الجنة ههنا - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
[ فَضْفَضَة ] (الكاتـب : قايـد الحربي - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 75158 - )           »          النهر الجاري مسودة خاصة .؟!! (الكاتـب : عبدالله العتيبي - مشاركات : 45 - )           »          خذتي من وصوف القمر (الكاتـب : أحمد عبدالله المعمري - مشاركات : 0 - )           »          غياب القناديل (الكاتـب : أحمد عبدالله المعمري - مشاركات : 12 - )           »          أُغنيات على ضفاف الليل (الكاتـب : علي الامين - مشاركات : 1209 - )           »          ستقول لي: _ تعالي بما تبقى منك إليْ.. (الكاتـب : جنوبية - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 10 - )           »          مُتنفس .. شِعري ! (الكاتـب : سعيد الموسى - آخر مشاركة : زايد الشليمي - مشاركات : 785 - )           »          نفثات مقدسة من أنحاء اخرى .. (الكاتـب : محمد الجهني - مشاركات : 0 - )           »          فَــوَاق ! (الكاتـب : ماجد العيد - مشاركات : 14 - )           »          وصب ! (الكاتـب : تركي المعيني - مشاركات : 155 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النثر الأدبي > أبعاد القصة والرواية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-23-2018, 09:33 AM   #1
عمرو مصطفى
( كاتب )

الصورة الرمزية عمرو مصطفى

 







 

 مواضيع العضو

معدل تقييم المستوى: 2618

عمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعةعمرو مصطفى لديها سمعة وراء السمعة

افتراضي الجنة ههنا




زبالة الشمعة تتراقص
.. نظر إليها .. لم يعد حجم الشمعه كما كان ...
مر وقت طويل وهو يكتب ويدون .. دون كلل أو ملل ...
لكن الشمعة المصنوعه من الدهن .. أعلنت أنها ستنتهى عما قريب ...
ومعها ينتهى أخر أمل فى أن يكتب ثانية ...
هل سيحضرون له شمعة أخرى ..؟
هل سيهتمون بما يكتب .. ويتركون له أخر متنفس باقى لديه ..
الكتابه؟...
هل يطلب منهم ...؟
هو الذى لم يتعود أن يطلب أى شئ من أى أحد ...
هو الذى عاش حياة حافلة.. مليئة بالانتصارات والكروب ...
هو الذى اكتسب أعداء بعدد النجوم .. قلوبهم هى ظلمة الليل البهيم ...
وانتهى به المطاف كما كان متوقع له ... فى سجن القلعه...
وسرح بذاكرته للوراء قليلا ..

***

الأقدام القاسية فى الأحذية الجلدية الأشد قسوة تؤلم الأرض طيا ...
لقد جاؤوا أخيرا من أجله..

***



- لقد بلغ السيل الزبى ...وأرى أن يرفع الأمر الى السلطان ...
تأمل نائب السلطنة الورقه التى يلوح بها القاضى أمام عينيه.. قال:
- هل صحت نسبة هذه الفتوى إلى تقى الدين ؟
قال القاضى كأنما وجهت له إهانه:
- وهل يفترى الدعاة إلى الله على هذا المارق ...؟!!
- حاشا لله ..
- إذن ارفع الأمر يا نائب السلطنة إلى السلطان .. الرجل بعقيدته المنحرفه عن صحيح الدين يضل العوام ويحرفهم عن الصراط المستقيم.
قالها القاضى ثم أرسل نظرة جانبيه إلى لفيف من أصحاب العمائم
والتى تدل عمائمهم وثيابهم على أنهم أصحاب رتب دينيه، كان كأنما يستحثهم على المشاركة في الكلام.
فانبرى أحدهم وهو يلوح بذراعيه حانقا :
- تقى الدين يشهر الخلاف على سائرعلماء القبلة.. إنه يخالف أصحاب المذاهب الأربعه ويجهر بالمخالفه.. تذكروا فتواه الشهيرة فى مسألة الطلاق ...
وأزره أخر قائلا :
- أنه مازال يفتى بها رغم أنه حذر من ذلك .. واليوم فتوى تحريم زيارة القبور.. وغداً يأتى المزيد...
وعلت الأصوات:
- هذا يفرق الأمه.. ويفقدها الثقة فى علمائها ...
هنا التفت القاضى إلى نائب السلطنة وقال بلهجه تقطر حقدا :
- إن استقرار الدوله وهيبتها تحتم على أولي الأمرحسم هذا الأمر....
تأمل نائب السلطنة الوجوه الغاضبة الحانقة..
هذه الوجوه من المفترض أنها تغضب للحق ..ولا لشيء سواه.
لكن للأسف هو يدرك جيداً أنهم فقط يمقتون تقى الدين، لعلو كعبه عليهم في العلم الذي يمتهنونه.. ولن يهدأوا حتى ينمحى ذكره من الوجود ..
وعلم كذلك أنه لا مناص من رفع الأمرالى السلطان ...
كانت علاقة السلطان بتقى الدين علاقة حديديه .. لكن حتى الحديد يلين تحت ضغط الوشايات ...

