صحراء راودها الرذاذ . . . - الصفحة 3 - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
ستقول لي: _ تعالي بما تبقى منك إليْ.. (الكاتـب : جنوبية - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 10 - )           »          [ فَضْفَضَة ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 75153 - )           »          مُتنفس .. شِعري ! (الكاتـب : سعيد الموسى - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 785 - )           »          نفثات مقدسة من أنحاء اخرى .. (الكاتـب : محمد الجهني - مشاركات : 0 - )           »          فَــوَاق ! (الكاتـب : ماجد العيد - مشاركات : 14 - )           »          وصب ! (الكاتـب : تركي المعيني - مشاركات : 155 - )           »          هــايــكــو (الكاتـب : حسن زكريا اليوسف - آخر مشاركة : تركي المعيني - مشاركات : 299 - )           »          لاَ مِسَاس ... ! (الكاتـب : جليله ماجد - مشاركات : 509 - )           »          ارتداد (الكاتـب : ماجد العيد - مشاركات : 325 - )           »          جُمُوحُ العَاطِفة (الكاتـب : محمّد الوايلي - مشاركات : 1682 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد الهدوء

أبعاد الهدوء اجْعَلْ مِنَ الْهُدُوْءِ إبْدَاعَاً

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 04-19-2009, 01:15 AM   #17
زينب عامر
( شاعرة )

الصورة الرمزية زينب عامر

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 16

زينب عامر غير متواجد حاليا

افتراضي 17 ابريل 2009.




....
...
..
.

لم تكنْ مواقفُ أبوظبي مول مليئةً كما ظنَنْتُها، أمامَ ذلك المِصعَدِ الفضّي وقفتُ انتظرُ قدومَه، مُلتصقٌ بمحل باريس غاليري وعطورِ ياس.. أتخيلُ لحظةَ لقائِكَ .. حملتْني ذراتُ العُطور المنتشرةِ في أجواءِ المركز.. شباكُ التّذاكرِ امتلأتْ مساراتُهُ في ذلكَ الوقت، بعدَ أنْ حصلتَ لنا على تذكرتين في الفيلم fast & furious ، لم نَحتَجْ إلى الكثيرِ للوصولِ إلى ( البار) المليءِ بالمأكولاتِ التي اشتُهرتْ بها جميعُ السينمات.. الحلويات والفشار والعصائر والبطاطس .....الخ
- شو تبين تاكلين حبي
- مممممم.. ناشوز ؟!
- شو هذا بعد.. انا باخذ فشار بالكاراميل
- ماحبه انا..
- بالعكس لذيذ.. يلا سينما رقم (2)
هناكَ على الطّرفِ الأيسرِ المتوسط.. اجتزنا ( الرُّكب) لنصل إلى أرقامنا المخصصة D17. D18
وهناكَ أخذَنا الحماسُ للفيلم بالتصفيقِ بعدَما برَدَ مِرارًا أثناءَ فترةِ الإعلانات
- شو هذا طوّلت اعلاناتهم
- لا حبيبي نحن اللي دخلنا بدري قبل وقت الفيلم
- بسألك حبيبي.. في وحدة سمرة تحاول تتقرب منك أو تحبك أو معجبة بك وانت ماتعرف؟
- سمرة؟ ما حيد .. بس ما أنفي ها الشي لكن الحين ما يحضرني أي اسم..
- ممممم تعرف ليش؟
- .....؟
- لأني حلمت البارحة بشخص نعرفه انا وانت أسمر هو، يلاحقني ويبا يتقرب بطريقة وايد مندفعة، فقلت يمكن انت وراك وحدة تلاحقك.. بس ابا اعرفها عشان اقضى عليها
- خخخخخ هذا عقلج الباطن يلاحق هذا الشخص ولا انا ما ظني عندي حد يباني..
- انا ما عندي عقل باطن.. كل عقلي صار حاضر معاك.. و...
بدأتْ مُطاردةُ السّياراتِ في مُحاولةٍ لسرَقةِ حمولَةٍ ضخمة من البترول.. لم يكن حضنُكَ مكانًا لإسنادِ رأسي فقط، إنّما هو ملاذٌ أنْغمسُ فيهِ ليهَدأَ العُمر، تجمدتْ أعيُننا على الشّاشةِ وتسمّرتْ يدي على وعاءِ (الناشوز) حتّى انتهتْ اللقطة الأولى المثيرة جدا.. صفّقنا منَ الفَرحَةِ وتعالتْ ضحِكاتُنا على مقاطعِ الفيلم، وانحدرتْ دُموعي كثيرًا في المواقِفِ العاطِفيّة، ويدُكَ تمسَحُ تأثّري بها، ورحمتُك الرّبانيَة تحتويني كعادتها.. وها هي يدُكَ تمدّ ( الفشار) إلى فمي..
- ذوقيه
- ممممم.. الله يمي يمي
- قلت لج لذيذ.. لأنج ما ذقتيه من قبل.. بس حكمت عليه
- عطني بيبسي معاك..
- على فكرة حبي الكراسي اللي نحن يالسين عليها رقمها D17.D18
- ليش؟
- عشان مذكراتج حياتي...
تُطوقني ذِراعُكَ أكثَر.. ولقَطاتُ الفيلم تزيدُنا انْدماجًا وفرحةً وضَحِكًا من كل شيء ربّما لا يُسمَعُ في السينما غير أصواتنا، أو أننا لا نشعر إلا بنا، رُعونَتُـنا تستفيضُ عندَما تتصاعدُ حركات الفيلم (الأكشن) وربّما كانَ خيالك يعانِقُ خيالي هناكَ حيثُ أحداثُ الفيلم.. لأتّخذَ لنَفسي دورَ الفتاةِ الحنون، وأنتَ ذلكَ البَطلْ الذي لا يَخشى الموتَ حين يُداهمهُ في كلِّ نَقْلاتِ حياته اليوميّة..
انقضى الفيلم ونحنُ نُصفّقُ كالأطفالِ بفَرحةِ الانْتصار.. وكفُّكَ تحمِلُني إلى خارجِ أفواجِ المُتوجّهينَ نحوَ المَخرج.. أمامَ ذلكَ الحاجِز الزّجاجيّ خارجَ نطاقِ السينما.. انطلقْنا إلى البعيد البعيد..
البعيدُ الذي دائِمًا نغورُ من خلالِهِ إلينا.. وقفتْ سيارتُنا أمامَ ذلكَ المبْنى الأبيض القديم، ونافورةُ الكورنيش التي تَرسِمُ بذراتِ مياهِها مبْنى (دار الأوبرا الاسترالية)، لم نُعرْ العالم أيَّ حضور، فقطْ كانَتْ حركةُ الهواء المتجددةُ هناك هي جوازَ سفرنا، كنتُ بحاجةٍ للبَوحِ العميق.. والبُكاءِ العميق، ولأنّك صاحِبُ الحُب العظيم، تركتَني أبكي في حُضنِكَ حتّى انْتهى وقتُ البُكاء، وتجلّتْ لحظةُ التّفهّم والنقاشِ حولَ كلّ ما دارَ بينَنا من حديثٍ واعترافات، لمْ أكنْ مُضطرّةٌ لذلكَ البوح لولا أنّ حُبّي كانَ يدُلّني على طريقِ البحثِ عنّي فيك.. حالةُ التّشبّثِ الزّلزاليةِ التي أنا عليها، ألهمَتْني بالتّحدثٍ إليكَ عبرَ منافِذِ الماضي الذي رحلَ ولنْ يعودَ إليّ، هي فقطْ مَمرّاتٌ حتْميّةٌ أوصلتْني إلى كونِكَ ، مساربُ انصرفتُ داخِلَها بحكمِ الأيّامِ لأصِلَ إليْكَ، تجاربُ صقلتْ (غبائي) وحمقَ تجاربي لأكونَكَ في كلِّ تجليّاتِ صدْقي وأمانَتي معَك.. أحُبّكَ وأؤمِنُ بكَ في كلِّ شيء، أؤمنُ بي مَعك، ولا شيءَ سوانا، لم أكنْ إلا طفْلةً مذْعورَةً توزّعُ إلْهامَها على منْ حولِها حتّى لم تَكدْ تعلمُ أهي.. هِي؟.. أم أنّها لم تكنْ بعْد، حتّى وجَدْتُ عينيكَ المُبحِرتينِ في برونْزيّتِها العظيمة، اكتشفتُـني من خِلاك، واكتشفتُ فيكَ نورسًا عظيمًا لا يبحثُ عنْ وطنٍ بقدَرِ ما يبْحثُ عن سَمكةٍ يعشقُها ويخلِصُ لها الإخلاصَ الأبدي، ولا يخذِلْهُ حِيالَها أي مُستحيل، حتّى وإنْ عاشَتْ تحتَ الماءِ وحلّقَ حولَها، المُهم أنّه الأزَلِيّ الأبديّ الذي حطّمَ قيودَ الماءِ والهواء، ووصلَ إلى فؤادِ هذه المُرتعِشَةِ تحتَ أعماقِ المياهِ الضّحلةِ..
هناكَ يا صديقي الأزليّ تقشّرتُ عن كل شيءٍ حتّى عن خوفي من الخوف، فقطْ كل ما فكَرتُ فيه هو التشبثُّ بكَ حتى آخر قطرةٍ في الروح، وكنتَ وأنتَ تمسِكُ بيدي وتحضُنُ بُؤسي.. تملأُني منْكَ حدّ الانبجاس..
أنتَ تعلمُ أنّ لحظةَ التَيْم بكَ هي من جعلتْني كذلكَ بين يديك.. لذا أنْتَ تُقسمُ دائِمًا أنّكَ لنْ تَخذِلني، وأنا أعلم أنّك لمْ تكنْ لتَخذُلَني يومًا.. لأنّكَ الرّجلَ المُجرّدَ الوحيدَ الذي تهجّيْتُ على أحضانِهِ معاني الرّجولةِ الحقيقية بعدما خِلتُها ضربًا من الخيال بينَ وجوهنا..
سأغْفو أحْضُنُ سعادتي بك.. وظَفَري بك.. وسأردّدُ دائِمًا كما هَمَستُ بها في أذُنِكَ
"

