بين جناحي طائر ( الشاعر أحمد محمد الصديق ) - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
(( أبْــيَات لَيْسَ لَهَــا بَيــْت ...!! )) (الكاتـب : زايد الشليمي - مشاركات : 15 - )           »          [ فَضْفَضَة ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 75148 - )           »          فلسفة قلم .. بأقلامكم (الكاتـب : سيرين - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 3845 - )           »          غياب القناديل (الكاتـب : أحمد عبدالله المعمري - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 3 - )           »          تخيل ( (الكاتـب : يوسف الذيابي - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 428 - )           »          ورّاق الشعر [ تفعيلة ] (الكاتـب : نوف الناصر - مشاركات : 5 - )           »          بُعدٌ جديد ! (الكاتـب : زكيّة سلمان - مشاركات : 1 - )           »          عَـيني دَواةُ الحـرفِ (الكاتـب : حسن زكريا اليوسف - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 4 - )           »          " قلطة " : اقلطوا .. (الكاتـب : خالد صالح الحربي - مشاركات : 94 - )           »          اوراق مبعثرة!!! (الكاتـب : محمد علي الثوعي - مشاركات : 423 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد المقال

أبعاد المقال لِكُلّ مَقَالٍ مَقَامٌ وَ حِوَارْ .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 01-26-2016, 03:41 PM   #1
يحيى الحكمي

لا شيءَ يُفرِح

الصورة الرمزية يحيى الحكمي

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 383

يحيى الحكمي لديها سمعة وراء السمعةيحيى الحكمي لديها سمعة وراء السمعةيحيى الحكمي لديها سمعة وراء السمعةيحيى الحكمي لديها سمعة وراء السمعةيحيى الحكمي لديها سمعة وراء السمعةيحيى الحكمي لديها سمعة وراء السمعةيحيى الحكمي لديها سمعة وراء السمعةيحيى الحكمي لديها سمعة وراء السمعةيحيى الحكمي لديها سمعة وراء السمعةيحيى الحكمي لديها سمعة وراء السمعةيحيى الحكمي لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي بين جناحي طائر ( الشاعر أحمد محمد الصديق )


