الصحراوية. واستطاعت النبتة في الهند الحياة بعد فصل جفاف زاد عن 8 اشهر، وهذا يعني ان الإنسان لا يحتاج إلى زراعتها في المناطق الخصبة التي تؤمن الحياة للبشر ضد المجاعات. ولأن البشر يستخدمها لحماية مزارعه ومحاصيله، فإن نبتة «جتروفا» لا تحتاج إلى حماية من القوارض، كما تتجنبها الحيوانات البرية التي تبحث عن الطعام في كل ركن جاف. ووفرت تجربة مشروع «جتروفا» في الهند المزيد من الخبرة حول زراعة «جتروفا»، إذ اتضح أن من الممكن تطويع النبتة لمعايشة تقلبات الظروف المناخية بسهولة، ومن الممكن زيادة غلتها من الجوز من خلال بعض التغيرات غير الوراثية، كما ثبتت إمكانية هندسة نوع وراثي منها وتخصيصه فقط لإنتاج زيت الوقود.

وأجرى معهد الأبحاث البيئية في هايدلبيرغ (جنوب) دراسة حول «الميزان البيئي» للنبتة أكد فيها المواصفات البيئية للزيت المستخرج من النبتة، لكنه دعا إلى التريث في تعميم زراعتها. فقد ثبت كمثل أن الزيت المستخرج من البنجر يستهلك الكثير من الماء والطاقة ويضر بالبيئة من هذه الناحية. وجاء في الدراسة أن زيت «جتروفا» سيخفض استهلاك النفط ويقلل ظاهرة الاحتباس الحراري ولا يحتل مساحات أرض خصبة أثناء زراعة النبتة. ويقلل زيت «جتروفا» إطلاق ثاني أوكسيد الكربون بنسبة 50% أكثر من الديزل الاعتيادي، وربما في بعض الظروف بنسبة 100%. وتطلق المحركات التي تستخدم زيت «جتروفا» ثاني اوكسيد الكربون بنسبة 50 ـ 80% أقل من المحركات التي تستخدم الزيت المنتج من البنجر.

وحذر غيدو راينهاردت، من معهد هايدلبيرغ، من زراعة «جتروفا» على مناطق خضراء واسعة، لأن ذلك سيؤدي إلى نتائج بيئية ويخل بالتوازن البيئي. واستخدم علماء ديملر ـ بنز طريقة كيماوية لإنتاج الزيت من النبتة تستهلك الكثير من الطاقة. ويمكن تحسين الطريقة مستقبلا بحيث تتيح استخدام قشور جوز «جتروفا» في كهربة وحدات الإنتاج في ولاية كوجارات. ورد عملاق صناعة السيارات على تقرير المعهد بنبرة تفاؤلية تعكس ثقة الشركة بنتائج عملها في الهند. وذكرت الشركة أنها ابتكرت طريقة أكثر بيئية لإنتاج الزيت من نبتة «جتروفا» بالتعاون مع عملاق الأدوية «باير» وشركة «ارتشر دانيلز ميدلاند»، وهي طريقة تستخدم جزءا من القشور والفضلات في تشغيل أفران استخراج الزيت من جوز «جتروفا». وذكر متحدث باسم بنز أن تطبيق المشاريع الأولية في بلدان العالم الثالث سيسهم في حل مشاكل التغذية والبيئة هناك، كما أنه سيسهم في تقليص ظاهرة الاحتباس الحراري المتفاقمة في هذه البلدان.

المصدر

http://www.asharqalawsat.com/details...بتة&state=true