مَساء كانَ فيه الصبَاح ليسَ على ما يُرام ، تندَثِر الملامح من وُجوههِم على
طَاولَة الانتِظار فَيمدّ القلم يدهُ لِيكتُب ، حتى يَجِد أن الرغبة اضمحلّت !
خابَ الوَقت فِي ذِكرِ المستنفرِينَ على رَصيف الحَياة ، يَصدحُونَ بِأصواتهم : أن كَفى !
والشقاء مَركونٌ في زَاوية ، والدمعُ حنّطتهُ الأحلام حينَ صَبَّت العُيون انتِمائِها لِغير وَطنها ( وجهها ) .. هَل من الممكن أن ننظر للحَياة من عَدسة عيون الآخرين ؟
بَدا كُل شَيءٍ كَأنهُ وهميّ ، سَريع ، مشينا كثيراً إلى أن وَصلنا إلى هنا ، لكن ماذا بعد ؟
ليسَ في الأفق إلا سَماء تُطارد الغُيوم فيها الشمس ، كي توارِي الضوء خَلفها، ونُسجَن نحنُ فِي أرضٍ أثقلناهَا فساداً والله يعلم وَنحنُ لا نعلَم .
أتَساءل هل نضيعُ في نهاياتٍ بائِسَة ، لا نلتَقِي بِالأحبة ، وَ لاتنتهِي الغُربة ولا تتلاشَى الحُدود ولا تتمزّق التفرقة ، ولا تنتهِي العنصرية ؟ نحنُ أمةً كانت تخجَل من وعيهَا وَ حقّها الأمم ! ، أردتُ مرة أخرى أن أسأل ألن تنتهِي شَهواتُنا التي تموتُ فيها ضمائِرنا ؟
أينهُ المستقبَل المُشرِق ؟
وَ الحياة الهانئَة ؟
وَ الأحلام المحققة ؟ والأرض المحررة ؟ وَ الغد الأجمل ؟ والأصدقاء الأوفياء
والحزن الفانِي .. لماذا لا أراهُ إلا ضيقاً يمتصُّ قوة الصّبية ، وَ يعيثُ في قلوبنا فقراً مدقعاً ! تكدست هذه الأرض بالخيباتِ يا الله ! لا أجدُ فِيها إلا يهوداً نحنُ نسبحُ بالدم وَهُم
تعلُو أصواتهُم : " نحنُ شَعب الله المُختار " ! ثم يباشِرون جماعات بيد واحدة يثمّنون وحدتهُم ، يكذبونَ السبت ولا هُم خاسرين !
في رأسِ السنة يَغفرون هل أخذنَا الحقدُ حتى صرنا لا نأتلف إلا بِعيدين ؟
سَيضِيعُ الهيكَل وتُهدَم أحلامهم وتقطع أيديهم السارقة !
لا أبسُط هذا الدمع إلا على ورقَة ، لم أدرك أن للدمع إثم وللورقة نصيب .
لا تجعلهُ يا الله حزناً يخيمُ على مدُننَا ، فَفراشاتُ الربيع تنوحُ أفقاً استطرَدت غيرهَا ، وَ استدعى النبَاتُ القلق لولا إذنكَ في إحيائِه ..