الكتابة عن الشعر بألوانه المتعددة , ومعانيه المستفيضة , وما يرمز إليه من صور وأسرار ورؤى , هي في الحقيقة تحمل جزءا ثقيلا وشاقا في آن واحد , ويكمن هذا الثقل , وتكمن تلك المشقة في الوصول إلى (الحقيقة) حقيقة الشرح الوافي , وصياغة التعبير الأمثل والملائم لمعنى القصيدة , أو البيت الشعري , أو المقطع المنفصل أو ما يرنو إليه الشاعر في جزء من القصيدة , أو الوقوف عند باب ذلك الشطر الزجاجي , إما تبايناً بين معنيين أو خوفا من الخروج عن مدلول روح المعنى المكنون في بطن الشاعر .
إنها بحق المعركة الفكرية التي يحياها القارئ صراعا مع القصيدة , فكيف وقد جمعت بين الحرف الشعري وبين حرف الشاعر ؟! لعلّ الفكر هنا سيظل حائراً بين جناحي (شاعر) .. فكيف لو كان الشاعر هو ( أحمد محمد الصدّيق)؟!
أوراق هذا الشاعر الكبير تجاوزت بقدر ملحوظ روح الشاعرية إلى المعاناة الكامنة في شاعرية الروح , وتوافر في تلك الأوراق جزآن مهمان في الشاعر أحدهما : اختلاط الوصف بالجمال , فكانت الأوراق بمثابة الرياض الوارفة الممتدة خضرة وروعة , المكتسية باللون الطيفي , المختلط بلون آخر أحسبه لون الروح .
وثانيهما , صدق المعاناة , وأي معاناة أقصد ؟! هل هي معاناة عشق نأت عنه قرة عينه حتى كاد أن لا يراها ؟! ربما ..! وهل هي معاناة مكلوم جرحته السنون لمّا افتقد أسرته , ووطنه ؟! ربما..! أم هي معاناة شعب تقمّص في رجل غيور . يبدو أن معاناة شاعرنا هي كل ذلك . فقد نأت عنه حبيبته الأرض فعاش بعيدا , وجرحت أفئدة إخوانه فتألم , ولبس روح شعبه فانتفض .
ولد الشاعر في شفا عمر – حيفا فلسطين , درس الابتدائية ونصف الثانوية , هاجر إلى لبنان ثم إلى قطر , نال البكالوريوس في الشريعة من جامعة أم درمان بالسودان .
من أقوى شعراء العصر الحديث أداء للقافية ووصفا للطبيعة , جمع أغراض الشعر العربي , وجدد فيه وأبدع . شاعريته راقية وصادقة في أدائها الفني للقصيدة , يصف ما يريد بحرية مطلقة, قيدتها الرؤية الشعرية للكون والإنسان والحياة, مع رصانة اللفظ ووضوح المعنى . يصل إلى ما يشاء من غير تكلف ولا عسر, يكتب من مفهوم أدب إسلامي , ومن المجددين فيه . يكتب شعر التفعيلة (الحُر ) مثل كتابة البيت (الخليلي) روعة وإبداعا سواء بسواء .
إنه شاعر امتزجت حروفه بطموحه , وألفاظه بجروحه , ومعانيه بروحه , فانتثر شعرا زاكيا معطرا فأنشد " جراح و كلمات " , وناشد " بالإيمان والتحدي " , ورفع حقيقة الأحجار المتكلمة في " هكذا يقول الحجر", وأسمع الناس " نداء الحق ", ثم أعلنها مدويّة مجلجلة أنّ المؤمنين " قادمون مع الفجر ".
1- الوصف
تجاوزت قصيدة الشاعر المسلم - عموما - حيز اللفظ الخطابي إلى حيز الإبداع والتجديد والتصوير, واستخدم المجاز والاستعارة وجوانب البلاغة المقرونة بالخيال لينقل المعنى إلى الروح والعقل عن طريق الفكر والتأمل , لا عن طريق النظر الصرفْ. وهو إذ ذاك خطا خطوة أبعد من شعر الحداثة وأقرب إلى حداثة الشعر , ولم تعد الأساليب المكررة في الشعر من صفاته , بل تجاوز المخاطبة الظاهرة إلى المخاطبة الباطنة التي لا تستخدم النداء ولا دواعيه, وإنما يفهم من خلال القصيدة دوائر الخطاب , لا عن طريق نقل المخاطب من حيز إلى حيز آخر كما الخطيب المنبري يفعل , أو إزالة المعنى بالكلية كما يفعل الحداثي , وإنما ينقل القارئ من عالم المادة والطبيعة إلى عالم الروح والخيال . وعمدة هذا التغيير هو الوصف , وهو المدلول الذي يحكم بالسلب أو الإيجاب على خيال الشاعر , لأن الشعر في الحقيقة قائم على الوصف , ولهذا قدّم أغلبُ النقاد شعر امرئ القيس على غيره لاعتماده على الوصف وسبقٍه فيه .

أ‌- وصف الوطن :
وللشاعر أن يختار ما يشاء حسب معاناته وهمه النفسي, فقد يصف المرأة أو الليل أو الخيل أوالطيرأو الطبيعة أو أي مورد آخر , غير أن (الصدّيق ) قد تجاوَزَ في وصفِه للحياة الأطر الحسّية غالبا , ووصف لنا خيالُه الطرازَ المعنوي , وفي دواوينه شواهد وصفية كثيرة تتعلق بالروح أكثر من الجسد . وحب الوطن في الحقيقة أمر معنوي متعلق بالروح والعاطفة والإخلاص , ومن ثمّ يتجسّد هذا الحب والولاء في شيء محسوس يظهر في التعلق به والدفاع عنه , وشاعرنا أحبّ وطنه حبّاً موافقا للفطرة السليمة التي فطر الله الخلق عليها, إذ يُحبُ الإنسانُ مربعَه ومنشأهُ ومستقَرهُ, إلا أن فلسطين أخذت حيزاً كبيراً من التفضيل لقداسة أرضها وكونها مأوى الأنبياء وفيها أولى القبلتين , والله يقول عن المسجد الأقصى ( الذي باركنا حوله ) والحقُّ لشاعرنا أن يحب وطنه ونحن أيضا نحب وطنَه, وأكثر الصدّيق في دواوينه من القصائد في حبِّ فلسطين ومنها

