التاريخ في خدمـة السرد ... عالم عدي الحربش القصصي نموذجاً - منتديات أبعاد أدبية
 
معرفات التواصل
آخر المشاركات
Bonsoir (الكاتـب : مي التازي - مشاركات : 48 - )           »          مُتنفس .. شِعري ! (الكاتـب : سعيد الموسى - مشاركات : 783 - )           »          آهات متمردة (الكاتـب : أحمد آل زاهر - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 12 - )           »          تبـــاريــح : (الكاتـب : عبدالعزيز التويجري - مشاركات : 41 - )           »          العيد والغياب!!! (الكاتـب : محمد علي الثوعي - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 3 - )           »          جواب (الكاتـب : إبراهيم بن نزّال - مشاركات : 1 - )           »          [الحُسنُ أضحكها والشوقُ أبكاني] (الكاتـب : محمد بن منصور - آخر مشاركة : سيرين - مشاركات : 3 - )           »          [ سُلافة ] في لزوم ما لا يلزم .. (الكاتـب : خالد صالح الحربي - آخر مشاركة : خالد الداودي - مشاركات : 50 - )           »          بدر المطر (الكاتـب : وليد بن مانع - آخر مشاركة : خالد الداودي - مشاركات : 3 - )           »          لاَ مِسَاس ... ! (الكاتـب : جليله ماجد - مشاركات : 508 - )


العودة   منتديات أبعاد أدبية > المنتديات الأدبية > أبعاد النقد

أبعاد النقد لاقْتِفَاءِ لُغَتِهِمْ حَذْوَ الْحَرْفِ بِالْحَرْفْ .

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 09-24-2010, 04:08 PM   #1
منى العبدلي
( كاتبة )

افتراضي التاريخ في خدمـة السرد ... عالم عدي الحربش القصصي نموذجاً



إن عملية إعادة كتابة الموروث التاريخي أو إعادة إنتاجه بصورة جديدة وفق شروط معينة تخلق مقاربة للصورة القصصية المتخيلة وتضع الكاتب في حالة اختبار لقدراته الفكرية والسردية والمعرفية لكي تكون واعية لتلقي مثل هذا الإرث وإعادة إنتاجه ورسم شخصياته في صيغة أبعد ما تكون عن التمثيل الانتقائي بل في أدوار مدروسة خاضعة للتماهي والمقاربة , و ليست تكرار سرد لحكايات غابرة أو استعارة ظروف وأحداث صاغها التاريخ مرارا , ولكن النظر من زاوية أخرى تمكن السارد من رصد تفاصيل قد تكون هامشية لكنها مفصلية ودقيقة . وهذا يستلزم وعياً دقيقاً وحساً عالياً ومعرفة كاملة بالظروف المكانية والزمانية والأوضاع الاجتماعية والسياسية آنذاك للإلمام الكامل بكل جوانب شخوصه وأيضا خلق نوع من التواصل بين هذه الشخصيات التاريخية والمتلقي بالكتابة الجديدة من خلال سيناريو مبتكر وأدوار متخيلة .