[POEM="font="Tahoma,4,deeppink,bold,normal" bkcolor="transparent" bkimage="" border="none,4,gray" type=2 line=0 align=center use=ex num="0,black""]لي جناح ولك جناح = ولا نطير الا سوى

اسقني عذب القراح = لي زمان اشرب هوا[/POEM]


.
..
...
....


زينب......



"

 

التوقيع

نحنُ أغْبى من أنْ نُدرِكَ أنّنا أذكياء.!!
zainab3amer@gmail.com

زينب عامر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 04-20-2009, 12:48 PM   #18
زينب عامر
( شاعرة )

الصورة الرمزية زينب عامر

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 16

زينب عامر غير متواجد حاليا

افتراضي 18 ابريل 2009.




....
...
..
.


فندق شنغريلا على ضفة بين الجسرين.. قراءةُ الكفّ ..التحليقُ في عالم الوئام.. شغبُ (الأولاد) الشرابُ وعصيرُ البرتقالِ ..التّركِشْ كوفي ..شيشةُ النّعناعِ ..مياهُ المسبَحِ النقية المنصتة إلينا، فوانيسُ الماء الغائرةُ تُضيءُ مساءَنا بأعذبِ نسائِمِ الهواءِ المُتزحلقَةِ بينَ خصلات شعورنا.. الله ما أجملَ هذا المكانَ الحالم.. شواطئُ أبوظبي دائمًا تثيرُ فيّ بحيْرَةَ الهدوءِ التي لا تَتَجرأُ حصاةٌ واحدةٌ لإفسادِ خُلوتِها.. كُنّا هناكَ أجملَ ثلاثةٍ التقينا.. بحثْنا في تفاصيلِ الطاّقةِ واستِقراءِ المُستقبلِ.. واستقراءِ الماضي المتَجدّد ، أو الباعِثِ إلى النّضوجِ الوقتي..
التقيْنا ثلاثةَ أحبّةِ.. عيونُنا مليئَةٌ بدخان السلام!، ودُخانُ السجائِرِ أثرى الحديثَ مع صوتِ نعناعٍ يُنكّهُ الجو الخيالي.. فِعلاً هذا المكان حالم، لا يحتاجُ لمسكرات أبدًا، فكلُّ ما فيهِ مُسكِر حدَّ النشوة.. نَشوةُ التجلّي التي نَصلُ فيها إلى أعماقِنا الغائرةِ وسطَ زحامِ الوقتِ والأهلِ والعاداتِ والأعرافِ والخُزعْبَلاتِ المُجتمعيّةِ الكثيرة.. مليئةٌ أفكارُنا بكلِّ شيءٍ حتىّ تكادُ لا تصلُ إلى أي شيء، طموحاتُنا عالية، محاولاتُنا في اجتِثاثِ أنفسِنا من أنفسِنا لغَرسِها في تربةٍ نظيفةٍ وبيئَةٍ نخْتارُها..
يجبُ أن نُخلِصَ لأمانينا كي نجدَها يا رِفاق.. لذا أنا أبْحثُ عنْ وطَنٍ لا أرضَ فيهِ ولا سماء، وطني شخصٌ أسكنُهُ ويسكنني، ولو تشرّدْنا في كل بقاعِ الكونِ نكونُ في وطنٍ لا يتغير، جميلونَ كُنا في كل شيء، حتى محاولاتِ الشّغَبِ المُدويّة، كانتْ تُخمَدُ برشَّةِ ماءٍ على الوجهِ وفَرقعَةِ ضحكٍ حميييييييييييييييم جدا، ما أدفأَ تلكَ السّاعات، التي كانتْ تقطَعُها مسجاتُ التلفونات ومكالماتُ المنزلِ.. وصوتُ النّادِل ..

- بدّلْ لي الفحم لو سمحت..
- تركش كوفي لو سمحت سكر خفيف..
- انا ابا أشرب ( رد واين) ..
- يلا خل عنك الحركات هذي......!
- أنا عندك وتقول رد واين؟ هذي اهانه ^_^
- يلا خلاص عصير برتقال.. انا عندي برتقالتين وأشرب برتقال؟ ما عندي سالفة
- هاااهاهاهاهاهاا.. خل عنك الخرابيط يلا عاد *_^


ومضَتْ تمرُّ الدّقائِقُ وصوتُ العرّافاتِ يمْلأُ الجَو، محاولةُ اقتباسِ الغيبِ وعدَمِ الإيمانِ به، وأرقامُ الحظِّ المُخفقةِ في كثيرٍ منَ الأحيان.. ومقولةُ ( كذب المنجمون ولو صدقوا) ! طيّب كيفْ كذَبوا وهم صدَقوا.. أنا أؤمن بما أقولُ فقط، وإن لم أكنْ مُنجَماً حقيقيًا، ولكنّي أستقْرِئُ الشخص أمامي.. قراءةُ فنجانِ التّركش كوفي الذي لا يَظهرُ فيه سِوى خُطوطِ بقايا السّكرِ والبُن، وخُرافاتٌ وترهات كثيرة.. عبثيّةُ المساءِ كانتْ رائعة، خرجْنا منها برضًى وفرحَةٍ عميقة، وإحساسٍ بتغييرِ الجو وتغييرِ النفسية و(رفرش) كانتْ أضواءُ مدينةُ أبوظبي في أقصى بُعدِها عنّا لولا تلكَ الهالاتِ الخافتةِ المطلةِ من خلفِ سرابِ البَحرِ تصلُنا عبرَ لمحَةٍ بعيدةٍ كأنّها نافذَةٌ من خارج الزمانِ على هذا العالم.. ومسجدُ الشيخ زايد رحمه الله، كأنّهُ ماردٌ عظيمٌ يحرِسُ البِحارَ ويَنْقُل إلينا حفْظَهُ وصونَهُ بمناراتِهِ العِملاقَةِ وقُبَبِهِ الضّخمَةِ المُتعالِيَةِ على سماءِ ذلك الماءِ الهادئ...