من وجهـك تطلع أقمـــــاري
و جمالك مبعثُ أشعاري

يا وطني يا عين الدنـــــــيا
يا هاجس ليلي و نهاري

فـتشت كنوز الأرض فـــــما
ألفيت بديـلاً عن داري

أشواقي أســـــــراب طيور
عائدة تحتَ الأمطــار

مهما تتقاذفني الأمــــــوا
ج فأنت نهاية أسفــاري

حيفا والّلد وبئر الســــــبـ
ـع وكل سفوح الأغــوار

والقدسُ ومســــجدها الأقصى
وسيوف جدودي الأخيار

لن تذهب أحلامــــــي أبدا
بالنصر ستعقد أثماري(1)

أبان لنا الشاعر أن وطنه هو حقيقة الإلهام الذي أجزل موهبته وقوّى روحه ورفع شعره للخلود, ذلك الإلهام الشاعري الذي أخرج أقمار الشاعر من هدأة الليل إلى خفقات الوجود ..
إنّ هذه القصائد التي تتوالى لم تأت من ذاكرة " الصديق " وإن كانت الذاكرة هي التي تملي عليه أفكاره ومعانيه , وإنما انطلقت هذه "السيمفونيات" الرائعة الصادقة من وجه الوطن المعطاء . إنّه الباعث للشعر , كل ما فيه.. أرضه وترابه , زيتونه وعنبه , أغصانه وفروعه , هواؤهُ ونسيمُه , شروقه وأصيله , كل حركات وطنه وسكناته كان الإلهام الأعلى لشعر الشاعر.
وأعظمُ الشعراء حكمة من كانت محبته لوطنه أعظم محبة وأكبرها كما هو شاعرنا الصدّيق . ويلحظُ القارئ للمقطوعة ذلك الصدق الممزوج بالعاطفة .. نعم, إن قطع الجمال المنثورة على هذه المعمورة لا تعد ولا تحصى , غيرَ أن شاعرنا لم يلق بديلا حقيقيا عن وطنه , فتّش وبحث فلم يجد .. أجل , إنه صدق المحبة للذات والوطن.والقصيدة صورة الأشواق التي تطير .. وتتجه إلى الأفق البعيد , تأتي من تحت الأمطار مبللة حبّاً ووفاءً وشوقاً عارماً , تأتي لتستدفئ بظلال حيفا .. واللد.. وبئر السبع . في وقتِ تتقاذف شاعرنا أمواج الغربة والنوى , تسافر ذاته بعيدةً عن الأحلام إلا أنّ روحه محلقة في سفوح الأغوار و مستذكرةً الأقصى , معقودةً بثمار النصر الموعود, ويقول:

سيبقى السؤال الملِحُّ ..
سيبقى رفيف الجفون..
وأصداء عمر وذكرى..
وعبءٌ.. (وأطياف أرض )
وأمشاج ماضِ وحاضرْ
ستبقى شواهد عبر الزمانِ
تدلُّ عليك َ
وتدعوكَ..
فارجع إليها
وكلِّل جبين العُلا
بالمآثر (2)

هذا مقطع من قصيدة " العقل المهاجر " وهي قصيدة حُرّة طليقة , تحكي فناً رائعاً من فنون الأدب الإسلامي والإنساني وهو" الحنين " , وهذا الجزء الأخير من القصيدة عبر بوضوح عن مغزى الشاعر .. وعما يريد أن يصلَ إليه .. وفيه جمع لنا " الصدِّيق " أركان الوطن الزمانية والمكانية , رفيف الجفون ,أصداء عمر وذكرى , أطياف أرض , أمشاج ماض وحاضر .
والقصيدة الأولى ( من وجهِكَ تطلع أقماري ) أبدى فيها الشاعر وطَنه وجهاً قمرياً جميلاً , يبعث الشعر , ويروي الشعور , وعدّد بعض درره التي يضمها كاللد وبئر السبع والقدس وحيفا , وهنا في قصيدة (العقل المهاجر ) وصف حالته المهاجرة البعيدة عن ذلك الوجه القمري الجميل , وعن الثدي الذي غذّاه , والحضن الذي رعاه , والمهد الذي احتواه , والسفوح النواظر , يقول :

