[ قُداسـةُ التَحديق ] .. - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
مُتنفس .. شِعري ! (الكاتـب : سعيد الموسى - آخر مشاركة : نويّر الحربي - مشاركات : 786 - )           »          - من يسجن الشمس ؟! (الكاتـب : نويّر الحربي - مشاركات : 73 - )           »          [ فَضْفَضَة ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : نويّر الحربي - مشاركات : 75159 - )           »          البحيرة والنورس (الكاتـب : حمد الدوسري - مشاركات : 3512 - )           »          النهر الجاري مسودة خاصة .؟!! (الكاتـب : عبدالله العتيبي - مشاركات : 45 - )           »          خذتي من وصوف القمر (الكاتـب : أحمد عبدالله المعمري - مشاركات : 0 - )           »          غياب القناديل (الكاتـب : أحمد عبدالله المعمري - مشاركات : 12 - )           »          أُغنيات على ضفاف الليل (الكاتـب : علي الامين - مشاركات : 1209 - )           »          ستقول لي: _ تعالي بما تبقى منك إليْ.. (الكاتـب : جنوبية - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 10 - )           »          نفثات مقدسة من أنحاء اخرى .. (الكاتـب : محمد الجهني - مشاركات : 0 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النثر الأدبي

أبعاد النثر الأدبي بِالْلُغَةِ ، لا يُتَرْجِمُ أرْوَاحُنَا سِوَانَا .

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 02-03-2011, 04:07 AM   #1
عائشه المعمري

كاتبة

مؤسس

افتراضي [ قُداسـةُ التَحديق ] ..


لا تسألوني عن جرحي ..

هو النص الذي ملت أدراجي منه
تسلل هنا دُفعة واحدة .. وبلا تنقيح يُرضيني ..
إليكم ، وبعد غياب ..


يبدو لوهلة أنني عاشقة ،
أحدق في الفضاء وفي الطائرات التي تثقب السماء ، وحدها الطائرات من تقاسمني الهم ، تمر بي كل يوم ،
وتخبرني أنها ستأتي به .. فلا أقلق كثيراً .. الأمر يتعلق بالزمن فقط .. ولابد أن أنتظر .
ألوح للمسافرين ، وأدرك جيداً أنهم لن يروني ، ولكن بالتلويح تتصاعد الروح نحوه وتسافر ، حيثه حتماً ..
في يومٍ ما سأركب الطائرة وحدي ، وسيلوح لي عابر ما ، سأحدق كثيراً في الأسفل ، علني أرى النقاط بأبعادها الثلاث ،
عل عيني تلتقط ذراعاً تلوح من أجلي ، من أجلي فقط ولا تسقط .

الكون بالخارج لا يتوقف عن الحركة ، ما إن تخفض عينيك من مستوى عبور الطائرات ، تجد شوارعاً لا تتقاطع على شيء ، وأناسا لا يكفون عن الحركة ، وأطفالاً لا يعرفون التعب ، وأنا بنافذتي ، أمارس قٌداسة التحديق في الأشياء ، وأعبر بذاكرتي
كل ما يتعلق بما أراه وبه وحده .. إنني أخشى أنني قد اخترت الطريق الزلق .. وما من آمان يضمن لي الوقوف من جديد ،

رجال المطافئ يسكنون بجانبنا ، لا ينفكون من تجريب سيارتهم كل يوم وفي نفس الوقت ينظفونها باستمرار بالرغم أنها لا تتحرك إلا قليلاً ، ويتأكدون من سلامة جرس إنذارها المزعج ، هكذا هم متأهبون لأي اتصال عابر ، حتى لو كان كذبة ، كما كنا نفعل ونحن صغاراً ، نتصل على المطافئ أو الشرطة نخبرهم بان ثمة حريق قد نشب ، وندلهم على مكان الوهم ، وأنا مثلهم تماماً ، متأهبة لأي حريق في قلبي ، أتحسس نبضاته كل حين ، أدرك جيداً أن حرائقه لن يُطفئها أحد سواي ، مهما كان المتصل بقلبي هو طفل عابث .

نافذتي وطن ، أنصت لأصواتهم وهم يتهافتون ، يصطفون كل يوم في السادسة صباحاً ، يُدهشني هذا المنظر ، أعشق هكذا انضباط ، ترى كم يحتاج الواحد منا حتى يصير كما يريد ؟ .. هذا السؤال يرهقني كثيراً . ويبدو أنني أمتهن معايشته ،

في الصباح لا أجيد التحدث إلى أحدث .. يسيطر الصمت على كل شيء ، لابد أن أستعد لمحاضرتي الأولى ، هاتفي لا يكف عن الرنين .. والمتصل ، ليس من أظنه طبعاً ، فابن خالتي الصغير ابتاعت له امه هاتفا وليس من أحدٍ يتصل إليه غيري ، وحدي من أجيد مجاملته ، وحدي من أتحمل هَم شخصية الضعيفة في هذا السن الحرج ، أخشى أن يكون صادقاً ، ويفهم الحب كما يقول ، أخشى أن يكون قد أحب نوف التي حدثني عنها بالأمس صدقاً ، أخشى أن تكذب عليه ،
اليوم لا طاقة لي بمجاملة أحد ، حتى لو كنت سأتحمل ذنب كسر خاطره وترك أربع مكالمات لم يرد عليها وهو يدرك جيداً أنني
أتعمد عدم الرد ، ترك لي رسالة قصيرة :
- اليوم عيد ميلاد نوف ، سأهديها جهاز "الأي باد" ، دعي ذلك سراً ..

لم يكن بوسعي أن أمنعه ، ولا أن أرد عليه بإبداء وجهة نظري ، تركته يفعل ما يشاء ، تُرى لما يُهديها هدية غالية على قلبه
كهذا الجهاز الذي أعلم أنه يعشقه كثيراً لأن أمه قد أهدته إياه حينما نجح في الصف التاسع هذا العام ،
لما نظن أن الحب الحقيقي هو ذلك الذي نُضحي بأشيائنا الثمينة فيه ، والتي هي حقاً ليست بأثمن من قلوبنا ، ياه يا تركي ، أخشى عليك منها كثيراً ، وأدرك أنك لن تفهم ما أعني .

أحتاج إلى بئر أخبره بما أشعر ، كما يفعل تركي معي ، أخبره عن حدسي ، وعن سر الطائرات ، ورجال المطافئ ، لا أريده أن يمنعني ، أو أن يُبدي وجهة نظره بردود أفعالي وبما أشعر ، لا أريده أن يشوه الصورة التي أكمل رسمها كل يوم ، لا أريده أن يعبث بشيء أبدا ، أريده أن ينصت إلي فقط ، كما تفعل الجدران ، والمرايا ، والصور ، والرسائل ، فلا أريد أن يسألني أحد عن جرحي ، ولا أحتاج إلى مواساة في يوم ما ، فـ "الجراح التي نتسبب بها لأنفسنا ، وحدنا من يجب أن يتكفل بتضميدها" ، ..
هكذا تمتم تركي حينما تناست نوف يوم ميلاده ..

رفعت رأسي مجدداً وفتحت النافذة ، مرت الطائرة المائة والخمسون لهذا الشهر بتعدادي ، ولم تأتِ به ..

تمت

 

عائشه المعمري غير متصل   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 09:13 AM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.