***

الأقدام القاسية فى الأحذية الجلدية الأشد قسوة تؤلم الأرض طيا ...
لقد جاؤوا أخيرا من أجله.. ربما هم لا يحبون ما سيفعلون ، لكنها الأوامر ..
ظلوا يطرقون الباب حتى انفتح أخيراً
ليبرز لهم وجه تقى الدين .. كان هادئا .. وكان لبريق عينيه
معنى واحد ..
أنه كان يتوقع حضورهم ...
- كنت انتظركم ...
وهكذا سار تقى الدين مع كوكبة فرسان المماليك الذين جاؤوا لاعتقاله .. كان سجن القلعه ينتظره .. وعندما أغلقت عليه الزنزانة سمع الجند صوته يتردد من خلف الباب :
- فضرب بينهم بسور له باب .. باطنه فيه الرحمه وظاهره من قبله العذاب ..

***
زبالة الشمعه تكاد تنطفئ .. إنها النهاية إذن ....
هكذا الحياة ذاتها ..
كم حاولوا إثنائه عن عقيدته .. وزحزحته عن أرائه.. وكم هددوه ...
وكم آذوه... لكنه ذلك الجبل الأشم.. الرجل الذى لا يتكرر ..
وتحسس الجدار الصلد .. وأطلق زفرة حارة أودعها كل ما يعتمل فى نفسه
من هم وغم وأحزان، وردد سجن القلعة بدمشق كلماته :
- ما يصنع بي أعدائي.. إن جنتي وبستاني فى صدري.. أينما ذهبت فهي معي..
كان ذلك اليوم هو اليوم الذى قرروا فيه منعه من الكتابة والتدوين ..
وجاء السجان ليحمل المداد والورق خارج الزنزانة..
شعر تقى الدين أنهم ينتزعون روحه من جسده ..
كانوا قد قرروا قتله بطريقه نظيفه دون دماء ...
لكنه كان ينزف ..
من داخله كان ينزف ..
وشيع السجان بنظراته وهو يحمل الورق والمداد
ويغادر...
- جنتي وبستاني فى صدري .. أينما ذهبت فهي معى..
توقف السجان .. ثم استدار إليه ببطء..
واكتست ملامحه بالأشفاق على هذا الإمام الجليل،
الإمام الذي وقف ينظر في عين السجان بثبات وهو يردد :
- جنتي لن يستطيع أحداً انتزاعها مني ..
وضم قبضته إلى صدره قائلا :
- لأنها ههنا ..
وأطرق السجان برأسه إلى الأرض في أسى، ثم رفعها وأرسل إلى تقي الدين نظرة حاول أن يجعلها مشجعة ، ثم غادر
وانغلق باب الزنزانة من خلفه...
ظل تقى الدين جامداً في مكانه برهة وقبضته ما تزال مضمومة إلى صدره...

ثم صرف بصره إلى نافذة السجن المرتفعة حيث انعكس ضوء القمر المتسلل على تقاسيم
وجهه لتزيده حزناً ..ونبلا..
- سجنى خلوة .. ونفيي سياحة ..
ثم استطرد كأنما ينتزع الكلمات انتزاعا من صدره:
- وقتلى شهادة..

وانطفأت زبالة الشمعه.. وعم الظلام المكان ...
إلا من ضوء القمر الباهت الحزين.


***

فى الصباح ردد سجن القلعة نعي تقي الدين ...
بعد موته أخرج من زنزانته العديد والعديد من المؤلفات والمصنفات
التى كتبها الشيخ من صدره ..
حاولوا أن ينسبوا إليه مكتوب يتراجع فيه عن عقيدته .. لكن هذا لم يفلح ..
وتبين أن فتوى تحريم زيارة القبور مدسوسة على الشيخ .. وأثبت العكس..
كانت جنازته المهيبه تعبر بقوةعن مدى علو قدره عند العوام والخواص ..
واليوم، وبعد مرور سبعة قرون ..
صارت عقيدته تدرس فى كثير من بلدان المسلمين ومرجعا لهم فى أصل اعتقادهم ...
وصارت فتاواه مرجعاً للعلماء من بعده ..

والغريب أن فتواه فى مسألة الطلاق التى حورب من أجلها، صارت هى الفتوى المعتمده
اليوم فى مصر .

***

"ما يصنع بي أعدائي.. إن جنتي وبستاني في صدري أينما ذهبت فهي معي"

شيخ الإسلام،أبو العباس، أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام ابن تيمية الحراني،قدس الله روحه ...

***


تمت



 

عمرو مصطفى غير متصل   رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الجزيرة التي ليست كذلك! (السندباد الفقري) عمرو مصطفى أبعاد القصة والرواية 10 09-25-2018 11:09 AM
في الجنة أنتْ مريم الخالد أبعاد النثر الأدبي 7 12-19-2015 12:09 PM
تعريف كـلمـة التوحيد ومقتضياتها عبدالله باسودان أبعاد العام 1 11-06-2015 07:59 PM
التوحيد مفتاح الجنة جلال علي أبعاد العام 6 01-20-2015 02:41 PM


الساعة الآن 01:47 PM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.