وتنسى الصحاب .. ومهد البطولةْ
وتنسى الربى والسفوح النواظرْ
وثديا غذاك.. وحضنا رعاك
وعيناً تحفّك منها المحاجِرْ (3)

وفي هذا المقطع وصف لنا الوطن بالأطياف الساحرة الممتدة لونا وجمالا , وبالأمشاج الرابطة للماضي والحاضر والتي ربطت أيضا بين ذرَّات التراب , وكل ذلك لن ينساها الشاعر , بل ستبقى شواهد عبر الزمان , تدل على إبداع " العقل المهاجر"

فارجع إليها..
وكلّلْ جبين العلا بالمآثر

ب-وصف الشعْر
ومن قصائده في إطار الوصف : قصيدة بعنوان ( ما الذي نريد منها ) :
دع الشعر نحو المنى يعبر
ويفضي إلينا بما نضمرُ

فللشعر ألف جناح طليق
وراء أحاسيسنا يبحرُ

وللشعر في كل روض هزارٌ
وفي كل غصن له منبرُ(4)

إنه الشعر .. حلاوة اللسان .. ومنظور البيان ( إن من الشعر لحكمة) يفعلُ بالضمائر ما لا تفعله كلمات خطيب أو رواية سارد , أو فنيّة قاص , إن الشعر عند " الصدّيق " طائر له ألف جناح , يعبر به الأجواء والأنحاء , يُعبِّر عن مكنوناته , ويبحر في أحاسيسه , اتخذ له من كل غصن طروب نايا , وعلى كل أرض موّالا.
وله من قصيدة عنوانها ( ينبوع الشعر )
من أيِّ شيءٍ ينبض الشعرُ
وينبض الإيمان والفكرُ

تسبح في بحر الخيال الرؤى
والظل والأضواء والعطرُ

وتنطوي الدنيا بأحلامها
سماؤها والبر والبحرُ

بلابل تصدح في خاطري
وما لها روض ولا وكرُ

وتلثم الشمس رذاذ الندى
والزهر في البستان يفترُّ

وحين يرخي الليل أسداله
يطل من أحشائه البدرُ

يضاحك الأرض وفي ركبه
تمشي الهوينى الأنجم الزهرُ (5)

إنها الشاعريّة عند " الصدّيق " تعمل رؤى وظلالا وعطورا وأضواء , تسبح في بحرخيال القوافي, تلك القوافي الشعرية التي غدت كالبلابل تصدح في حريةٍ مطلقة مالها روضٌ محدود , فكل روض هو لها , وليس لها حدود فكل بستان هو مكانها الذي تستريح فيه . إنه الشاعر الذي رأى الشمس وهي تلثمُ رذاذ المنى فعبّر عنها , ورأى الزهر وهو يفترُّ يضاحك الحياة فروى ذلك المشهد الجميل , وعايش الليل وهو يخيم بأستاره على الكون فاستذكر , وتأمّل خروج البدر من حلك الدُّجى يطل من أحشائه , يضاحك الأرض ويساير النجوم , فعرف الشاعرُ معاني الخلود .
وله قصيدة أخرى بعنوان " ميلاد قصيدة "

هكذا تولد القصيدة في القلب
كميلاد زهرة في الصباحِ

تتنزّى عند المخاض وتنضو
حجُب الصمت عن فنون البواحِ

فإذا ما تفتقت نشوة الإلهام
شعْرا ورفرفت بالجناحِ

أقبل الفارس المطهّم في جيش
القوافي يعلو متون الرياحِ

تتلقاه مهجتي في سرورٍ
ثم تقف خطاه نجو الكفاحِ (6)

أما ميلاد القصيدة في روح " الصديق " فهو أشبه بميلاد زهرةٍ نديةٍ في صباح باكر جميل , إنها حالة من الروعة والجمال , والمنى والإجلال , حين ترفع القصيدة حجب الصمت لتبوح بفنونها , حين يتفتَّق الإلهام شعْراً فيرفرفُ بالأجنحة الخالدة , حين يولَدُ من هذا الشعور وهذه المعاني " الفارسُ المُطهَّمُ من جيش القوافي يعلو متون الرياح " حين تخرج القصيدة مزدهرة بلقيا الشاعر في غاية السرور والبهجة.. تقفو خطا الكِفاح.