هذا النوع من الكتابة السردية هو اشتغال على أحداث ووقائع وشخصيات ممتدة عبر الماضي في قالب قصصي منتج في الحاضر فتصبح كأنها عملية جلب هذه الأحداث بشخوصها ووقائعها نحو الحاضر , أو بتفسير آخر , هي عملية تداخل الحاضر بالماضي ليعمل الخيال بدوره وفق تكنيك فني يضعنا أمام سرد حقيقي يعمل بمهارة لربطنا بالتاريخ من زاوية رؤية مغايرة عن المتعارف عليه حتى لكأن هذه الشخصيات تعيش بيننا في عصرنا الحديث . ولا يكتفي السارد بذلك بل يتعمق في أبعادها النفسية مظهرا انفعالاتها وخلجاتها الداخلية ليؤصل علاقتها بالمتلقي من خلال نقل شعورها في إطار لا يغفل أي معلومة قد تكون مادة ثرية لصنع حدث مختلف.
إن تجربة الكتابة التاريخية تأتي ضمن شغف القاص عدي الحربش بالتاريخ والإرتكاء على المخزون المعرفي الكبير من خلال قراءاته العميقة له وقلقه الدائم لتقديمه في قالب جديد وهو جزء من همه الخاص حين يمارس حركة معاكسة للخط الكتابي التقليدي واختراق العادي والمألوف لتكوين أرضيته السردية الخاصة عدا عن كونه إسهاما معرفيا وثقافيا مخصبا ومحرضا في ذات الوقت.
من خلال نص ( سربندي) و ( سر أبي الطيب ) و( شاخ نبات) و ( الإسطرلاب ) يظهر لنا جليا مدى العمق المعرفي للقاص عدي الحربش في كيفية تعامله مع التاريخ وحرصه في عملية تنقله الزماني والمكاني على عدم إغفال الحقائق أو المساس بها أو حتى تزييفها دون أن يمنعه ذلك من التعامل معها بحرفية. وبقراءة متأنية لهذه النصوص نجد أننا أمام عملية تفكيك لذلك الموروث عمدت إلى صنع تاريخ أخر مواز وأكثر قربا وحميمية للقارئ المعاصر. ولأن الماضي يحمل امتداده إلى الحاضر كان هذا اللجوء السردي إلى التاريخ بكل ثقله الرمزي وخلع عباءة القداسة عن كاهله والتي توقف أمامها الكثير من الكتاب لعلمهم بأنه بحر عميق سيغرق فيه من لا يحسن استخدام أدواته , فليس كافيا أن تكون قارئا جيدا للتراث لتصنع قصة من خلاله , بل لا بد من الخيال الخصب والقدرة الفائقة لوضع شخصية مثل ( زرياب ) في حوار تخيلي مع فتى أندلسي في نص ( سربندي ) فهو في هذا النص لم يستحضر التاريخ وحسب لكنه أتى به محملا بزخم جمالي يتمازج فيه التاريخ بالموسيقى والشرق بالغرب , فعنوان النص مستوحى من لحن أوركستري على الفيولونسيل ( السربند) وهي رقصة اسبانية قديمة انتشرت في أوروبا بين أثنين من الراقصين أو بين زوجين , والقصة تتبع البناء السربندي حيث ثمة دائما شخصان يلتقيان وهو ما جرى بين زرياب والفتى الاندلسي وما دار بينهما من تحد موسيقي رسم له القاص سيناريو لا تخطئ العين جماله ومتانته , تبارا فيه الأثنان على الطريقة السربندية وسط حضور كبير وأجواء مليئة بالإثارة
والكتابة من هذا النوع لا تأتي عبثا دون غاية فهي عملية صنع حدث تاريخي متخيل أو اقتباسه ثم إسقاطه عليها في معالجة سردية تراعي الإتقان وقوة الإيحاء لتدفع بالقارئ إلى التأمل وبالتالي تتحول إلى عملية عقلية.. أي عملية تفكير شاملة يجد القارئ فيها نفسه متسائلا عن الأحداث والوقائع وكأنها حقيقية تماما.



ماالذي يدعو المبدع إلى استقاء مادته من التاريخ؟
يقول( روبرت لويس ستيفنسون) - وهو من رواد القصص الإنجليزي: ليس هناك إلا ثلاثة طرق لكتابة القصة؛ فقد يأخذ الكاتب حبكة ثم يجعل الشخصيات ملائمة لها، أو يأخذ شخصية ويختار الأحداث والمواقف التي تنمي تلك الشخصية، أو قد يأخذ جوًا معينًا ويجعل الفعل والأشخاص تعبر عنه أو تجسده ) وهو ما نجده جليا في القصة القصيرة لدى عدي الحربش حيث ترتكز على التاريخ كمادة وجذب شخصياته ووضعها في قوالب سردية لتحقيق أهداف ودلالات يسقط من خلالها إشكالية محددة يتم معالجتها بأسلوب قصصي يؤلف ما بين خصوصية القصة القصيرة لديه وعمومية الإرث التاريخي وإشباع ذائقة المتلقي الباحث عن قراءة مختلفة وسرد بعيد عن الكلاسيكية التقليدية. إن الخيال التاريخي كمادة رافدة لكتابات عدي الحربش ساهم في تشكيل هويته السردية التي تعد من أكثر النماذج جذباً للمتلقي ولما تتميز به من ديمومة وحيوية رغم أنها مستقاة من الماضي .
القاص عدي الحربش حين يكتب الأحداث والشخصيات التاريخية فهو لا يقدمها للقارئ كما يفعل الإخباريون أو المفسرون لكنه يعيد قراءتها على عدة أصعدة , ويقدم بالتالي قصة قصيرة بنظرة تاريخية جديدة ذات خيال اسطوري لافت. وهذا ما يلحظه القارئ في نص ( شجرة بني يام) وهذا النص كما يقول عنه كاتبه عبارة عن مزج لقصتين إحداهما خيالية من الأساطير بين زوجين يعشقان بعضهما والزوجة تنتظر عودة هذا الزوج حتى تتحول في أخر المطاف إلى شجرة , والقصة الثانية هي لشخصية تاريخية معروفة هو راكان بن حثلين وحكاية أسره لدى الأتراك , وهو معروف في الموروث الشعبي في الجزيرة العربية. وبهذا المزج خرج إلى الحياة نص بروح جديدة .ذا حبكة درامية تحمل رؤية الكاتب الخاصة.
التاريخ رافد عظيم من روافد القص إذا احُسن اختيار المادة وضبطت الحبكة على التمام. والسارد المتمكن هو من يصيب مواقع الشعور ويثير بلغته وطريقته مكامن الخيال لدى المتلقي . وفي الكتابة التامة المفيدة قال الرافعي :هي مثل الوجهين في خَلق الناس ,ففي كل الوجوه تركيب تام تقوم به منفعة الحياة , لكن الوجة المنفرد يجمع إلى تمام الخَلق جمال الخُلق ويزيد على منفعة الحياة لذة الحياة. وهو بذلك ولذلك يُرى ويؤثر

 

منى العبدلي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 09-26-2010, 12:18 AM   #2
إبراهيم الشتوي
( أديب )

افتراضي


عندما يكون التاريخ هو من يخدم السرد القصصي ؛ويؤسس له رؤية منفتحة على الآخر ليستطيع أن يخلق فضاءات جديدة في أفق المتلقي ..

