" صباحك يسكنني
أيتها الجالسة في حلمي بالأمس حين أتيت حاملة فضولك ضجيجك حلمك
كنت قريبة من وحدتي من تشردي و من جنوني
و كنت أمسك بضفائر الفرحة و أنا أتأبط كلماتك السحرية المغسولة بالدهشة و الصدق و المحبة "
:
كان هذا ما دُوّن على إحدى الرسائل أعلاها ..
لم يكن ذلك ( الدُرج ) الذي يعشش في زاوية غرفتي جزءً منها .. ولا حتى مُلكاً لي ,
إنه صندوق رُزَمُ ذكرياتي .. صداقتي اليتيمة .. و أناشيد وفاء .. إنه ملكاً للماضي
الماضي الذي مات !
و بالرغم من حقيقة وجوده و حقيقة ما بداخله .. أجدني أتحاشى وجوده طيلة الاثني عشر أعوام الماضية
من يصدق !
و يزداد تسارع نبضي حين أرمقه بنظرةٍ عابرة .. أو أضطر لفتحه .. و أخشى ذلك كي لا أسمع صوت الحقيقة المُرّة :
صديقتي ناهد ماتت !
و خشية أن يوقظني من الوَهَمِ الذي خلقته بداخلي طويلا .. أنها لا تَزَل تتنفّس
بالأمس فقط .. تذوقت رشفة شجاعة حين حطّ بصري عليه .. ففتحته
و فتحت في آنِهِ بوّابةً للماضي ..
هذه هي .. [ ناهد ] .. تتربّع على فوضاويّة الرسائل .. روحها التي أقرأها بين السطور , و كأنّ حُلُماً لم يفصل بيننا
خطها الجميل و الذي كنت أغبطها به .. حتى رائحة العطر الذي كانت تعطّر به الرسائل لا زالت في ذات الورق !
و لفافة ورقيّة صغيرة قد تموّه حِبْر حرفٍ فيها .. كتبَتْ تحته " هذه دمعتي "
ورود مرسومة و أخرى صناعيّة , أوراق صغيرة و أخرى كبيرة , كيس صغير أزرق اللون , ظروف متنوعة كثيرة
و بين كل هذه الفوضى .. عِقْد أبيض
عِقْد !
لا تحضرني أيّة ذكرى عن هذا العقد الأبيض اللؤلؤيّ !
أي ألمٍ يعدني ببعثه !
إنه منها هي .. و قد كان مختبئاً في ظرفٍ أبيضٍ متين .. أحكمَ إغلاقه الزمن
الصمت هنا كان حديثي .. قبل أن ألملمُ العقد بين يديّ و أقبّله ,
لوهلة .. تراءت لي صورة [ ناهد ] و ابتسامتها الصباحيّة التي تخلق لدي شعوراً جديداً بالصداقة
و روحها العنيدة المشاكسة .. و قهقهتها العالية التي طالما كان البعض يعاتبها لأجلها ..
إنها تكاد تتجسّد أمامي .. حتى شعرت بروحِها حولي تشاهدني بينما أتصفّح فصلَ صداقتِنا
لا أعلم !
هل احتفاظي بهذه الأوراق الممزّقة من دفاتر الماضي .. يعزّز ألمَ ذكراها لديّ ؟
أم أن إتلافها الدواء ؟
أخبريني يا ناهد بالجواب ذات حُلُم ,
: