الجميلة و العفريت..

[د. فريد ابراهيم]

عفريتا قابعا في مصباحي كنتُ

حتى لمسَته اصابعها فـ جُننتُ

و كـ سحابةٍ كثيفةٍ من فوهته

خرجتُ

تضخمتُ و تعملقتُ

و على جدران مغارتي تسلَّقتُ

جلجلتُ و تَجَلّيتُ

بـ هيئتي الغير معقولة

نصف انسانٍ

و نصف دخانٍ

و عضلاتٍ مفتولة

ثم ذُهلتُ حين نظرتُ

الف عامٍ من الصبر

و حسنها استحق ما انتظرتُ

الف عامٍ من الصمت

و رغم ذلك سكتُّ و ما نطقتُ

و عشتُ دهرا من الذهول

و الف مرةٍ فيه متُّ

قمرٌ درّيٌ مولاتي

يغمر ضيّه الشُطّآن

تحسده الحور العين

و يسجد له الشيطان

ما ان رأيتها استسلمتُ

و رغما عني انحنيتُ

امام منظرها البديع

رشيقةٌ كـ ريشةٍ في نسمة

و ناعمةٌ كـ بشرة رضيع

من اول نظرةٍ فُتِنتُ

و بعد صمتي الطويل

اخيرا تكلمتُ

مولاتي انا خادمكِ

لن ارفض لكِ طلبا

سـ اضرب ارض المغارة

فـ تُنبت لكِ عِنَبا

و يمطر سقفها رُطَبا

و لو تحبين الحليّ

سـ آتي بوزنكِ ذهبا

يا اجمل ما رأيتُ

اجمل مما تمنَّيتُ

فـ ردّت مولاتي قائلةً

لا اريد ذهبا

بل اريد قلبا

يكِّن لي حبا

و كان هذا .. اغرب ما به أُمِرتُ

فـ ليس لديّ على القلوب سلطانا

و رغم ذلك لبَّيتُ

و جثوت امامها و قلتُ

جنيٌ انا لكنكِ سحرتني

و بدون أي شعوذة

في السحر اذا قورننا

فـ انا في طور التلمذة

يا طاغية الحُسن و جائرته

يا هدية القدر و جائزته

قلبي لكِ قدَّمتُ

فـ ردَّتْ "لكني اريده بشريا"

فـ قلتُ "عشقي لن يحتمله أحد"

فـ قالت "لكنكَ جِنّيا"

فـ قلتُ "سـ اسكنُ في أي جسد"

فـ سكَتتْ لوهلةٍ فـ سَكَتُ

ثم تبسمتْ فـ تبسمتُ

و قلتُ " من اجلك سـ أبني قصورا من النور

و سـ نطوف العالم سويا على بُساطنا المسحور

يا من بها دوما حلمتُ"

فـ ردت " لم يحبني مثلك احدٌ من البشر"

فـ قلتُ " انا اجدر بك يا سليلة القمر"

فـ دَنَتْ مني و منها دَنَوتُ

و نظرتْ الى شفتيّا

و الى شفتيها نظرتُ

و قبل أن أُقَبِلها بـ لحظةٍ واحدة

انطلق جرس المنبه اللعينِ

فـ استيقظتُ

فريد 8/2/2018