جـولـيـت في تـلَّ أبـيـب !! - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
[ فَضْفَضَة ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 75152 - )           »          نفثات مقدسة من أنحاء اخرى .. (الكاتـب : محمد الجهني - مشاركات : 0 - )           »          فَــوَاق ! (الكاتـب : ماجد العيد - مشاركات : 14 - )           »          وصب ! (الكاتـب : تركي المعيني - مشاركات : 155 - )           »          هــايــكــو (الكاتـب : حسن زكريا اليوسف - آخر مشاركة : تركي المعيني - مشاركات : 299 - )           »          لاَ مِسَاس ... ! (الكاتـب : جليله ماجد - مشاركات : 509 - )           »          ارتداد (الكاتـب : ماجد العيد - مشاركات : 325 - )           »          جُمُوحُ العَاطِفة (الكاتـب : محمّد الوايلي - مشاركات : 1682 - )           »          [ #مَعْرِضٌ وَ تَعْلِيْقٌ ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : ماجد العيد - مشاركات : 8214 - )           »          تبّت يدين البُعد (الكاتـب : عبدالله العتيبي - مشاركات : 14 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النثر الأدبي

أبعاد النثر الأدبي بِالْلُغَةِ ، لا يُتَرْجِمُ أرْوَاحُنَا سِوَانَا .

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 10-02-2018, 05:53 AM   #1
سعيد مصبح الغافري
( شاعر وكاتب )

الصورة الرمزية سعيد مصبح الغافري

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 2406

سعيد مصبح الغافري لديها سمعة وراء السمعةسعيد مصبح الغافري لديها سمعة وراء السمعةسعيد مصبح الغافري لديها سمعة وراء السمعةسعيد مصبح الغافري لديها سمعة وراء السمعةسعيد مصبح الغافري لديها سمعة وراء السمعةسعيد مصبح الغافري لديها سمعة وراء السمعةسعيد مصبح الغافري لديها سمعة وراء السمعةسعيد مصبح الغافري لديها سمعة وراء السمعةسعيد مصبح الغافري لديها سمعة وراء السمعةسعيد مصبح الغافري لديها سمعة وراء السمعةسعيد مصبح الغافري لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي جـولـيـت في تـلَّ أبـيـب !!


جـولـيـت في تـلَّ أبـيـب !!


قصة قصيرة بقلم سعيد مصبح الغافري

كانت هذه هي المرة الثالثة والأخيرة التي أرى وألتقي فيها بالبطلة المناضلة الرفيقة ( أمـيرة عارب ) في تـل أبـيـب . في مهمتنا الجـديـدة المسماة حـركـيـا ( جوليت ) .. بدت لي هذه المرة فتاة مختلفة غير التي عرفتها ورافقتني في بعض العمليات داخل إسرائيل . كانت ترتدي بنطالا أزرقا فاتح الزرقة من نوع جينز ببلوزة بيضاء شبه مفتوحة الصدر وشعر أسود طويل سرحته فصار أمام الرائي أشبه بشلال أسود ناعم منسكب في نهار صباحي دافىء .. كان وجهها الحنطي جميلا وجذابا تزينه أجمل شفتين مبهرتين بروج أحمر وعلى العينين نظارة شمسية أنيقة والقدمين بحذاء ذي كعب عالي يطقطق برنين عذب على الرصيف القرميدي وبوقع هادىء متناسق وعلى كتفها علقت حقيبة يد بلون بيج !! رباه !! أهذه أميرة عارب البطلة العربية المناضلة سليلة دلال سعيد المغربي وجميلة بوحريد وبقية قامات الفخر القومي المشرف ؟! أهذه رفيقتي التي كانت بجواري في عمليات ( دفع الثمن ) و ( دم . دم ) و ( جلنار ) وغيرها الكثير ؟! أهذه أميرة عارب ذات الشعر الثائر والوجه الذي صقلته المعارك والبطولة وسنوات الكفاح تظهر أمامي الآن فتاة أخرى فيها ما فيها من الجمال والأناقة والنعومة الماجنة وكأنها خلعت كل عهد عاهدت به وطنها وكل نذر نذرت به نفسها أمام الله والوطن والرفاق والسلاح ؟!
بدت بتلك الهيئة إنسانة غريبة لا يكاد من يعرفها من رفاقها يصدق أن هذه الواقفة هناك برصيف ذاك الشارع وكأنها ممثلة أو مغنية أو عارضة هي عينها أميرة عارب التي ( عن سبعة رجال ) كما يسمونها دائما وهم واثقون من مصداقية التسمية وجدارتها ولائقيتها بها .. رباه !!
كانت واقفة هناك كعمود من نور فوق رصيف ذات نهار صباحي الوجه به بعض بقايا من عطر الفجر الراحل قبل سويعات عنا .. اه يا يافا .. عطر برتقالك يلف نديا كل حواسي ويحفز لكتابة شيء عبقي الأحرف والكلمات .. أي شيء عنك وفيك !!
دنوت منها بعد خطوات مشيتها صوبها على ذلك الرصيف الفارغ .. فاجأتني حين أدارت لي رأسها ناظرة إلي بذهول .. حالا قرأت أول سطر كلام في عينيها العسليتين الصافيتين بعد أن رفعت نظارتها الشمسية أعلى جبهتها .. يا للفارق الكبير بين مرآها وهي شبه بعيدة ومرآها الآن وهي أمامي ولا يفصلنا عن بعضنا بعضا إلا متر واحد فقط .. في القرب حقا أجمل !!
تبادلنا تحايا الصباح بابتسامة رائقة وكمن لا ينسى ما اعتاد عليه قلت وأنا أنظرها بحنان كبير :
ـــ لا إله إلا الله ..
وأكملت كمن يربط عقدا مقدسا بين قلبين :
ـــ محمد رسول الله ..
ولزمنا الصمت وأعيننا موجهة صوب الشارع وكأننا نستعد للخطوة التالية.. بين الصمت وتلك النظرة المتوحدة الاتجاه مرقت صوبنا سيارة أجرة فأوقفتها وقلت للسائق بلغة عبرية أتقنها لضرورات العمل منذ وعيت بأن بلادي تحت الإحتلال :
ـــ فندق دانيل هوتيل من فضلك ..
ركبنا معا ونحن غارقان في صمت واحد والسائق يصغي عبر الراديو لنشيد ( هاتيكفاه ) .. ذاك النشيد اللعين الذي منذ صغري وأنا أكره جدا سماعه .. تحملته بصمت مكظوم وأنا أقول في قرارة نفسي بسخرية متهكمة :
ـــ ولا يهمك .. صبراً .. صبراً .. اليوم ستسمع أجمل ( هاتيكفاه ) بعون الله !!
بعد مسافة خمسة كيلو مترات كان التاكسي يقف مباشرة أمام فندق دانيل هوتيل .. بادرت فورا بدفع أجرة التوصيل عني وعنها ولم تبد هي أي إعتراض أو تعليق .. لا وقت الآن لمثل هذه المجاملات .. نزلت هي بعد أن شكرتني بحرارة وهي سعيدة بهذه الرفقة القصيرة جدا في المكان والطويلة جدا جدا في الصمت و الشعور .. حملت حقيبة اليد خاصتها ودخلت الفندق وأنا أتابع سيرها ولم أنتبه للوقت الذي مر ولا للسائق الذي استغرب من عدم نزولي معها فسألني فجأة مستفسرا وفي صوته تذمر خفي :
ـــ هل ستنزل سيدي ؟! أم نواصل ؟!
تنبهت إليه يكلمني فقلت بنبرة هادئة :
ـــ لا . إنتظر قليلا وسأدفع لك ثمن الإنتظار أيا كانت مدته ..
بشراهته اليهودية رد موافقا على الفور وهو يستعين بالصبر وعلى وجهه إستغراب وربما ارتياب أيضا :
ـــ حسنا . كما تحب !!
بقيت مسمرا عيناي في بوابة مدخل الفندق بكل انتباه ويقظة بينما السائق غرق في بحر هاتفه النقال ودخل عوالمه الخاصة لدرجة خيل إلي أنه غير موجود .. كان من النوع القليل الكلام والكثير الصمت وهو ما اراحني وأنا معه غاية الارتياح !!
بعد ربع ساعة رأيتها تخرج من نفس مدخل الفندق .. تنحنح السائق ناظرا لساعة يده كمن أفاق من غيبوبة أو نومة عميقة .. نظرني بصبر يوشك أن ينفد وقد تلون وجهه وصار محتقنا مليئا بالأسئلة التي أكاد أقرأ محتواها بوضوح لكني لزمت الصمت غير آبه به ولا بما يحترد الآن في نفسه .. لمحته ينظر معي إلى تلك الفتاة الحسناء ذات الشعر الطويل الخارجة من الفندق .. هو كان ينظرها مأخوذا بجمالها الصباحي الباهر وأنا كنت انظرها بعينين قلقتين يلمع فيهما أكثر من سؤال متلهف .. قلت له آمرا :
ـــ من فضلك .. نادها ..
حين سمعني أطلب منه هذا الطلب الغريب نظرني في بلاهة .. لكنه وبشكل مازوخي أسرع وضغط ثلاث ضغطات على بوق السيارة فانتبهت الفتاة إلى صوت بوق التاكسي الذي كان يناديها وهرولت صوبنا بعدما رأتني وتيقنت من ملامحي .. ركبت في المقعد الخلفي في اللحظة التي قلت أنا للسائق آمرا :
ـــ إلى مطعم شالوم عاز ..
أخيرا قال السائق وهو يتنفس الصعداء ويشغل السيارة :
ـــ حاضر سيدي ولا يهمك ..
أرادت أن تقول شيئا فقلت مقاطعا :
ـــ سنتناول إفطار صباحنا هناك .. لا تعليق ..
وصلنا مطعم شالوم عاز .. عند طاولة منزوية جلسنا لوحدينا ، ودون أي كلام ؛ أكلنا بسرعة ما طلبنا من وجبة ثم خرجنا .. كان الوقت والتعليمات السرية المعطاة هما المتحكم الأول فينا ؛ فكل شيء محسوب حتى بالدقيقة والثانية والحركات قلت لها هامسا :
ـــ سنذهب إلى بيتي .. ليس بعيدا .. مسافة خطوات من هنا .. هيا معي ..
ووافقتني .. الواقع لم يكن ثمة بيت بمعنى بيت أملكه هنا في هذه المدينة بل حجرة عزوبية صغيرة جدا استأجرتها وتصلح تماما لشاب عازب مثلي ؛ بها حمام وسرير صغير للنوم ودولاب ملابس ومقعد .. هذا كل البيت !!
داخل الحجرة المغلقة كنت أنا جالسا على طرف السرير أما هي فجلست قريبا مني على ذلك المقعد الوحيد الموجود بالحجرة .. كانت منذ غادرنا المطعم ومنذ دخلنا الحجرة ساهمة وهي لا تكف عن النظر إلى ساعة يدها كل حين وحاجباها مقطبان .. كان القلق ينتش قلبها نتشا أي نتش !!
ـــ إهدئي صديقتي .. إهدئي أرجوك ..
ـــ أنا هادئة يا معتز .. هادئة جدا فقط بعض القلق لحين ظهور النتيجة ..
قالت بتخوف فسألتها مستفتحا :
ـــ حسنا . هل تم كل شيء حسب التخطيط ؟
سألتها بلهفة مستفتحا معها سيل أسئلة سريعة مهمة فردت بثقة :
ـــ نعم سيدي .. خدرته .. بعد نصف ساعة لن يكون في الدنيا .. حتى أنني خرجت وقد أوصدت عليه باب الحجرة بالمفتاح ..
قلت بحماس :
ـــ جميل . جميل جدا .. والقنبلة .. هل تم زرعها و توقيتها بشكل مضبوط وصحيح ؟