عند باب اللّوبي .. بطاقاتُ السّيارات في أيدينا.. من يسبق من؟،

- انتِ ما تعرفين أصلا من هذي من بالنسبة لي..!
- ..... ( نظرة فضول وبحث عن الكلمات)
- هذي إنسانة مقدسة بالنسبة لي حتى التراب اللي تمشى عليه تراب مقدس
- يااااااااااااااااااااااااااااي – استحيييييييييييت
- نشوفكم على خير.. شكرا شكرا على الوقت الحلو، استمتعنا وايد عسا ما نخلا بيوم يارب..


لوّحَتْ الأيادي.. تأصّلتْ الصّداقة.. تمدّدَتْ السماء في صُدورِنا.. نامَ المساءُ.. واستيْقَظ الحبُّ ليرعانا...

.
..
...
....


زينب......

 

التوقيع

نحنُ أغْبى من أنْ نُدرِكَ أنّنا أذكياء.!!
zainab3amer@gmail.com

زينب عامر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 04-23-2009, 02:44 PM   #19
زينب عامر
( شاعرة )

الصورة الرمزية زينب عامر

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 16

زينب عامر غير متواجد حاليا

افتراضي 19 ابريل 2009




....
...
..
.

مذكرات يومية تُرسّخ ذاكرةَ الماءِ بينَ أرواحنا، لم أعتَدْ كتابَتي في كلِّ يوم، مَضتْ منّي عشراتُ الأعوامِ دونَ أنْ أشعُرَ بأهمّيتِها، أو حتّى أهمية أيَّ يومٍ مُميّز، وحينَ أشرقْتَ على حياتي، أصبحتْ كلَّ أيامي مميزة، ترْتَصُّ جميعها واحدةً تلوَ الأخرى بأحداثِها، وما يَزيدني احتفاءً بمذكراتي، عيناكَ اللّتانِ تبحثانِ عنْها في كلِّ مرّةٍ تزورُ خُلوتي.. أنت هنا دائِمًا.. أعلمُ ذلك، ويزيدني فرحًا أنّكَ هُنا.. في مُربّعاتيَ الخضراء.. خضراءُ بك، وبوجودِك، يا أرقَى صُدفَةً صَدَمَتْ حياتي بِنَفحاتِ الرّذاذ.. لم تكنْ صحرائِي مُجرّدَ رمالٍ ناشفة.. بل هي مهبطٌ شاسعٌ لكلِّ ألَمٍ ومحطةٌ لكلِّ حزنٍ مُغتَربٍ في أعصابِ الروح.. لم تكنْ فُجاءَتُك الأولى سوى دهشةٌ عظيمةٌ افتَقدتُها في مساراتِ حياتي كلّها، حتّى فقدتُ طعمَ الحياة، نحنُ دائِمًا نبحثُ عمّا يُدهِشُنا لنشعرَ بلذّةِ العيشِ، وقبلَكَ لم تكنْ لي دهشةٌ أحياها غيرَ ما يستَجِدُّ فيّ كلِ يومٍ من الألوانِ الباهِتَةِ والطّيورِ الجائِعَةِ والفئرانِ المُتطفّلةِ على شُقوقِ روحي.. أقسمُ أنّكَ الرّذاذُ الذي طالَما حلَقْتُ معَهُ في أحلامي.. حتّى غدوتَ سحابةً ملائِكيّة مَنحوتَةً بعنايةٍ ربّانية تمنَحُني العَطاءَ بكلّ أشكالِهِ.. حتّى هذا اليوم.. أشعرُ أنّني لمْ أمْنَحْكَ أيّ شيءٍ غيرَ روحي، أريدُ أنْ أصنَعَ من الهواءِ بحرًا تتقزم أمامه قفزاتنا وإرهاصاتنا، وأكونُ المرسى الحقيقيَ الذي تجدُ فيهِ دفئَكَ وراحتك.. أبحثُ عن أكبرِ معاني العطاءِ لأمنحَكَ إياها، هاتِ وجهَكَ.. هذا الصّدر له معبد، اترُكْ دموعَكَ تُصلّي فيه وتبتهل حتّى تُشجِرَ مَمراتُ الرّوح الموحشة.. صدّقني حتى هذا اليوم أشعرُ أنّني لم أعطكَ ذرّةً مِمّا أعطيْتَني.. يكفي احتِواؤُكَ لبُكائي في كل مَرّةٍ أنْهالُ عليكَ به، بعدَما افْتقدتُ خُصلَةَ البُكاءِ لسَنواتٍ طويلة، بَدى غزيرًا حينَ وجَدتُك.. حُلُمي العظيمُ بكَ تحقق، وصرتَ أنتَ الذي امْتَزَجَ بمساماتِ روحي حَدَّ الالْتِحام، التوحُّدُ الذي طالما افتقدتُه في حياتي، حتّى منْ أقربِ أقربائي، إخوَتي وعشيرتِي الغَبراء.. كلُّهم كانوا مَرصَدًا لهَفواتي وتَقهْقُراتي الكثيرة، إلا أنتَ حينَ انبعثتَ إليَّ بينَ أروقَةِ ذلِكَ المَعرض، ولازمْتَ شَغَبي و(دِفاشتي) في كلِّ تَصرُّفاتي، كنتَ تسْتَقرِئُ ما وَراءَ كلِّ ذلكَ ممّا يَخفَى على الجميع، أو بالأحْرى ممّا أُخفيهِ عنِ العالمين، أنا صاحِبةُ الشّعار المجيد.. ( لا أمنح حقيقتي إلا لرجل واحد) فكنتَ أنتَ هذا الرّجُلَ المجيد.. مارستُ حياتي مثلَ عابِرَ سبيلٍ لا يَهِمُّهُ رأي النّاسِ فيه، لأنّهُ يعبُرُ السّبُلََ ليَصِلَ إلى وَطَنٍ لا تُمثّلُهُ أرضٌ ولا سماءٌ ولا كوكبٌ ولا حدودٌ سياسيةٌ ولا امريكا ولا أفريقيا.. أنا فقطْ أبحثُ عنْ وطَنٍ بشَري يستوعبُ كلَّ عقَدي وتفاصيلي البسيطة حدَّ التعجيز، صدّقني أنّني أبسطُ من خيالِ السهولة نفسها، وأعقدُ من عقدِ النّفّاثاتِ في العقد.. أنا تلكَ العاشقةُ لكلِّ ألوانِ الحياة حتّى الرمادي، لأنهُ حين يتَنسّقُ مع الأحمرِ أو الزّهري أو الأصفرِ، يصبحُ رونقًا جديدًا تمامًا، كنتُ أنظُرُ للحياةِ ببُهْت.. بالرُّغم من ابتسامَتي التي لا تُفارِقُ عيني، ويدي اللتان تمتَدُّ لكلِّ من يحتاجُها، ولكِنّي أعيشُ في أدغالِ روحي وحيدةً أقطَعُ أشجارَها وأحْطُبُ وِحدَتي ولا أجِدُ ما أشْعلُ به الفرحَ..
"
تعال اجمع حطب حزني على ظهر الفرح
وصب القهوة في اضلوعي
ودوزن لحظة ارجوعي
ترى والله نسيت بغربتي صوت الفناجيل
ونسى وقتي يشب الضوْ.. فـ صْخورِ الوله
وإذا لاحت بشاير طلتي
صحّـِ القناديل
وابرق لي قدح..
**
تعال ودندن دموعي
أبتوضى خشوعي
وافتح المنفى.. وارد لغربتي
واحرق بسيجار الوجع نخوة دلال الهيل
واليامال..
ولا بقي غير السؤال
دهشة فناجيل ..
وقدح ..
يوم انحطب ظهري صبرْ
وما شب الفرح
بكيَت مناديل وعبر
وطار أبعد من جناحه
طار به :
نورس جمحْ........