2- المعاناة
يقول الشاعر الصدِّيق:

جراحً تنزف الكلمات..من أعماقنا حيةْ
مضمخة بأشواق.. كنفح الروض.. علويةْْ

تبشر بالغد الآتي..يُشعُّ هدىً.. وأنوارا
تترجمها يد الآمال والآلام أشعارا

إذا امتزج الدم الموَّار بالوجدان والقلمِ
تنزّى الحرف مثل الجرح .. يذكي النور في الظلمِِ

ويسقي جنة الأحلام ذوبَ الفكْرِ والقلبِ
فنرعاها .. كما نرعى غراس الروح والحبِّ

ويوم حصادنا نمضي لنقطف زهرة النصْرِ
ويشرق من مآذننا على الدنيا سنا الفجرِ (7)

كانت هذه المقطوعة هي الأولى في ديوانه ( جراح وكلمات ) وهي الصيحة الصادقة المنطلقة من أعماق الشاعر الراسمة لصدق المعاناة , الكامنة في شاعرية الروح . إنّ الكلمة عندماا تتضمخ بالأشواق , وتهفو للمجد , تكون طيبة كنفحِ الروض, مشعّة كالنور والهدى , وحين يمتزج القلمُ بالوجدان , والحبر بالدم الموار, تتنزّى الأحرف المشمخرة مثل الجراح الصادقة الملتهبة. إنها الأحرف التي رعاها وربّاها, والفكرُ الذي سقاه وغذّاه كما يغرس الإنسان الحب في ذاته وروحه ويسقيه , ليقطف زهرة الحصاد , ويشرق درب الكفاح , ويشع سنا النور:
أعلل بـــالمنى نفسي طويلا
وأنسج من خيوط النور بشرى

ألف بها الهموم إذا استفزت
فتكتبني بلــون الجـرح شعــرا

ويقسم كل حرف أن يوالي
نشيد الحقِّ تصميما وصبــــرا

يُحطم كل عائقةٍ ويمضـي
ليصْنع فجر أمتنا الأغـــــرّا (8)

نثر الشاعر كنانته فإذا بالسهام تتطاير منها كتطاير الشرر, يصل كل سهم إلى الفؤاد الذي صوّب نحوه فلم يجرح , وما أصاب أذى لكنه زخرَ بالقلب إلى عالم أرحب, وفضاء أوسع . لم يصبنا شيء من سهامه التي نثرها وإنما حرك فينا ساكنِاً عذّبه سُكونه, وضميرا أرقَّهُ شجونهُ, بهذه الأبيات الرائعة المليئة بفأل خير مرتَقَب ينسج لنا "الصدّيق" بشرى من خيوط النور , ويكتب لنا الشعر بلون الجراح , ويحطم العوائق , بهاتفةِ البوارِق ليَصنع فجراً زاهياً لشعبه وأمَّته.
وأخيرا يقول مصطفى صادق الرافعي : والشعر في أسرار الأشياء لا في الأشياء ذاتها , ولهذا تمتاز قريحة الشاعر بقدرتها على خلق الألوان النفسية التي تصبغ كل شيء وتلونه لإظهار حقائقه ودقائقه حتى يجري مجراه في النفس ويجوز مجازه فيها " (9) . وهو شاعرنا " الصدّيق الذي أبدى لنا أسرار الأشياء بعذوبةٍ وإبداعٍ.
الهوامش :
(1) قادمون مع الفجر, ص 72.
(2) الإيمان والتحدي , ص23.
(3) الإيمان والتحدي , ص21.
(4) ديوان نداء الحق , ص90.
(5) جراح وكلمات, ص 56.
(6) جراح وكلمات, ص59.
(7) جراح وكلمات , ص5.
(8) يا سراييفو الحبيبة, ص16.
(9) وحي القلم ج3 ص235 دار الكتاب العربي.