أجابت :
ـــ نعم .. ماذا تـنـتـظـر ؟! لـنغادر تل أبيب فوراً .. كم أكره هذا الإسم الذي اضطر لنطقه !!
سألتها متمهلا وأنا أنظر لساعة يدي وأقدر الوقت الكافي فعلا للمغادرة :
ـــ هل رآك أحد وأنت تدخلين الغرفة ؟
ردت بنفس نبرة الثقة :
ـــ لم ألمح أحدا .. كان الممر وقتها لحسن الحظ خاليا من المارة وكل شيء تم على خير ما يرام .. ننتظر فقط النتيجة ..
وصمتت ثم قالت بقرف :
ـــ اااخ . يا للوقح !!
ضحكت وأنا أرى قرف وجهها وعينيها :
ـــ ما بك ؟! هل عضك هذا الكلب ؟!
قالت وهي تبصق لعابا من فيها على ورقة محارم صغيرة كانت في يدها :
ـــ حاول .. لكني تفاديت العضة بذكاء .. إن لحمي ــ كما تعلم ــ مر المذاق ..
وأطلقت ضحكة خفيفة عذبة شاركتها فيها .. واستدركت تقول وهي تخرج شيئا من جيب بنطالها وتناولني إياه :
ـــ هاك ..
تناولت هذا الشيء متفحصا .. كانت ورقة مطوية بشكل مربعي .. بدت عادية لكني ما كدت أفتحها حتى قلت بذهول وقد جحظت عيناي :
ـــ أوووه . يا إلهي !! أرى هنا أرقاما وحروفا وإيميلات وأسماء !!
أكدت موضحة بنشوة منتصر غانم :
ـــ هذه أرقام هواتف وعناوين الكترونية مهمة جدا تخص حاسوبه وحساباته النتية .. عثرت عليها في محفظته .. إحتفظ بها .. ستنفعنا في مهمات ما فلا تضيعها .. نسخة منها لدي قمت بتصويرها ..
أجبت وأنا أتناول منها الورقة كمن يستلم غنيمة حرب :
ـــ حسنا .. هذا جيد ..
عادت تقول بامتنان كبير بعد هنيهة صمت بيننا :
ـــ شكرا لك سيدي على اهتمامك .. أنا آسفة .. لقد أتعبتك معي ..
قلت مبتسما :
ـــ لا تشكريني أرجوك .. نحن إخوة في التراب و النضال ..
بعد نصف ساعة كانت الطائرة التي أقلتنا في رحلة خروجنا قد غادرت مطار بن جوريون متجهة إلى أنقرة ومن أنقرة سنسافر معا إلى مكان آخر مجهول لا نود الافصاح عنه ..
بعد هذا التوقيت بالضبط كانت وسائل الاعلام بالعالم كله تضج في خبر عاجل بوقوع انفجار مدوي في فندق دان هوتيل وضابط برتبة عقيد يدعى راعيم شاح بين القتلى .. الدمار هائل .. راعيم شاح هذا هو نفسه المجرم الحقير قائد الفرقة التي ارتكبت أفظع مذبحة بحق أهالي قرية المناضلة أميرة عارب .. أميرة عارب التي فقدت كل أسرتها في تلك المذبحة الرهيبة .. هاهي توفي بنذرها وتقتص من قاتل والديها وأخوتها وأهالي قريتها .. في الطائرة التي أقلتنا معا كانت بجواري في المقعدين اللذين كنا جلسنا عليهما في تلك الرحلة .. كنا هادئين ولم نبد أي إنفعال أو حركة أو حتى صوت .. عبر الفرح الصامت كنت أضغط بيدها مهنئا لها نجاح عمليتها .. نظرتني بعينين مغرورقتين بالدمع .. كنت أقرأ ما في هذا الدمع من فرح تخالطت معه صور أسرتها وبقية ضحايا قريتها الوادعة وقد تناثرت جثثهم بدمها الزكي في كل مكان .. ربت على يدها بصمت وعيناي تتابعان عبر شاشة تلفاز الطائرة نبأ العملية ومقتل ذلك اللعين فيها .. كنا فخوران بما قمنا به من واجب وكانت على الدرب القادم مهمات أخرى تنتظرنا ووطنا يستئن فجرا سعيدا وبشرى لخلاص قادم يستحثه صهيل الكفاح ..
بقلمي / سعيد مصبح الغافري
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

التوقيع

خذوا كل ما تقدسون ..
واتركوا لي فقط ثـالـوثـي المقدس :
وطن .. وفيروز .. وكتابة .

سعيد مصبح الغافري غير متصل   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 12:36 AM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.