:
:
أيا فاتنةَ الحضور يثيرني جداً وأنتي تُسرّحي
شعركِ اللّيلَ في مرآةِ عينيَّ كقمرٍ يتبختر بإسقاط
خيوط َنورهِ على بحرٍ قد بسط َذراعيه رغبة اصطياد !
وإنّني أخشى انهماري بعد أن يتدفّق جمالكِ من بين
كلِّ جنَّاتكِ فيصلبني أمامكِ كعينٍ لا تقوى على الإغماضِ
ذات تحديق !
وإنّني لو تعلمي أشتاظ ريثما حديقتك تتطاولُ في استنشاقِ
عطرِ فلاحٍ كما يتصاعد النّبيذُ لرائحةِ معربدٍ
يحرثُ السِّكر !
يا مليحة ؟
لا تقربي / لا تدنو مني / ما بيني وبينك جهنَّم من مودَّةٍ
تتوق جنّاتنا التمرُّغ بها حدَّ العذاب !
الرَّحمة يا شرسة قد خرَّ شهدٌ من أعلاكِ ليصبَّ ترياقاً
في كأسٍ يستجدي الشِّفاء من دَنفِ الرَّغبة !
وأنا يا سيّدة خرقتي ، ماذا أنا ؟
أمشّط الرِّياش قبلاتٍ يافعاتٍ تختصركِ كوردةٍ بها الرَّبيع
جُلُّه وتحتضركِ بين شفتيَّ كأنفاسٍ تلبس التشهّدَ حِلَّة !
أيا جنيّةَ اللّيلةِ المزدانةِ بوجنةٍ ممزوجةٍ بأبيضٍ يقق وأحمرٍ
قانٍ كيف صوَّبتي شهقتكِ بإتجاه صدري حتّى طرحتِني
مغرَّراً أتلذَّذُ بعطرٍ يتقاطرُ كهتانٍ ينشرُ عبقكِ بأدقِّ تفاصيلي !
كيف أسفرَ صرحكِ كشمسٍ ليدفأ باعي كأرض !
كيف لسماواتِ يديكِ تخلقني في ثنايا غاباتكِ طيراً مدهوشاً
من غَمرةِ رزقه !
كيفَ جعلتيني أتساقطُ بشدّةٍ حانيةٍ على فردوسكِ النَّضر
وكأنّني مطرٌ لم يعرفِ الهطولَ على بُرعمٍ مِن قبل !
كيف صنعتي منّي بحراً يتقن أبجدياتِ المدِّ والجزر على
ساحلكِ المملوءِ بالقواقعِ المُراهقة !
أيَا متمرِّدةً على خصر سنيني !
أما آنَ للوقتِ أن يحدِّد موعدَ حشودِ المهنِّئين
فمعكِ بدأت رحلةُ الإبصارِ والسَّمعِ والنُّطق !
أما آنَ أن تدقَّ الطّبولُ في قلوبنا ويُزرعَ البرقوقُ
من ماءِ شفاهنا !
أما مِن حقِّ آذاننا أن تُطربَ للأيادي وهي تسمعُها
تصفِّق معلنةً زواجَ غيمةٍ بأرضٍ لينجبون ربيعاً يدفنُ
الخريف !
أما آنَ للمركبِ أن يغرقَ ويغرقَ حتّى يُداعبَ هناكَ
حيثُ الشّعب المرجانيّة تمارسُ رقصةَ الاحتفاءِ بنا ؟
أما آنَ للمارّة بجوارِ مطارحنا أن يهلِّلوا ويتشرفوا
وهم يرفعون أصابعهم كلّها ويهمسون بلغةٍ نسبُها
من قبيلةِ الدَّهشة هناك :
[فَرَحٌ ورَقصٌ ودُموعٌ وحِكاياتٌ لم تكن لِأحَد ] !
أما آنَ أن تموتَ برتوكولات العُرفِ والتَّقاليد
وهي تشهقُ استغفارها تائبة :
[حقاً مجانين لا يَعرفونَ الحياءَ لأنَّهم صَادقين ] ؟
أما آن ؟
حقاً أما آن ؟
!