فالجمع بين التاريخ و السرد هومزج بين الحقيقة و الخيال ،وزج بأدوات السارد لأفق أعلى يطل بضوء جديد ومسار آخر فريد ..

مع البقاء على ملامح التكوين الثابته لتلك الحقبة وسيلوجيا ذلك المجتمع بزمانه ومكانه ..

فأن نستقي قصصانا ورواياتنا من التاريخ وإعادة إنتاجه برؤية ورؤيا جديدة هو الضوء الذي نتبع مساربه بكل شوق وذوق ..


القديرة ... منى العبدلي
حضوركِ حبور وفكركِ نور ..
فشكراً لكِ وللعطاء الذي يسكنكِ ..
دمتِ باسقة وارفة .

 

التوقيع

نقره لعرض الصورة في صفحة مستقلة
الآن كتاب " مسارب ضوء البدر" في مكتبة : جرير-العبيكان-الشقري - الوطنية .
twitter:@ibrahim_alshtwi

http://www.facebook.com/MsarbAlbdr

إبراهيم الشتوي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 09-26-2010, 02:32 AM   #3
منى العبدلي
( كاتبة )

افتراضي


تقديري العميق استاذ ابراهيم

اشكرك وأثمن لك اهتمامك

 

منى العبدلي غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 09-29-2010, 03:19 PM   #4
سالم عايش
( كاتب )

افتراضي


اقتباس:
عملية إعادة كتابة الموروث التاريخي أو إعادة إنتاجه بصورة جديدة وفق شروط معينة تخلق مقاربة للصورة القصصية المتخيلة وتضع الكاتب في حالة اختبار لقدراته الفكرية والسردية والمعرفية لكي تكون واعية لتلقي مثل هذا الإرث وإعادة إنتاجه ورسم شخصياته في صيغة أبعد ما تكون عن التمثيل الانتقائي بل في أدوار مدروسة خاضعة للتماهي والمقاربة , و ليست تكرار سرد لحكايات غابرة أو استعارة ظروف وأحداث صاغها التاريخ مرارا , ولكن النظر من زاوية أخرى تمكن السارد من رصد تفاصيل قد تكون هامشية لكنها مفصلية ودقيقة . وهذا يستلزم وعياً دقيقاً وحساً عالياً ومعرفة كاملة بالظروف المكانية والزمانية والأوضاع الاجتماعية والسياسية آنذاك للإلمام الكامل بكل جوانب شخوصه وأيضا خلق نوع من التواصل بين هذه الشخصيات التاريخية والمتلقي بالكتابة الجديدة من خلال سيناريو مبتكر وأدوار متخيلة .

هذا النوع من الكتابة السردية هو اشتغال على أحداث ووقائع وشخصيات ممتدة عبر الماضي في قالب قصصي منتج في الحاضر فتصبح كأنها عملية جلب هذه الأحداث بشخوصها ووقائعها نحو الحاضر , أو بتفسير آخر , هي عملية تداخل الحاضر بالماضي ليعمل الخيال بدوره وفق تكنيك فني يضعنا أمام سرد حقيقي يعمل بمهارة لربطنا بالتاريخ من زاوية رؤية مغايرة عن المتعارف عليه حتى لكأن هذه الشخصيات تعيش بيننا في عصرنا الحديث . ولا يكتفي السارد بذلك بل يتعمق في أبعادها النفسية مظهرا انفعالاتها وخلجاتها الداخلية ليؤصل علاقتها بالمتلقي من خلال نقل شعورها في إطار لا يغفل أي معلومة قد تكون مادة ثرية لصنع حدث مختلف.


منى العبدلي

رائعة في كل ما خطيتي هاهنا وأوافقك أنه لا يمكن أن يتم المزج الحقيقي بين الماضي والحاضر إلا بالخيال القادر على

تقديم السرد الحقيقي.

فمن يقدم الماضي كما هو سيضعنا في الملل والبعد عن الجو الحقيقي للمرحلة.

 

التوقيع

تجارتي أن أقول ما أعتقد .. فولتير
لمتابعتي على تويتر : salem_ayesh

سالم عايش غير متصل   رد مع اقتباس
قديم 10-04-2010, 09:54 AM   #5
منى العبدلي
( كاتبة )

افتراضي


اشكرك استاذ سالم عايش على هذه المداخلة الواعية

خالص التقدير

 

منى العبدلي غير متصل   رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 08:59 AM

الآراء المنشورة في هذا المنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الإدارة

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.