أنت يا صديقي صاحبُ المليونِ معجزة، التزامُكَ في جناحي في ذلكَ المَعرِض أثارَ شوْقي إليكَ ولكنّي كنتُ أكبُتُه وأقابلُكَ (بدفاشتي) المعتادة، حتىّ التحَمَتْ أقدارُنا ، تلكَ الأقدار التي لم يبْعثْها الله ولا الشيطان، تلكَ الأقدارُ التّي اتَفقنا عليها سويا، حينَ لمسْتَ يديّ عندَ أولِ نافُورةِ لقاء، وأقسمُ أنني لمْ أكُنْ لحظتَها على سطْحِ الأرض، أنا تجَرّدْتُ تمامًا من عالَمِ المَخلوقاتِ المرئيّة، إلى تلكَ الجنّةِ التّي خصفْنا فيها جُروحَنا بوَرَقٍ من رَذاذ، كنتُ أداويكَ وتُداويني، أحتويكَ وتَحتويني، أثرْتَ فيّ رعْشَةَ الانْفِصام.. وانسخلتُ من نَفسي آلافَ المَراتِ وأنا أُحدّقُ فيكَ عبرَ إغْماضَةِ عيْني، أيُعقَلُ أن يُولدَ قلبي على يديْه؟، ها أنا أتمخّضُ مخاضًا عنيفًا، أبْتلِعُ الحُزْنَ وأتَجرّعُ نواقصَ الدُّنيا وأثيرُ حوليَ عاصفَةً من حضور.. كتِلكَ الجنيّةُ العذراءُ ذات الجبروتِ والسلطة، حينَ تلتَقي نديمِ قلبها.. تنسَلُّ من بينِ فستانِها أرقَّ مخلوقةٍ من بينِ العوالِمِ كلّها.. كنتُ أبحَثُ عنْكَ بحثًا مُضنِيًا.. حتّى تجليّتَ في صُدفَةٍ اخْتَلقْناها سويّا.. باندِفاعِكَ ورِضايْ.. أمسَكْنا الهواءِ وطرْنااااااا.. ولمْ نجدْ في السّماءِ سماءً تحدُّنا.. فانبعثنا كآخرِ سلالةٍ للأنبياء...


....
...
..
.



زينب........


 

التوقيع

نحنُ أغْبى من أنْ نُدرِكَ أنّنا أذكياء.!!
zainab3amer@gmail.com

زينب عامر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 04-23-2009, 09:53 PM   #20
زينب عامر
( شاعرة )

الصورة الرمزية زينب عامر

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 16

زينب عامر غير متواجد حاليا

افتراضي 22/4/2009




....
...
..
.

هذا اللي شايف نفسه - أحلام

الهواءُ مفعمٌ بغناءِ البحر.. ها نحنُ نتفقُ مع مكتبِ جزيرةِ الفطيسي لحجزِ (شاليه) وطرادٍ خاصٍّ بنا، في صباحٍ مليءٍ بزخرفاتِ العصافيرِ والنخيلِ والرمالِ المبلولةِ عندَ المرسى.. وأنتَ تنتظرُنا هُناكَ عندَ مرسى الدّراجاتِ المائيّةِ لتلحقَ بِنا إلى الجزيرة.. انْتَهينا أنا ونجْلاء من ترتيبِ الأمور.. تلكَ البيضاء المليئة بعصافيرِ السلام.. صوتُها رذاذُ الروح وقلبها ملاذ البوح.. صوتُ الموجِ يهدرُ أنفاسَنا بالفرحَةِ والعُنفوان.. على هديرِ الموجِ أبحرنا وأشواقُنا للطّيشِ تسابَقنا وثمّةَ فتياتٌ يلاحقْـنَـك مشاكسةً وتحدى.. وصلْنا وأنتَ تتبعُنا بدرّاجَتِكَ البيضاء ذات الخط الأحمر.. ها هو (الشّاليه 110) ، نظيفٌ ومُرتبٌ اسْتقبَـلَنا بحفاوةِ (الفطيسي) المعتادة.. بدونُ خُطّةٍ وصَلنا ، لا نَعرِفُ هنُالكَ إلا أنّهُ يومٌ للاستِجمام ونسيانِ المَدينةِ بكلِّ مُلحقاتِها..
" هذا اللي شايف نفسه
ماشي ولا معبرني
يتلفّت هنا وهنا
ولا كنّه شايفني
والله لا أوريكم فيه
والله لا أنا لا وريه
مو هوُّا لعب وياي
خلوه يتحملني.. "
صدحَتْ (أحلام) من سماعاتِ ذلكَ اللاب توب.. وأغاني الصّخَبِ الأخرى.. في استعدادٍ ليومٍ بَحري دافِئ ورقيق.. الصباحُ كلُّه يُغنّي بِنا.. وملابِسُ السّباحَةِ تستَعِدُّ للغوصِ بِنا في أعماقِ البَحر.. شغبٌ جميلٌ بدرّاجَتِنا المائِيّةِ يصحَبُنا بضحكاتٍ وقهقهاتٍ صاخِبة.. (درامات) الشاطئ الحمراءِ تُشيرُ إلى عدَمِ التوغل أكثرَ في الماء، ونحنُ ألقيْنا أنفُسَنا منْ فوقِ الدّراجة في تلكَ المياهِ العميقة خارجَ الخَطّ المسموح به.. السّباحةُ رائعة، والشمسُ تُدفِئُ الرأْسَ ، والمياهُ باردة..
ها أنْتَ تغيبُ عن أنظارِنا عائِدًا إلى مرسى (مارينا البطين) في أبوظبي خلف ( الخالدية بَلَس)، الدّراجةُ بحاجةٍ للوَقود .. يجب أنْ أصِلَ قبل أن ينفد..
ونحنُ بقينا في رحلَةٍ سباحية مُتمايِلَةٍ مع أمواجِ البحر الهادئة.. الشاطئُ بعيد، وعلينا أن نُبحِرَ بشكلٍ معاكِسٍ للأمواجِ كي لا تطولَ المسافة..
- بنصير سود
- عادي أهم شي نستانس
- نسينا (السن بلوك)
- انا ابا اصير سمرا شوي البياض يخليني مصرية
- مصرية احسن من افريقية
- على قولتج..
وصلنا مُنهكَـتيْنِ.. ألقينا أنفاسَنا على تلكَ الكراسي الطويلةِ البيضاءِ تحتَ المظلات، ولكنّ الهواءَ الباردَ على الملابس المبلولةِ أمرني أنْ أجُرّ الكُرسِيّ خارجَ المِظلة كي أستشعرَ دفءَ الشمس.. ها نحنُ نَغفو.. وصوتُ الغُرابِ المزعجِ يُحوّم حولنا.. نقوم نغازل أشعة الظهيرة.. نغني ...
( تعال وما بقى بي يوم
في بعدك يصبرني
أخاف أموت من شوقي
وانت مطوّل غيابك
تعال وكل شي صار
في بعدك يذكرني
دروبك ضحكتك طاريك وريح العطر بثيابك..)
الشمسُ مليئةٌ بضوئِنا.. والسماءُ صافية.. وأنتَ تأخّرتَ كثيرًا.. مفاتيحُ الشاليه نسيناها معك.. في حافِظةِ الدراجة، وليسَ في أيدينا أيَّ شيء، (الموبايلات / والنقود/ والملابس كلُّها داخلَ هذه الغرفة) .. أخذْنا في المَشي مع مساراتِ الهواءِ العَليل.. وصوتُ ماكينةٍ من بعيد يقترِبْ..
- هاتْ مفتاح الشاليه
- هات ثوبي من عندك في السدّة..

دخلنا سويًّا.. الجوعُ كاسِحْ.. والعَطَشُ مُرهق.. كانت الفطائر باردة وناشفة بعض الشيء..
- الشحاتين ما عندهم حتى ما يكرويف هني
- حبيبتي كلي بس لا تتنقّدين
تزوَّدنا بما استطعْناهُ من المأكولاتِ الخَفيفة (الشيبسات والشوكولاته والعصائر والبيبسي...) وبَرقَتْ فكرةُ (السياكل)
- قوموا بنستأجر سياكل يلاّ
وصَلْنا إلى مكتبِ الإدارةِ في الجزيرة.. اختَرْنا الدّارجاتِ الجديدة.. طوّفْنا الأماكِنَ بالتّجوالِ والتّسابق والتّعليقاتِ الضاحكة ( الطفسة).. هناكَ عندَ مهبَطِ (الهيلوكبتر) وقَفْنا نَستَشرِفُ جزيرةَ أبوظبي من بعيد.. وزُرقَةَ المِياهِ المُتفاوتةِ في عَرْضِ البحر.. تُثيرُ النظر إليها..
- تعرفين إن اختلاف زرقة البحر بشو يذكّر حبيبي؟
- بشو يذكّر فديتك؟
- يذكّر باختلاف طبائع الإنسان .. من فرح إلى حزن إلى غضب إلى برود إلى تهوّر إلى تعقّل.. والبحر مثلنا .. متلوّن حسب المكان والوقت والمساحة الممنوحة له..
- صدقتْ يا قلبي.. قايم تطلّع حكم ما شاء الله؟
- ههههههههههههه
حثّـتْنا الخُطى للعَودةِ إلى الشاليه، كانَتْ نجلاء تَحمِلُ شجنًا في خاطِرِها.. الأغاني الرومانسية الصادِحَةُ من اللاب توب تثيرُ الشجن.. طفَرتْ مِنها دمعة.. فكنتَ مُمسِكًا بيديْها، وتحتَضِنُ بؤسَها.. تُواسيها وتمسحُ على شَعْرِها الغجريّ الأسود، وهيَ في اسْتِرسالِ الشّجنِ تُحاوُلُ الهروبَ منْ كلِّ شيءٍ في هذا اليوم.. شعَرتُ أنا باخْتناق.. تزاحمت أدخنة السجائر في صدري والنوافذ موصدة.. حتى هُنا تُطارِدُني مكالماتُ المَنزلِ ومشاكِلِ الأُسرةِ اللامُتناهية.. خرَجتُ إلى الشاطئ، أبعثُ حُزني وما أصابَني لعلّهُ يفْقَهُ شيئًا،، خُطواتِكَ التي جاوَرَتْني أشعَرتْني بصدقِ الاستِحياءِ من فعلِ ما لا يروق من نُحب.. يداك تطوّقني، وعيناك تبحثانِ عن عينيّ وأنا أهرب بهما بعيدًا نحو الجزائر المتبعثرة في عرض البحر...
- طالعيني انزين
- .....
- ليش تصيحين؟
- ما أصيح
- الويه أحمر والخشم غادي طماط وما تصيحين؟
- مافيني الا العافية..
- انزين قولي مب انت وعدتيني تصارحيني ؟
- وعدتك اصارحك.. وانت فاهمني عدل
- انا فاهمنج والله.. ومافي في عيني من الدنيا كلها غيرج.. وعشان جيه تعالي حبيبي داخل الشمس بتجتلنا..
بلْ سأعودُ إلى أعماقِكَ بعدما انْسلَّ جَسَدي من شِلّتِنا الثُّلاثِيّةِ لحظتها.. كنتُ أفكّر في جاذِبيّةِ صديقَتي التّي تفوقُني بمرات ومرات.. وكيفَ يمكن أنْ ينْسَلّ حُبي منكَ إليها.. قرّرتُ أنْ أُصارِحَكَ بهواجسي.. وأن أتْركَ لكَ حُريّةَ الاختيار.. ولكنّ صوتَكَ حينَ طمأنَني قبلَ أنْ أنْطِق، أنّني وحدي حياتك التي لا تَرى بَعْدي شيئًا.. آثرتُ الصّمتَ، وابتلاعَ أفكاري الهجينة.. عُدْنا سويًّّا.. ركِبْنا درّاجاتِنا لنُعيدَها إلى مكتبِ الإدارة.. خُطواتُنا العائدةُ إلى الشاليه مليئةٌ بالفَرَحِ والرّضا عنْ هذا اليومِ الصّاخِبِ .. والتّعليقاتُ تملأُ الضّحكَ بِنا.. حزمْنا حاجِياتِنا.. طلبْنا سيارةَ الجَزيرة لتوصلنا إلى المَرسى وتَحملَ أغراضِنا.. بقيتَ أنتَ بجانِبِ درّاجَتِك البيْضاءِ في مُحاولَةِ دفْعِها إلى المياهِ الضّحلة.. تَراجَعَ البحرُ في قرارٍ سريعٍ ليَتْرُكَ درّاجتَكَ على بُعد 40 مترا تقريباً على الرمال !!.. لم نَشعرْ بكَ لحظتَها لأنَّ الطرادَ أخذَنا على ظَهرهِ نحوَ أبوظبي.. بقيتَ أنْتَ وحيدًا تدفَعُ الدّراجَةَ ذاتَ الثلاثِمئة كيلوجرام لوحدك... استقبلتْنا مراسي أبوظَبي بِحفاوَتِها، كلُّ مِنّا اسْتَـقلّتْ سيارتَها.. وأنتَ وصلتَ للتّوِ على ظَهْرِ درّاجَتِكَ في ساحةِ اللّعبِ بالدّراجاتِ أمامَ مراسي مارينا البِطين وقصر الإمارات.. تهوّرك العارم حداك بالنزول عن (الجت سكي) حافيَ القدمين.. وهناك التهمت قدميك سلَة أشواكٍ حاقدة.. تشبّثتْ إبرها في قاع قدميك لتحرمَك لذة المشي المتوازن..

- حبيبي دست على كومة شوك..
- سلامات فديتك تعال بنروح عيادة
- لا حبيبي عندج ابرة خياطة ؟
- ابرة !؟
- ايوا..
- لا ما عندي بس بمر على الدكان..
- جيبي لي ابرة.. ومالبورو أحمر عيل

عدتُ إليكَ وحملنا ذلك الطرّاد إلى حيثُ كُنـا.. قضيتَ الليل وأنتَ ( تنْـقف) الأشواكَ منْ قدمِكَ حتّى غدَتْ القُروحُ داميةً طريّة.. كانَتْ ليلة مرهَقة تتقلّبُ على أهدابِنا بين الصّحوةِ والغَفوةِ والشخيرِ المتقطّعِ وأضغاثِ الأحلامِ المزعجة.. وملامحُ الملحِ احمرّت على وجوهنا لتغدو بعدَ ذلكَ سُمرةً خفيفةً كعلامات ( البرونزاج)..



