واجب ظهيرة الجمعة !!

[العـنود ناصر بن حميد]

في صباحات الطفولة .. كانت أمي تلهج لي بالدعاء
.
.
في مساءات خريف عمر أمي

ألهج لها بالدعاء
.
.

أنا لا أشبهها كثيراً .. فهي فاتنة عربية
صبورة حد الوجع .. يقتات الزمن على أحبائها , يُسقطهم كحبات لؤلؤ
تارة يُفقدها أعز ثمرات قلبها " أبنتها الكبرى " صديقتها الأولى
تارة يُفقدها والدها ., زوجها ., والدتها ., وتارة يُفقدها أخاها الوحيد

إرتبطت به إرتباط غريب .. إرتباط روحاني مهيب
كنت أرهما في كل ظهيرة جمعة
يقتسمان .. فنجان قهوة عربية مُطيبة بالزعفران .. ويتسامران بالرطب

" هذا نبتة سيف ؟!
لا يالغالي .. هذا خلاص
تبغى نبتة سيف؟؟
لا .. يكفي كلامك لي رطب "

,
,
,
نفس المكان .. نفس رائحة العود المعتقة بشماغه الوقور
يسأل عن الجميع .. وتسأله عن الجميع
الأهل ., الأبناء ., الأقارب ... وماتبقى من الجيران !!

,
,
,

فجأة .. يخفت صوته
تسأله بلهفة

"متى موعدك عند طبيب السكر ؟؟"

يُجيبها بنظرة متعبه

" المشكلة ليست في السكر الآن .. ولكن موعدي عند طبيب القلب بعيد
لا تقلقي ربك يسهلها "

آآآآه
نسيت
هما أيضاً يقتسمان نفس مرض السكر اللعين

,
,
,

بالأمس
لا أدري من الذي أوقد كل تلك الذكريات
لتبكي أمي بحرقةٌ بالغة
لم تنساه يوماً
كما لم تنسى .. أحبائها أيضاً
في الحزن
تغرينا التفاصيل الصغيرة .. بالكثير من الوجع
فكم من مرة .. قالت بعد هذا اليوم سيُكمل خالكم السنة بعد وفاته
كم من مرة قالت .. رحم الله (أبو عبدالله) كان يحب الصلاة خلف الشيخ السديس
وكم أعتادت على تذكيرنا .. في كل جمعة بحضوره الغائب !!
كانت تحرص على إعداد وتحضير القهوة بنفسها
ومازالت تمارس هذه العادة وتنتظر بعد الصلاة؟!

,
,
,

في ظهيرة الجمعة
يحضر ابناءه

متفرقين

تبتسم .. تجلس معهم ., تُسامرهم
تقرأ في ملامحهم .. في بحة صوت أحدهم دفء صوت أخيها !!

,
,
,

ينهون واجب الجمعة ( كما أسميه) بعد أن يتقاسموا مع أمي

فنجان قهوة ., ورطب

ولاهم يسألون .. أي نوعٍ من الرطب هذا ؟!

ولا هي تسألهم .. متى موعد طبيب السكر !!