 

يحيى الحكمي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 01-26-2016, 04:00 PM   #2
رشا عرابي

( شاعرة وكاتبة )
نائب إشراف عام

افتراضي


الشعر ،
لست أراه /أشعر به إلا مفردات محسوسة ملموسة
تحلق في الروح لتبلغ سماء القصيد وتستمطر شعرا ..
يحكمه الصدق ، ونوازع فكرة
يأسره الوزن .. قيدا محبوبا ، أسرا مرغوبا فيه لتمام الفتنة

الشعر ..
شعورٌ يتسامى في الروح حياة ..

ولله أنت أستاذي النبيل
إذ جمعت الضوء على شاعرية روح
لا يكاد ينكرها من يحسب الشعر له حياه
ذائقتك منارة ولن يعيينا الدرب إن تبعناك

وهل أجمل من قول الرافعي أسطورة الأدب في نغم القصيد !
"والشعر في أسرار الأشياء لا في الأشياء ذاتها"
إذ أنه نواميس تحكمها نازعة العمق
تموسقها وتبلورها في حلة إحساس حقيق
ليكون شعرا وشعورا
لا كلاما ينظم فحسب

أستاذي الراقي يحيى الحكمي
لله در فكر ينير للقلم دربه كي يمضي

بوركت
ولك التحايا جلها اكبار

 

التوقيع

بالشّعرِ أجدُلُ ماءَ عيني بـ البُكا
خيطٌ يَتوهُ، ولستُ أُدرِكُ أوّلَهْ!

في الشّعرِ أغسِلُني بِـ ماءٍ مالِحٍ
أقتاتُ حرفاً، ما سَمِعتُ تَوسُّلَهْ !!


نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

رشا عرابي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 01-26-2016, 09:33 PM   #3
سيرين

(كاتبة)
مراقبة

افتراضي


فللشعر ألف جناح طليق
وراء أحاسيسنا يبحرُ

وللشعر في كل روض هزارٌ
وفي كل غصن له منبرُ

ولنا في كاتبنا وشاعرنا " يحيي الحكمي " ما يثري بيداء اللغة
فالكتابة والشعر من ارقى فنون الانسانية
ولذلك تلقى علي كاهلهما مسؤلية القلم
تجمع الموهبة والدراسة وان افتقدت احدهما
صار النص كيان بلا روح
ان لم يمس شيء بوجد القاريء كان الافول لها شريعة حضور


قراءة نقدية مبهرة بليغة الضياء نفتقدها حقا لشاعر جمع مكامن الالق
والقاء الضوء علي تأثير ظروفه وشخصيته علي قصائده ~ هكذا يكون القراءة التحليلية ~
دوما محبرتك تبهرنا باتساع مدى ضيائها
وتفاصيل جمالها لا حرمنا سكبها الراقي فاضلي

وفي انتظار جديدك فلا تغب ...
جل تحايا الياسمين











\..نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة

سيرين غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 05-26-2020, 08:21 AM   #4
يحيى الحكمي

لا شيءَ يُفرِح

افتراضي


رشا عرابي
الشاعرة والأديبة ..الأنيقة ..
.. أشكر حضورك البهي

سيرين
الكاتبة المتألقة .. صديقة المفردات المميزة
أشكر حضورك البهي

 

يحيى الحكمي غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الومضة الشعرية في القصيدة العامية ( دراسة نقدية لـ الشاعر طاهر العميري ) عبدالناصر السديري أبعاد النقد 11 07-16-2018 08:44 AM
قراءة تحليلة لقصيدة " يا جارة الوادي " للشاعر محمد السالم " مشعل الغامدي أبعاد النقد 10 06-07-2018 03:39 AM
ركوة حرف (2) الصلاة الأخيرة للملك طلعت قديح أبعاد النقد 6 11-28-2015 06:57 PM
أبعاد الإستشارات القانونية طارق أحمد الجريان أبعاد العام 14 05-02-2014 03:01 PM


الساعة الآن 12:17 AM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.