.
..
...
....

زينب .....




 

التوقيع

نحنُ أغْبى من أنْ نُدرِكَ أنّنا أذكياء.!!
zainab3amer@gmail.com

زينب عامر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 04-24-2009, 09:07 PM   #21
زينب عامر
( شاعرة )

الصورة الرمزية زينب عامر

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 16

زينب عامر غير متواجد حاليا

افتراضي 23/4/2009




....
...
..
.


لمْ يكُنْ صباحًا مكتملَ الحيوية.. الجيرانُ نائمون وأنت، كنتُ بحاجة لاستنشاق هواء طازج، ها أنا أنفلتُ من ذلكَ الباب الزجاجي، ورائحةُ الجزيرة تملأُ صدري.. الفطيسي.. جزيرةُ الاستجمام الرائعة أيام منتصف الأسبوع حيث لا سُيّاح ولا زوّار من المدينة.. قصرُ الإمارات يلوّح من بعييييييد.. والعمائرُ تراصّتْ في عشوائيةٍ غيرِ معقولة... أمامي أشعةُ الشمس توقِظُ البحرَ من سُباتِهِ العميق.. طائرُ (مالك الحزين) يَشْدو ويشدو على أوتارِ قلبي.. أشجارُ جوزِ الهند تُمشّطُ خُصْلاتِها بالهواء الصّباحي الرائع.. برودةُ الجو منعشة.. وأبخِرةُ الشاي بينَ يديّ تُعزّزُ النّقاء.. سيجارةُ الصّباحِ امتَلأتْ بمعاني الإشراق.. نعناعُها مُنعِشْ.. وصوتُ الموجِ في هذه الجزيرةِ يكادُ يُوَشْوِشُ لي بحبّي له !.. المياهُ منحسرةٌ بعيدًا عن شاطئ الجزيرة.. هناكَ عندَ (الدرامات الحمراء) الطافيةِ على وجهِ البحر.. تَعني إشاراتُ عدمِ التّوغّلِ أكثر في الماء.. الشمسُ حنونةٌ هذا الصباح.. تملأُ العينينَ رضًا بكلِّ شيء.. ها هو الشّغَبُ يمُدُّ يديَّ إلى قرية تلكَ النّملاتِ الصغار.. وضَعْتُ آخِرَ صُلبِ السجائِرِ المُشتَعِلِ بجانِبِهِن.. ليَبْتَعِدنَ فجأةً عنْ مساحَةِ الدّخان، ويتراكَضْنَ لتُبلِغَ الواحدةُ الأخرى.. وحينَ اقتربتْ تلكَ النّملةُ الفَضولِيّةُ منْ الدُّخانِ اختنقت.. وذهبَتْ تتأرْجَحُ بعيدًا وكأنَّها تسعِلُ وتستفْرِغُ.. ياااااااااه، لماذا أنا شريرة هذا الصباح؟! (والله مشكلة الدباديب لما يحبون يستكشفون شي)
عدتُ إلى كُرسيَّ الأبيض المطل على صفحة البحر.. حضنٌ يحتويني من الخَلف.. ها أنتَ أتيتَ ليُصبِحَ الكونُ الآن مُمتلئٌ بِنا..

- صباحْ الخير حبي
- صباح الورد ..الجو حلو صح؟
- شوي برد
- عشان توك طالع من عند المكيف..
- يمكن..

أخذتْنا غفلةُ الحبِّ بتَجوالٍ خفيفٍ وناعِمٍ على أرْوِقَةِ هذه الجزيرة، الشاليهات كُلُّها راقِدَةٌ في سُباتِ أولِّ الصّبح.. ونحنُ اثنانِ نُحَلّل ونخطط ونضحك.. بكسَلِ الصّباح الباكر.. الله..... نشوةُ السعادةِ تغمُرُني.. وثمَّةَ رغْبةٌ خفيَّةٌ بالدّموع تجتاحني..
غرفَتُنا مظلمة.. وذبابُ البحرِ الأخضَرِ (أذّانا)، ذلكَ الضوءُ الأزرق الخافِتُ المُعلقُ في سقفِ الشاليه.. يصيدُ الذّباب و(يفرقِعُهن) واحدةً تلو الأخرى.. كان الشجنُ قدْ خيّمَ على صدري.. وأنتَ مرهقٌ من بارحَةٍ مليئةٍ بالشّغَبِ واللّعِب.. ولستُ أدري لمَ أهرُبُ بعينيّ من عينيكَ كي لا تكشِفَ شجَني.. أنتَ تفهمُني أكيد.. ولكنّي أقدّرُ إرهاقَكَ في هذا اليوم.. لا أطلبُ منكَ غيرَ ما يسُدُّ شجَني فقَطْ.. حُضْنُكَ يَفي بالغَرَض.. وأنا على استحياءٍ من نفسي.. لا أحاولُ تفجيرَ كلَّ صراحتي.. ثمةَ ما يدعوني للبُكاء.. لأنّني أعلمُ أنني لستُ كما تَتَمنّى أنت، لستُ الفاتِنَةَ التي تأْسِرُ لُبّك.. ولا تلكَ الجذّابَةُ البارعة.. كلُّ ما في الأمر أنّني أنثى أقلُّ من عادية، وجدتْ وطنَها وتشبّثتْ به حتّى الموت.. وكلُّ ما يميّزها عن غيرها، أنّها بلادٌ شاسِعَةٌ من الحُبّ والوِئامِ والحنان والانسجام.. أستطيعُ أنْ أمنَحَكَ الحُرِيّةَ حتى تُصبِحَ غيمة.. وهذا ما لا تستَطيعُهُ عشائِرٌ منَ النّساء.. أما ما تبَقّى مني.. أقلُّ بكثيرٍ ممّا لدى الكثيرات.. عزائي أنّني أسعى للتّغييرِ من أجْلِك.. لأكون أجمل سيدات العالم.. والتّغييرُ يبدَأُ بالصّدق.. وقلبي لمْ يعرِفْ غيرَهُ معَكْ..
أزَفَتْ لحظةُ العودَة إلى المدينة.. الغرفَةُ تتَنفّسُ دخانَ السجائِرِ معنا، وأنا ألمْلِمُ ما تَبقّى من حاجِياتِنا.. الهاتف يرن..

- Arbab.. Boat is here

ها هو مشرفُ الجَزيرةِ يدعونا للرّحيل.. لجاهِزِيّةِ الزوْرَقِ (الطراد) الذي سيَقِلُّنا.. الفرحَةُ مُنسَرِحَةٌ في قلبيْنا، والرّضا عن رحلَتِنا كانَ كبيرًا..عشرةُ دقائق تَفصِلُنا عنِ الجَزيرةِ الأُم (أبوظبي) ولكنْ مازالتْ ملامِحُ التّعَبِ و(السُّمرة) التي خَلّفَها البحرُ وملوحتُه ظاهِرةً على وجوهِنا.. المكينة تَمخُرُ عُبابَ البَحرِ الساكِنِ تحتَ نسائمَ رفيفة.. ومرسى (قوس قُزح) استَقبَلَنا بعد استِجمامِ يومٍ ونصف هي أجملُ ساعاتٍ عشتُها....

.
..
...
....


زينب....


