مائدة روحية ..

[إغفاءة حلم]

مذ فاكهة الرب التي بلا غصن يانعة في محراب مريم
والطمأنة التي اختارها الرب في كلي واشربي ...
أدركت حينها أن الطعام أول رسل الحب وأبلغ رسالاته..

الطعام المحبة التي تأتي في كل ألوان العاطفة الطيبة وفي كل أصناف المشاعر المباركة ...
‏فلطالما اعتبرت إعداد الطعام ليس سوى تدوين رسالة حب ..
لذلك حينما تطهو أمي تنتشر رائحة الحب في المنزل ..

الطهي طقس مقدس ...
فعندما تعد مقادير الطبق الذي سوف تصنعه
فثمة مقادير أخرى يجب أن لا تنساها في قائمة قلبك ..
يجب أن تحرص جداً على أن تنتقي المشاعر التي قلبك يكنها وتنكه بها طعامك ..
رشة من سكر السعادة ..رشة من ملح الحنان ..رشة .. رشة ..
رشة من كل المشاعر الطيبة التي يتناثر رذاذها اللامع
مع كل رشة من البهارات والتي ستنبعث منه رائحتها الزكية ...
رائحة الحب الممزوجة في أكثر من شعور .. وتترتب في هيئة مائدة ...
فالحب هو كل مالذ وطاب ...
يد العناية الدافئة في كل رغيف ...
وكوب الشاي الذي يصب نهره في حديث لا تجف ألفته في أرض كل قلب ..
حدائق الروح التي تنبت من اليد الممدودة بفنجال القهوة فيعبق من ورد النبض حكايا زعفرانها ...
ولأن يد المحب طبيبة بالفطرة شفاء كل ماتصنعه من طعام وشراب ..

المائدة الحب الذي تتوارث عيده الأسرة
المائدة الجنة التي تنبت من سعي يد الحب
والتي ينغمسون في ملاذتها منذ تلك اللحظة التي يغمضون فيها أعينهم
من فرط اللذة التي تتدفق في حواسهم
من لقمة واحدة من رشفة واحدة حتى صلوات شكرهم وحمدهم
التي تجعل الرزق والحب لا يحصى نعيمه في كل قلب ...

لا أحصي عدد المرات التي كررت فيها صنع ذلك
وفي كل مرة كنت أجد الحب براقاً والامتنان لامعاً في قلوبهم
كوقع المرة الأولى في كل شيء في كل مرة يثنون على ما أصنع ختاماً بـ تسلم يمينك ...
وفي قلبي صلاة شكر لا تحصى لليمين التي باركها الله في رزق تجري حسناته إلى يوم يبعثون ..
لأبي رب كل هذا الخير بعد الله ..


فالطعام ليس طبقاً ومجموعة من المقادير ..
إنه مذاقاً يذكرك بلحظات ما ..بشخص ما ..بمكان ما بعمر ما .. بموقف ما ...بطريق ما ..
برحلة ما ..بمناسبة ما ... ببيت ما .. بعيد ما .. برمضان ما .. بزمن ما ...
المذاق الذي تتذكره حواسك بصورٍ لا تحصر في طبق ولكنها تنطلق منه ..

‏ففي المطبخ تعدين اللحظات..
في الوقت الذي تعتقدين بأنك تعدين الطعام فقط ...
تصنعين للحب مذاقاً لا ينسى ..
في الوقت الذي تعتقدين بأنك تصنعين طبقاً فقط ...


المائدة هنا بكل أصناف الكلمات وألوان الشعور ..
وماتصنعه يد الحواس في ماطاب من الصور متاحة للجميع ..

🌺