مــــد الغـــــــــــــــــــــــــــــرام
مركب خشبي عتيق وكأس شاي يرتشفه بهدوء وهو يحدق في القمر ساخطا عليه وهو يتمتم بكلمات يلومه !!!
بينما الموج يقترب في كل مرة من قدميه التي غاصت في رمال الشاطئ وهو يتذكر بلوعة وغصة قصة غرامه التي ابتلعها البحر بمباركة القمر !!!
تلك التي تركته جسدا بلا روح :
قلب بغير غرام
جسم من الروح خالي
!!!!!
عقد من الزمن مضى على وأد الهوى على هذا الشاطئ !!!
قبل عقد كان لا شيء يبث الطمأنينة والهدوء في نفسه كرؤية البدر مكتملا وهو يداعب موجة تلو أخرى وقدميه تجد برد رمل شاطئ نيس الفرنسية .
قبل عشر سنوات في ليلة من ليالي سبتمبر رأى بدرا على الشاطئ ليس كالبدر الذي هام به سنين عدة !
فتاة خال أنها في ربيعها العشرين حاسرة عن ساقيها تتحسس رمل الشاطئ بأناملها تجلس على بعد أمتار قليلة من كرسيه الذي يجلس عليه ....
نما إلى ذهنه أنها شاردة الذهن إذ لم تأبه بالصوت الذي يحدثه رجا أن تتنبه إليه !!
وهي لاتعرف عيناها وحواسها سوى البحر وصوت أمواجه كانت عيناه في روض من الحسن ترتع ليل تمثل في شعرها وبدر استدار في محياها وزرقة بحر تموجت في عينيها !!!!!
استجاب الموج لمغازلة القمر فزحف بإتجاهما فأستجابت للموجه التي لفت ساقيها فنهضت لتجده يعرض عليها الجلوس على كرسيه الخشبي !!!
ترددت وشيء من الوجوم يلفهما قبل ان تحرك ساقيها بإتجاهه فيجلسان سويا ..
يحييها فترد بتحية متحشرجة بالكاد نطقت ...
غرقا في وجوم وصمت قبل أن يستجمع قواه ليعود فيحدثها معرفا باسمه فترد معرفة باسمها فيتشجع ويسترسل في الحديث عن جمال البحر والقمر والطقس و......و ....
أومأت برأسها !!! وهنا بدأ يسأم فبادرها :
لماذا انت شاردة الذهن ؟!
لماذا هذا الحزن الذي يسكن عينيك ؟!
وهنا ...
وهنا ...
اندفعت في انفعال :
كيف لي أن اعيش في باريس ؟
كيف لي أن أجد نسمة كنسمة نيس وشواطئها الرملية ؟!
لماذا لا يضحي أبي من أجل رغبتنا ؟!
لماذا لا يفضل رغبتنا على المال ؟!
قبل أن تنتبه لإنفعالها وصوتها العالي .. فتعتذر و مبررة في الوقت نفسه ما بدر منها !!!
أشاحت بوجهها عنه وهي تذرف دمعة ساخنة !!
لم ينبس ببنت شفة ينتظرها تكمل .
عمي الذي يسكن باريس أشار على والدي أن يعمل معه وأغراه بوفرة الأموال التي سيجنيها إن عمل معه في باريس !!!
وقد أخذ والدي قرارا بالإنتقال لباريس والعيش هناك !!
والدتي وأختي يؤيدانه ، أما أنا فلا أجد صدري يقبل نسمة غير نسمة نيس ، ولا تجد عيني جمالا يضاهي جمال بحرها وشاطئها !!!
وبدأت في نوبة بكاء ونشيج ... عبثا تكلم بكلمات مواساة وهو يربت على كتفها ...
وهو يواسيها بكلمات رقيقة !!
أحتواها بذراعيه فمالت برأسها على صدره كطفل ينشد حنان صدر أمه !!!!!
طال نشيجها الذي تسارعت له نبضات قلبه وقد تبلل قميصه بدموعها الساخنة !!!
عبثت أنامله بخصلة شعرها المنسدلة على ناصيتها !!!!
مضى وقت وهي على حالها تلك قبل أن تحرك رأسها عن صدره وهي تتمتم بكلمات الشكوى !!
ولكن تشكو لمن ؟....
صدر وضعت رأسها عليها وبثت شجوها إليه دونما معرفة سابقة بالصدر وصاحبه !!!!
هكذا ودون مقدمات ...
أهي أحلام يقظة أم حقيقة ؟
رمقت عينيه بنظرة فرنا بصره إلى صورة البدر في زرقة عينيها يتموج !!
وهنا ...لملمت شتات حروفها واستجمعت قواها لتقول ... ولكن ماذا تقول ؟؟!!!
ضرب الصمت قبته عليهما ..حتى حدثتها نفسها بأن تنسحب من المكان !!
لكن يده التي أمتدت لتمسح دموعا ساخنة على وجنتيها ثنتها عن الإنسحاب !!!
نطق قائلا :
لن ترحلي إلى باريس ... ثقي بي !!
لن ترحلي !!
ابتسمت بسمة وجل حذر .. تنظره يكمل ...
توقف مليا قبل ان يطلق كلمة طار لها فؤاديهما معا !!
قال :
سنبقى هنا معا !!! ثقي بي ... ألا تحبين البقاء معي !!!
سكت ونبضه المتسارع ينتظر ردها يتهادى إلى أذنه سريعا !!
وهنا أومأت برأسها بأن نعم سأبقى معك قبل أن ترتمي بأحضانه مجددا !!
أمضيا ليلتهما في وضع مواثيق وعهود الهوى وأقسما ان لا يفترقا ،وتفرقا قبيل الشروق !!
مرت ليلة قبل أن تأتي لحظة رحيلها وعائلتها ..
أتاها مودعا على امل أن يزور منزل العائلة في باريس ويعود بها زوجة إلى مدينة نيس !!!
لوحت له بيدها وعيناهما مغرورقة بالدموع ، ولكن الأمل قائم إذ دست في يده رسالة احتوت على عنوان منزلهم بباريس !!
كانت مدينة نيس في عينيه غارقة في الظلام والشمس لا تزال في الأفق ، وما أن غربت حتى أزداد الظلام والجوى !
جلس على الشاطئ يتذكر محياها وينشد طيفها ان يزوره !!!
هم أن يقرأ عنوانهم من رسالتها التي تركتها ولكن الظلام حال دون فك رموز حروفها !!
وضع الرسالة جانبا وهو مستلق على ظهره وقدماه تجد برد رمل الشاطئ !!!
أطل البدر متأخرا فغازله البحر بالمد حتى وجد الموجة تصطدم بقدميه فنهض وألقى نظرة لرسالة الحبيبة وعنوانها !!
فلم يجدها !!
أين ذهبت ؟
ألتهمها البحر !!!
مد البحر بل مد الغرام أخذها ، اتت الموجة بعد أن علا مد البحر فألتهمت الرسالة والعنوان بل وألتهمت حبه !!!
آخر المشاركات
08-25-2013, 06:36 PM
مــــد الغـــــــــــــــــــــــــــــرام !!!
العرض المتطور