 

التوقيع

نحنُ أغْبى من أنْ نُدرِكَ أنّنا أذكياء.!!
zainab3amer@gmail.com

زينب عامر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 04-27-2009, 11:41 AM   #22
زينب عامر
( شاعرة )

الصورة الرمزية زينب عامر

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 16

زينب عامر غير متواجد حاليا

افتراضي 25 ابريل 2009.





....
...
..
.

أتتْ أسئِلتي مجروحةٌ بغيابِكْ.. وكانت (هل) كلمة تمتهِنُ معي لُعبَةَ الوجع ولستَ أنت !.. ارجِع لتلكَ الرسالة النصية وستدركُ الآن حقيقةَ ارتعاش الحروف بين أصابعي.. استيقظتْ (هل) بعدَ غفوةٍ عصريةٍ أردتُ بها الاسترخاء.. توقظّتْ معها هواجسي بالرغم من ارتياحي في تلك الغفوة...
ربّما لم تستوعِب شاشة الهاتف أشجاني، أحبكَ.. كأن لم أخلق إلا لك..
وجدتكَ ولستُ مستعدةً لان ألعَبَ لُعبةَ (الغُمّيضة) مع الوقت.. ولستُ مستعدةً للتنازل عنكَ مهما بلغَ الثمن من عمري..
أنا حقًّا لا أساوِمُ على سعادتك وأسعى لأن أكونَها بكامل حبي وصدقي وإخلاصي.. ولو وجدتَها يومًا عند غيري.. سأفردُ لكَ مساحاتِ الحُرية.. لأنك تستحقُ السعادة.. لذا أنا محظوظةٌ بإسعادك والتحليق معك حيثما حللت..

أعلم أنني جرحتُكَ بسيلٍ من الأسئلة الغريبة والتوجّس المُريب، بعدَ مكالمة دافئةٍ دفّاقةٍ تخلخلتْ في روحي تلك اللحظة بعد إغفاءةٍ عصرية اليوم.. ولكنني لا أدري لِـمَ !.. فهناك أشياء كثيرة تبدر منّا دون تبرير أو سبب واضح.. تماماً مثل الحب الذي لا نستطيع تبريرَ وقوعه في قلوبنا.. ربّما لأنَكَ لم تقلْ لي منذُ وقت ليس بالقصير ( اشتقت لج).. أو ربّما لأني أشتاقكَ كثيرًا ولا أستطيع كبْتَ كلماتي المنبعثةِ في حرارة أنفاس الهاتف..
عزائي في هذه الأسلاك والموجات غير المرئية..
ربّما حالتْ الظّروف بيننا وبينَ جلْسات الصفاء مؤخّرًا.. ربّما افتقدتُ تلكَ النافورةَ المُتنافرةَ صخبًا وماءً.. ربما كثيرة... وكلُّ تلكَ الأسئلةِ نبعَتْ من سؤالٍ واحدٍ فقط..
(هل يشتاق لي مثلي؟)
تعاظمتْ (هل) وانقسَمتْ كثيرًا حتى أصابتْكَ بالذهول.. قلتُ لكَ ليس لديّ تبريرٌ لأسئلتي..
الخوفُ من فقدك....
سعادة وجودك في حياتي....
حالة التقشف الوجداني التي عشتها قبلك....
حبكَ الكبير....
حضنكَ الذي لم أنم في دفئه حتى اليوم....
انشغالاتكَ .. انشغالاتي....
وأشياء كثيرة زعزعتني.. وزعزعت ثقتي بنفسي في القدرة على المحافظة عليك.. فكانت استفهامات محمومة تسترجعني إليك.. لأحبكَ أكثر..

.
..
...
....


زينب.....




 

التوقيع

نحنُ أغْبى من أنْ نُدرِكَ أنّنا أذكياء.!!
zainab3amer@gmail.com

زينب عامر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 04-27-2009, 12:02 PM   #23
زينب عامر
( شاعرة )

الصورة الرمزية زينب عامر

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 16

زينب عامر غير متواجد حاليا

افتراضي 27 ابريل 2009.




....
...
..
.


ليلةٌ لم تمرْ عليّ كغيرها.. صوتكَ المشحونُ بالبكاء أرّقني.. صدقكَ الشفيفُ معي.. طفولتُكَ الواضحةُ في تلك المكالمة.. اغترابكَ في أعصابِ حبّي حدّ البكاء.. أنا لكَ البِلادُ التي تمنح جواز الحرية دون أن تسأل من أين جئت !.. أنا لكَ المأوى والسلام والانسجام مع هذا الكون المتسائلِ دائما.. صوتُكَ الممتزجُ بحباتِ البكاءِ نفّضَ وهْلاتِ الخوف من كل شيء، كل ما أدرِكُهُ لحظَتَها أنكَ الأبديّ الذي جِئتَني على غيمةِ غنّاء تحمِلُني من براثِنْ القهر إليك.. أنتَ تقولُ لي لحظتها.. حبكِّ لا ينتهي تمامًا كدورةِ الوقتِ المُتجددة. حبكِ هو الوقت.. الذي ما إنْ ينتهي في لحظةٍ حتّى يتجَدّدَ في اللحظةِ التي تليها.. حبكِ أنا.. وأنا حُبكِ.. أحبّكِ أكثرَ منكِ.. أكثرَ من الله.. أنا ثَمِلْ الآن.. ونشوَتي أصدقُ من نشوةِ الصدق.. أحبكِ .. ولا أفَكّرُ في غيْرِكِ أبدًا، وحينَ وجدتكِ وجدتُ نفسي الضائعةَ في كلِّ بقاعِ الأرض والفضاء.. لا أفكّرُ بتغييرِ قلبي.. ولا أبحثُ عن أنْثى تملؤني غيرَكِ.. وأنتِ تسألينني عن اشتياقي؟.. (مشتاااااااق لج .. أنا الشوق كله لج) وتبكيييييييييييييي.. تُجهُشُ.. تتساقَطُ أحلامُكَ على صدري.. وأنا أنتَفِضُ بينَ متاهاتِ صوتِكَ المُتقطّع.. انْتَفِضُ واتقهقَهر.. أمسكُ يديْكَ اللتينِ تمتدانِ نحوي من خلفِ زمَنْ.. أطبْطِبُ على صدِركَ المبحوح.. أجمعُ قُواكَ في لحني.. نَــمْ على صدري يا حنون.. نـمْ في دفئي.. فكلُّ ما في هذه المَجراتِ الشّاسعةِ لا يعنيني إلاك.. وأنتَ تُرددُ معي.. سأنامُ في حضنِكِ.. ولن أبتَغي بعدَ حضنكِ مخدةً ولا فراش.. سأتعوّدُ على النوم في أنفاسِك.. وسأتخلّصُ من الأرق معك..
أنتَ تقول أنا لا أشعرُ الآن أنّ في الكون سوايَ ومن في قلبي.. وأنتِ فقطْ في قلبي.. لا أنتِ قلبي.. كنتَ تتحدّثُ كرسولٍ مُبعَثٍ لإنقاذِ البشريّةِ المُتوحِدّةِ بي.. تتحدّثُ وأنتَ تسألُني.. ( هل خربطت في الكلام؟) وصوتي يردّ عليكَ بيقينٍ أنّكَ لا تهذي وإنّما تُثْبِتُ الحِكَم.. نعم.. كانتْ لحظةُ هبوطِ الوحي في عقلك.. لم تكنْ إلا أنْتَ في تلك اللحظة.. متقشّرٌ من كل فضَلاتِ الوعي.. كنتَ في اللاوعي أرقى مخلوق.. قبّلتَني على رأسي ولم تُفكّر أبدًا أن تمدَّ يديْكَ إلى ما يَسيئُني.. نظراتُكَ اختَرقَتْ تاريخي كلَّهُ وأنا أحاوِلُ بكلِّ ما أوتيتُ من طاقةٍ أن أصلَ إليكَ وقد فَصلَتْ بيننا البراري والخطوطُ المروريةُ والمسافاتُ بين إمارة وإمارة.. لم تكنْ بعيدًا صدقني.. كنتَ بداخلي وأنا أحاولُ كثيرًا أن أصلَ إليكَ عبرَ أنفاسي.. طلبتَ منّي ألا أسهر.. (لاتخلين ربيعتج عاشي تسهرج.. نامي بدري بليييييز عشاني انا) ووعدتُكَ بعدَمِ السهر، لكنّ صوتكَ يقتُلُ فيّ المقاومةَ كلها.. كنتَ ممزوجًا بي يا كلَّ (أنا).. ناديتُكَ بصوتٍ مبلولٍ كالبرتقال.. تعالَ ونَمْ بين ايدي...............
لم أسمعْ لحظَتَها إلا أنفاسَكَ المتلاحِقَةَ نائِمًا بجانِبِ هاتِفكَ المُلقى.. ظلْتُ أسمعُكَ لوقتٍ ليس بالقصير اطّمئَنْتُ على هدوئِكَ.. فقطعتُ الاتصال .....

.
..
...
....


زينب.....

 

التوقيع

نحنُ أغْبى من أنْ نُدرِكَ أنّنا أذكياء.!!
zainab3amer@gmail.com

زينب عامر غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 04-30-2009, 05:42 PM   #24
زينب عامر
( شاعرة )

الصورة الرمزية زينب عامر

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 16

زينب عامر غير متواجد حاليا

افتراضي الثلاثاء 28 ابريل 2009.





جوا الروح - إليسا وفضل

....
...
..
.


مسافاتٌ طويلةٌ كنتَ تقطعها للوصول إلى أبوظبي، ها أنتَ تخرج من عجمان قادمًا إليّ بكل ترفك العشقي ، تحفُّكَ اللهفة وتحفني ارتعاشاتُ اللقاء، أتَتبّعُ خُطاكَ على ذلكَ الطريق ودورةَ عجلات السيارة التي بدّلْتَها ذلكَ اليوم في إحدى محطات الشارقة.. ها أنتَ تقطعُ ظهيرةَ اليوم في الطريق محمّلاً بندى التّلاقي.. بعدَ صباحٍ مُتعبٍ جدًّا من صُداعٍ شديدٍ أصابك.. لم يَترُككَ إلاّ بإبرة طبيب عابِرٍ في إحدى عيادات عجمان..

- حبيبي انا عدّيت جسر المقطع.. انت وين؟
- انا بالدوام .. بس بطلع ونتلاقى في مطعم شو رايك؟
- اوكي شو مطعمه؟
- مطعم هندي
- نعم؟
- هيه مطعم هندي زين.. مب كافتيريا
- أخافه بس مطعم ناصر
- لا هذا مطعم ( ركن التندوري) على شارع المطار بعد مواقف مصرف أبوظبي الإسلامي
- هيه هيه عرفته خلاص نتلاقى هناك عيل..

رنّ الهاتف على الطرف الآخر نجلاء..
- حبيبتي انت وين؟
- انا بالدوام مواعده القلب في مطعم.. تعالي معانا
- لا خلاص روحوا برايكم
- لا والله تجين، بيكون وناسة ضحك وتعليقات

وصلتَ هناكَ ووجدتَ (نجول) عندَ مواقفِ المطعم.. دخلتُما لتتّخِذا من آخرِ (كابينه) مكانًا للقاءْ.. مازلتُ أنا في زحمةِ إشارات أبوظبي ( الكريهة) قُبيلَ الساعة الثالثة ظهرًا مع (نفرة الموظفين والمدارس إلى البيوت) وصلتُ للتوّ بعد 20 دقيقة.. ألقيتُ نظرةً خاطفة من مرايتي في السيارة فاستوقفتني لأنني وجدتُني باهتة جدًّا جراء صباحٍ مليءٍ بالتعب وبذلِ المجهود في النّادي الصحي والعمل.. آثرتُ أن أخبئ التعب ببعضِ المساحيقِ الخفيفة.. ( لمسة كحل على شوية بلشر ومسكارا وروج خفيف) يفون بالغرض، فليسَ من المعقول أن يمضي أسبوعًا كامِلاً دونَ لقاء، وآتيكَ (كلحة ملحة)..
ها هي أحضانُك تستقبلني.. وابتسامتك تشرق على جبيني ولهفةُ عينيكَ تُشْمِسُ على وجهي.. أشعُرُ أنّكَ ستخترقُ الحواجزَ كلَّها للولوجِ إلى أعماقي.. حيث أنت دائما.. حيث لم تبرح أبدا.. وأنا أخفي رجفة الشوق إليك.. واكبح جماح الحنين.. بدأت التعليقات والضحك و(طولة اللسان)
- طلبت لي سمك حبيبي؟ مع شوربة خضار.؟
- هيه طلبت..
- وينه؟
- حشا تونا يلسنا ما واحالهم اييبون الطلبات
- كلتوني مالت عليكم.. تعرفين نجول؟ هذي أول مرة نتلاقى في مطعم؟
- اييييييييييه معقولة؟ خلاص انا بروح ما بخرب عليكم
- طاع هاي.. شو تخربين ما تخربين.. ؟
- خل عنج الخرابيط يلا يلسي مالت عليج
- مالت عليكم انتو ههههههههههه

وصلَ الأكل.. كانَ السّكوتُ أول ما نطقتُ به، فقدْ كنت مليئَةً بالجوعِ حتّى أنامل أصابعي.. التعليقاتُ بينكَ وبين نجول قائمةً لا تتوقف.. وأنا ابتسم / أضحك/ أشاركُ قليلا.. ضمن انشغالي بالشوربة ..
- ليش طلبتْ لي خضار بالكريمة؟
- مادري بج ..!
- انا احبها (بيور) بدون كريمة مثل المرق
- آها.. شرات اللي امي تسويها في البيت.. لونها أحمر
- ما يخصه.. لونها أخضر على أصفر مادري كيف.. مب مهم الحين.. بشربها وخلاص

أرى في عيني نجلاء خجلاً ومشاكسة في الوقت نفسه.. لم تطلبْ يومَها وجبةً خاصّة بها .. اكتفتْ بالمُقبّلات الهندية و(السويت) بعد الأكل..
- وصل السمك.. عاش عاش
- وصل برياني السمك بعد

لم تأكُلْ شيئًا سوى لقيماتٍ لا تَسُدّ الجوع أبدًا.. وأعلم أنّكَ لا تستطيع الانْقِضاض على الأكل حين تكونُ جائعًا !!.. هكذا دائما تقول لي.. لذا لم يكن سؤالي عن ذلكَ إلا سؤال المطمئن..
الساعةُ تشيرُ إلى الثالثة والنصف.. استأذَنتْ نجلاء لإحساسها بالخُمول ولارتباطها في المساء مع الأهل بحضور حفلةِ عُرس (حناء).
وبقينا نَحنُ.. نَشدو بلهفةٍ وتتوحَدُ أحلامنا وأصواتنا.. بالرغم من صغر (الكابينه) التي تشعرك أنك في العراء ولستَ في مكان آمن..
- حبيبتي ماباقي وقت على الكلية
- خلاص فديتك انا برجع الدوام
- بييج عقب ما أخلص بنطلع رباعة في المسا
- اوكي .. بشتاق لك
- احبج
- احبك


.
..
...
....

زينب....



 

التوقيع

نحنُ أغْبى من أنْ نُدرِكَ أنّنا أذكياء.!!
zainab3amer@gmail.com

زينب عامر غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:05 AM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.